«نيويورك تايمز»: تعيين مديرة لـ«سي آي إيه» متورطة في التعذيب يؤكد دعم ترامب للقسوة ومديحه للجلادين

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي» : ستدير وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) أول إمرأة في تاريخها لكنها متورطة بالتعذيب وكانت مسؤولة عن مركز احتجاز في تايلاند اسمه «غرين» (أخضر) حيث تم تعذيب قادة القاعدة مثل أبو زبيدة الذي حرم من النوم ووضع لأيام في صندوق يشبه الكفن ومليء بالذباب الذي كان لدى أبو زبيدة حساسية منه.
وتحت عنوان «أن تكون جلادة رئيسة لسي آي إيه» كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الرئيس دونالد ترامب ومنذ العام الماضي أظهر حماسا تجاه الوحشية فقد طلب من الشرطة معاملة المتظاهرين بعنف ودعا إلى إعدام تجار المخدرات ومدح الرئيس الفلبيني رودريغو دوترتي الذي قام بقتل الفلبينيين المتهمين بالعلاقة مع تجارة المخدرات. وبعيداً عن هذا فإن أهم معتقداته المثيرة للقلق هي إيمانه بأهمية التعذيب حيث قال للمذيع شون هانيتي في «فوكس نيوز»عن التعذيب «حسب رأيي، إنه ناجع».
إلا أن أي شخص خاف من تبنيه لسياسة قسوة تشرف عليها الدولة شعر بالطمأنينة عندما قال إنه يقبل موقف وزير دفاعه جيمس ماتيس الذي يعارض التعذيب والذي وعد في جلسة تاكيد تعيينه في الكونغرس أنه سيتأكد من الإلتزام بالقوانين الأمريكية والدولية ضده.
وتستدرك الصحيفة قائلة: «لدينا الآن سبب للشعور بعدم الراحة».
مضيفة:«عندما يتعلق بالتعذيب لا يوجد مسؤولون أمريكيون مجربون في ذلك الفن البشع قدر خبرة عملاء وموظفي وكالة الإستخبارات المركزية والذين طبقوه على المشتبه بهم في هجوم 9/11 وهناك قلة من المسؤولين الأمريكيين الذين تورطوا بهذه الموجة من الانتهاك التي بدأت في عهد جورج دبليو بوش وانتهت في عهد باراك أوباما، مثل جينا هاسبل».
وتتحدث الصحيفة عن عزل ترامب لوزير خارجيته ريكس تيلرسون واستبداله بمدير المخابرات مايك بومبيو الذي ستحل هاسبل محله في إدارة الوكالة.
وتشير إلى سجل هاسبل التي لعبت أثناء عملها كعميلة سرية لسي آي إيه دوراً مباشراً في «برنامج الترحيل القسري فوق العادة» والذي تم فيه نقل المشتبه بهم إلى سجون حكومات أجنبية واحتجزوا في معتقلات سرية حيث قام عملاء المخابرات الأمريكية بتعذيبهم. وقد أشرفت هاسبل على أول معتقل في تايلاند احتجز فيه أبو زبيدة وعبد الرحمن الناشري.
ومورس عليه أسلوب الإيهام بالغرق 83 مرة على الأقل وضرب جلادوه رأسه بالجدران وعرضوه لتعذيب لا يمكن لأحد تخيله. وتوقف التعذيب الوحشي عندما اكتشف المحققون معه أن لا شيء مفيداً لديه ليقوله لهم.
وقد تم تصوير جلسات التحقيق على الفيديو وحفظت التسجيلات في محطة سي آي إي في تايلاند حتى أمر بتدميرها في عام 2005. وتتساءل عن الشخص الذي يقف وراء كل هذا، مجيبة أن هاسبل حين تدمير التسجيلات عادت إلى مقر سي آي إيه وأصدر الأمر رئيسها خوسيه رودريغوز حيث ورد اسمها على البرقية التي أمرت بتدميـر التسـجيلات. وفي عام 2013 كانت هذه النشاطات محل اهتمام السيناتورة عن كاليفورنيا ديان فينستياين، ومنعت بصفتها الشخصية البارزة في لجنة الإستخبارات في مجلس الشيوخ ترفيع هاسبل إلى مديرة الوكالة. ويطالب جون ماكين، النائب الجمهوري عن أريزونا أن على هاسبل توضيح مدى انخراطها في برنامج التحقيقات. وماكين هو أسير حرب سابق. كما وصف السناتور الديمقراطي عن أوريغان، رون ويدن دور هاسبل في برنامج التعذيب بالمثير للقلق. وطالب مع اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بالكشف عن سجلها كجزء من تأكيد تعيينها.
وتعلق «نيويورك تايمز» أن استخدام التعذيب في السجون الأجنبية- تذكروا الأحداث المثيرة للعار في سجن أبو غريب- كانت مساعدة للجماعات الإرهابية التي استخدمت صورها في الدعاية والتجنيد. وأزعجت النشاطات هذه الحلفاء لأمريكا بل وعرضت حياة الجنود الأمريكيين للخطر وإمكانية تعرضهم لمعاملة قانونية قاسية لو تم القبض عليهم في الخارج.
صحيح أن هاسبل تحظى باحترام الموظفين في سي آي إيه ولكنها أشرفت على برنامج غير قانوني وترفيعها لمنصب بارز سيرسل إشارة للوكالة والبلاد أن ترامب لا يأبه بهذه الوحشية وبعيدا عما يعتقده وزير الدفاع ماتيس. وإن لم تنبذ هاسبل التعذيب في جلسة تأكيد تعيينها فإن قرار تعيينها غير صحيح ولهذا على أعضاء الكونغرس وجماعات المصالح معارضته.

