كي لا نكذب على بعضنا، وكي نضع النقاط على الحروف للاستفادة من التجارب المريرة، يجب أن نعترف أننا اكتشفنا متأخرين أن النظام الدولي بقيادة ضباع العالم هو الذي يختار لنا حكامنا وأنظمتنا وحكوماتنا، وحتى مناهجنا التعليمية والدينية، كما اعترف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعظمة لسانه عندما قال: «إننا اعتمدنا الوهابية ليس لأننا وهابيون متطرفون، بل لأن أمريكا كانت تريد استخدام الإسلام المتشدد لتواجه به الاتحاد السوفياتي». وبما أن القوى الكبرى المتحكمة بالعالم تختار لنا حتى عقائدنا الدينية، فلا شك أنها أيضاً تختار لنا من يحكمنا وحتى طريقة العيش التي يجب أن نعيشها. لهذا فإن أي شعب يحاول أن يتمرد على النظام الدولي وذيوله العربية لا بد أن يتعرض لعقاب شديد كما حدث للشعوب العربية التي ثارت على أنظمتها.
لا تقولوا لنا أبداً إن أوروبا الشرقية ثارت على الأنظمة الشيوعية وانتصرت عليها. لا أبداً. إن الذي أدار المعركة مع الشيوعية ليس شعوب أوروبا الشرقية، بل الأنظمة الغربية بقيادة أمريكا، وهي التي انتصرت على الاتحاد السوفياتي، ومن ثم وضعت شعوب أوروبا الشرقية تحت المظلة الغربية. وهذا أكبر دليل أنه لم يكن مسموحاً لأوروبا الشرقية أن تختار نظام الحكم الذي يناسبها بعد سقوط الشيوعية، بل كان عليها أن تنتقل بشكل أوتوماتيكي إلى المعسكر الرأسمالي. وهذا درس لأي شعب يريد أن يتحرر ويقرر مصيره. وإذا كانت أمريكا قادرة على التحكم بشعوب أكثر تطوراً بكثير من الشعوب العربية، فما بالك بشعوبنا المسكينة التي تعرضت لهزيمة نكراء فيما سُمي بالربيع العربي.
ما حصل في كل بلاد الربيع العربي لم يكن شأناً داخلياً أبداً، بل كان لعبة أكبر من الشعوب والأنظمة معاً. من أسقط حسني مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وعلي عبدالله صالح في اليمن وزين العابدين في تونس، وصدام حسين في العراق، كان بإمكانه أن يُسقط بشار الأسد في سوريا، لكنهم استخدموه لأغراض أخرى كانوا يريدون تحقيقها في المنطقة عن طريقه، بحيث حمل الأسد بجدارة مشعل الفوضى الهلاكة التي رسمت مشروعها كوندوليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة. أكبر نكتة تسمعها في سوريا الآن أن الأسد انتصر على أمريكا. مضحك فعلاً.
الذي انتصر حقاً في منطقتنا فيما سموه بالربيع العربي هي القوى الكبرى، أو بالأحرى النظام الدولي والنظام العربي الذي صنعه أصلاً النظام الدولي ليكون وكيلاً له في المنطقة العربية.
هل سقط النظام أو تغير في أي بلد عربي من بلاد الثوارت؟ بالطبع لا. كما هو ومعروف أن النظام في أي مكان في هذا العالم هو عبارة عن منظومة أمنية وعسكرية واقتصادية وإدارية ذات عقيدة معينة. فلننظر إلى تلك المنظومات العربية التي ثارت عليها الشعوب في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا والعراق. هل تغير أي شيء فيها؟ لا أبداً، لا بل يمكن القول إن تلك المنظومات أصبحت اقوى، وأخذت شرعيات جديدة بحجة محاربة الإرهاب، أو بانتخابات مزيفة شاركت فيها الشعوب، وأعطت جلاديها صكاً على بياض.
