في خضم الأحداث المصيرية، يختلط الكذب بالحقيقة والأنتهازية بالمبادىء ومناورات بيع الوطن بذريعة الدفاع عن أمنه. تتبدى هذه التناقضات، بأوضح صورها، في موقف النظام العراقي، حكومة وبرلمانا، من مشروع قرار لجنة الكونغرس الأمريكي بتمرير قانون المساعدات العسكرية للعراق بشروط، من بينها دفع 25 في المئة من هذه المساعدات مباشرة إلى قوات البيشمركة والعشائر السنية. في حين اشترط القانون، لصرف الـ 75 في المئة المتبقية للحكومة العراقية، أن تقدم وزارتا الدفاع والخارجية ما يثبت التزام الحكومة بالمصالحة الوطنية. وفي حال فشلتا في إثبات ذلك، يذهب 60 في المئة من المبلغ المتبقي للقوات الكردية والعشائرالسنية.
لنحاول تفكيك صورة القرار وانعكاساته . من ناحية العراق، اثار إصدار المشروع ردود افعال وتغطية اعلامية كبيرة غطت على جوانب انسانية وسياسية واقتصادية تم تمريرها كأحداث ثانوية إزاء خبر المساعدات الذي تم تقديمه كحدث أعظم. هناك أولا : كارثة النازحين من المحافظات المسيطر عليها من قبل داعش، المعرضة للقصف الجوي، وحملات الميليشيات الانتقامية فضلا عن سد منافذ الهرب امامهم ومقتل بعضهم في مناطق في بغداد. وهذه وصمة عار يتحمل وزرها الطائفيون، ونذير تصاعد خطير في وتيرة تمزق المجتمع العراقي. ثانيا: تزامن توقيت الاعلان عن المشروع مع إدراك الادارة الامريكية فشل نظام حيدر العبادي، الذي تم تقديمه للعالم، باعتباره «الشيعي المعتدل» ذي المشروع الوطني العراقي بالمقارنة مع سلفه نوري المالكي، على تحقيق المرجو منه والقضاء على الارهاب متمثلا بمنظمة داعش أو الدولة الاسلامية. تبدت حقيقة الفشل على كل المستويات وأهمها لعبة الكر والفر التي يقوم بها تنظيم داعش في المحافظات على الرغم من توفر «مئات الآلاف» من الجيش والحشد الشعبي وأنواع الميليشيات والفرقة الذهبية والقصف الجوي المستمر من قبل قوات التحالف بقيادة أمريكا. ثالثا: رفض البرلمان مشروع القرار باعتباره يخل بسيادة العراق واستقلاله والتدخل بشؤونه الداخلية. وهي نقطة تستحق النظر. اذ يؤكد تصويت البرلمان على رفض المشروع تسارع تآكل النظام وعمليته السياسية. حيث صوت التحالف الوطني (الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر داخل البرلمان) ضد مشروع الكونغرس بينما انسحب ممثلو الكرد واتحاد القوى (الكتلة السنية) لعدم الاتفاق على الصيغة النهائية. وينصب الرفض على بند تسليح «السنة والأكراد» وليس مشروع القرار ككل. فالمال المكرس للتسليح والبالغ 715 مليون دولار، اقل من 1 بالمائة قياسا بالميزانية العراقية التي تزيد على مائة مليار دولار (المنهوبة فسادا)، مرحب به بشرط تحويله لقوات الحكومة التي اكتشفت الإدارة الأمريكية هذا الإسبوع فيها إسماء 125 الف عسكري وهمي مستمرين في استلام رواتبهم إضافة لـ 60 ألف وهمي ذكرهم العبادي في أول أيام التحقيق في سجلات الجيش. ويتم هذا الرفض للتدخل الأجنبي عبر أسطوانة التظاهر الخطابي ودق طبول التمسك بوحدة العراق ومنع تقسيمه. رابعا : تؤكد التصريحات الصادرة من المسؤولين، أيضا، على الهوة العميقة الفاصلة بينهم وعلى تكريس الواقع التفتيتي الجديد المستند الى بناء القوة العسكرية. فبينما يستقتل حيدر العبادي من أجل التزود بالسلاح الامريكي عبر «حكومته» المهيمن عليها من قبل الميليشيات، يتباهى مصطفى سيد قادر، وزير «البيشمركة» بأقليم كردستان إن «الولايات المتحدة تعهدت بتسليح ثلاثة ألوية من قوات البيشمركة، ونحن سنطالبها بتزويدنا بالأسلحة الثقيلة وطائرات الأباتشي». خامسا: باستثناء الرطانة الخطابية، ودعوات حضور المؤتمرات، ومحاولاته المثيرة للشفقة في أن يبين من خلف المايكروفونات، يكاد حيدر العبادي أن ينكفئ على وجهه من فرط ضعفه، بينما تتمركز القوة بأيدي الميليشيات المدعومة والمنفذة لسياسة أيران بالوكالة.
ففي الوقت الذي يتحدث فيه العبادي عن استقلال حكومته ورفض التدخل بشؤون العراق الداخلية، وبأنه ليس هناك سلاح لا شرعي في العراق، يصرح هادي العامري، الامين العام لمليشيا بدر الأرهابية، وليدة أيران، والمتنفذ بميلشيا الحشد الشعبي: «أن الحشد الشعبي لن يأخذ اجازة من احد لدخول اي محافظة عراقية»، وتقتحم قوة من كتائب حزب الله، الإيرانية التمويل ايضا، مركز شرطة الدجيل، مطلقة سراح رفاقهم المتهمين بالنهب، ويضعون رجال الشرطة محلهم مصرحين أن لا أحد له الحق في إعتقالهم، والحبل على الجرار.
هذه التناقضات والضجة المصاحبة لأعلان مشروع الادارة الامريكية في الدعم المادي والعسكري للنظام العراقي، ليست أمرا جديدا كما ان الوجوه والاحزاب التي أعلنت عن موافقتها وتلك التي أعلنت عن رفضها ليست جديدة. أنها، والحق يقال، ثابتة، كما تدل مواقفها منذ التسعينيات وحتى اليوم، على استراتيجية الاستخذاء والاستنجاد بالقوى الخارجية حالما تتعرض مصالحها الذاتية للخطر مع بعض التلون المرحلي الحرباوي. أما مفاهيم الوطنية والاستقلال فانها لا تزيد عن كونها علكة يلوكونها حسب متطلبات الفساد وما يهدد وجودهم . أنها ذات الاحزاب، بايديولوجيتها الطائفية/ العلمانية، التي واصلت سياستها بعد الغزو وتحت الاحتلال، لتشرعن الاحتلال عبر توقيع معاهدة الأطار الاستراتيجي مع ادارة الاحتلال . وهاهم يتباكون ويلطمون على وجوههم وصدورهم ،الآن، متظاهرين بالحرص على الوطن ووحدته. فهل ظنوا حقا ان منظومة الاحتلال الأمريكي جمعية، خيرية، انسانية، مهمتها تحقيق الرفاه للمواطنين من خلال قواتها ومرتزقتها وسفارتها ومقر مخابراتها الأكبر في العالم، و»تبرع المستشارين والخبراء والمدربين»؟ وهل اعتقدوا ان «الشيطان الأكبر» سيتحول الى ملاك حارس حالما يطلبون منه ذلك؟
يقول المفكر والمناضل في حركة التحرير الجزائرية فرانز فانون في اجابة لسؤال مماثل «أن أبن آوى لايبدأ بشرب الحليب فجأة» كما يفسر العجز عن التغير من التبعية الى التحرر، بقوله: «الا انه يحدث ان يكون التدنس قد بلغ حدا لم يعد من السهل فيه التحرر من طوق المستعمر، اذ ان سلسلة الانخراطات الطويلة في صف المستعمر قد وصلت الى نقطة يصبح معها أي نكوص الى الوراء غير ممكن».
أن محاولة جو بايدن، نائب الرئيس الامريكي، وعراب مشروع تقسيم العراق، الحديث بنعومة حميمة مع العبادي عن التزام الادارة الامريكية بتسليح النظام، بينما بدأت الاخبار تتواتر عن تنفيذ بعض بنوده، يشير الى التقدم خطوة اخرى في لعبة المناورات ما بين الادارة والنظام وأيران، كما يشير الى الادراك المتأخر (كالعادة) بحجم الغضب الشعبي لما سيؤدي اليه المشروع، وليس الى تصويت 162 من مجموع 325 من أعضاء البرلمان ضد المشروع.
٭ كاتبة من العراق
هيفاء زنكنة
الحل اذا بالتقسيم
ولكن التقسيم بحد ذاته قنبلة موقوتة
فهناك مناطق متنازع عليها مع الأكراد منها كركوك على سبيل المثال
وهناك مناطق مختلطة مذهبيا يصعب تقسيمها
وهناك ايران
الحل اذا بالمواطنة العادلة التي تحمي الجميع ولا تميز بينهم
ولا حول ولا قوة الا بالله
* من الآخر : ـ
** ( العراق ) بحاجة الى معجزة ربانية أو ظهور ( صدّام ) جديد
وإلاّ ( التقسيم ) قادم لا محالة .