… ويبني إدارة تخدم شعاره «أمريكا اولاً» وتؤكد «صقورية» السياسة الخارجية

وفي تقرير منفصل قالت صحيفة نفسها (نيويورك تايمز) إن قرار عزل تيلرسون جاء كجزء من سلسلة تطورات درامية تعبر عن تصميم ترامب على إحاطة نفسه بشخصيات موالية تدعم شعاره «أمريكا أولًا»، فتعيين بومبيو النائب السابق عن «حزب الشاي» والذي وطد صلاته مع ترامب وعبر عن مواقف متشددة من إيران وكوريا الشمالية مثال في هذا الإتجاه. ويأتي عزل تيلرسون في أعقاب استقالة غاري كوهن، مستشار الرئيس للشؤون الإقتصادية احتجاجاً على فرض ضريبة على الفولاذ ويعطي صورة عن تحول الإدارة عن السياسة الخارجية والإقتصادية الخارجية إلى أفكار قومية عبر عنها ترامب في أثناء الحملة الانتخابية عام 2016. ويقترح عزل تيلرسون أن ترامب بعد تدريب اتسم بالفوضوية على الحكم يبدو اليوم واثقاً بأحكامه ويريد إحاطة نفسه بمساعدين ووزراء يمكنه التواصل معهم بسهولة ويدعمون مواقفه. وقالت إن شائعات انتشرت بعد عزل تيلرسون عن قرب استقالة مستشار الأمن القومي أتش أر ماكمستر ووزير شؤون المحاربين ديفيد جي شولكين قريباً. وقالت الصحيفة إن حس التشتت والفوضى بدا من خلال عملية تطهير للدائرة المقربة من تيلرسون وعزل مساعديه.
وقال ترامب يوم الثلاثاء «في الواقع، اقترب من وضع سيكون لدي حكومة وأمور أخرى كما أريد» مشيرا إلى خلافه مع تيلرسون في أمور عدة منها الملف الإيراني. وتقول إن الطريقة التي تم فيها عزله عبر تغريدة تظهر غياب المودة بينهما. ولكنه تلقى تحذيرا يوم الجمعة من مدير طاقم البيت الأبيض جون كيلي الذي طلب منه قطع جولته الإفريقية «وربما تلقيت تغريدة». وكانت نهاية مفاجئة لمدير شركة نفط في تكساس لم يستطع التكيف مع عالم ترامب وخالفه في عدد من المسائل منها موقفه الداعم للسعودية في حصارها لقطر ورده على القرصنة الإلكترونية الروسية. ورغم الطريقة المفاجئة في عزله إلا أن مصير تيلرسون كان على المحك منذ تشرين الأول (أكتوبر) عندما نقل عنه وصفه لترامب بـ «المعتوه».

