هجوم على النظام بسبب سياسته مع الشباب… وانفجارات في القطارات داخل المدن واستمرار كوارث الطرق

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: حملت الصحف الصادرة أمس الخميس 6 نوفمبر/تشرين الثاني أخبارا وأحداثا مفرحة للنظام ومؤلمة له، وكان الحادث الذي استحوذ على اهتمام الغالبية هو حادث التصادم المروع الذي وقع على الطريق الزراعي بين القاهرة والإسكندرية في دائرة محافظة البحيرة، عندما اصطدمت سيارة تريلا بسيارة نقل طلاب، ثم سلسلة اصطدامات مع سيارات أخرى، ما أسفر عن وفاة سبعة عشر شخصا وإصابة عدد آخر وفرار سائق التريلا. وسارعت الحكومة إلى الإعلان أنها ستدخل تعديلات قانونية تقضي بحبس أي سائق يتسبب في حادث وهو مخمور أو يتعاطي مخدرات، من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات، وهذا معناه مكافأة لكل سائق يقتل العشرات بدلا من إعدامه، وهو ما يكشف عن صدق الشكاوى والانتقادات المتزايدة للنظام بارتعاش أياديه، وكان قد سبق هذا الحادث وفاة عشر طالبات في سوهاج نتيجة حادث أيضا. صحيح أن هذه الحوادث بهذا العدد من الوفيات أصبحت معتادة من سنين، لكن عدم وضع حد لها خاصة بعد أن اتضح أن غالبيتها نتيجة إدمان السائقين للمخدرات والاستهتار بقوانين المرور.
كما حملت الصحف أخبارا أخرى مزعجة للنظام، فقد لقي أمينا شرطة ومواطن مصرعهم بانفجار قنبلة في قطار في محطة منوف، وإصابة أحد عشر وانفجرت قنبلة في عربة مترو أنفاق القاهرة في محطة المرج المتجه إلى حلوان وإصابة ثلاثة أشخاص وانفجار ثلاث قنابل صوتية في مدينة العاشر من رمضان، وهو ما سيزيد من حالة الغضب نحو النظام والاتهامات الموجهة إليه بأنه لا يستخدم التفويض الشعبي له بمكافحة الإرهاب وقوة الدولة لوضع نهاية حاسمة له باستخدام أساليب أخرى ومؤثرة جدا.
وفي المقابل نشرت الصحف عن الإنجازات التي تحققت، فقد واصلت قوات النخبة من الجيش والشرطة هجماتها على الإرهابيين فقتلت ستة رفضوا الاستسلام وألقت القبض على اثنين وأربعين من المطلوبين لأجهزة الأمن، فضلوا الاستسلام. وشاركت طائرات الآباتشي في توجيه القوات في العريش ورفح والشيخ زويد وفي شن الغارات على أي سيارة مشبوهة تتحرك، وعلى بعض الأماكن. كما سقطت قنبلتا هاون بالقرب من مبنى محافظة شمال سيناء في العريش، وبدأ الجيش والشرطة والآباتشي مسح المنطقة الصحراوية المجاورة.
ومما نشرته الصحف ايضا أصدار الرئيس السيسي قرارين الأول بتعيين وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد جمال الدين مستشارا له للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، وكان احمد جمال الدين وزيرا أيام الرئيس السابق محمد مرسي، ورفض أوامره بإطلاق النار على المتظاهرين أمام قصر الاتحادية. كما أصدر الرئيس قرارا آخر بتعيين الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي السابقة مستشارة له للأمن القومي.
والى بعض مما عندنا…

