الناصرة – «القدس العربي»: بينما تواصل إسرائيل منذ سنوات إدارة الصراع مع الفلسطينيين والتمسك بإستراتيجية «الحفاظ على الوضع الراهن»، فإن المعارضة تطرح أفكارا لا تقل عبثية، رغم غلافها البراق، ويتمثل باستنساخ فك الارتباط عن غزة بطبعة أكثر سوءا، كونها محاولة لإعادة ترتيب أوراق الاحتلال وتجميله.
وصادق مؤتمر حزب «المعسكر الصهيوني» بالإجماع على خطة انفصال أحادية الجانب من الضفة الغربية، أطلق عليها اسم خطة الانفصال عن الفلسطينيين، وهي من مبادرة رئيس الحزب، يتسحاق هرتسوغ. وتتحدث الخطة عن فصل عملي بين إسرائيل وبين الفلسطينيين بواسطة جدار كامل يحيط بكل الضفة الغربية ووقف البناء في المستوطنات النائية. بموازاة ذلك ستُنقل صلاحيات مدنية إلى السلطة الفلسطينية، وتوسيع المناطق B الخاضعة لسيطرة أمنية إسرائيلية، وسيطرة مدنية فلسطينية، «على حساب المناطق الخاضعة اليوم لمسؤولية إسرائيلية ما يعني تحويل السلطة الفلسطينية إلى بلدية تقدم خدمات التعليم والصحة وجمع القمامة».
كما تقتضي الخطة الماكرة بتقطيع أوصال القدس المحتلة من خلال «فصل الأحياء الفلسطينية» عن إسرائيل، وفصل عشرات القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس عن منطقة نفوذ البلدية، ومن ثم عقد مؤتمر إقليمي سوية مع “دول عربية معتدلة». وبحسب الخطة، التي يقترحها «المعسكر الصهيوني»، سيبقى جيش الاحتلال موجودا في الضفة الغربية حتى إنجاز الحل الدائم مع الفلسطينيين. وأقر مؤتمر الحزب بأنه سيتبنى خطة هرتسوغ هذه كبرنامج سياسي – أمني جديد في الانتخابات العامة القادمة.
وشارك أعضاء الكنيست، حيليك بار وعمير بيرتس وعومر بار ليف بصياغة البرنامج. ويعلل هرتسوغ طرحه هذه المبادرة إنه بدون الانفصال عن الفلسطينيين ستتحول إسرائيل لدولة عربية – يهودية وستغرق رؤية الدولتين في البحر. ويزعم أن هذا الانفصال هو الضمانة للحفاظ لوجود أغلبية يهودية في إسرائيل وتعزز الأمن وتحول دون تسلل «مخربين»، لا سيما أن الخطة تبقي على تواجد الجيش في الضفة، معتبرا ذلك واحدا من دروس فك الارتباط عن غزة.
وتأتي الخطة الجديدة بعد أسبوعين من تصريح هرتسوغ في باريس، خلال لقائه الرئيس الفرنسي هولاند، بأنه ينبغي التعامل مع الواقع بأن «اتفاق سلام كامل ليس قريبا لأسفنا وأنه في هذه المرحلة لا يمكن الوصول إلى تطبيق رؤيا الدولتين».
وفي موضوع القدس وسلخها عن بيئتها وقراها، فهي محاولة للحفاظ على يهودية المدينة، كما يقول هرتسوغ، معتبرا معارضة محافظ القدس، الوزير عدنان الحسيني، لخطته دليلا على صحتها. ويبدو أن الهدف غير المعلن لهذه الخطة لا يقل أهمية عن الأهداف المعلنة، وهو انتخابي وشخصي أيضا مرتبط برغبته بالظهور كقائد قوي يفهم بالأمن ويوفر الأجوبة على تساؤلات الإسرائيليين الذين تؤرقهم استمرارية الانتفاضة الفلسطينية، وتصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل، واتهامها بالفاشية، والفصل العنصري.
بيد أن الخطة هذه أيضا لن تسعف هرتسوغ في جعله قائدا قويا يتعامل معه الإسرائيليون بجدية، رغم مزاوداته على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والظهور بصورة الصقر السياسي. هرتسوغ ليس حمامة سلام ولم يكن يوما كذلك ولأسباب ذاتية بنيوية لن يكون يوما صقرا، وسيبقى بنظر الإسرائيليين “كتكوتا” ضعيفا أو بطة عرجاء لقلة تجربته الأمنية وضعف شخصيته وافتقاده صورة القائد القوي الذي يحمل عصا غليظة.
