لندن – «القدس العربي»: عادت الولايات المتحدة وزادت من نشاطاتها في ملاحقة تنظيم الدولة وما بقي له من جيوب في مناطق سوريا الشرقية وقريباً من الحدود مع العراق. ويقول إريك شميدت في تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز» إن المهمة ضد مقاتلي التنظيم أحيتها عودة المقاتلين الأكراد وزيادة عناصر قوات الكوماندوز الفرنسيين ووصول مقاتلات البحرية الأمريكية بالإضافة إلى عمل الجواسيس العراقيين. ولكن الحملة لم يبق أمامها سوى ستة أشهر لملاحقة وصيد ما تبقى من مقاتلي التنظيم وهي ليست كافية خاصة أن عناصر المنظمة الجهادية يعملون سراً.
وتضيف الصحيفة أن الزخم الجديد في الحرب ضد جيوب الجهاديين المتبقية تتعرض للخطر بسبب تهديدات الرئيس دونالد ترامب بسحب حوالي 2.000 أمريكي من سوريا بمن فيهم قوات العمليات الخاصة ووحدات الكوماندوز. ويشير شميدت إلى أن قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات كردية عملت مع القوات الأمريكية في مواجهة مقاتلي التنظيم وسيطرت على عدد من المناطق التي كانت تقع تحت سيطرته إلا أن سلسلة من الهجمات التركية في شتاء هذا العام دفعت عدداً من المقاتلين الأكراد لترك مواقعهم في الشرق والانتقال شمالاً لمساعدة الأكراد في مدينة عفرين. وسمح غيابهم للجهاديين المتبقين بالهرب أو السيطرة على مناطق واستئناف حرب العصابات من مخابئهم في داخل البلاد. وقال مسؤولون في إدارة ترامب إن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس والقادة الكبار منحوا ستة أشهر للقضاء على تنظيم «الدولة» في الشرق السوري. ونقلت الصحيفة عن سيث جي جونز مدير مشروع التهديدات العابرة للحدود في مركز الدراسات الإستراتيجية بواشنطن: «تحولت الدولة الإسلامية الآن إلى عمليات العصابات بشكل زاد من احتمالات مواصلة العمليات في شرقي سوريا وغربي العراق».
اعتماد على الأكراد
ومنذ سقوط الرقة عاصمة ما يسمى «الخلافة»، اعتمدت طائرات دول التحالف على الأكراد السوريين من أجل قتل بقايا المقاتلين وتدمير مخابئهم ومواقعهم المحصنة وعملوا كمرشدين للمقاتلات إلى أهداف الجهاديين. إلا أن هؤلاء المقاتلين بدأوا بمغادرة مواقعهم في كانون الثاني (يناير) لمساعدة الأكراد ضد الأتراك. ويعلق شميدت أن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد كانت جزءاً مهماً في ملاحقة المقاتلين الهاربين جنوبا على طول وادي الفرات إلى الحدود العراقية. ووجد المقاتلون العرب صعوبة في احتواء المنطقتين الباقيتين تحت سيطرة الجهاديين أثناء غياب الأكراد. وقال دون بيكون، النائب الجمهوري عن نبراسكا والجنرال المتقاعد من سلاح الجو في شهادة أمام لجنة الأمن الداخلي «حتى لو استطعنا السيطرة على هاتين المنطقتين فلن يزول التهديد» مضيفاً «يمكنهم تجميع أنفسهم والبدء في أية لحظة».
ويرى الكاتب أن المواجهة بدأت بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية عن عملية جديدة في الأول من أيار (مايو) أطلقت عليها «عملية الجمع». وبدعم من طيران التحالف استطاعت هذه القوات وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية بتطهير المناطق القريبة من الحدود السورية مع العراق. وهاجم الطيران ملاجئ للقيادة وقتل ناشطين ودمر مباني ومعدات وعرقل خطوط الإمدادات. ويشير إلى أن المقاتلين الأكراد في الشمال السوري أعلنوا عن القبض على الجهادي الفرنسي أدرين جوهال، المعروف بأنه مشتبه بتورطه في هجمات تنظيم الدولة عام 2016 على باريس. واتسم القتال بالشراسة وامتد على مساحة 15 ميلاً من وداي الفرات.