اقتراح بتأسيس منظمة قومية مستقلة للشباب

ونبدأ بالآراء حول الخريطة السياسية ومكوناتها ومطالبة الرئيس السيسي يوم الاثنين في كلمته، قبل المناورة التي قام بها سلاح الطيران بمئتين وخمسين طائرة في إطار المشروع التدريبي للجيش «المناورة بدر 14»، الأحزاب السياسية الاهتمام بالشباب وإفساح المجال لهم وناشد الشباب مساعدته في إعادة بناء دولة قوية.
وفي اليوم التالي مباشرة كتب زميلنا وصديقنا ياسر رزق ـ ناصري ـ رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة «الأخبار» يقترح ما يلي: «لست مع القائلين بأن الشباب عازف عن المشاركة، لكني أثق أن معظمهم لا يعرفون الطريق ولا يعلمون المنافذ، وأحيانا يجدون النوافذ مغلقة. والبعض منهم ركن إلى العزوف بسبب أصوات إعلامية وسياسية خاصمت الشباب وناصبتهم العداء، لأنهم فجروا ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي يراها هؤلاء مؤامرة دبرت ضد مصر، ومصيبة حلت على البلد يستحق عليها كل الشباب العقاب والاتهام بالتأمر أو على الأقل بالغفلة.
اقتراحي محدد في هذا الشأن وهو، تأسيس منظمة قومية مستقلة للشباب على مستوى الجمهورية، تُنشأ لها فروع في مراكز الشباب وقصور الثقافة في قرى وأحياء ومدن ومراكز مصر، ويتم تشكيل مجلس إدارة لكل فرع بالانتخاب، ويصعد رؤساء الفروع بالقرى والأحياء ليكونوا أعضاء بمجالس إدارات فروع المدن والمراكز، ثم يتم تصعيد رؤساء هذه الفروع ليكونوا أعضاء بمجالس إدارات المحافظات، وتتشكل من بين هؤلاء اللجنة العامة لمنظمة الشباب على المستوى القومي، وينتخب من بينهم أعضاء مجلس إدارة المنظمة.
أقول منظمة قومية مستقلة قاصدا أنها لا تتبع الحكومة، وإنما تخصص لها موازنة، ولا تنتمي لحزب. وأهداف هذه المنظمة هو تكامل الجهود التطوعية للشباب المصري في كل قرية ونجع وحي. ومن بين الأهداف أيضا تنظيم دورات تنفيذية في مجالات التربية السياسية وغيرها، لبناء كوادر شابة قادرة على حمل مسؤولية العمل التنفيذي وخوض الانتخابات المحلية والبرلمانية. هذه المنظمة لن تكون بديلا عن العمل السياسي والأحزاب، بل هي زاد لها وظهير تمدها بالكوادر ذات العزم والتجربة.
تجربة منظمة الشباب ليست جديدة على مصر وثبت نجاحها في ما مضى في إعداد الكوادر الشابة للمسؤولية التنفيذية والسياسية. واظننا أحوج إليها الآن أكثر من أي وقت مضى».

تنبوءات بخلو البرلمان
المقبل من الأقباط والمرأة!

