دمشق – «القدس العربي»: بينما أطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أمس، تحذيرات من «العواقب الكارثية للتصعيد الخطير» في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق والمناطق المحيطة به، تناقلت مصادر أهلية انباء عن هدوء نسبي بخصوص الهجوم الذي تقوم به قوات النظام على احياء ريف دمشق الجنوبي، عازية السبب إلى الطقس الماطر.
وأرجع عضو مركز اخبار «مخيم اليرموك نيوز» توقف المقاتلات الحربية عن استهداف الاحياء السكنية بالصواريخ إلى كثافة الغيوم والامطار مؤكداً ان لا وجود لبوادر تهدئة او اتفاق بين تنظيم الدولة والنظام السوري، لا سيما مع اندلاع اشتباكات عنيفة في منطقة حي التضامن قرب شارع السبورات، مضيفاً «أنه هدوء ما قبل العاصفة».
وأوضح المصدر لـ «القدس العربي» ان «الحديث عن مفاوضات مع الروس لا يشمل مخيم اليرموك والأحياء المحيطة به إنما هذه المفاوضات تخص بلدات يلدا ، ببيلا ، بيت سحم، اما المخيم وبحجة وجود تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام، فإن النظام يرفض التفاوض معهم أصلاً، ويواصل عملياته العسكرية ضدهم.
«حرب على المسنين»
مصادر خاصة من مخيم اليرموك قالت ان خسائر النظام خلال حملته العسكرية على أحياء ريف دمشق الجنوبي، تعدت الـ 175 قتيلاً خلال سبعة أيام فقط، فيما تبقى اعداد قتلى التنظيم غامضة بسبب تكتم الأخير على خسائره. ونشر مراسلو تنظيم الدولة في مخيم اليرموك صوراً لنحو 24 قتيلاً من قوات النظام بينهم ثلاثة ضباط برتبة ملازم اول وواحد برتبة نقيب إضافة إلى متطوعي الميليشيات المسلحة والفلسطينية، فضلاً عن صور لعمليات اعدام ميدانية نفذها تنظيم الدولة في ريف دمشق الجنوبي، حسب المصدر.
وبذريعة انتشار تنظيم الدولة، يركز النظام السوري في قصفه – حسب تأكيدات الأهالي – على التجمعات السكنية، ويستهدف الأبنية البعيدة عن المحاور القتالية ومواقع تنظيم الدولة، بالصواريخ الشديدة الانفجار. وحسب شهادات من داخل مخيم اليرموك لـ»القدس العربي» تحدثت عن «وجود عشرات المسنيين والمرضى غير القادرين على الخروج من منازلهم، ومحاصرتهم بأكوام اسمنيتة جراء القصف المكثف والدمار الواسع في الشوارع، ومما زاد تأثير الأوضاع السيئة، غياب الكوادر الطبية والإسعافية والدفاع المدني عن المخيم منذ بدء الحملة».
تعزيزات عسكرية
وقال عضو مركز أخبار «مخيم اليرموك نيوز» ان «جثمان الحاجة انشراح الشعبي ما تزال منذ أيام تحت ركام منزلها المدمر بفعل الغارات الجوية، حيث فارقت الحياة بعد قصف استهدف حيها السكني منذ ايام، والى الان لم يستطع احد اخراج جثمانها، لغياب فرق الدفاع المدني او الآليات لانتشالها من تحت الأنقاض». حالة السيدة الستينية ليست الوحيدة، بل يتخوف أهالي مخيم اليرموك والاحياء القريبة منه، من وجود عشرات الحالات المشابهة بسبب فقدان الاتصال بعائلات كاملة بعد قصف منازلهم.
واستقدم النظام السوري قوات وتعزيزات عسكرية إضافية مدعمة بعربات ثقيلة، إلى المحاور القتالية إلى اطراف مخيم اليرموك الشمالية، حيث تشارك في تدمير المخيم، قوات النظام السوري وقوات الدفاع الوطني، إضافة إلى عدد من الميليشيات الفلسطينية الموالية له منها، اللجان الشعبية في حي نسرين وجيش التحرير الفلسطيني ولواء القدس والجبهة الشعبية القيادة العامة، وفتح الانتفاضة وجبهة النضال الشعبي بالاضافة إلى حركة التحرير الفلسطيني الديمقراطي، وسرايا التحرير والعودة وحركة فلسطين حرة – قوات الجليل، فضلاً عن الميليشيات الطائفية الإيرانية والعراقية واللبنانية.
ويستخدم النظام السوري مختلف صنوف الأسلحة، ويشن قصفاً مكثفاً بالبراميل المتفجرة وصواريخ الفيل إضافة إلى راجمات الصواريخ وقذائف المدفعية وقذائف الهاون، في حين أظهرت بعض الصور استخدام المليشيات الموالية للنظام السوري الخراطيم المتفجرة في قصفها لمخيم اليرموك.
من جهة ثانية وعلى صعيد الوضع الإنساني، يعاني من تبقى داخل أحياء ريف دمشق المحاصر في مخيم اليرموك والتضامن والقدم والعسالي وبلدة الحجر الأسود القريبة، من انعدام المواد الغذائية الأساسية والمياه، وصعوبة التنقل إلى أماكن آمنة بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة، مع ظهور أمراض تنفسية ناتجة عن استنشاق غبار القصف والدخان المنبعث من القذائف الدخانية، واندلاع الحرائق في ممتلكات المدنيين.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين «أونروا» أمس، من «العواقب الكارثية للتصعيد الخطير» في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق والمناطق المحيطة به، ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن بيان للوكالة الأممية، أنها «تشعر بالقلق العميق حيال تصعيد القتال وحيال مصير آلاف اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك والمناطق المحيطة به».
ونقل البيان عن المفوض العام للأونروا بيير كرينبول القول: «إن اليرموك وسكانه قد عانوا من ألم لا يوصف ومن معاناة على مدى سنوات النزاع. ونحن قلقون للغاية حيال مصير الآلاف من المدنيين، بما في ذلك لاجئو فلسطين، وذلك بعد أكثر من أسبوع من العنف المتزايد بشكل دراماتيكي».
وأوضحت الأونروا أن «الأعمال العدائية التي تجري حالياً تسببت بوقوع وفيات وجرحى، ونزوح حوالي خمسة آلاف لاجئ من فلسطين من مخيم اليرموك إلى منطقة يلدا المجاورة. كما أن هنالك عدداً غير مؤكد من المدنيين المحاصرين في اليرموك وبحاجة ماسة إلى ممر آمن للخروج من المخيم». وأكد كرينبول أن الأونروا تقف على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة التي يحتاجها السكان بشكل عاجل في اليرموك والمناطق المحيطة به، عندما يسمح الوضع الأمني بذلك وعندما تتم إتاحة سبل الوصول إليهم. ويأتي هذا بينما تواصل القوات الحكومية السورية، استقدام التعزيزات العسكرية إلى جبهات الحجر الأسود والتضامن ومخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، والتي تخضع لسيطرة مسلحي تنظيم «الدولة» وجبهة النصرة وفصائل مسلحة أخرى.
من لجوء إلى لجوء ! ومن تشريد إلى تشريد ! ومن قتل إلى قتل ! هكذا هو حال ومأساة اللاجئ الفلسطيني !! ولا حول ولا قوة الا بالله