شخصية «صقورية»

وسيجد ترامب في بومبيو شخصية «صقورية» لا تؤمن بالدبلوماسية مع كوريا الشمالية ومستعد أكثر من رئيسه لتمزيق الإتفاقية النووية. ويفكر ترامب بعزل شولكين المعتدل الذي عمل في إدارة باراك أوباما ويفكر بتعيين ريك بيري، وزير الطاقة مكانه. وينظر في تعيين لاري كودلو، الذي خدم في إدارة رونالد ريغان ويعمل حالياً معلقاً في شبكة «سي أن بي سي» وعبر عن دعمه لفرض الضريبة على الفولاذ بالإضافة لكونه صديقاً لترامب. ورغم محاولة المسؤولين في البيت الأبيض تبرير القرار المندفع بعزل تيلرسون وأنه يريد تعيين حكومة تكون جاهزة للقاء ترامب مع الرئيس الكوري الشمالي إلا أن تيلرسون كان من الداعين المتحمسين للدبلوماسية مع نظام كيم جونغ- أون. وتعلق الصحيفة أن تيلرسون، ظل شخصية غامضة ولم يناسبه العمل كرئيس الدبلوماسية الأمريكية رغم خبرته الدولية في الشرق الأوسط وفي روسيا إلا أنه ظل معزولا عن الدبلوماسيين المجربين الذين جمد بعضهم وعزل آخرين وترك وزارة الخارجية بدون طاقم كامل وبمعنويات متدنية. وعلق وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر في مكالمة هاتفية: «من الواضح انه لم يتم بناء وزارة الخارجية كمنظمة دولية كما يحب الواحد رؤيتها» وعبر كيسنجر عن ثقته بمهارات بومبيو السياسية وصلاحيته للمهمة خاصة أنه يفهم الصلات السياسية أفضل.

ثلاثي كابح لترامب

وكان تيلرسون شكل مع جون كيلي وجيمس ماتيس ثلاثياً اعتبر كابحاً لنزاعات ترامب. ووصفهم مسؤول لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس بوب كوركر بأنهم « من يبعد بلدنا عن الفوضى». وطور تيلرسون علاقة مع ماتيس حيث كانا يتلقيان على الفطور. ولم يعلم ماتيس الذي يزور أفغانستان بقرار عزل صديقه قبل إعلانه. وبالمقابل كانت علاقته متقلبة مع ماكمستر وجارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس. وعبر تيلرسون عن حنقه من تسليم ترامب صهره البالغ من العمر 37 عاما وبدون خبرة سابقة ملف الشرق الأوسط والتجارة والمكسيك. وعندما كان مجلس الأمن القومي يرسل مسؤولين لمرافقة تيلرسون في جولاته كان يعترض أو يستبعدهم من اللقاءات.
وعندما سافرت ابنة الرئيس إيفانكا للهند قام تيلرسون بتخفيض مستوى الوفد المرافق لها بشكل أغضب الرئيس. لكن خلافاته في السياسات مع الرئيس كانت المقتل الذي أنهى مسيرته، فقد كان يريد البقاء في معاهدة باريس للمناخ التي خرج منها ترامب. ودعم الحفاظ على الإتفاقية النووية مع تعديلات خلافاً لرغبة الرئيس الذي يريد إلغاءها. ودعا لحوار مع كوريا الشمالية في وقت تبنى فيه ترامب الحل العسكري. وفي قطر خالف تيلرسون، ترامب في دعمه للسعودية والإمارات. وقد ضغط قادة في دول الخليج الذين سيزور عدد منهم واشنطن في الأسابيع المقبلة لعزل تيلرسون وتعيين بومبيو مكانه. وتقول الصحيفة إن البيت الأبيض غضب من تصريحات تيلرسون حول محاولة اغتيال عميل روسي في بريطانيا حيث علق «ان غاز الأعصاب على ما يبدو جاء من روسيا» في الوقت الذي كان فيه المسؤولون في البيت الأبيض يعملون على بيان يتوافق مع موقف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا مي. وقالوا إن تصريحاته أظهرت البيت الأبيض كمتسامح مع موسكو. وهو ما نفاه.