لنأخذ سوريا ومصر وليبيا واليمن والعراق وتونس مثلاً. ألم تزدد المنظومة الأمنية والعسكرية قوة وتغولاً في تلك البلدان؟ هل اختفى النظام الإداري البيروقراطي الذي يحكم المصريين والسوريين واليمنيين والليبيين والعراقيين والتونسيين منذ الاستقلال المزعوم؟ بالطبع لا، فما زال الإنسان في تلك البلدان عبداً للنظام والبيروقراطية القاتلة التي تتعامل مع الفرد كعبد يمكن إذلاله بلقمة عيشه وأصغر معاملة إدارية لتركيب ساعة كهرباء. اسأل السوريين الآن بعد أن ضحوا بأكثر من مليون شهيد وخمسة عشر مليون نازح ولاجئ: هل عندما تدخل دائرة حكومية الآن ستجد معاملة أفضل بعد كل تلك التضحيات؟
لا شك أنه سيقول لك: إن الوضع إلى الأسوأ وإن النظام الإداري صار أكثر شراسة بتحريض أمني. هل خفت قبضة الجيش عن السلطة في مصر وسوريا، أم إن الجيش عاد أقوى وأوحش؟ هل ستلين القبضة الأمنية في تلك البلدان، أم إنها ستتغول أكثر بحجة إعادة الاستقرار ومحاربة الإرهاب؟ هل تغير النظام الاقتصادي الذي ترزح تحته الشعوب الثائرة منذ عشرات السنين، أم إن الاقتصاد صار أكثر وطأة وضغطاً على المواطن البسيط من خلال رفع الدعم وارتفاع الأسعار وتغول القطاع الخاص الذي أصبح ذراعاً للأجهزة العسكرية والأمنية؟
لا تغرنكم الديمقراطية العراقية التي صنعتها أمريكا لعملائها، فهي أسوأ من أسوأ نظام عسكري في المنطقة، لا بل إنها أخطر على العراق من حكم الجنرالات، فقد عادت بالعراق إلى حكم الطوائف، وبات المواطن العراقي البسيط يتحسر حتى على أيام الطغيان الخوالي. وفي ليبيا سقط القذافي، لكن الذي أسقطوه يدعمون الآن نسخة جديدة منه متمثلة بالجنرال حفتر الذي اعترف بشكل صريح أن الديمقراطية تحت حذائه العسكري. أما اليمن فبات بدوره يتحسر على حكم الشاويش. لا تقل لي أبداً إن تونس تختلف عن البقية. لا أبداً. هل تطورت المنظومة الأمنية التي صنعها بن علي وثار عليها الشعب، أم إن حليمة عادت إلى عادتها القديمة، لا بل إن أحد ضباط الأمن طالب باغتصاب الصحافيين المتمردين مؤخراً.؟ هل تغير النظام الاقتصادي الذي أرساه الرئيس المخلوع أم صار أسوأ؟ هل تحسن النظام الإداري؟ هل اختفت الطبقة السياسية التي تتحكم بمفاصل الدولة؟
للأسف، لقد عاد النظام القديم بأوجه أكثر قبحاً. لكن هيهات أن ينجحوا، فهم يخوضون معركة خاسرة مهما فعلوا وتغولوا، وحسبهم يوفرون للشعوب لقمة الخبز، لأن حكم الجنرالات صار من الماضي، حتى لو دعمتهم كل قوى الأرض. وهذا يذكرنا بإخفاق الثورة الفرنسية التي أسقطت النظام الملكي، ثم عاد النظام أقوى، لكن مهما كان النظام الدولي وعملاؤه الداخليون أقوياء، فلن يكونوا أقوى من عجلة التاريخ التي غيرت وجه فرنسا وأوروبا ولو بعد عشرات السنين من الدماء والمعاناة والقهر.
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
اي تحرك جماهيري ما لم يكن نابعاً من
معاناة ذات الجماهير او مدفوعاً من قبل
جهات خارجيه يكون مصيره كمصير
ماسمي بالربيع العربي هذا الرببع الذي
اصبح جحيماً اكتوى به اجساد الشعوب
العربيه
أبدأ بما أنهيت به موضوعك دكتور فيصل بخاتمة المسك وهي هيهات أن ينجحوا فموجة ربيع ثانية ستكون عاصفة قوية تتطاير فيها أنظمة وعروش.فالضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك.
سيد القاسم تابعت حلقات برنامجك الإذاعي “الشبيه ب كروس فاير” …..
لدي إقتراح : أنصحكم بإستضافة الصينيين و الشباب في منطقتكم ليستفيدو من نموذجهم، فالصين لاديمقراطية فيها، ولا مرجعية دينية وبعيدة عن المنطقة وعن صراعاتها الطائفية وحروبها
أمريكا لم تستفت يوما شعبها هل الرأسمالية أم غيرها هو مايريده شعبها كنظام إقتصادي
الإتحاد الأوروبي تقوده مفوضية لايوجد فيها أي مسؤول منتخب بل فرضت المفوضية على الحكومة اليونانية المنتخبة شروطا صوت الشعب اليوناني ضدها
نجحت الصين دولة الحزب الواحد في محاربة نسبة الفقر بسياسة إقتصادية ممنهجة
…
خسارة معركة أو عدة معارك لا تعني خسارة الحرب! الثورة موقدة بالقلوب لغاية الإنتصار رغماً عن الخسائر!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ربيع ماذا يا سيد قاسم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيد ولد آدم محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
لا أختلف معك في تصويرك للواقع ولا حتى في تحليلك لدوافعه وبواعثه، فهذا لا ينكره إلا معاند، ولكن خيل إلي وأنا أقرأ المقال أن هذه الضباع الدولية وأذنابها المحلية هي المتحكمة في كل شيء “الحركة والسكون، الزمان والمكان، ..” وهذا باعتقادي مبالغ فيه، بل فيه ضرر من وجهين:
الأول: اتهام القوى الخيرة “وخاصة الجهادية منها” -ولو بغير قصد- بأنها من ذالك المخطط المرسوم بدقة متناهية، وبأنها من صنع هذا الشر العالمي.
