طٌرح هذا السؤال بحدة هذه الأيام في الجزائر، بعد التصريحات التي تم التعبير عنها في الوسائط الاجتماعية، من بعض الشباب، الرافضين لوجود المهاجرين الأفارقة في البلد. تدخل طالب فيه هؤلاء الشباب من السلطات، ترحيل المهاجرين الى بلدانهم. علما بأن هذه المواقف قد سبقتها اعتداءات حصلت منذ مدة على تجمعات لمهاجرين أفارقة، في بعض المدن الجزائرية الجنوبية، تعرف استقرارا كثيفا للمهاجرين كبشار وورقلة.
مواقف عدائية غير مرحبة بالمهاجرين الأفارقة، كما حصل من قبل لعمال صينيين، فتحت نقاشا اجتماعيا واسعا وطرحت السؤال الذي كان يجب ان يطرح، هل الجزائري عنصري فعلا؟
النقاش الذي بين لاحقا أن هذه المواقف والسلوكات العدائية التي تم التعبير عنها من قبل جيل صغير في السن، ولد وعاش منغلقا على نفسه، خلال مرحلة الاضطراب التي عاشتها الجزائر، لأكثر من عقدين من الزمن، ما زالت محدودة في المجتمع الجزائري. فالجزائري على العموم ما زال رافضا لهذه المواقف العنصرية إزاء الأجنبي، بمن فيهم الافريقي. مواقف عبر عنها بتدخله في الوسائط الاجتماعية والتطوع في منظمات المجتمع المدني، لتقديم مساعدات مناسباتية في الغالب لهؤلاء المهاجرين، والتصدق عليهم يوميا، بالقرب من المساجد والأماكن العامة التي ظهروا فيها بقوة وسرعة، ليس في مدن الجنوب المتعودة عليهم، بل في الشمال كذلك، لينافسوا الأعداد الكبيرة من فقراء الجزائر الجدد والقدماء.
الهجرة الافريقية الني تنوعت (23 جنسية حاضرة في الجزائرية، حسب دراسات محلية) وزادت أعدادها، غير المتحكم فيها من أي جهة رسمية، جراء خصائص هذه الهجرة غير الشرعية ذاتها، تعلق الأمر بالإدارة الجزائرية أو المنظمات الدولية العاملة في الجزائر، المكلفة بملف الهجرة. فكل ما يعرف حتى الآن اننا امام مهاجرين كثر (عشرات الآلاف)، باستراتيجيات متنوعة، فمنهم ما زال ينظر الى الجزائر كبلد عبور فقط، لتكون هجرته النهائية نحو أوروبا، وهو ما يقوم به المهاجرون الشباب من الجنسين، الذين يفضلون العمل المؤقت في قطاعات البناء والمهن الصعبة، التي يرفضها الجزائري، عمل يقوم به الشاب الافريقي من دون حماية اجتماعية وقانونية، بأجور زهيدة، في انتظار العبور إلى الضفة الشمالية للمتوسط، التي تبقى حلم هؤلاء الشباب، برا عن طريق ليبيا أو المغرب، ومن ثمة إلى إسبانيا أو إيطاليا، أو بحرا عن طريق قوافل الهجرة السرية وقوارب الموت كمرحلة أخيرة في سلسلة المتاجرة بالبشر العابرة للقارات.
هذه الهجرة الإفريقية التي تبين ان الجزائر مثل الدول المغاربية الأخرى، تدفع ثمن موقعها الجغرافي الواقع بين أغنى دول العالم (أوروبا) وأفقرها على الاطلاق (دول الساحل الافريقي) ما يحيل إلى الأبعاد الدولية لهذه الهجرة وعمق أسبابها، تعلق الأمر بتلك الأسباب الاقتصادية والاجتماعية أو السياسية والأمنية. موقع جيو – سياسي تنبهت له دول اوروبا منذ سنوات، تريد ان تحول بمقتضاه دول جنوب الضفة الى دركي لحماية حدود أوروبا الجنوبية البحرية، دون التفكير في مسؤولياتها التاريخية والآنية التي تريد التنصل منها.