وياسر يشير إلى منظمة الشباب الاشتراكي أيام خالد الذكر، التي رأسها صديقنا وزير التربية والتعليم في عهد مبارك الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وكان من قادتها الدكتور مفيد شهاب والدكتور علي الدين هلال، الأستاذان في جامعة القاهرة، اللذان توليا مناصب وزارية في عهد مبارك أيضا، وصديقنا المفكر الإسلامي وأستاذ القانون، الإخواني السابق الدكتور أحمد كمال أبو المجد، الذي تولى وزارة الإعلام في عهد السادات، وكان مدير مكتبه الدكتور علي الدين هلال، وقام بالتدريس فيها صديقنا الكاتب محمد عبد الحكم وعبد الغفار شكر.
اييه .. اييه أيام ذكرنا ابننا ياسر بها فجزاه الله عن خالد الذكر خير الجزاء. لكن ياسر تلقى صدمة في اليوم التالي مباشرة الأربعاء في جريدة «الشرق» التي تصدرها كل أربعاء أونست للعقارات ويرأس تحريرها زميلنا وصديقنا كرم جبر آخر رئيس مجلس إدارة لمؤسسة روز اليوسف أيام مبارك، فقد نشرت حديثا مع الفلكي أحمد شاهين الملقب بـ»نستراداموس العرب» أجراه معه زميلنا أحمد الجندي أكد فيه أن هناك ثلاثة كواكب تحارب السيسي قال عنها: «بخصوص ملامح البرلمان المقبل فمن تحليلي للهيئة الفلكية لطالع مصر بخصوص الانتخابات التشريعية القادمة، التي هي الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق، فقد ظهر لي العديد من الأدلة مثل كواكب المشتري برج العقرب، حيث ظهر لي بالأدلة الفلكية أن البرلمان المقبل سيخلو من تمثيل الشباب والمرأة، إلا من رحم ربي، والوجوه التي ستهيمن على البرلمان الجديد ستكون من ضمن نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، إضافة لأصحاب رأس المال، أي الوجوه القديمة نفسها، ولا تغيير مع تمثيل ضعيف للأقباط وحزب الحركة الوطنية، وتمثيل ضعيف لحزب إسلامي أرجح أنه سيكون مصر القوية، وليس حزب النور كما يتوقع البعض. وأتوقع زيادة حدة المظاهرات في مصر وخروج الأمر عن السيطرة لبعض الوقت، خصوصا أن كوكب بلوتو أظهر أن الثورة والتمرد والتحول والانقلاب يقع في طالع مصر، ولا أبالغ إذا قلت إنني أتوقع محاولة انقلابية داخل مصر ومحاولة اغتيال بعض الشخصيات العسكرية والسياسية في مصر، وعلى العكس مما سبق أتوقع ازدهارا للوضع الاقتصادي».
وعلى كل لا يهمنا ما الذي سيفعله كل من المشتري والعقرب في انتخابات مجلس النواب وتوزيع مقاعده، كما يريدان لا كما يريد الناخبون، لكن المشكلة هنا في زميلهما بلوتو وتناقضات أعماله وخططه فكيف يدبر لمظاهرات وفوضى واغتيالات وانقلاب عسكري، وفي الوقت ذاته يساعدنا في تحقيق ازدهار ولو نسبي في الاقتصاد!؟

هل التصدي للإرهاب يعني تقليص
الحياة السياسية وتهديد الحريات العامة

ونظل مع الشباب والمعارك التي نشبت بسببهم والقبض لعدة ساعات على الدكتورة هبة رؤوف وعدد من طلابها، وهو ما قالت عنه زميلتنا في «الأخبار» عبلة الرويني يوم الثلاثاء: «مجموعة من طلاب كلية سياسة واقتصاد جامعة القاهرة، كانوا يحتفلون بـ«يوم التطوع المصري»، أول أمس في ساحة القلعة، كانوا يرتدون تيشرتات «سنيكرو» وهو النشاط الطلابي المعني بحقوق الطفل، وشعاره مجموعة من كفوف بألوان مختلفة كفوف بخمسة أصابع لا أربعة بالتأكيد، تشكك الأمن فقام بإلغاء الحفل وتم احتجاز الدكتورة هبة رؤوف عزت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، وكانت تستعد لتقديم كلمة بالاحتفال احتجزوها وخمسة من طلابها في قسم الخليفة.
صحيح أنه تم إخلاء سبيلها بعد خمس ساعات من توقيفها واحتجازها، وصحيح أنه تمت معاملتهم بصورة طيبة، ومن دون أن يتعرض أحد منهم لأي أذى، لكن مجرد احتجاز مواطن بريء، باحثة سياسية بقدر الدكتورة هبة رؤوف، هو أمر يحتاج للتوقف أمامه وربما المساءلة والمحاسبة. بالتأكيد الخطر اليومي الذي نعيشه جميعا ويهدد أمننا واستقرارنا يستدعي الكثير من الشدة والحسم، لكن ينبغي أيضا ألا يستدعي الظلم. هل ظاهرة الإرهاب والتصدي لها تعني تقليص الحياة السياسية وتهديد الحريات العامة؟».