** ( كردي // سني // شيعي ) .
* لو يتم هذا التقسيم ( بالتراضي والتفاهم ) أفضل من الحروب والقتل
وتدمير ( المعبد ) على رؤوس الجميع ؟؟؟
** شكرا
قالت العرب كالمستجير بالرمضاء من النار ترى هل صار امرنا الى اميريكا لكي تأتي على أخرنا قتلا وتشريداً وتهجيرا هل خلا العراق من رجال يقولوا الى رشدهم اولا يعلموا ان نار التقسيم ستأتي عليهم أولاً الهذة الدرجة هان عليهم العراق حسبنا الله في سياسينا
سيدتي المحترمة
تكتبين داءما عن العراق وأوضاع العراقين ما بعد ٢٠٠٣وكانه
العراق في زمن البعثين كان جنة الله على الارض وتتحدثين
عن الاضطهاد وقتل عن الهوية والفساد في العراق اليوم ولا مرة لا من قريب ولا من بعيد ما تناولت الإبلدة الجماعية التي تعرضت لها القومية الكردية على يد الفاشيين وكذلك تدمير ٤٠٠٠ قرية بالكامل ونهب ممتلكات ساكنيها ثم قتلهم علناً من خلال عمليات الانفال المشومة أليست هذه الجرائم كلها ارتكبت في العراق و بحق العراقين في زمن البعثيين؟؟؟؟
حتى في المناسبات ذكرى هذه الجرائم لاتمتلكين الجرءة
كي تتطرق الى هذه الجرائم ولو بادنة خجولة.بس أني كإنسان ذقت الظلم وعانيت من البعثين معانات لا توصف ياسيدتي بالرغم من ذللك ارفض و
ادين كل الأشكال الظلم والقتل والتدمير الذي يتعرض له العراق والعراقين بغضالنظر عن هوية وجنس الظالم والمظلوم .مع حبي وصوتي لكل
مظلوم أينما كان.
أخي الكردي الكريم واضح كل الوضوح أنك لا تعرف أي شيء عن تاريخ الكاتبة وإلا لما كتبت أدعاءاتك الباطلة هذه أقرأ أخي الكريم أقرأ
أخي المواطن الكوردي .رحم الله أبي العلاء المعري القائل
كم أردنا ذاك الزمان بـ’ذم‘ فشغلنا بذم هذا الزمانا
سيدتي هيفاء .العراق بات كرة في ملعب واسع المدى يتبادل فيه الصولات والجولات غير العراقيين .وعلى مستوى اللعبة تراجع أميركي أمام اللاعب الجار ،بل وأحياناً يسجل أفراد بارعون من الفريقي الأميركي كول وأكثر كل مرة في ملعبهم لصالح إيران البارعة بالركلات طالما كان العراق هو الملعب .داخل سلطة بغداد دمى ولا أستثني منهم أحداً .وليت أحدهم يصيح :ها أنذا؟؟والكل نستجير وشحاذ نكد
السيدة هيفاء زنكنة المحترمة
بورك فيك وبقلمك الحر .. المقالات غصة يتجرعها عملاء الأحتلالين الأمريكي والأيراني لساسة نظام العراق الجديد والأعلاميين المطبلين له ..
إن مشروع تقسيم العراق ليس وليد اليوم فقد وضع اسسه بنغوريون أول رئيس وزراء ما يسمى بدولة اسرائيل حيث يقول: إن قوتنا ليست بالسلاح النووي بل قوتنا في تفتيت ثلاث دول كبيرة مجاورة لنا هي العراق وسوريا ومصر الى دويلات متناحرة على أسس دينية و طائفية وسلاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل الآخر … أرجو منك أيتها الكاتبة المبدعة أن تقولي [ لساسة النظام العراقي حكومة وبرلمانيون ]أنكم أرتضيتم بتفتيت العراق عندما قبلتم [دستور بريمر ] الحاكم الأمريكي والذي قسم به شعب العراق على أسس قومية عنصرية و دينية طائفية وأن سياستكم تستمدونها وفق ببنوده .. والذي أوصلت شعب العراق المتآخي الى إتون الحرب الأهلية فمزقت نسيجه الأجتماعي . إن [ساسة النظام في العراق] ينفذون عن علم أو بغباء مشروع بنغوريون أعلاه.. إن أمريكا أصبحت علكة بيد اللوبي الصهيوني المتحكم بكل مفاصل الحياة فيها .. و قرار الكونكرس الأمريكي الأخير بحجة المساعدات الأمريكية للعراق قد درس بعناية من قبل الصقور المتصهينين الغاية منه دق الأسفين القاتل في نعش وحدة العراق وشعبه وبشكل علني ولا رجوع فيه .. علماً أن الحديث يجري الآن وبشكل علني من قبل صهاينة تل أبيب بتقسم سوريا الى دويلات وعلى نفس اسس خطاب بنغوريون خدمة للمصالح الأمريكية والأسرائيلية .. وستلحق بها مصر وفي رأيي المتواضع أن شعب مصر قد لاح في الأفق تمزيقه ولحقه اليمن. بعد أن سبقهم شعب السودان . لم تكتفي شهية العدو الصهيوني بما تحقق واقعياً بل أعدوا خرائط لتقسيم وطننا العربي الى دويلات متناحرة
وسيصبح شعبنا العربي من مشرقه ومغربه جالية تابعة للكيان الصهيوني تتحكم بمصيره وثرواته ..