«واشنطن بوست»: رحيل تيلرسون يضعف محور ماتيس ويقوي تحالف ترامب – بومبيو

في تعليق لديفيد إغناطيوس الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست» قال أن تنحية الرئيس دونالد ترامب لوزير الخارجية ريكس تيلرسون يزيح عقبة من أمام ترامب المتهور. وبدأ مقالته بالقول إن «المخرب العظيم» و»ولد الكشافة» عادة لا يشكلان شراكة مريحة، ولهذا كانت هناك حتمية في إعلان ترامب يوم الثلاثاء من أن يقيل تيلرسون كوزير للخارجية ويعين مكانه مايك بومبيو، الرجل الذي أراد تعيينه في هذا المنصب تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فقد أقام بومبيو الاجتماعي المغامر علاقة جيدة مع ترامب أكثر مما استطاع عمله تيلرسون الذي اتسم بالحذر والصمت. فوزير خارجية ناجح عليه أن يكون قادراً على الحديث مع الرئيس وهو ما لم يكن تيلرسون قادراً على عمله ويمكن لبومبيو عمله.
ووصف الكاتب النبرة التي يعلن فيها ترامب تعديلات في حكومته تشبه قائداً أعلى مبتهجاً يقوم باختيار «حكومة حرب» مع أن التحديات في الوقت الحالي هي دبلوماسية. ففي اللقاء المرتقب لترامب مع الزعيم الكوري كيم جونغ – أون والذي ربما كان اهم لقاء في رئاسته فإن بومبيو سيكون المستشار الرئيسي للرئيس وربما موفده. وتحدث ترامب عنه بأن لديه «طاقة هائلة وعقلاً كبيراً» أماعن تيلرسون فقال: «لقد اختلفنا في أمور» مشيرًا للملف النووي الإيراني «ولم نكن نفكر بالطريقة نفسها». وعلق إغناطيوس أن تيلرسون الجريح كان في أحسن حالاته عندما ألقى خطابه الوداعي رغم التعب والإجهاد البادي على وجهه. ونسب الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة مع كوريا الشمالية لنفسه واعترف بعدم قدرته على تشكيل السياسة بشأن سوريا والصين وروسيا.
وبدلاً من الشهادات العادية للرئيس الذي عامله بطريقة سيئة فإنه شكر العاملين معه في الخارجية ووزارة الدفاع. وجاءت إقالة تيلرسون لتنهي عاماً من المعاملة المهينة من رئيس كان عمل ممثلاً دبلوماسيا، وظل يخرب بتسريباته وتغريداته والتذمر منه. ومن هنا فالخطر هو قيام بومبيو الذي يبدو في تناسق جيد مع الرئيس بنزع الصمامات التي عملت على كبح الدوافع التخريبية عند ترامب. فقد قدم تيلرسون نصيحة دبلوماسية تقليدية للرئيس حيث حذره من خطورة إفراغ الملف النووي الإيراني من محتواه ومن عدم بدء حرب تجارية أو نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والتحركات الأخرى. كما عمل بالترادف مع وزير الدفاع جيمس ماتيس. وقد انكسر هذا المحور بحيث أصبح وزير الدفاع في وضع ضعيف.
ويعلق إغناطيوس ان بومبيو يعد من أكثر مدراء «سي آي إيه» ارتباطاً بالسياسة في تاريخ الوكالة حيث عمل شبه مستشار للسياسات بالإضافة لعمله كمدير للوكالة. وقد أحب العاملون في الوكالة أسلوبه الصدامي مع أنهم خافوا من حرمان الوكالة من استقلالها. ففي أحاديثه العامة كان بومبيو صدامياً في دفاعه عن الإدارة. وهو ما أثار فرحة ترامب. ويتميز بومبيو بالقدرة على التواصل السهل وربما كان قادراً على إصلاح عدد من المشاكل في وزارة الخارجية وسيتحدث للإعلام وللموظفين أكثر. ويحثه زملاؤه على تعيين سفراء من أصحاب الخبرات بشكل يعزز من معنويات الموظفين في الوزارة. ويعتقد إغناطيوس إن خطأ تيلرسون الكبير هو عزلته عن موظفي وزارته. فقد أدى عمله في الوزارة إلى مشكلة حقيقية لموظفيها، أدى إلى خروج عدد من الموظفين وعلى قاعدة اسبوعية منها.