السيسي يطالب الشباب ببذل
الجهد وأجهزته البوليسية تطاردهم

وإلى يوم الأربعاء واستمرار المعارك ومشاركة زميلنا في «التحرير» وائل عبد الفتاح في المعركة بقوله: «الرئيس السيسي في خطبة «مناورة بدر» لم يستطع إخفاء التوتر الحاد الذي جعله يطالب الشباب ببذل الجهد والمشاركة في بناء الدولة، بينما كل أجهزته تطارد الشباب بداية من أجهزة البوليس السياسي التي تلفق قضايا وتفصل قوانين غير مسبوقة لفرض أسوار عالية بين الناس والمشاركة وليس نهاية بفرق الكمائن التي تمارس انتهاكات يومية ضد الشباب بتفتيشهم ذاتيا. على من ينادي الرئيس السيسي من الشباب؟ على أولئك الذين سجنتهم قوانين ظالمة وشبكات انتقامية من يتامى النظام الساقط؟ أم الذين يعودون إلى بيوتهم بمرارة ومشاعر غضب تتراكم بجوار أخواتها من الإحباط واليأس، بعد أن ملأت الأحلام الدنيا ببناء دولة تحترم أفرادها ولا تبني سلطتها هيبتها الفارغة على ما تحطمه من كرامة وعزة نفس؟
ولم يعرف أن ضابطا مهوسا ألقى القبض على مجموعة من الشباب في يوم التطوع، نعم اليوم الذي يدعى فيه الشباب إلى التدريب على أعمال تطوعية. الضابط بكل ما في رأسه من هستيريا شعار الأكف المرفوعة، علامة رابعة الإخوانية، جرجر الشباب.
الشباب يا سيادة الرئيس أنفسهم الذين تدعونهم إلى التطوع والمشاركة من أجل مصر، جرجرهم إلى القسم وقضوا مع أستاذتهم الدكتورة هبة رؤوف الليل… كيف ينادي الرئيس على المجتمع وقواه المنظمة والأهلية وشبابه وكل أجهزته وقوانينه تطارد وتلاحق كل من لديه نشاط خارج سيطرة هذه الأجهزة التي عادت لتنتقم».

اغتيال الحريات

وفي اليوم التالي الخميس كان لافتا دخول زميلنا وصديقنا الرسام الكبير الموهوب جمعة فرحات ـ ناصري ـ مساندا لمن انتقدوا بعض تصرفات النظام بأن قال في «الفجر» الأسبوعية المستقلة إنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد رجلا يمثل الحريات وخلفه إرهابي يضع المسدس خلف رأسه والحريات يقول للشرطي:
– نشن عليه كويس وحياة والدك أنا مش ناقص.

الناس تعاني من رفع أسعار الطاقة
والغلاء والتضخم والغاز..

ولا تزال الصحف جميعها قومية وخاصة مليئة بالمعارك المتعددة التي لم تترك قضية أو اتجاها دينيا أو سياسيا إلا وامتدت إليه، مع السيسي وضده، مع الأمن وضده مع ضرورة إعادة الدولة إلى قوتها ورفض بعض التصرفات التي تؤثر في الحريات مع الإصلاح الاقتصادي ومعالجة كارثة عجز الموازنة والتحذير من آثارها على الفقراء.
بدأها يوم الأحد في «الأخبار» زميلنا المحرر الاقتصادي الكبير عاطف زيدان بقوله:
«أعلن هاني قدري وزير المالية أنه سيتم تطبيق الضريبة على القيمة المضافة قبل نهاية العام الحالي، رغم إيماني بأن الانتقال من الضريبة العامة على المبيعات إلى الضريبة على القيمة المضافة خطوة لابد منها للقضاء على التناقضات والتشوهات الموجودة حاليا في قانون ضريبة المبيعات، إضافة إلى دورها الحاسم في تحقيق العدالة الضريبية، ناهيك عن تيسير إجراءات المحاسبة، مما يخفف العبء على المسجلين والجهاز الضريبي، ويساعد في زيادة الحصيلة، إلا أنني أكرر ما سبق أن قلته، الناس تعاني أشد المعاناة من تبعات رفع أسعار الطاقة والغلاء والتضخم والغاز والنت، والكل ينتظر يدا حانية تخفف عنه معاناته وتساعده على استمرار التحمل والصبر وليس منطقيا وسط هذه الأجواء أن تقوم بتطبيق ضريبة القيمة المضافة» .