ونقل الكاتب عن القيادي الكردي المشرف على المقاتلين شيركو حسكي «يقوم داعش باستخدام المدنيين كدروع بشرية ومنعهم من المغادرة. وكان من الصعب علينا استدعاء طيران التحالف». ويقول شميدت إن توقيت العملية اعتمد على عوامل عدة منها الحاجة الماسة للقتال في مرحلة مهمة بعد غضب ترامب من التورط الأمريكي عند الحدود السورية. بالإضافة لعودة الأكراد بعد المحاولة الفاشلة لوقف سقوط عفرين في يد القوات الكردية والحلفاء السوريين ووصول البارجة الأمريكية هاري ترومان إلى البحر المتوسط والتي زادت من عمليات ضرب الجهاديين إلى 44 غارة في الأسبوع انتهت في 24 أيار (مايو) مقارنة مع 3 هجمات في الأسبوع بنهاية 5 نيسان (إبريل). وفي الوقت نفسه شن الطيران العراقي سلسلة من الغارات عبر الحدود فيما اخترق الجواسيس العراقيون خلايا الجهاديين في سوريا حسبما قال مسؤول عراقي بارز.
«جهود جديدة»
وقال الجنرال روبرتو فاناتشي، نائب قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة :»قاموا بإغلاق الحدود ووضعوا عليها حرس حدود دربوا جيداً لمنع إرهابيي تنظيم الدولة من الهروب». وكان ماتيس قد أخبر الكونغرس في 26 نيسان (إبريل) عن العملية التي شارك فيها العرب والأكراد والعراقيون والحلفاء الغربيون حيث قال «سترون جهوداً جديدة» و «سترون زيادة في العمليات على الجانب العراقي من الحدودو وقام الفرنسيون بدعمنا في سوريا بقوات خاصة». ويقول المسؤولون الأمنيون الأمريكيون والغربيون إن هزيمة تنظيم الدولة في العراق وسوريا وجهود مكافحته في غربي أفريقيا وأفغانستان لم توقف جهوده بجذب الأتباع عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وقال جوشوا غيلتزر، مدير مكافحة الإرهاب السابق في مجلس الأمن الوطني في عهد باراك أوباما أثناء شهادة له قدمها الأسبوع الماضي للكونغرس: «تضاعفت رسائل تنظيم الدولة وموضوعاتها على الإنترنت ولو أجبرته خسائره على التحول من التأكيد على مناطقه التي كان يسيطر عليها فإنه قد يتحول نحو الزعم بأنه ضحية». ويأتي التحول في الأساليب بعد سيطرة التنظيم على مناطق في غربي الفرات خاصة للنظام السوري وحلفائه الروس. وقتل في الأسبوع الماضي أربعة جنود روس وجرح خمسة آخرن في عملية ليلية قام بها التنظيم بمدينة دير الزور. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن الجنرال فليكس غيدني، النائب الآخر لعمليات قوات التحالف في العراق وسوريا: «سنظل قلقين تجاه النظام السوري غير المستعد أو الذي لا يريد التعامل مع التهديد». وحتى لو استطاعت قوات التحالف قتل او أسر ما تبقى من مقاتلي التنظيم إلا أن تطوير خطة تحقق الإستقرار والأمن ستظل بعيدة. وتساءل جونز من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية «ماذا تعمل أمريكا في شرقي سوريا، بما في ذلك وسط وادي نهر الفرات؟ ومن سيدير المناطق؟» مضيفاً أن هذه الأسئلة مهمة وحيوية لأن أي عملية مكافحة للإرهاب والتمرد تعتمد على عناصر قوية للحكم فـ»دول ضعيفة وفاشلة ليست وصفة للنجاح».
«فايننشال تايمز»: بوتين متمسك بوهم السيطرة على سوريا وترامب يخرج بلاده من قصص الشرق الأوسط
لم يؤد خطاب دونالد ترامب الناري إلا لنتائج سلبية في الشرق الأوسط، يقول ديفيد غاردنر في صحيفة «فايننشال تايمز» و»في منطقة تشتعل فيها الحرائق فمواقفه تحمل كل الاحتمالات لإشعال حريق آخر. فالولايات المتحدة في ظل هذا الرئيس غير قادرة وبشكل واضح على استخدام قوتها العسكرية الإستثنائية وتحقيق أهدافه الوهمية التي يتابعها- مثل الحد من تأثير إيران في الشرق الأوسط وحتى الإطاحة بحكومة إيران».
ويقول إن تفضيل الولايات المتحدة التظاهر بدلاً من التركيز على السياسة أدى وبشكل فعلي لأن يتسلم فلاديمير بوتين حلبة الوساطة في المنطقة. وحتى لو كان هدف بوتين الحفاظ على المكاسب الهشة التي حققها، خاصة سيطرة موسكو على سوريا وجعلها كنقطة انطلاق لعودة روسيا إلى طاولة القوى العظمى في العالم، إلا أن هذا يمثل له مشكلة.
وذكّر الكاتب هناك بمجمل المواقف الأمريكية من المنطقة، فقبل عام قام ترامب بزياة للسعودية وإسرائيل اللتين اختارهما كمحطتين في أول زيارة خارجية بعد دخوله البيت الأبيض. وفي الرياض ملأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي غرفة بخمسين حاكماً مسلماً ومعظمهم من المستبدين. ودعا ترامب لجهاد سني بقيادة السعودية ضد إيران الشيعية، وكان هذا وهما. فبعد ثلاثة أعوام من شنه الحرب الجوية على اليمن أظهر بن سلمان أنه مهما أنفق على شراء السلاح من أمريكا وبريطانيا فلا يمكن للسعودية هزيمة جيش متمردين مشتت علاوة على قدرتها هزيمة إيران التي تملك قوات شبه عسكرية رعتها في العراق وسوريا ولبنان وبالتأكيد اليمن. وبعدما حرضته قمة الرياض مضى الأمير الشاب وفرض حصاراً على قطر الإمارة الخليجية التي تحب التغريد خارج السرب واعتقل سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني بشكل قرب البلدين إلى إيران.
وبعد عام من القمة فليست حملة الجهاد التي تقودها السعودية لمعاقبة إيران هي التي تهز المنطقة بل احتمال الحرب بين إسرائيل وإيران والتي يصفق لها مرة أخرى ترامب. ومع أن الطيران الإسرائيلي يقوم بقصف أهداف إيرانية وتابعة لحزب الله في سوريا منذ خمس سنوات إلا أن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران حدثت بعد خروج الرئيس الصاخب من الإتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وفي الأسبوع الماضي نفذ الطيران الإسرائيلي هجومين ضد اهداف إيرانية ولحزب الله في سوريا. وهذه هي المشكلة الكبيرة التي تواجه بوتين. فروسيا هي القوة الوحيدة التي لها علاقات قوية بين إسرائيل وإيران.
وكانت القوة الجوية الروسية مع القوات شبه العسكرية الإيرانية على الأرض وراء إنقاذ بشار الأسد من المعارضة السنية. ولكن موسكو حرفت نظرها عن عمليات الطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية التي يفترض أنها تحت سيطرة روسيا. ولو قامت إسرائيل بتدمير القدرات الإيرانية والجماعات المتحالفة معها في سوريا فستنزع الدعائم التي قام من خلالها بوتين بتقوية الأسد. وبعيدًا عن الالعاب النارية شهدت الأسابيع الماضية سلسلة من النشاطات الدبلوماسية المتشابكة. فقد التقى بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأسد الشهر الماضي. والتقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
وقالت إسرائيل إنها لن تقبل بوجود إيراني دائم في سوريا أو تهديد من ترسانة حزب الله مدعومة بالصواريخ الإيرانية. وأضافت الشهر الماضي أنها ستضربهما في كل زاوية ونقطة في سوريا. وعلى ما يبدو فقد ساعدت روسيا بسحب المقاتلين والجماعات الوكيلة لإيران من جنوب غربي سوريا قريباً من الحدود الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه هناك إشارات قليلة عن تقدم فرنسي في حل الأزمة في اليمن الذي تقدم فيه إيران الدعم للمتمردين الحوثيين.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون يتحادث مع بوتين حول عدد من القضايا المرتبطة بإيران، وهي محاولات وقتية. فقد كان شهر أيار (مايو) من أخطر الشهور في الشرق الأوسط حيث ساعد ترامب في إشعال النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني بنقله السفارة الأمريكية إلى القدس التي تحتل فيها إسرائيل القدس العربية منذ نصف قرن.
ويقول غاردنر: «يجب أن لا يفكر أحد أن بوتين يستحق جائزة نوبل للسلام، فسيد الكرملين يتصرف مدفوعاً بالإحباط وعدم قدرته على استخدام نفوذه السوري لرفع العقوبات المفروضة على روسيا ولاكتشافه أن سيطرته على سوريا ليست إلا وهماً». وهناك مخرج ضيق من الحرب هنا ومن المنطقي التحاور مع بوتين كما يفعل ماكرون «لكن ترامب بالرضى الذاتي عن توقيعه الطويل الذي يحب استعراضه أمام الكاميرات فقد أخرج الولايات المتحدة من نص/سكريبت الشرق الأوسط».
«فورين بوليسي»: هل ستخرج أمريكا من مجلس حقوق الإنسان «الأممي» بعد فشلها في تغيير موقفه من إسرائيل؟
يرى كولام لينش المراسل الدبلوماسي البارز في الأمم المتحدة لمجلة «فورين بوليسي» أن نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قامت قبل عام بإصدار إنذار للمنظمة الدولية طالبتها بإصلاح مجلس حقوق الإنسان بطريقة يتوقف فيها نقد إسرائيل فيه أو يخفف وإلا خرجت أمريكا منه. إلا ان الحملة الدبلوماسية التي قامت بها واشنطن ارتطمت بالواقع حيث قال الدبلوماسيون الأوروبيون إنهم لن يصوتوا في الجمعية العامة على قرار يجرد مجلس حقوق الإنسان من حقه التدقيق في تصرفات إسرائيل.
وقال لينتش إن التطورات الجديدة تترك هيلي معزولة دبلوماسياً وهي تحاول إنجاز أولوية أمريكية وتزيد من إمكانية انسحابها من منظمة دولية أخرى وتحظى بدعم من حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين. ويقول دبلوماسي أوروبي: «يبدو أنهم يتجهون نحو الخروج». وفي بداية شهر أيار (مايو) عقدت كيلي كاري، الممثلة الأمريكية في الأمم المتحدة للشؤون الإقتصادية والإجتماعية اجتماعين بمقر الممثلية الأمريكية في الأمم المتحدة حضره ممثلون عن الحكومات الغربية من أجل تقديم تفاصيل عن الخطة الأمريكية. وقدمت لهم نسخة عن مشروع قرار يقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة يمحو البند الخاص المعروف ب»أجندة7» والمتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة. وقدمت المسؤولة الأمريكية مشروع القرار على أنه جزء من جهود الولايات المتحدة لتسهيل عملية طرد الدول ذات السجل السيئ في حقوق الإنسان منه. ولم يكن هناك من تحمس له من الحاضرين. بل على العكس فقد ادت المبادرة لمحاولة من الحكومات الأوروبية وجماعات حقوق الإنسان للوقوف أمام المشروع الذي ويخشون أنه قد يؤدي إلى الإضرار بجهود الوكالة الدولية الحقوقية الرئيسية وتقويض جهودها في فضح منتهكي حقوق الإنسان في أماكن أخرى.
ويخشى الدبلوماسيون الأوروبيون من أن تخسر الولايات المتحدة السيطرة على المفاوضات في الجمعية العامة حيث يحق لأي دولة إضافة تعديلات قد تفسد المسودة الأمريكية. فدول كالصين وروسيا يمكنها استغلال المفاوضات ومواجهة صلاحيات مفضلة للولايات المتحدة بما في ذلك مراجعة سنوية لسجل حقوق الإنسان وإنشاء لجنة تحقيق تقوم بالنظر في وضع حقوق الإنسان في دول مثل سوريا وكوريا الشمالية. ولن يمنع هذا الدول الإسلامية من إضافة تعديلاتها الخاصة على مشروع القرار بحيث يحافظ على وضعية إسرائيل كدولة وحيدة تعامل بطريقة خاصة. وقال الدبلوماسي الأوروبي «سيكون لدينا مجلس ضعيف بدون الولايات المتحدة». وتم إنشاء مجلس حقوق الإنسان عام 2006 ليحل محل مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والتي تشوهت مصداقيتها بسبب وجود دول ذات سجلات صارخة في المجال الحقوقي.
وأقنع سفير الولايات المتحدة في حينه، جون بولتون الرئيس جورج دبليو بوش بعدم الانضمام للمجلس لأنه لا يفي التوقعات الأمريكية. وقال بولتون الذي أصبح مستشاراً للأمن القومي في الإدارة الحالية «نريد فراشة ولا نريد وضع مكياج على يرقان ونسميه نجاحاً» إلا أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عكس القرار بعد توليه الحكم بأشهر وناقش أن الولايات المتحدة يمكنها المساعدة وتقوية المؤسسة وحماية إسرائيل من خلال العمل من الداخل.
وحذر ترامب وهيلي من أن الولايات المتحدة ستخرج من المجلس إن لم تحصل على التغييرات التي تريدها خاصة البند المتعلق بإسرائيل. ويحذر المدافعون عن حقوق الإنسان من أن الدفع بمواجهة في الجمعية العامة قد تكشف عن الإنقسامات العميقة في المواقف العالمية حول أهمية حقوق الإنسان. وحسب رسالة وقعتها 17 منظمة حقوقية دولية بمن فيها أمنستي إنترناشونال والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: «تعبر منظماتنا عن القلق من أن يؤدي المضي بالمسودة التي توزعها الولايات المتحدة إلى إضعاف وليس تقوية مجلس حقوق الإنسان». و»من المحتمل أن يتعرض مشروع القرار لتعديلات عدوانية ومحاولة إضعاف المجلس». وتقول منظمات حقوق الإنسان إنها تدعم أهداف الولايات المتحدة بما فيها محو البند المتعلق بمعاملة إسرائيل بطريقة خاصة، ولكن تعريض ميثاق المجلس لمفاوضات جديدة فيه مجازفة ستخرب المشروع بأكمله. ويقولون إن أمريكا سيكون لها نفوذ أكبر للدفاع عن إسرائيل حالة بقيت في المجلس. وأثناء السنوات الأولى من عمر المجلس وقبل أنضمام الولايات المتحدة بلغت نسبة أصوات المجلس ضد إسرائيل 15% إلا أن النسبة تراجعت إلى 8% في الفترة ما بين 2012- 2016 عندما أصبحت الولايات المتحدة عضوا في المجلس. وقال لويس شاربنيو، ممثل هيومان رايتس ووتش في الأمم المتحدة: «بلا شك كان يمكن تقوية مجلس حقوق الإنسان ولكنه تحول إلى منبر ممتاز للفضح والتشهير بالدول التي ارتكبت انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان مثل كوريا الشمالية وسوريا وبورما والتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن» مضيفاً أن عرض ميثاقه على الجمعية العامة قد يفتح باب المتاعب. وينتظر حلفاء الولايات المتحدة قراراً من واشنطن بسحب مشروع القرار أو المضي به بحيث يكشف عن عزلتها وهناك من يأمل بإقناع الولايات المتحدة البقاء في المجلس «ولا نريد التعامل مع انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان كأمر واقع» حسبما قال دبلوماسي أوروبي ثان.
إبراهيم درويش