ويعلق الكاتب على تعيين نائبة بومبيو جينا هاسبل كمديرة للمخابرات، بأنها ورغم دعم الموظفين لها ستواجه صعوبة في تأكيد تعيينها من الكونغرس بسبب علاقتها بالسجون السرية. ويعتقد إغناطيوس إن الثنائي تيلرسون- ماتيس في الشؤون الخارجية سيضعف لصالح ترامب – بومبيو. وربما كان تنفيذ السياسة أسهل على دبلوماسي يعرف كيفية التعامل مع الرئيس. ولكن ما سيتركه عزل تيلرسون هو أنه سيزيل الكوابح عن تصرفات الرئيس المتهورة. ورغم حنق ترامب على الرجل الذي وصفه بالأبله إلا أن تيلرسون قدم له نصائح منطقية وصحيحة بشكل عام، حول إيران والصين وكوريا الشمالية. وسيكون الرئيس في حالة مريحة حيث سيطر على كل شيء يساعده في هذا بومبيو، والمشكلة هي أنه قد يكون دواسة على الوقود في وقت يريد الرئيس ان يدعس على الكابح. وقالت الصحيفة في تقرير أعدته كارين دي يونغ وجون هدسون إن الرئيس عين وزيراً للخارجية لا خبرة لديه ولكنه يوافقه في الطريقة التي يدير فيها ملفات الخارجية في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة سلسلة من القضايا الحساسة والتحديات الخطيرة التي تؤثر على الأمن القومي. وتقول إن رحيل تيلرسون الذي تدور الشائعات حوله منذ أشهر وتعيين بومبيو جاء وسط عدم سعادة الرئيس وخلافه مع وزير خارجيته ( السابق) في ملفات مثل كوريا الشمالية وإيران والشرق الأوسط. إلا أن الطريقة التي تمت فيها تنحيته والأسلوب عبر التويتر وبعد عودته من رحلة إلى أفريقيا أدهشت وأربكت الحلفاء حول العالم وفي داخل الحكومة أيضاً. ولو وافق الكونغرس على تعيين بومبيو فسيجد نفسه أمام سلسلة من القرارات المتداخلة وأزمات تتعلق بالأمن القومي هذا الربيع والتي ستواجه حتى أكثر الدبلوماسيين المجربين. فهناك اللقاء مع الزعيم الكوري الشمالي المقرر عقده في أيار (مايو). وفي منتصف الشهر نفسه سيقرر ترامب إن كان سيمضي في دعم الاتفاقية أم لا. وإن حدث فستواجه الولايات المتحدة تحديات مع الدول الحليفة المشاركة على توقيع الإتفاقية. وحتى قبل هذه الأحداث فسيستقبل قادة السعودية والإمارات وقطر في محادثات معقدة حول إيران وسوريا والعملية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبناء على الطريقة التي ستسير بها اللقاءات الثنائية فمن المتوقع أن يجمع ترامب قادة دول الخليج في قمة تعقد فيأيار/مايو لإنهاء النزاع الإقليمي. وقد شارك تيلرسون في هذه الملفات وبطاقم صغير يتوقع أن يتقلص حتى بعد رحيله. وكان في هذه الملفات والملف الروسي على تضاد مع الرئيس. وربما سار بومبيو مع ترامب وطريقته في إدارة سياساته بناء على حدسه. وفي الوقت الذي كافح فيه البيت الأبيض فقد كان عليه الرضى بنيكي هيلي كسفيرة للإمم المتحدة والتي دعمت خطة بعدم المصادقة على الإتفاقية النووية مع إيران. كما أن علاقاته القوية مع دول الخليج والتي بناها أثناء إدارته شركة إكسون موبيل. وبالإضافة للمحادثات الكورية فإن الإدارة تخوض محادثات مع تركيا حول وكذا المحادثات القادمة حول التجارة وأكثر من هذا فسيصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن يوم الإثنين. ورغم دعوات تيلرسون للحذر في شؤون الشرق الأوسط إلا أن صهر ترامب غارد كوشنر غالباً ما تحداه وبعيدا عن مسار الخارجية وطور علاقة مع ولي العهد السعودي وولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد. وعول كوشنر على دعم دول الخليج لخطته للسلام التي لم يكشف عنها وثارت الشكوك حولها بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل خلافا لنصح تيلرسون. وعندما حاصرت السعودية مع الإمارات ومصر والبحرين قطر في الصيف الماضي دعم ترامب الخطوة علناً مقابل معارضة تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس. وأقنع الرئيس لاحقاً بتغيير موقفه حيث سيجمع الأطراف في كامب ديفيد.