تحويل الطلبة إلى متهمين
حتى يثبتوا العكس

وفي «الأهرام» المسائي يوم الثلاثاء قال زميلنا رئيس تحريرها علاء ثابت: «من خلال متابعتي للجامعات المصرية، أرى أن معظم المظاهرات الطلابية كان من الممكن، بل من السهل تجنبها، فقد كان معلوما لدى إدارات الجامعات وأجهزة الأمن أن الإخوان سيركزون على محاولة تأجيج غضب الطلاب، وهو ما كان يتطلب العمل وسط الطلاب وإشراكهم في مواجهة المؤامرة التي تستهدف جامعتهم ومستقبلهم العلمي. من المؤكد أن معظم الجسد الطلابي سليم، بدليل أن الطلاب كانوا أول من أسقط معظم الاتحادات الطلابية الاخوانية، في ظل سيطرة الإخوان على الحكم، وهو ما كان ينبغي البناء عليه بشحذهم الطلاب لاستكمال مهمات ثورتي 25 يناير/كانون الثاني و30 يونيو/حزيران هذا ما كان ممكنا، لكننا قابلنا الطلاب بشكوك في نواياهم والاستعداد لمواجهة عمليات التخريب المحتملة، فجعلنا منهم متهمين إلى أن يثبت العكس، في الوقت الذي رفعت فيه الجامعات رسوم الإقامة في المدن الجامعية إلى الضعف تقريبا، بينما جميع المستفيدين من تلك الخدمة من المغتربين غير القادرين، لنسكب المزيد من الغضب في وقت عصيب، وكأننا نساعد الجماعة الإرهابية في مخططها ونقدم لها الغضب الطلابي جاهزا ليتحول إلى أداة تدمير وعنف وإرهاب. ما حدث في الجماعات تكرر في أماكن أخري بددنا فيها طاقات إيجابية تحولت بسهولة إلى طاقات سلبية، وبدلا من الاعتراف بالخطأ وتدارك ما فات نجد أصواتا تستعدي الطلاب بل تسبهم بلا استثناء، ما بين مطالب بإغلاق الجامعات إلى من يتهكم عليهم ويصفهم بالصبية والجهلة، إلى من يعايرهم بالتعليم المجاني وكأنه يمن عليهم».

أيها الغرب لا تفرض حريتك علينا

ونعود إلى «الأخبار» وعلاء آخر هو زميلنا علاء عبد الهادي وقوله وهو يخرج لسانه لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»: «نعم مصر تقيد الحريات هذه حقيقة لا نستطيع أن ننكرها أو نداريها.. نعم مصر تقيد حرية الشواذ وتضيق عليهم في ممارسة الشذوذ، طبعا أنا لا أقصد شواذ الفكر والمنهج والعقيدة، هؤلاء للأسف أكثر، ولكنني أتحدث مباشرة عن الشواذ بجد من الجنسين، وبكل فخر مصر في عرف «هيومان رايتس ووتش» من الدول التي تقيد الحريات لأنها تقمع الشواذ وتقيد حريتهم الجنسية.
مصر لا تعترف بالبهائية كديانة سماوية وتلفظ أتباع هذه العقيدة الفاسدة، اتهام تفتخر به مصر تقمع الحريات لأنها لم تغض الطرف عمن يعبثون بأمنها القومي ويعرضونها وسلامها الاجتماعي للخـــطر، تحت ستار العمل الإعلامي، مصر لم تعتد على حريات أحد بل يريدونها سداح مداح لمن يريد أن يعبث. الغرب يرى من يقول الشهادة إرهابيا والفيسبوك يشطب من يقول سبحان الله، والغرب يرى أن جسد النبي أدم ملكا له وحده، ومن حق الرجل مثلا أن يتزوج من يشاء حتى لو كان صديقه في العمل، أو حتى كليته هذه معايير حريتكم فلا تفرضوها علينا ولا تحاكمونا بها».