إن حزب العمل، الذي خسر الحكم في 1977 لأول مرة منذ تأسيسه إسرائيل من قبل النكبة عام 1948، لم يتمكن من العودة للحكم والتغلب على اليمين إلا من خلال جنرالين هما: اسحق رابين، من 1992 وحتى اغتياله في عام 1995، وإيهود باراك من 1999 وحتى 2001. ويصدق من يقول إن «المعسكر الصهيوني»، الطبعة الأخيرة من حزب العمل، سيبقى بقيادة هرتسوغ حزبا غير فعال بالمعارضة، حال رئيسه كحال الغراب الذي حاول تقليد مشية الحجل وفشل.
كان شيمون بيريز عملاقا بالنسبة لهرتسوغ، فهو أحد بناة الدولة الإسرائيلية، ومع ذلك خسر الانتخابات أمام نتنياهو الشاب في 1996، وعلى الخلفية ذاتها، بل بالعكس، فالإسرائيليون في 2016 يبحثون أكثر عن زعيم قوي وبيده عصا الجنرال ارييل شارون الغليظة في ظل انتفاضة فلسطينية باتت تقلقهم ويقفون عاجزين أمامها، رغم أنها فردية كثير من قادتها نساء وأطفال.
وكان هرتسوغ قد تعرض لانتقادات من داخل حزبه بعدما ادعى أنه لا يمكن تطبيق حل الدولتين في الوضع الحالي، ورغم ذلك حصل أمس على تأييد كامل من الحزب لخطة الانفصال.
وإزاء الانتقادات، التي تعرض لها هرتسوغ من داخل حزبه، عاد وقال أمس إن حل الدولتين ما زال حيا وقائما، زاعما أنه سيسعى لعقد مؤتمر أمني إقليمي بهدف التعاون الإقليمي وعزل حركة «حماس» وتنظيم «داعش» ومعالجة مسألة غزة «. وبغية إقناع الإسرائيليين بطروحاته غير الواقعية يشدد على أنه بدون الانفصال عن الفلسطينيين ستتعرض إسرائيل لمقاطعة أوسع وسيفرض عليها الحل. وكرر هرتسوغ حملته أمس على نتنياهو بالقول إنه غير راغب بالانفصال عن الفلسطينيين لأنه يخشى المتطرفين والغيبيين في يمين حزبه الليكود، الذين يريدون «إغراقنا ببحر دولة عربية – يهودية». كما حمل هرتسوغ على وزير التعليم، نفتالي بينيت، الذي قال إن تسوية الدولتين ماتت لكنه في الواقع هو ينزع الحياة من هذه التسوية من خلال تأجيلها ومحاصرة الفلسطينيين بالمزيد من الجدران ومحاولة تجميل وجه الاحتلال، بما يعيد للذاكرة التجربة المرة لحزب العمل، الذي وقع اتفاق أوسلو ولهجت ألسن قادته بالسلام، لكن أياديهم زرعت الأرض الفلسطينية بالاستيطان والتهويد بالعقدين الأخيرين في الضفة الغربية، استمرارا لما فعله بعد احتلال 1967 واستكمالا لما فعله بعد احتلال 1948.
وديع عواودة
ورد في المقال “فالإسرائيليون في 2016 يبحثون أكثر عن زعيم قوي وبيده عصا الجنرال ارييل شارون الغليظة في ظل انتفاضة فلسطينية باتت تقلقهم ويقفون عاجزين أمامها، رغم أنها فردية كثير من قادتها نساء وأطفال”
و قد سألني بعض الشباب كيف تقول بزوال اسرائيل و كيف سيتم ذلك و حال العرب ما ترى؟؟ و قلت ان زوال اسرائيل سيكون من الداخل اكثر منه من الخارج. و لنتذكر ان اي دولة و اي مجتمع قوامه الاقتصاد و الامن فما بالك بمن كان غريبا اصلا؟؟
1- الاسرائيليون يعرفون انهم اغراب عن المنطقة و انهم جاءوا بالقوة و كمن تأبط شرا. وما زال نصفهم الاقوى و الافضل يحمل جنسيات مزدوجة او قادر على الحصول على جنسية اخرى. وقد علمنا التاريخ من التتر و الصليبيين انهم سيعودون حيث اتوا.
2- ان اي كارثة طبيعية مثل انتشار وباء او تسونامي او زلزال سيجعل الملايين يفرون و ينهار الاقتصاد
3- ان افتقاد الامن على نطاق واسع سيجعل الملايين يهاجرون و ينهار الاقتصاد. و هنا يجب الملاحظة ان 66 عاما من العمل الدؤوب قبل 1948 و بالرغم من المذابح التي تعرض لها اليهود في وقتها كانت حصيلته 600000 مهاجر. بينما وصلت الهجرة الى 7 اضعاف هذا الرقم في ال 66 سنة التالية لقيام الدولة و خاصة بعد حرب 1967 بمعنى ان وجود الاسرائيليين مرتبط بالامن و الاقتصاد