الثاني: نشر اليأس في النفوس المقاومة لهذا الطغيان، والإحياء ولو من بعيد بأنه لا مجال للعمل خارج خططه المحكمة، وبأن كل حركتنا هي من صنعه وتدبيره.
وهذا فيه إضفاء صفة من صفات الربوبية على هذه القوى الشريرة، بل لله الامر جميعا.
والتحليل المنطقي -شرعا وعقلا-: أن أولئك المجرمون يمكرون ويخططون، وفي المقابل هناك من يسعى لجهادهم ومقاومتهم لدفع ظلمهم وشرهم عن واقع الحياة، ولا أنكر أن كثيرا من الأحيان تستغل تلك الحركات من قبل تلك الفوى ولكن هذا لا يعني بحال أنها هي من أنشأتها ضمن مخطط مرسوم، لا أبدا، بل تلك الحركات المجاهدة خلقت لها الكثير من المشاكل وعرقلت لها الكثير من المخططات مما اضطرها إلى التعديل والالتفاف والتغيير، فأطفال درعا لم يكونوا “قطعا” من ضمن الخطة، فالجماعات التي تعمل على إنهاك هذا النظام الغاشم الظالم “الكثير منها” ليست من صنع تلك القوى إطلاقا، ولكن استغلال الكثير منها بعد ذلك واحتوائها وجعلها تعمل وفق مصالحها شيء آخر، ولكن مع ذلك لا يكون ذلك الاحتواء والاخضاع كاملا وقابلا للتحكم كما تشتهي تلك القوى،
الخلاصة: أن التدافع موجود، وأنه سيستمر إلى قيام الساعة “قطعا”، وأننا لن نقعد عن جهاد تلك القوى الطاغية ما دام فينا عرق ينبض، والعاقبة للمتقين.
الشعوب تتحمل جزء كبير من إخفاق الثورات
فقد كانوا يسقطون رأس الأفعى ويتركون كل من كان حولهُ ليتحكم بمصير البلاد
دكتورى العزيز فيصل القاسم اولا الزمن الذي مرت به الأمة العربية في فترة الثورات على الطغاة يعد قصيرا جدا اما عن النتيجة الحاليه فقد انتصر النظام العربي على الشعوب العربية وبدعم من وضع هؤلاء العملاء لكن اتتصار هولاء لن يطول وسيأتي اليوم الذي تنتصر الشعوب على الحكام المستبدين وعلى من وضعهم على عروشهم والسلام مع التحيه لك سيدي
تحياتي للاخ الدكتور فيصل القاسم ولكل الاخوه، اولاً زمن حدوث الثورة انتها مع القرن ٢٠-١٩ لكن لابد من ان الانسان بمكوناته وافكاره ان لايرسب ودوماً يتغير ،ف الافضل والاحرا ان يلجأ الى المجتمع المدني لكي يضقط على الدولة ويجبرها بلاصلاح الدائم والدؤب هذه الطريقه بلمرات افضل من الثورة ،بالله عليك التطور الذي سلكة مالزيا واندونزيا كان على نهج ثورة ام اصلاحات صا ئبه بقيادة مهاتير محمد؟
سكرات الموت والغيبوبة التي دخل فيها شارون استمرت ثمان سنوات فحسبك الحال بمن قامت مساجد العالم كلها في أوروربا وكندا وأمريكا واستراليا ومعظم البلاد العربية والاسلامية كانت تدعو عليه في صلاة التراويح في رمضان وفي قيام الليل لا تظن يا أستاذي وحبيبي فيصل لا تظن أنه انتصر فالجبان يموت ألف مرة ولا يشعر بالأمن في أي لحظة يمكن أن يرمي الغرب محرمة الكلينيكس في سلة المهملات كما رمى سابقاتها( الانتصار ) الذي حققه العالم الغربي مع الاستبداد والصهيونية هو حجة من الله عليهم وفضيحة لهم أمام شعوبهم.. لا ليس انتصارا هذه أوهام الجبناء لا ينتصرون أما بالنسبة للموت والحياة فكل نفس ذائقة الموت ولن ينتهي الموضوع عند الموت فحتى بعد سكرات الموت والغيبوبة التي لا نعلم مدتها يوجد عقاب أيضا.. من 50 سنة ما كنا موجودين وبعد 50 سنة أو أقل مالنا موجودين الموضوع موضوع زمن والعام يمر كشهر والشهر كيوم واليوم كساعة.. طبعا صعب رؤية الشهداء واللاجئين و المشروع الاستبدادي والصهيوني أمر لا يحتمل بس والله عطيني 200 مهندس لريحك من كل هؤلاء وخلال سنة وحدة لتصير تكتب عنهم ما يسرك ويثلج صدرك.