مفاتيح البلد موزعة
بين الدولة ومافيا المال الفاسد

وآخر المعارك من هذا النوع ستكون من «التحرير» يوم الأربعاء لزميلنا جمال الجمل ـ ناصري ـ بقوله: «عندما اتصل بي الرئيس مشكورا قبل أسابيع تحدث عن صعوبات كثيرة مثل التي تحدث عنها في المناورة التعبوية للقوات الجوية، ضمن مناورة بدر الإستراتيجية، وأنا أتفهم هذه الصعوبات تماما فهي ميراث مشؤوم لسنوات طويلة من الفساد والتخلف والتجريف. وقد حرصت من خلال المكالمة على تأكيد دعمي للدولة في مواجهة الخطر الذي يهدد وجودها، وهو التعبير الذي استخدمه الرئيس. كما حرصت على تأكيد اختلافي مع كثير من السياسات والشخصيات وأساليب الأداء.
أنا أصدق هذا الرجل وأشعر بالطيبة في صوته والإيمان في سمته، كما أشعر بالعزم والإرادة التي يتسلح بهما، وهنا يأتي المأزق الدرامي للبطل «أي بطل حتى في الأفلام والروايات» عبد الفتاح السيسي مواطن مصري مخلص مؤمن عصامي ناجح، لكن السيسي الرئيس يضعه في مأزق كبير عندما يتصور أن البلاد يمكن أن تدار بالنيات الطيبة وكلمات التشجيع على طريقة «الهمة يا رجالة». لم أكن أريدك رئيسا حتى لا تتحمل عبء الفساد الإداري والمطالبات المستحقة لشعب عانى طويلا، والتي تعجز عنها إمكانيات الدولة، ولم أمنحك صوتي لكن عندما اخترت أنت واختارك الشعب دعوت لك بالتوفيق، لأنني التقيت معك في أن المعركة ليست معركة حكم بل معركة إعادة بناء دولة آيلة للسقوط . لكن يا سيادة الرئيس هل يمكن بناء دولة جديدة بالمفاهيم القديمة وبالعقول القديمة نفسها والوجوه نفسها، التي كبرت بالفساد وتغذت عليه وأصبحت مافيا مال وإمبراطوريات نفوذ وجماعات ضغط، لكن الاتجاه نحو المستقبل له شروط. أدركنا أن الثورة على نظام فاسد تعني ضرورة تأسيس نظام جديد، وهذا لم نحصل عليه إلا بعد مرحلة تطهير الفساد والأيادي الفاعلة والمستفيدة من النظام القديم، وفتح أوعية جديدة لاستيعاب طاقات الشباب وأجيال الثورة، فالدعوة الموجهة إليهم حتى الآن هلامية بلا عنوان، لأن مفاتيح البلد كلها موزعة بين الدولة ومافيا المال الفاسد الذي يعيد إنتاج القديم».
وسيناء تحتاج لحوار
بناء بين أهلها والدولة