«غارديان»: قرار عزل وزير الخارجية متوقع… توقيته مشبوه وبديله مثير للقلق

وترى صحيفة «غارديان» في افتتاحيتها: «وصف رئيسك بالمعتوه لم يكن أبدا سلوكا عظيما في المسيرة العملية حتى لو كنت تردد صدى ما يقوله الكثيرون.
ومن هنا فالحديث عن عزل تيلرسون كوزير للخارجية واستبداله بمايك بومبيو، مدير المخابرات الأمريكية بدأ بعد تلك الإهانة التي وجهها للرئيس في الخريف الماضي والتي وصفها الرئيس بـ «الأخبار الزائفة»، مع أن الأخبار جاءت من داخل الإدارة حيث افترقا الآن بطريقة سيئة أو بطريقة أدق، سيئة للسياسة الخارجية».
وتقول الصحيفة إن الطريقة الغريبة التي عزل فيها ترامب وزير خارجيته تعكس عدم صدق إدارته والفوضى والنزاع في داخلها.
وتبعتها إقالة سريعة لمساعد الرئيس الشخصي الذي تجري وزارة الامن الداخلي التحقيق معه لارتكابه جرائم مالية خطيرة. وقبل أيام استقال غاري كوهن، مستشار الرئيس للشؤون الإقتصادية ومديرة الإتصالات هوب هيكس، وتأتي هذه وسط استقالات وإقالات عدة.
وتشير الصحيفة إلى أن خروج تيلرسون طال انتظاره إلا أن التوقيت والمسلك مثيران للشك.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية إن وزير الخارجية علم بتنحيته من التغريدة مثل غيره مع أن البيت الأبيض قال إن الوزير تلقى تحذيراً من مدير طاقم البيت الأبيض عن «تحرك قريب» إن لم يتنح بنفسه.
وجاء القرار بعد تصريحات لتيلرسون حول تسميم الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال ووصفه بأنه «عمل فاضح» وأن من «الواضح» وقوف الروس وراءه. وكان ترامب كما هو متوقع صامتاً حول الموضوع.
وتزعم الإدارة أن التحرك كان مخططاً له ولمساعدة المحادثات مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ- أون، وهو مبرر سخيف كما تقول الصحيفة ومحاولة لحرف الإنتباه. بل جاء القرار ليقوض الجهود الدبلوماسية التي تحتاجها الإدارة في عملية معقدة.
وعليه فاختيار بومبيو المتشدد تجاه إيران هو محاولة لإخبار كوريا الشمالية أن لا أمل لها بالتقدم والتوصل لاتفاقية. ويزيد تعيين بومبيو من مخاطر إلغاء ترامب الإتفاقية النووية.
وهناك أخبار سيئة أكثر من تعيين بومبيو، أي تعيين سيدة لها علاقة بالسجون السوداء والتعذيب في مرحلة ما بعد 9/11 كمديرة للسي آي إيه، وتقول الصحيفة إن تيلرسون لم يقدم عملاً جيداً مع أنه من الصعب رؤية كيف سيؤدي شخص عمله في ظل رئيس كترامب.
وأفرغ وزارته من الخبرات والمجربين ولم يتعاون مع البقية وهو ما يعني أن بومبيو سيواجه وضعًا أصعب. وبرحيل تيلرسون وكوهين وتراجع دور صهر الرئيس غارد كوشنر يعني أن دعاة «المدخل الدولي» في تراجع. فومبيو صقر ومتشدد وصدامي.
وتجعل آراؤه حول التغيرات المناخية من مواقف تيلرسون، كداعية لحماية البيئة. وتتساءل عن مدى نجاح بومبيو في مهمته، فلربما حظي بمصداقية ولكنه سيكون صوت سيده.
ويبدو ترامب واثقاً من نفسه وأنه يسيطر على كل شيء وليس بحاجة للاستماع لنصائح مستشاريه. والسؤال كم هي المدة التي سيبقى فيها الرجل الجديد في منصبه؟

«نيويورك تايمز»: تعيين مديرة لـ«سي آي إيه» متورطة في التعذيب يؤكد دعم ترامب للقسوة ومديحه للجلادين

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية