هل سيقع المحظور وينكشف المستور، ويبان ما يدور تحت الطاولة، في لقاء القمة المزمع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعماء الخليجيين والعرب والمسلمين، في السعودية التي اختارها ترامب محطته، في أول جولة خارجية له منذ تنصيبه في العشرين من كانون الثاني /يناير الماضي؟
وهل تحت مظلة إنشاء تحالف جديد (هناك تحالف قائم شكله اوباما) «لمحاربة الإرهاب والتطرف»، وهو الشعار الذي ستعقد تحته القمم الثلاث الثنائية والخليجية والعربية الإسلامية، تحت هذه المظلة ستقرأ الفاتحة على روح مكتب المقاطعة العربية، وتقبل التعازي بها في هذه القمم، التي تتصادف مع الذكرى الـ69 لاغتصاب الجزء الأكبر من فلسطين، والذكرى الـ 50 لاحتلال ما تبقى من الأرض المباركة، وسط مخاوف من إعلان الانفتاح العربي والاسلامي، اقتصاديا وسياسيا على إسرائيل، وفق سياسة البيع الترويجية المعروفة، على نحو معكوس «إدفع الآن وخذ بضاعتك لاحقا»، وهي السياسة التي اعتادت عليها اسرائيل، منذ اتفاق «اوسلو» المشؤوم.
وللتذكير فقط، فإنه لا يزال في جامعة الدول العربية ما يسمى مكتب المقاطعة العربية، وهو مكتب أنشئ في زمن «التضامن العربي الراحل» لمقاطعة الشركات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني، واستمر هذا المكتب، رغم «معاهدات سلام»، وقعتها دولتان عربيتان، الى جانب منظمة التحرير، ورغم وجود سفارات اسرائيلية في عاصمتين عربيتين، ومكاتب تمثيلية، منها ما هو ظاهر ومنها الخفي، تحت اسماء شتى، في العديد من العواصم العربية الأخرى، ورغم الاستقبال الدافيء للمسؤولين الاسرائيليين، لا سيما من بعض الدول الخليجية.
خلال زيارته القصيرة للسعودية، التي ستتبعها زيارة اسرائيل والسلطة الفلسطينية والفاتيكان، سيعقد ترامب 3 قمم، الاولى ثنائية بينه وبين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، والثانية مع زعماء الدول الخليجية الستة، والثالثة يضاف إليهم11 من زعماء الدول العربية الرئيسية و 9 دول إسلامية، أو ذات أغلبية مسلمة، بالإضافة إلى بقية الدول الاسلامية بتمثيل أقل.
وبالمناسبة فإن ترامب بجولته هذه، يكسر تقليدا التزم به الرؤساء الامريكيون من قبله، وهو ان تكون أولى زياراتهم للجارتين الشمالية، كندا والجنوبية المكسيك. ما يعني أن هذه الزيارة لا يمكن النظر اليها بعين بريئة، فليس هناك ما هو بريء في السياسات والتحركات الامريكية خاصة. وهذا يقودنا إلى طرح تساؤلات منها، هل حقا أن محاربة الإرهاب والتطرف في المنطقة، هو هدف هذه القمم؟ أم أن في الامر ما هو أعظم، وهو المرجح؟
وهل يمكن ان تضع هذه القمم، حجر الأساس لسياسة التطبيع العربي المفتوح مع دولة الكيان الصيهوني؟ وهي السياسة التي يطبل لها نتنياهو منذ زمن، اي السلام مع العرب اولا قبل التسوية مع الفلسطينيين، اي المبادرة العربية بالمقلوب، خاصة أن في هذه الدنيا كل شيء يعمل بالمقلوب؟ أليس الفلسطينيون وفق المعادلة الامريكية والإسرائيلية، وحتى بعض الدول العربية هم المعتدون على اسرائيل القائمة باحتلالهم ويطالبونهم بتقديم التنازلات؟ أليس الفلسطينيون هم الذين يحرضون على كراهية المستوطنين؟ أليس الفلسطينيون هم الذين يحاولون منع قطعان المستوطنين من سلب أراضيهم، أو ما تبقى منها والاعتداء على ممتلكاتهم وتخريب بساتينهم واقتلاع زيتونهم وحرق بيوتهم وهم نيام فيها وقتل شبابهم؟ أليس هم الفلسطينيون الذين يحاولون نزع الشرعية عن دولة الاحتلال عبر حركة المقاطعة «BDS»؟ أليس الفلسطينيون هم الذين يرفضون الاعتراف بيهودية اسرائيل، مع إنهم اعترفوا بها على %78على ارض فلسطين التاريخية، على عتبة اتفاق اوسلو عام 1993 مقابل اعتراف بوحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني؟ أليس الفلسطينيون هم الذين يعادون اسرائيل بالتمسك باتفاق اوسلو؟ الخ…
وسأكون أكثر تشاؤما إزاء هذه القمم.. وأطرح السؤال التالي، هل ستؤسس هذه القمم ربما للإعلان الرسمي قريبا عن دخول إسرائيل الحظيرة العربية، وتصبح عضوا في جامعة الدول العربية العتيدة، في ظل قيادة احمد ابو الغيط، بعد إزالة اخر العقبات، بحجة مواجهة «الخطر الشيعي الإيراني الزاحف» وهو العدو المشترك لبعض الدول الخليجية وإسرائيل، وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول سعودي.
وما يعطي مصداقية لهذا التساؤل هو ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية الاسبوع الماضي، حول مبادرة سعودية اماراتية لتطبيع عربي مع اسرائيل، مقابل ثمن بخس تدفعه اسرائيل يتمثل بوقف جزئي للاستيطان، وبعض التسهيلات التجميلية للفلسطينيين.. وهذا يعني التخلي عن مبادرة السلام، بعد تبنيها عربيا قبل 15 عاما، والإذعان لشروط نتنياهو بتنفيذها، كما أسلفنا بالمقلوب… و يا عالِم إن كان نتنياهو سيقبل أصلا بالعرض السعودي الإماراتي السخي، ويحترم كلمته، إن فعل، وهو المعروف بعدم الالتزام بوعد أو كلمة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي رفيع لم تسمه، يشارك في المباحثات، «لم نعد نعتبر اسرائيل عدوا، بل فرصة ممكنة». وحسب «وول ستريت جورنال فإن «المبادرة السعودية الإماراتية» ستدرس خلال هذه القمم. وتقوم المبادرة اساسا على تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، مقابل تجميد جزئي للبناء في المستوطنات. وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين من السعودية ودولة الإمارات وامريكا، درسوا تلك المبادرة التي نوقشت، حسب زعم الصحيفة، مع عدة دول عربية أخرى. وأوضحت أن المبادرة تتضمن تخفيف القيود الاقتصادية على الفلسطينيين، خاصةً في قطاع غزة، مقابل إنشاء خطوط اتصالات مباشرة بين الدول الخليجية العربية وإسرائيل، بما يسمح لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي لدول الخليج، وإزالة القيود المفروضة على التجارة مع إسرائيل، وتدابير أخرى تتعلق بمنح تأشيرات الدخول لرجال الأعمال والرياضيين الإسرائيليين، والمشاركة في احداث في الدول العربية. ووفقا لهذه المبادرة، تتخذ إسرائيل في المقابل خطوات لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين، خصوصا تجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية.. وهذا ليس جديدا فهو ممارس منذ سنوات، ودولة الإمارات بقيادة محمد بن زايد رائدة في ذلك.
وما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس الجمعة، ينسجم مع ما قالته «وول ستريت جورنال». صحيح أن الجبير، الذي خصص سطرا واحدا، أو سطرين في تصريحاته اول من امس، لهذا الموضوع، إلا انه وبعد اللازمة، أي تأكيد التزام الرياض بتحقيق السلام على أساس المبادرة العربية، وقرارات مجلس الأمن الدولي، واصل في الجملة نفسها، القول «إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يحتاج إلى توجهات غير تقليدية!».. ولم يفصح. وربما تكون المبادرة التي تتحدث عنها «وول ستريت» هي تلك التوجهات غير التقليدية، التي يتحدث عنها الوزير السعودي؟
وربما ايضا تكون حزمة التسهيلات الاقتصادية، التي اعلنت حكومة نتنياهو اعتزام تقديمها للفلسطينيين، عشية زيارة الرئيس ترامب، جزءا من المبادرة السعودية/ الإماراتية. تلك التسهيلات التي تقدمها اسرائيل عادة مجانا بين الحين والاخر.
وتأتي هذه القمم والمبادرة، في وقت يكون فيه ترامب في امس الحاجة لصرف الأنظار عن مسلسل الفضائح الذي يعيشه، واخره فضيحة «روسيا غيت»، على غرار فضيحة «ووترغيت»، التي اسقطت ريتشارد نيكسون في سبعينيات القرن الماضي. ويجري الحديث حول إمكانية عزل ترامب.
وربما تكون هذه المبادرة مكافأة، ولا يمكن تفسيرها بغير ذلك، لرئيس الوزراء الاسرائيلي وحكومته، على تشددهما وعنصريتهما ورفضهما حتى التفاوض مع الفلسطينيين، ناهيك عن التوصل الى «اتفاق سلام» ودعواتهما لضم الضفة التي كان اخرها عريضة وقع عليها 800 من مركز الليكود الحاكم قبل ايام، لسن قانون يجيز ضم المستوطنات التي تغطي مع القواعد العسكرية وشبكات الطرق بينها حوالي60%من اراضي الضفة الغربية، التي تمثل 22% من ارض فلسطين..
واترك للقراء معرفة النسبة المتبقية للفلسطينيين.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
علي الصالح
اخي علي صباح الخير ويوم سعيد
قرأت مقالكم مرات ومرات واصابني نوع من الحزن وقاومت دمعه ابت الا النزول على الحال الذي وصلنا اليه واوصلتنا اليه القياده الفلسطينيه ماذ بعد ؟ وماذا هناك . المصير والمجهول . للاسف الشديد ويؤسفني الحال الذي وصلنا إليه واصلتنا إليه قيادتنا الفلسطينيه .. القادم اسوأ وعلى شعبنا تحمل المسؤليه كامله من اللحظه . غير ذالك الأيام بيننا عندما يصبح كل شيء مباح لن ينفع الندم .
————
إبن النكبه العائد إلى يافا
لاجىء فلسطيني