وننتقل الآن إلى «الشروق» عدد يوم أمس الخميس ومقال عمرو حمزاوي عن المجتمع المبتعد ومما جاء فيه: «تستقر الأوطان بدول عادلة تحترم حكم القانون وتداول الحكم ومبادئ المواطنة وضمانات الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وتتقدم الأوطان بالمجتمعات المسالمة والمتسامحة التي تطلق طاقات وفعاليات المبادرة الشخصية والعمل التطوعى. فبعيدا عن المجتمع، ليس لمؤسسات الدولة وأجهزتها، وإن اتسمت بالعدل، أن تنجز آمال الاستقرار الحقيقي. أما حين يغيب العدل ويتعرض حكم القانون لمحن متعاقبة، فإن احتياج الدولة لطاقات وفعاليات المجتمع ﻹدارة الأزمات وتجاوز العثرات واحتواء التحديات في سبيل شيء من الاستقرار والتقدم، يصبح ضرورة وجود وبقاء.
أسجل هذا ناظرا إلى سيناء التي تواجه فيها مؤسسات وأجهزة الدولة خطر الإرهاب وتوظف فيها الأدوات العسكرية والأمنية وإجراءات قسرية بغية القضاء على التنظيمات الإرهابية، وتعد أيضا بالشروع الفوري في تعويض السكان الذين طبقت عليهم الإجراءات القسرية، وفي رفع المظالم عنهم وفي تنفيذ خطط تنموية وأفكار للتطوير الاقتصادي والاجتماعي. ففي سيناء، تستطيع الدولة المستنفرة إمكاناتها وقدراتها إلى حدود قصوى في سياق مواجهة الإرهاب أن تشرك معها طاقات وفعاليات المجتمع في الاضطلاع بالعمل التطوعي.
للكثير من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المصرية خبرات متميزة في مجالات الحوار البناء، مع قطاعات سكانية في مناطق الأزمات، وبناء التوافق بينها وبين مؤسسات وأجهزة الدولة، من خلال صياغة المطالب والتعبير عن المخاوف والمصالح، ومن خلال تداول المعلومات والحقائق عن دوافع الإجراءات القسرية ــ وسيناء في أمس احتياج لمثل هذا الحوار بين أهلها والدولة مع إجراءات الإخلاء/ التهجير التي تنفذ اليوم. للكثير من التجمعات الطلابية والشبابية في المناطق الحضرية والريفية اهتمام أصيل بالعمل التطوعي، ولديهم رغبة حقيقية في الإسهام الفعال في تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية في سيناء، أن يصنعوا المعجزات في مجالات كمحو الأمية والخدمات التعليمية والرعاية الصحية والجهود التضامنية مع أهل سيناء. للكثير من الشركات والمصالح الصناعية والمالية والتجارية والاستثمارية الخاصة مبادرات في سياق «المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص»، ولهم من القدرات البشرية والتنظيمية ما يقدرون على توظيفه في مجالات تنموية مختلفة في سيناء. وكذلك تتسع دوائر طاقات وفعاليات المجتمع باتجاه التنظيمات النقابية والمهنية والمؤسسات التعليمية والعلمية والثقافية والفنية والدينية، ويمكنها جميعا الإسهام في تخليص سيناء من شرور الإرهاب.
قطاعات وفعاليات المجتمع هذه تبتعد كل يوم جديد بخطوات متسارعة عن الدولة، ولا تسعى إلا إلى الابتعاد عن قيودها وضغوطها واتقاء شر قمعها، وهي بذلك تجرد من قدرتها على الإسهام في العمل التطوعي والجهد التنموي في سيناء وفي مناطق أخرى ويحال بينها وبين ترجمة التضامن الشعبي الواسع في مواجهة الإرهاب إلى آليات محددة ومستدامة».