من بين الاستراتيجيات الأخرى البارزة لدى هؤلاء المهاجرين الأفارقة، التي تعبر عن نفسها، البحث عن عمل والاستقرار في الجزائر، دون ان ينسوا تماما حلم العودة الى بلدهم، كما هو حال كل مهاجر في العالم، ما قد يحول هؤلاء المهاجرين عمليا الى «بروليتاريا رثة « في جزائر اقتصاد السوق والنيولبرالية المتوحشة التي بدأت ملامحها في البروز. هجرة فردية وعائلية يقوم بها المسيحي والمسلم من تلك الدول القريبة، كمالي والنيجر والأخرى الأبعد، كنيجيريا وبعض الدول الناطقة بالإنكليزية والبرتغالية. دول تشترك كلها في هشاشتها وحالتها الأمنية المتدهورة وصعوباتها الاقتصادية التي زادتها الاضطرابات السياسية والمناخية حدًة، ما يؤكد أن هذه الهجرة لن تكون مؤقتة وقد تزداد حجما مع الوقت، نظرا لاستمرارية أسبابها العميقة الموجودة داخل بنية هذه الدول والمجتمعات الافريقية. فرضية، تتطلب ان يكون تعامل الإدارة الجزائرية كبلد عبور وإقامة، أكثر حرفية وديمومة، فالسائد حتى الآن على سلوك مؤسسات الدولة الجزائرية، هي حالة الذي فوجئ، بهذه الهجرة، وبالتالي لم يتخذ لها كل احتياطاتها المادية والقانونية، فما زال الفراغ القانوني هو سيد الموقف، عندما يتعلق بالمهاجرين وما زال رد الفعل، بدل الفعل هو القاعدة. وضع لم يساعد بتاتا على تنظيم حال هؤلاء المهاجرين، خلال اقامتهم التي قد تطول في الجزائر، بدءا من عدهم واحصائهم الذي سيكون اول الطريق في الاعتراف بوجودهم الاجتماعي والقانوني، فالسائد لحد الساعة أن المهاجرين بلا أماكن سكن تأويهم ولا عمل يدمجهم ولا مدارس لأبنائهم ولا نص قانوني يحميهم، ما قد يفسر ولا يبرر بالطبع، هذه المواقف العدائية التي برزت لدى بعض الجزائريين، إزاء هذه الهجرة الافريقية، غير المنظمة والحاضرة بقوة في الشارع الجزائري. رغم السلمية التي ما زالت الصفة الغالبة لدى هؤلاء المهاجرون الأفارقة، الذين ما زالوا بعيدين عن كل أنواع العنف، بما فيه العنف السياسي، الذين عبروا من خلال بؤره المشتعلة في منطقة الساحل والصحراء، قبل دخولهم الجزائر والبلاد المغاربية الأخرى.
تحديات الهجرة الافريقية بالشكل التاريخي الذي تتم فيه على أرض الواقع، يفرض على هذه المجتمعات المغاربية كمناطق عبور او استقرار نهائي بكل تبعاته، القيام بنوع من التحليل النفسي الجماعي، للتخلص من بقايا نظرتها الدونية للافريقي، وما أفرزته من ممارسات عنصرية لم تكن دائما غائبة في تاريخها القديم، قبلنا بذلك الآن أو رفضناه.
على الجزائر، مسؤوليات خاصة، أمام هذه التحديات التي تفرضها الهجرة الافريقية، بالشكل الذي تتم به، حتى تكون أكثر تناغما مع تاريخها القريب، عندما كانت رائدة في الدفاع عن تحرر القارة الافريقية ومعاداة التمييز العنصري ضد أبنائها. الجزائر لم تنف يوما بعدها الافريقي، وهي تعرّف بنفسها بعد استقلالها كدولة، أم ان هذا الأمر هذا قد انتهى، بعد ان شاخ الجيل الذي دافع عن هذا البعد التحرري والعمق الافريقي، وانتكست الوطنية الجزائرية بقيمها التحررية المعروفة عنها. ما ستؤول اليه وضعية إخواننا الأفارقة في الجزائر كفيلة وحدها في الإجابة عن هذه الأسئلة. فالأفريقي المهاجر الى الجزائر في المدة الأخيرة، لا يشبه النخبة الافريقية، التي كان جيلي يصطف في الشوارع، يصفق لها بحرارة، كاميلكار كابرال واوغيستينو نيتو ومريم ماكيبا. انه إنسان فقير، بل معدم، هرب من جحيم الفقر والحرب الاهلية، عند اخوانه في الشمال، فهل يقبلون به ويوفرون له شروط الحياة الكريمة؟
كاتب جزائري
ناصر جابي
مشكور دكتور ناصر جابي على كل كلمة كتبتها في مقالك هذا الذي إتسم حقا بعرض موضوعي للمشكلة، مع رؤية مسؤولة لأبعادها المتعددة والمتشابكة، أعتقد أن أي قراءة منهجية وعميقة لمضمون هذا المقال المتميز تُفضي بنا إلى نتيجة حتمية مفادها أننا في الجزائر في أمس الحاجة إلى وزارة خاصة بشؤون الهجرة والمهاجرين، أعني وزراة تمسك بلف الهجرة بكل أبعاده، الجزائريون في مختلف دول العالم، المهاجرون الأفارقة وكيفية معالجة وجودهم في إطار قانوني وإنساني، كيفية توعية الأجيال الجزائرية الجديدة بهذه المسائل،…إلخ نعم وزراة جزائرية لشؤون الهجرة وما يرتبط بها من قضايا وإلتزامات ومشاكل، باتت اليوم أولوية ولم تعد مجرد إقتراح قابل للإنتظار، ونتمنى أن نرى في أي تعديل حكومي قادم وزارة في هذا الصدد…إنه نداء ملح وعاجل أتوجه به إلى كل من رئاسة الجمهورية، والوزارة الأولى، ورجائي كمواطن جزائري يهمه أن يتحسن وضع الأفارقة في الجزائر أن يوضع على رأس وزارة كهذه شخصية من طراز الدكتور ناصر جابي تمتلك المعرفة اللازمة، والقدرات المنهجية والعلمية والأخلاقية المطلوبة،……
الجزاءري الاصيل لم ولن يكن يوما عنصريا ولن يصبح كذلك . العنصري في الجزاءر هو من بقايا المستوطنين الفرنسيين وهم مكشوفين وظاهرين من بشرتهم واعينهم وشعرهم ويطلق عليهم آل ديغول
بالنسبة للافارقة القيمين في الجزاير الجزايري من اصله ليس عنصري ولكن لابد من الحكومة ان تجعل حد لهذه الهجرة الغير منضمة