الغريب، لا بل المضحك في الأمر، أنه ما إن انتهى الغرب من استثمار مصطلح «الإسلاموفوبيا» لأغراضه الخاصة، حتى راح العرب يعيدون اجترار المصطلح، لكن هذه المرة ضد بعضهم البعض.
كيف لا وأننا نحن العرب لا نمانع حتى في تقليد الغالب الغربي فيما يسيء لنا. قد يتفهم المرء تصنيع الغرب لمصطلح «الإسلاموفوبيا» لتحقيق أغراض سياسية وعسكرية وثقافية معينة، لكن من الصعب أن يتفهم قيام ضحايا المصطلح أنفسهم ألا وهم العرب باستغلال المصطلح للإساءة لبعضهم البعض، وبالتالي للإسلام نفسه.
لقد عادت ظاهرة «الإسلاموفوبيا» إلى الحياة من جديد بقوة رهيبة، خاصة بعد الربيع العربي الذي كان من أبرز نتائجه فوز الإسلاميين في الانتخابات التي جرت في بعض الدول العربية. فقد فاز حزب في تونس. ولحقه الإخوان المسلمون والسلفيون في مصر، ناهيك عن أن الإسلاميين تصدروا المشهد في ليبيا في البداية. بعبارة أخرى، فإن بروز الإسلاميين على المشهد السياسي بقوة انتخابية غير مسبوقة جعل خصومهم، خاصة اليساريين والليبراليين والعلمانيين وأيتام الحكام الساقطين والمتساقطين، يتهافتون على التحذير من الخطر الإسلامي على الديمقراطيات الوليدة في المنطقة العربية في أعقاب الربيع العربي.
لا شك أن الإسلاميين لم يبلوا بلاء حسناً بعد وصولهم إلى السلطة في تونس ومصر. وقد صوت غالبية التونسيين ضدهم في الانتخابات الأخيرة بسبب فشلهم في إدارة البلاد بعد الثورة، وخاصة على الصعيد الاقتصادي.
وصحيح أن الأشهر الأولى من حكم الإخوان في مصر لم تكن مشجعة جداً. لكن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال شيطنة الإسلاميين وتصويرهم على أنهم خطر ساحق ماحق على بلاد الثورات. وهنا يجب أن نذكر أن أي حزب يصل إلى السلطة بعد ثورة شعبية سيلاقي مصير الأحزاب الإسلامية التي استلمت السلطة بعد الثورات في مصر وتونس وليبيا. كيف لا وتطلعات الشعوب تكون عادة عالية جداً، ناهيك عن أن تركة الأنظمة الساقطة تكون غالباً في غاية السوء. وبالتالي لا يمكن لأي قوة مهما امتلكت من مواهب السلطة أن تصلح الأوضاع بعصا سحرية. ولا ننسى أن الإسلاميين الذين وصلوا إلى السلطة ليس لديهم تجربة عريقة في الحكم، لا سيما وأنهم أمضوا معظم وقتهم في السجون بسبب الملاحقات والتضييق الدائم على نشاطهم السياسي. وبالتالي، لا يجب استغلال فشلهم في السلطة بعد الثورات لسحقهم وإخراجهم من الحياة السياسية إلى غير رجعة.
ولو تابعت الحملات الإعلامية التي يشنها خصوم الإسلاميين عليهم لرأيت العجب العجاب، فهذا يحذر من أسلمة الحياة العامة بكاملها، وذاك يحذر من الاستبداد الإسلامي.
لا بل إن كثيرين يجادلون بأن بعض الدول العربية لا تريد إسقاط النظام في سوريا خشية وصول الإسلاميين إلى السلطة بعده. لقد حاول العلمانيون وأذناب الأنظمة المتساقطة كل ما بوسعهم لتخويف الشعوب من الصعود الإسلامي الجديد بطريقة تفوق بشاعة الطريقة الغربية التي سادت على مدى العقدين الماضيين، وكأن الإسلاميين الجدد بعبع مرعب.
لا أدري لماذا كل هذا التخويف من الإسلاميين وشيطنتهم. أليس من الأفضل أن نقبل بنتائج صناديق الاقتراع التي تعتبر أس الديمقراطية بدل شيطنة الإسلاميين بالطريقة المستهلكة البائدة؟
أليس التخويف من الإسلاميين اعتداء فاضحا على الديمقراطية وعلى أتباع الإسلاميين الذين يعدون بالملايين؟ ألا تعبر شيطنة الإسلاميين عن عجز مقيم لدى خصومهم؟ أليس حرياً بأعداء الإسلاميين أن يجتذبوا الشارع ببرامجهم الانتخابية والسياسية بدل تشويه سمعة الخصوم؟
من الواضح أن الذين يخوفون المجتمعات العربية من المد الإسلامي لم يتعلموا من الدرس الغربي، فرغم الحملات الشعواء التي شنها الإعلام الغربي على الإسلاميين على مدى العشرين عاماً الماضية، إلا أن الإسلاميين ظلوا يحققون النصر تلو الآخر في الشارع العربي. ولما أتيحت لهم فرصة ديمقراطية حقيقية حصدوا الأخضر واليابس في الانتخابات. لهذا بدل إعادة تصنيع العجلة، على التيارات السياسية المناهضة للإسلاميين أن تبحث عن طرق جديدة لمنافستهم بدل أن تجتر الأساليب الغربية البائسة التي لم تفشل فقط في تشويه سمعة التيار الإسلامي، بل جعلت منها أكثر قوة. والأخطر من ذلك الآن وفي ظل هذه الحملات الشعواء ضد الإسلاميين في العديد من البلدان، يُخشى أن تتدعشن الأحزاب الإسلامية المعتدلة التي قبلت باللعبة السياسية بعد أن استخدم خصومها ضدها أقذر الأساليب لإخراجها من اللعبة السياسية.
أين تذهب التيارات الإسلامية الديمقراطية عندما ترى أن كل الأبواب أصبحت مغلقة في وجوهها؟ ألا تصبح الجماعات المتطرفة التي باتت تشكل صداعاً كبيراً للداخل والخارج الوجهة المفضلة للقوى الإسلامية المعتدلة؟
٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
أخي فيصل يحق للعرب والمسلمين الخوف من الإسلاميين ودونك تجرتهم في السودان، حيث انقلبوا على الديمقراطية التي كانوا مشاركين فيها، وجاءوا للحكم على ظهردبابة العسكر، واستخدموا ضد خصومهم أقذر الأساليب لإخراجهم من اللعبة السياسية بدا بتشويه سمعة هؤلاء الخصوم و شيطنتهم وإتباع سياسة التمكين وسن القوانين المقيدة للحريات وتكميم الأفواه والسجن والقتل ، حيث ساموا الناس العذاب على مدى الستة والعشرين عاماً الماضية من حكمهم وفصلوا ثلث السودان. مما تقدم يتضح أن الإسلاميين لايؤمنون بالديمقراطية ، ولايؤتمنون عليها.
منطقي تماما يا أخ فيصل. وقد أثبتت التجربة عندنا أن رجل الشارع انضم إلى صفوف المقاتلين من حركات مسلحة انتقاما من السلطات الحكومية لقضاء أكثر حياته في سجون بدون أي ذنب ثابت، أو أنه يبقى وحيدا من بين أسرته التى دمرت بالقصف.
الله يحفظك وتسلم على هذا المقال اتمنى ان يزداد المفكرون المخلصون امثالك فبامثالك تصحو الامة
ممكن ..ووارد جدا .. ولكنم بعض الأفراد لا الجماعات برمتها!
ولكن هل تعلم أن كل تلك التشويهات والتهجمات والافتراءات .. هي لصالح اليهود ..وبأوامرهم غالبا .. لأنهم هم الأكثر تضررا وخشية ..من حبل إسلامي يلتف على عنق دولتهم فيزهقها ..كما عبروا عن تخوفاتهم في أكثر من مناسبة ..وحرضوا على الإسلاميين وأمروا بمحاربتهم وشيطنتهم ..وهم الذين صنعوا انقلاب مصر ..ورحبوا به بحرارة ولا يزالون
كل جهد لمجاربة الإسلام والإسلاميين ..إنما ينبع ..ويصب في المصلحة اليهودية الصهيونية ودولتها المعتدية الإرهابية الكبرى