ذات يوم من شهر حزيران/يونيو من العام 2000، وبعد تحرير الجنوب اللبناني من احتلال صهيوني استمر نحو 22 عاما، وعندما كنا نقف على مرتفع في بلدة مارون الراس اللبنانية المواجهة لجبال الجليل الفلسطينية، شاهدنا ما كان يلمع في بقعة معينة، بل إن حادّي البصر ذكروا إنهم شاهدوا بيوتا مدمرة. عندها علق أحدنا: لا تستغربوا فتلك بيوت القرى والبلدات الفلسطينية التي تم تدميرها: سعسع والرأس الأحمر وديشوم وغيرها. علق أحد الزملاء: ديشوم وهي التي تواجهنا تماما، كان سكانها من المغاربة، وأغلبهم يسكن في مخيم البرج الشمالي حاليا. أما الرأس الأحمر، فإن مغاربة كثر كانوا من سكانها. عندها تذكرت أسماء بعض العائلات التي كان يطلق عليها «مغربية» في بلدتنا الجليلية (صفورية) قبل النكبة عام 1948. وتذكرت أيضا اسما مهما في حياة المغاربة، خصوصا بالنسبة إلى الجزائريين في بلاد الشام، هو الأمير عبد القادر الجزائري، كما وتذكرت أسماء عدة وفي مهن ومناسبات عدة قابلتهم في منطقة صيدا يحملون اسم «مغربي».
إذن فإن لـ»المغاربة» خصوصا الجزائريين منهم، حضورهم في النسيج الحياتي متعدد النشاطات والأعمال في بلاد الشام، وأن اسبابا عدة ساهمت في إجبارهم على الهجرة، خصوصا بعد احتلال فرنسا للجزائر، وانتزاعها من العثمانيين في العام 1830، وإعلانها بأن الجزائر أصبحت فرنسية، لتأخذ بعدها في البطش والقمع وسجن وقتل وتهجير كل من قاومها، وأعلن رفضه لاحتلالها وثار عليها، كثورة الأمير عبد القادر الجزائري وإخوانه، والثورة التي كان على رأسها الشيخ المقراني في بداية سبعينات القرن التاسع عشر. لتزداد الهجرة بعد ذلك، خصوصا من قبل الجزائريين، وعلى رأسهم الأمير عبد القادر وعائلته إلى بلاد الشام.
من الظواهر المغاربية في بلاد الشام، خصوصا في فلسطين، أن التأثيرات المتبادلة وصلت إلى دخول وجبة الغذاء الرئيسية «الكسكسي» أو «الكسكس» في بلدان المغرب، لتصبح الوجبات المهمة في مطبخ بلاد الشام، وليتحول اسمها إلى «المفتول» أو «المغربية» في بعض قرى وبلدات الجليل الفلسطيني الذي وصل إليه المغاربة واختلطوا وعاشوا وتعايشوا وتزاوجوا وعملوا، خصوصا في منطقة الجليل الفلسطينية وفي القدس أيضا.
فكيف عالج الدكتور عبد الله صلاح مغربي موضوع هجرة المغاربة إلى بلاد الشام، خصوصا عائلة «مغربي» التي ينتمي إليها، وهي كما ذكرنا تعود في اصولها إلى المغرب، وسكنت في غرب الجزائر، وفي «جرجرة» بالذات بالقرب من مدينة معسكر، ثم هاجرت إلى حيفا في العام 1880 تقريبا؟ إنه يركز وبفصل خاص على تجربة عائلة عبد الرحمن خليل مغربي في الهجرة والهوية، وقد حمل الكتاب اسم «من جرجرة إلى الكرمل» وبعنوان أصغر هو «تجربة عائلة عبد الرحمن مغربي في الهجرة والهوية» وصدر الكتاب في العام 2014، وصدرت طبعة ثانية منه في العام 2015.
أسباب ودوافع
فما هي الأسباب التي ذكرها الكاتب، والتي أجبرت مجموعات من الجزائريين للهجرة من بلادهم بعد احتلال فرنسا لها في العام 1830؟ ذكر الكاتب مجموعة من الأسباب بينها دوافع سياسية، للتوجه إلى بلاد الشام، خصوصا وأنها كانت تابعة للسلطة العثمانية، تماما كبلدان المغرب العربي كلها، فتم استقبال المهاجرين بحفاوة في البداية، وكان بينهم من لا يحمل وثائق رسمية، وهذا الأمر ولد لاحقا مشاكل عدة.
من أسباب الهجرة أيضا، دوافع دينية، خاصة وأن هناك من رفض الخضوع لدولة احتلال غير مسلمة، كما ورفض الالتحاق والتعامل مع إداراتها، خصوصا في الأسلاك الأمنية والعسكرية. لذلك فإنه فضل الهجرة بعد مضايقات اقتصادية وحياتية ودينية وفرض ضرائب عالية. وبعد انتزاع أخصب الأراضي من أصحابها، حيث ذكر الكاتب أن نحو 85 بالمئة من أخصب الأراضي تمت مصادرتها من قبل السلطات الفرنسية، مع ازدياد المضايقات في ما يتعلق بأشغال الجزائريين وأعمالهم في المدن والأرياف. ومن المفارقات المأساوية أن ما يزيد على عشرين ألف جزائري نقلتهم السلطات الفرنسية وبالقوة إلى جزيرة كاليدونيا التابعة لفرنسا في المحيط الهاديْ.
ركز الكاتب في الفصل الثاني على هجرة الجزائريين إلى بلاد الشام، خاصة إلى فلسطين بالذات، وذكر بأن الموجة الثالثة من المهاجرين (1883 – 1900) زودتها السلطات الفرنسية بوثائق فرنسية، عكس ما كان يحصل مع أغلب المهاجرين في الموجتين السابقتين. ومن المدن التي استقر فيها الجزائريون، يمكن ذكر القدس وحيفا ويافا وعكا وطبرية وصفد وغيرها. كما واستقر كثيرون منهم في أغلب قرى الجليل، بل وأصبحوا أغلبية في عدد منها، من بينها هوشة، وعولم وديشوم وعموقة وياروس والحسينية وتليل وس مخ والرأس الأحمر وغيرها.
أما في ما يتعلق بدور الأمير عبد القادر الجزائري وأبنائه وأحفاده في بلاد الشام، وخاصة في دمشق، فإنه إضافة إلى تشجيع بعض الجزائريين على الهجرة والالتحاق به في دمشق، فإنه ساهم إيجابيا أيضا في التخفيف من حدة الفتنة الطائفية التي حدثت في لبنان وسوريا بين المسيحيين والمسلمين « الدروز من بينهم » حيث استقبل في دمشق نحو 15 ألف لبناني مسيحي أثناء الفتنة التي اشتعلت في العام 1860.
ويشير الكاتب إلى الدور الوطني والمقاوم الذي شارك فيه الجزائريون مع إخوانهم الفلسطينيين في التصدي ومقاومة المستعمر البريطاني والاستيطان الصهيوني، والاشتراك في الثورات والانتفاضات التي حدثت في فلسطين، كانتفاضة البراق في القدس في العام 1929، وثورة االشيخ عز الدين القسام في العام 1935، وثورة العام 1936 والتي امتدت إلى العام 1939، كما وشارك الجزائريون في حرب عام 1948 وقدموا شهداء وجرحى، وتشردوا مع أغلبية الشعب الفلسطيني الذي تشرد.
عائلة واضي
في الفصل الثالث، يركز الكاتب، ضمن تحقيق ميداني متشعب، على عائلة «مغربي»، ويذكر تفاصيل تتعلق بأصولها ثم استقرارها في حيفا، ثم يذكر معلومات عن هجراتها اللاحقة، ويذكر أنه وبعد الرجوع إلى وثائق حصل عليها من جهات عدة، وإلى روايات شفهية، فإنه يرجح بأن عائلة «مغربي» جاءت من المغرب، واستوطنت في مدينة «معسكر» في الغرب الجزائري، وأن للعائلة جدا كبيرا اسمه «واضي»،
كما ويذكر بأن الجد خليل وابنه عبد الرحمن هاجرا إلى فلسطين في العام 1880، واستقرا في مدينة حيفا، حيث عملا وأولادهما في أعمال بسيطة، كافتتاح دكان أو العمل في إدارة مقهى، ثم ليقوم بعض شباب العائلة لاحقا بقيادة شاحنات لنقل البضائع بين فلسطين ولبنان وسوريا والأردن، وأن مدينة صيدا الجنوبية اللبنانية كانت محطة مهمة في رحلات العمل هذه، والتي أثمرت زيجات ومصاهرات مع عائلات صيداوية معروفة، بعد أن استقر آل مغربي بعد النكبة الفلسطينية في مدينة صيدا، ثم ليهاجر أفراد من بينها إلى الأردن، ثم إلى استراليا. ويطرح الكاتب سؤالا مهما في هذا المجال: لماذا لم تعد العائلة إلى بلدها الأصلي الجزائر، بدل هذا التشتت من جديد؟.
ذكر الكاتب أن جد العائلة لم تزوده السلطات الفرنسية وغيره من المهاجرين في تلك الفترة «بداية ثمانينات القرن التاسع عشر » بوثائق رسمية تفيد أنهم من الجزائر، لذا وعلى الرغم من الحصول على وثائق ربما عثمانية أو انكليزية، ولاحقا فلسطينية، إلإ أن دولة الاستقلال الجزائرية بعد العام 1962، لم تمنح عائلات جزائرية عديدة مهاجرة إلى بلاد الشام جنسيتها حتى الآن، خصوصا وأنه لم يتم الاستدلال على عائلات من أقاربها، أو من تعرف أو يعترف بقرابته لها، ربما بحكم موت كبار السن، أو انتقال العائلات من هذا المكان إلى ذاك في الجزائر، أو ربما هاجرت بعض العائلات التي يمكن أن تعرف أو تتعرف على غيرها. لذلك فإن أفرادا من العائلة «مغربي» وفي المهجر البعيد، ما زالوا يحملون وثائق سفر فلسطينية، أو حملوا جنسيات البلدان التي هاجروا إليها حديثا. كما أن أملاكهم في فلسطين أصبحت نهبا للصهاينة، وهم يطالبون باسترجاعها أو التعويض عليهم. خصوصا وأن الكاتب حشد عشرات الوثائق والصور والإحداثيات التي تثبت جزائرية العديد من العائلات المهاجرة، كما وتثبت ملكية عائلات جزائرية كثيرة لعقارات وبيوت وأراض ومحلات في فلسطين المحتلة، وبيّن حكم القانون الدولي بالنسبة إلى كل ما يعانيه الجزائريون والمغاربة عموما في بلدان هجراتهم وتشتتهم، وبيّن ما لهم من حقوق، أولها استعادة جنسياتهم.
جزائري وفلسطيني معا
أوقفت سيارة أجرة في منطقة صيدا، فوجدت شابا يقود السيارة، كانت ملامح من الفرح بادية عليه وعلى تصرفاته. سألته: ما يفرحك؟ أجاب وفي عينيه وصوته زقزقات الفرح والانبساط، ولماذا لا أفرح؟ لقد أعادت الحكومة الجزائرية الاعتراف بجزائريتنا ومنحتنا جوازات سفر حديثة تعرّف بنا، وها هو جواز سفري الجزائري، ناولني الوثيقة فوجدت فيها ما ذكره وأعلنه. سألته: إلا أن لهجتك فلسطينية؟ ابتسم وعلق: نعم أنا فلسطيني، لكنني جزائري الأصل، وها هي حكومتنا الجزائرية أخذت تعترف بحقنا ومنحتنا وثائق سفر. سألته: ومن أي المناطق أنت من الجزائر بحسب ما ذكره أو يتذكره أهلك؟ أجاب والفرحة ما زالت تغمره: نحن كما يذكر أهلي من بلاد القبائل في الجزائر، ومن مدينة تيزي أوزو بالذات. وأضاف: لا تنس أنني فلسطيني أيضا، ولنا أملاكنا وأراضينا هناك، استولى عليها الصهاينة، ونحن نريد استرجاعها، فهي نتاج كد وعرق وجهد الأجداد والآباء.
د عبد الله صلاح مغربي: «من جرجرة إلى الكرمل».
إصدار خاص، 2014.
300 صفحة.
سليمان الشّيخ
المغرب الاقصى لم يكن يوما تابعا لسلطة العثمانيين
الا المغرب، المغرب الأقصى لم تحكمه الدولة العثمانية أبدا أبدا!!!!
المقال ينقصه هجرة المغاربه ايام الحروب الصليبيه الى فلسطين لقتال الصليبيين واستقرارهم بعد تحرير بلاد الشام من الصليبيين استقرارهم في القدس في حي المغاربه الذي اعطاهم اياه صلاح الدين هذا الحي الذي هدمته دولة العدو فور احتلال القدس لانه يجاور حائط البراق(المبكى) وذلك لتوسعة الساحه المجاوره للحائط
انا من عائلة جزائرية الاصل هاجرت و اقامت في قرية ديشوم قضاء مدينة صفد في فلسطين. وابي يتكلم اللغة الامازيغية كلغة اصلية بالنسبة له، رغم انه ولد و تربى في فلسطين قبل نكبة 1948. كما ان جميع ابناء ديشوم من كبار السن يتقنون هذه اللغة التي اكتسبوها من ابائهم المهاجرين.
لقد بحثت في المكتبات في لبنان عن نسخة من الكتاب لكني لم اجد. الرجاء تزويدي بمعلومات للحصول على نسخة من الكتاب لمن يعرف.
البريد الالكتروني: [email protected]
السلام عليكم اخي الكريم ،
انا من المهتمين بهذا الموضوع ،لأ ني اسمع عن أجدادي أننا أتينا من ديشوم ،والأصل من المغرب ،ولم اصل إلى معرفة أكثر من ذلك ،اخي الكريم اربد ان علی معلومات ،اريد ان اتواصل معك اذا امكن
السلام عليكم نحنا بنتشرف بفلسطين ونحن من اصل جزائري اتسائل اين نحن اليوم من الشعب الفلسطيني طبعا لا حقوق لنا في اي تنظيم سياسي تضحياتنا مع حركه فتح لا تعد ولا تحصى والان نحن في وضع الاستبعاد وبعض العائلات اصحاب الشهداء لا احد يذكر اسمها . فليكن ما يكن نحن نطالب باستعاده الجنسيه الجزائريه والله يخليلكو فتح وحماس نحن لا نريد ثوره ولا دم اكتر من لقدمنا والمتسلقين على ظهور البعض هم اصبحو الاصل والفصل