هارب من مدينة القائم يروي لـ«القدس العربي» قصصا من جحيم حكم تنظيم «الدولة»

بغداد ـ «القدس العربي»: ضمن حالات نادرة نجح عراقي من أهل القائم الحدودية في الهرب من حكم تنظيم «الدولة» والوصول بسلام إلى بغداد بعد رحلة عناء ومخاطر، ليحكي جوانب من معاناة العيش تحت حكم «الدولة».
وقد تحدث ( ع. و الشمري ) إلى «القدس العربي» من مخيم التكية جنوب العاصمة العراقية، أنه وصل مؤخرا من مدينة القائم الحدودية مع سوريا (غرب بغداد) بعد رحلة عناء ومشاق تخللتها مخاطر ومطاردات من عناصر التنظيم لمنعه من الهرب.
وذكر أن تنظيم «الدولة» يفرض قيودا مشددة لمنع أهالي القائم من الهرب إلى الجانب الآخر، حيث طوق المدينة بساتر ترابي وكتل كونكريتية وحصرها بمداخل محددة تحرسها عناصره، كما يقوم بنشر سيطرات أمنية ودوريات على الطرق الخارجية كلها.
ويمنع التنظيم خروج عائلات بأكملها خوفا من الفرار وعدم العودة ولكنه يسمح بخروج أفراد إذا كان لديهم مبرر كالرعي أو مراجعة الأطباء.
وكشف الشمري عن التعامل السيىء جدا وتضييق الخناق الذي يعامل به عناصر التنظيم أهالي المدينة ممن يرفضون العمل معه أو لا يتعاونون مع عناصره، من ناحية حرمانهم من الحصول على أي عمل أو منح مالية أو تمشية أية معاملة إلا للذين يبايعونه، كما أنه يساوم الناس ويحرمهم من المواد الغذائية التي يوزعها كالطحين والزيت ومواد الوقود كالغاز والنفط. وأكد الشمري ان التنظيم يقدم الامتيازات فقط لعناصره وخاصة الأمراء بينهم وللذين يبايعونه، حيث يوفر لهم أعمالا ورواتب ويزودهم بالمواد الغذائية ويسهل لهم الزواج من بعض بنات المدينة تحت حجة « تزويج إخوانكم المهاجرين « من الأجانب، كما يقدم لهم بعض النساء الإيزيديات كهدية، بينما يحرم أهالي المدينة من كل ذلك لأنه يعتبرهم كفارا، منوها إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيش فيها الناس هناك، حيث لا توجد أعمال أو مصادر رزق ويصعب على الناس شراء المواد الغذائية والوقود لأن أسعاره مرتفعة جدا، كما يتدخل التنظيم حتى في منع زواج الشباب إذا كانوا ليسوا من اتباعه، لذا اضطر الكثير من الناس إلى التعاون أو العمل معه».
وعن أسلوب إثارة الرعب والخوف لدى الناس، ذكر الشمري أن التنظيم اعتاد على ترتيب عمليات إعدام يومية أو أسبوعية في الساحات العامة وأمام الناس، للكثير من الرجال والنساء تحت مختلف الذرائع وغالبا تكون بتلفيق التهم للضحايا، كالعلاقة مع الحكومة أو السرقة أو الزنا أو ممارسة السحر وغيرها من المبررات، حيث يقوم في أكثر الأحيان بتنفيذ الإعدام بقطع الرأس بالسيف ويتعمد ترك جثث المعدومين لعدة أيام على مرأى من الناس لبث الرعب في نفوسهم ومنع أية معارضة للتنظيم».
ويشير إلى أن التنظيم يعتمد على عناصره من الأجانب، إضافة إلى أتباعه من أهل المنطقة للحصول على المعلومات عن الناس وتوجهاتهم ونواياهم، وبهذه الطريقة عرفوا بنيته الهرب بعد أن غادر المدينة بحجة رعي الغنم، حيث طاردته دورياتهم إلى الصحراء ولكنه نجح في الاختباء منهم، إلا أنهم صادروا من ابنه أكثر من 100 رأس غنم بحجة الزكاة.
وذكر ان المسافة بين القائم وأقرب نقطة حكومية في الأنبار تبلغ حوالى 350 كيلومترا وإن تكلفة النقل من هناك تصل إلى حوالى مليونين دينار وهو مبلغ يعجز الناس عن توفيره لذا بقي الكثير منهم تحت حكم «الدولة».
ولكن معاناة الشمري لم تنتهِ بعد هروبه من جحيم «الدولة»، حيث استقبله عناصر الأجهزة الأمنية الحكومية والحشد الشعبي بعد رحلة الهرب، بعمليات تحقيق معقدة وطويلة رغم وجود كفيل له من بغداد، كما اعتقلوا قبل أسبوع خمسة من أهل القائم بينهم ابنه، بعد هروبهم ووصولهم إلى منطقة الرزازة في الأنبار ولا يعرف مصيرهم حتى الآن.
وأكد الشمري أن تعامل الأجهزة الأمنية والحشد مع الهاربين من مناطق «الدولة»، بمنتهى السوء والشك، حيث يتهمونهم بأنهم دواعش أو أنهم متعاونون مع التنظيم إذا لم يتهموهم بالانتماء له، وأن الكثير من أهالي المنطقة الهاربين من «الدولة»، معتقلون منذ أشهر لدى الحشد الشعبي، رغم توسط نواب المحافظة وشيوخ عشائر لإطلاق سراحهم وكفالتهم.
وأشار إلى مأساة الإيزيديات، حيث جلب تنظيم «الدولة» عددا منهن إلى القائم ووزعهن على الأمراء وأتباع التنظيم، وأن بعض الأمراء عرض حصته من الإيزيديات للبيع مقابل 2500 دولار.
وأخيرا يؤكد الشمري أنه مع فرحه لنجاته ونجاحه في الهرب من القائم والتخلص من تلك المعاناة، إلا أنه دخل معاناة جديدة من خلال ملاحقات الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي له وقلقه على مصير ابنه وأقاربه المعتقلين لديهم، كما أنه مشغول على أقاربه الباقين في القائم، التي يتمنى أن تتمكن القوات العراقية من تحريرهم بأسرع وقت لإنهاء كابوس «الدولة» المرعب.

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    داعش والميليشيات سواء بسواء
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول بابى روز العراق دهوك:

    وجنت براقش على نفسها، توقعوها دولة خلافه فما هي الا
    دولة قتله وعصابات ماجوره.

  3. يقول رعداليمانيom:

    لاحول ولاقوةالابالله

إشترك في قائمتنا البريدية