صيانة حقوق الإنسان في الداخل
تضمن الدفاع عن ملفها في الخارج

أما فهمي هويدي فيكتب لنا في «الشروق» العدد نفسه عن ملف حقوق الإنسان قائلا: «إذا اعتبرنا أن الذي شوَّه ملف حقوق الإنسان في مصر هو تآمر الأوروبيين والأمريكان والمنظمات الحقوقية الدولية والتنظيم الدولي للإخوان. فنحن نخدع أنفسنا وندفن رؤوسنا في الرمال. وإذا نجحنا في تسويق هذه الفكرة داخل مصر وأقنعنا بها بعض شرائح المصريين، فمن الصعب إقناع الرأي العام الخارجي بها. لأسباب كثيرة في مقدمتها أن فكرة تآمر كل هذه الأطراف ضد مصر تبدو ساذجة وغير قابلة للتصديق. وإذا اعتبرنا أن رد الحكومة المصرية على الانتقادات الموجهة لسياستها في مجال حقوق الإنسان ومعها اجتماعات وتصريحات بعض أعضاء الوفد الرسمي، يمكن أن تغير الصورة السلبية التي استقرت في الساحة الدولية إزاء مصر، فإننا بذلك نضحك على أنفسنا ونمارس قدرا من الاستعباط يصعب على الآخرين ابتلاعه وتمريره. وحين ننحي باللائمة على السفارات المصرية والمكاتب الإعلامية المصرية المقامة في العديد من العواصم الأجنبية، ونشير بأصابع الاتهام إلى مصلحة الاستعلامات وتقصيرها في التواصل مع الصحافيين الأجانب أو توزيع تقارير الدفاع عن السياسة المصرية، فإننا نطالب تلك الجهات بما لا تستطيع أن تقوم به.
ولست أدافع عن تقصيرها في الدعاية لمصر، لكنني أزعم أن صورة مصر في الخارج لا ترسمها الحملات الدعائية وشبكة العلاقات العامة، وإنما ترسمها بالدرجة الأولى الحقائق الماثلة على الأرض. وفي كل الأحوال ينبغي أن يكون واضحا للجميع أن العالم الخارجي لا يتابعنا بآذانه وحدها، لأن مختلف الدول والمؤسسات الحقوقية لها أعينها في مصر، وأغلبها يعرف عن البلد أكثر مما يعرفه أغلب المصريين. حين بدأت اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف كان المصريون يتداولون عبر مواقع التواصل الاجتماعي البيان الذي أصدرته 15 منظمة ومجموعة حقوقية مستقلة، انتقدت فيه أحدث انتهاك لحقوق الإنسان في مصر، متمثلا في صدور القانون الذي قضى بتوسيع صلاحيات القضاء العسكري، بما يفضي إلى محاكمة المدنيين أمامها خلافا للدستور، الأمر الذي اعتبر بمثابة التفاف على إعلان الطوارئ. وذلك بعدما تم تكليف القوات المسلحة بحماية المنشآت والمرافق العامة في البلاد، وهو ما يعتبر كل اعتداء على تلك المنشآت جريمة تخضع للقضاء العسكري غير المستقل. في الأسبوع نفسه كان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد أصدر بيانا آخر انتقد سجل المحاكمات غير العادلة التي يتعرض لها الناشطون. الأمر الذي يؤدى إلى إخضاعهم لعقوبات قاسية، في حين لا تتم محاسبة رجال الأمن الذين يرتكبون الانتهاكات الجسيمة بحقهم. توازى ذلك مع البيان الذي أصدره الحزب الديمقراطي الاجتماعي وأورد فيه قائمة من الانتهاكات التي مورست خلال الأشهر الماضية، التي تمثلت في التضييق على منظمات المجتمع المدني، وتهديد الناشطين في المجالات السياسية والنقابية والاجتماعية بعقوبات تصل إلى الإعدام. وتقييد حق التظاهر السلمي وممارسة القمع في الجامعات، الذي كان الطلاب ضحية له.. الخ….
لا تسرنا بطبيعة الحال الانتقادات أو الإدانات لسجل حقوق الإنسان في مصر. في الوقت نفسه فإن إنكار الأزمة أو محاولة التستر عليها للتجمل أمام الآخرين أو الإحالة إلى مؤامرات الآخرين، لا يقنع أحدا ولا يحل الإشكال. لكن الذي يبِّيض الصفحة ويرد السهام ويخرس ألسنة الناقدين ويجهض جهود المتآمرين هو واقع الحال في مصر. إذ إن صلاحه وحده كفيل بتحقيق كل ما سبق.
أما إذا ظل بيتنا من زجاج فلن يصلح منه إعادة طلائه بالألوان الجذابة، أو إحاطته بالستائر التي تحجب ما بداخله عن الأعين، أو تغطيته بالطنين الإعلامي الذي يشيد به، فإنه سيظل نوعا من المخدرات التي تغيب العقل بعض الوقت لكنها لا تحول دون الإفاقة على الحقيقة في نهاية المطاف. ــ إن صيانة حقوق الإنسان في الداخل وحدها التي تضمن الدفاع عن ملفها في الخارج.»

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية