الناصرة ـ «القدس العربي»: تدلل تصريحات وزيرة القضاء في إسرائيل حول نيتها طرح قانون لفرض السيادة في مناطق (ج) داخل الضفة الغربية المحتلة على أن إسرائيل لا تكترث كثيرا بالضغوط والعقوبات الدولية رغم الاحتلال والاستيطان وعمليات الإعدام في الشوارع وغيرها من الإنتهاكات بحق الفلسطينيين. وأعلنت وزيرة القضاء الإسرائيلية اييلت شكيد موخرا انها تنوي دفع مشروع قانون «المعايير» الذي سيطبق الشروط القانونية السارية داخل الخط الأخضر على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة. ويعني ذلك عمليا، ان تطبيق القانون الإسرائيلي سيضم مناطق (ج) في الضفة الغربية وسيخلق منظومة قوانين مختلفة للمستوطنين والفلسطينيين ـ الذين تسري عليهم القوانين العسكرية، ما يعني أيضا خطوة نحو تبلور نظام فصل عنصري «أبرتهايد». وخلال خطاب ألقته، أمام ما يعرف بـ «المنتدى القانوني لأرض إسرائيل» وعشية طرح المشروع أمام لجنة القانون البرلمانية، قالت شكيد «يجب مساواة الشروط» وفي محاولة لتبرير مخططها التي يؤيدها حزبها «البيت اليهودي» وتحظى بمساندة أوساط في الحزب الحاكم «الليكود» نوهت ان هناك قوانين أساسية لا تسري في الضفة الغربية وانها تهدف لتحقيق مساواة الشروط خلال عام، إما بواسطة أمر يصدر عن قائد المنطقة في جيش الاحتلال أو من خلال المساواة القانونية.
وكان زميلها في الحزب النائب اوريت ستروك والوزير عن «الليكود» ياريف ليفين قد قدما مشروع القانون هذا خلال الحكومة السابقة برئاسة نتنياهو، وطالبا بتطبيق القوانين الإسرائيلية في المستوطنات، رغم معارضة المستشار القانوني السابق للحكومة، يهودا فاينشتاين. وبسبب معارضة فاينشتاين وقتها قرر نتنياهو تجميد المشروع. وينص مشروع القانون على ان كل قانون يسنه الكنيست الإسرائيلي، سيسري على مستوطنات الضفة، بواسطة أمر عسكري يصدره قائد المنطقة. وجاء في مشروع القرار ان مئات آلاف الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية المحتلة يصوتون للكنيست لكن حياتهم لا تدار حسب قوانين الكنيست وانما بواسطة أوامر يصدرها قائد المنطقة الوسطى في الجيش. وحسب ادعائهم فإن الكثير من القوانين الهامة، مثل خدمات الصحة والإنقاذ، وتسهيل وصول المعاقين وجودة البيئة لا تسري في الضفة الغربية. وسيتم حسب شكيد تشكيل لجنة لفحص كل قانون يجري سنه في الكنيست، وتقرر ما إذا يجب فرضه فورا على المستوطنات بواسطة أمر يوقعه قائد المنطقة.
600 ألف مستوطن
وكما هو متوقع يعرب رئيس حزبها «البيت اليهودي» وزير التعليم نفتالي بينيت عن تأييده لمبادرة شكيد زاعما أنها تهدف لمساواة المواطنين عربا ويهودا أمام القانون في مناطق (ج) داخل الضفة الغربية وتصحيح وضع معوج متجاهلا الاحتلال وحظر القانون الدولي لمثل هذه المشاريع. وقال نفتالي في صفحته على فيسبوك إنه لا يرى أي سبب أن يقوم المستشار القضائي للحكومة بإلغاء مشروع القانون المذكور. بيد أن نفتالي محق بقوله أن القانون يطبق اليوم على أرض الواقع فعليا وما ينقص هو الإعلان عنه معللا تأييده لمشروع القانون بالقول إنه يجعل التطبيق مجديا أكثر. وتشكل المناطق المصنفة (ج) 61٪ من مساحة الضفة الغربية، وتضم 130 مستوطنة يعيش فيها نحو 600 ألف مستوطن، بينما يقطن المنطقة نحو سبعين ألف فلسطيني يواجهون سياسة عنصرية منهجية لهدم منازلهم، كما تتعرض تجمعات بدوية بأكملها للطرد والإقتلاع وكل ذلك خلافا للقانون الدولي. هذا القانون ذاته تنتهكه إسرائيل يوميا مما يكشف حقيقة نظرتها وطبيعة حساباتها للمجتمع الدولي ورهاناتها على دور المصالح واللوبيات اليهودية في حمايتها وإبقائها بنتا مدللة في العالم.
حقوق الفلسطينيين
ويأتي اقتراح شكيد بعد عدة محاولات متكررة جرت في السنوات الأخيرة لسن قوانين مختلفة تدفع ضم المناطق. مشروع القانون الذي قدمته مع اوريت ستروك وياريف ليفين خلال دورة الكنيست السابقة، لتطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، والذي عارضه المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين، آنذاك، تم إحباطه في نهاية الأمر، بعد المصادقة عليه في اللجنة الوزارية لشؤون القانون. كما بادر البيت اليهودي في الدورة السابقة للكنيست إلى تطبيق قوانين العمل على الضفة من أجل مساعدة النساء الحوامل في المستوطنات، لكنه تم التراجع عن القانون في حينه بعد ان تبين أنه سيساهم في تحسين حقوق الفلسطينيات أيضا، ويشكل عبئا اقتصاديا على المشغلين في المستوطنات.
حتى الآن إسرائيل لم تمتنع صدفة عن القيام بخطوات كتلك التي تقترحها شكيد. فاليوم يجري تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنين بشكل شخصي بحكم قانون حالة الطوارئ، وبفعل الأوامر التي يوقعها قائد المنطقة العسكري. وهناك اليوم استيراد مميز للقوانين الإسرائيلية لصالح المستوطنين، ومن شأن اقتراح وزيرة القضاء ان يزيد من تعقيد الأمور، بحيث يتسع تطبيق القوانين بشكل منهجي.
في المقابل وعلى الصعيد الداخلي تثير المبادرة جدلا واسعا في إسرائيل وسط تحذيرات من تحول إسرائيل رسميا لنظام فصل عنصري ولتحولها لدولة ثنائية القومية يكون الفلسطينيون فيها أغلبية في برلمانها(الكنيست).
وزيرة الضم
ومن الأصوات المعارضة لمشروع القانون الذي توافق الحكومة عليه صحيفة «هآرتس» التي تغرد كعادتها خارج السرب الصهيوني من منطلقات إسرائيلية طبعا. في إحدى افتتاحياتها الرئيسية تؤكد ان ما يهم شكيد أكثر من سلطة القانون الخاضعة لمسؤولياتها، هم المستوطنون الذين يريدون، بواسطة القانون، ترسيخ عدم المساواة بين المواطنين من الدرجة الأولى والرعايا من الدرجة الرابعة (لأنه يسبقهم في التدريج «عرب إسرائيل» وسكان القدس الشرقية المحرومين من المواطنة).
وضمن تحذيراتها تعتبر «هآرتس» أن من شأن هذا الاقتراح تعميق الأبرتهايد القائم عمليا بين البحر المتوسط ونهر الأردن، حتى في كتاب القوانين الإسرائيلي، وسيسبب لإسرائيل ضررا على الحلبة الدولية: فمثل هذا الاعتراف يمكن اعتباره بمثابة ضم حقيقي للضفة الغربية، يحول التمييز إلى مسألة رسمية، ويثير العالم ضد إسرائيل.
وتدعو الصحيفة لرفض الالتفاف الذي تسعى إليه شكيد، وتشدد على واجب نتنياهو، الذي يصرح المرة تلو الأخرى، بأنه مستعد «للتفاوض بدون شروط مسبقة مع الفلسطينيين»، الحفاظ على مصالح إسرائيل التي تدوسها أقدام أنصار «أرض إسرائيل التبشيرية».
نظام عنصري
في المقابل يلقى المخطط الذي سيبت في الشهور المقبلة معارضة أوساط من الوسط ـ اليسار منها عضو الكنيست يعقوب بيري من حزب «هناك مستقبل» المعارض. ويقول بيري إن مشروع القانون يعني ضم مناطق (ج) في الضفة الغربية من خلال «الباب الخلفي». مؤكدا على أن حزبه لن يؤيد مشروع القانون لأن المصادقة عليه ستثير زوبعة دولية كبيرة بالغنى عنها. ويحذر عضو الكنيست عن «المعسكر الصهيوني» المعارض تسيبي ليفني من أن مشروع القانون يعني إعلان إسرائيل عن نفسها كنظام فصل عنصري. كما يحذر النائب تسيبي ليفني، من ان هذه الخطوة «ستقود إلى دولة ثنائية القومية ذات غالبية فلسطينية في الكنيست». وتقول من شغلت في السابق منصب وزيرة القضاء، انه «قد تكون هذه المسألة بعيدة، ومن المؤكد ان الحكومة لا تريدها، لكن النتيجة النهائية هي انهيار فكرة الدولتين نهائيا، وفرض نظامين قانونيين في دولة واحدة، والتعرض إلى ضغط وضرر دولي ضخم، وفي النهاية إضافة 250 مليون فلسطيني إلى أصحاب حق الاقتراع في الكنيست».
الخطر الإيراني
وتعتبر ليفني في تصريحات للقناة العاشرة ان «خطر البيت اليهودي على الدولة لا يقل عن الخطر الإيراني وهذا ما ألمح له وزير القضاء الأسبق دان مريدور بتأكيده أن القائد العسكري في الضفة الغربية هو مصدر الصلاحية وأنه هو بالتالي من يقرر متى تحال القوانين أم لا». وتعتبر ليفني ان «خطر البيت اليهودي على الدولة لا يقل عن الخطر الإيراني».
ويتابع في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال ملمحا للمساس الناجم عن القانون المقترح بالمصلحة الإسرائيلية «كذلك لابد من السؤال ماذا يسمى مثل هذا النظام الذي تعتمد به قوانين لليهود وقوانين أخرى للعرب؟».
دمج سرطاني
وتصف رئيسة حزب «ميرتس» الصهيوني اليساري النائب زهافا غالؤون المبادرة بأنها «دمج سرطاني بين الضم والأبرتهايد». وتؤكد في بيان رسمي ان «الحكومة تواصل اشعال النار وسكب الزيت على نار علاقاتنا مع العالم. هذه خطوة ستحول إسرائيل إلى دولة منبوذة في المجتمع الدولي وستبعد فرص التوصل إلى اتفاق سياسي».
ويحذر عضو الكنيست مسعود غنايم (القائمة المشتركة) من ان «الضم الزاحف هو تطبيق لأيديولوجية الهلوسة التي يقودها حزب وحكومة تهدد وجود الشعبين في هذه البلاد. وفي رده على سؤال «القدس العربي» يعتبر غنايم ان «مثل هذه الأفكار تقود الشعبين نحو واقع صعب لا يهدد حياة الفلسطينيين فقط وانما أيضا الإسرائيليين، ويبعد حل الدولتين مسافة سنوات ضوئية».
وردا على سؤال آخر قال غنايم إن هناك صراعا داخل الائتلاف الحكومي على قيادة معسكر اليمين داخل إسرائيل.
وأضاف أن «اليمين المتطرف يحاول ليّ ذراع رئيس الوزراء ودفعه لضم متدرج للضفة الغربية، لكن نتنياهو يخشى الخطوة التي قد تزيد من عزلة إسرائيل».
وبخلاف بقية الأحزاب المشاركة في الحكم أوضح حزب «كلنا» الذي يترأسه وزير المالية موشيه كحلون، ان «قانون المعايير» لا يحظى بفرص لتمريره مكتفيا بالقول: «نحن لا ننشغل بقوانين لن تمر».
لكن شكيد لم تتراجع أمام الانتقادات والتحذيرات فقالت في بيانها «أريد البحث عن طريقة منظمة تضمن ترجمة كل قانون يسنه الكنيست بواسطة أمر يوقعه قائد المنطقة الوسطى، وبالتالي تطبيق القانون بشكل منظم على سكان المستوطنات. حتى الآن كان يتم تطبيق القوانين بواسطة أمر عسكري، بشكل موضعي وبدون منهج». وكشفت انها أوعزت لقسم الاستشارة القانونية في وزارتها، بتصنيف القوانين الهامة التي يمكن تطبيقها على سكان المستوطنات بواسطة أمر صادر عن القائد العسكري.
صراع في الإئتلاف الحاكم
بالتوازي قدم النائب دافيد إمسالم، من حزب «الليكود» ورئيس لجنة الداخلية في الكنيست، إلى مشروع قانون، يقضي بفرض ما يسمى «السيادة الإسرائيلية» على مستوطنات الضفة الغربية المحتلة. ويعد هذا القانون ضمن سلسلة من القوانين التي يسعى لها اليمين المتطرف طرحها في السنوات الأخيرة، بعدة أشكال، من أجل الوصول إلى الغرض ذاته. ففي الولاية البرلمانية الحالية قدم النائب موطي يوغيف من كتلة «البيت اليهودي» وفي اليوم الأول للكنيست بعد الانتخابات، عشرة قوانين، كل واحد منها يتعلق بمنطقة معينة في الضفة المحتلة، لغرض فرض ما يسمى «السيادة الإسرائيلية عليها». ولاحقا قدم نواب من اليمين، مشروع قانون يقضي بفرض قوانين التنظيم والبناء على الضفة المحتلة. وفي ولايات برلمانية سابقة، كانت محاولة لفرض قوانين العمل على الضفة المحتلة.
ويبدو ان هذه محاولة لليمين المتطرف لفرض ما يسمى بـ «السيادة الإسرائيلية» فقط على المستوطنات، من أجل تسجيل سابقة، تكون مقدمة لضم الضفة كلها.
احتمالات القانون
لا يوجد أي احتمال كبير لهذا القانون، كي يمر نظرا لموازين القوى القائمة في الكنيست. كما أن نتنياهو يخشى أن يتسبب مثل هذا القانون منسوب النقد بالعالم لدرجة تهديد حكمه.
يشار إلى أن هذا القانون قد يحظى بتأييد الغالبية الساحقة من نواب كتلة «الليكود» إن لم يكن كلهم جميعا، وهذا دلالة على الرأي السياسي السائد في الحزب، الذي أحد نوابه يقود اللوبي من أجل أرض إسرائيل الكاملة.
موقف السلطة الفلسطينية
لكن الجانب الفلسطيني لا يعتبرها مجرد مناورة لكسب نقاط وصراعا داخليا فقال مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن مجرد التفكير في هذا المشروع «يعني أن إسرائيل ترفض حل الدولتين، وترفض قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة ولا تعتبر نفسها سلطة احتلال». وأضاف أن على «الدول الأوروبية التي لم تعترف بدولة فلسطين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، أن تقوم بهذا الاعتراف بشكل فوري وأن يتم دعم المبادرة الفرنسية».
كما تؤكد وزارة الخارجية الفلسطينية إن الحكومة الإسرائيلية تهدف منذ زمن بعيد إلى تهيئة المناخ لفرض حقائق جديدة على الأرض. وتعتبر الوزارة دعوات شكيد «بالونات اختبار للمجتمع الدولي وردود أفعاله تجاه القرار الإسرائيلي» مطالبة المجتمع الدولي بالتعامل في منتهى الجدية مع مخاطر تلك الدعوات.
قانون المعايير
تسعى مجموعة كبيرة من أعضاء الكنيست اليمينيين إلى سن قانون، يطلقون عليه اسم «قانون المعايير» يهدف إلى فرض كافة القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، وذلك بشكل مخالف للقانون والمعاهدات الدولية المتعلقة بالمناطق الواقعة تحت الاحتلال، ويدعي أعضاء الكنيست هؤلاء أن «قانون المعايير» سيسري على المستوطنات والمستوطنين.
ويعني فرض قوانين إسرائيلية على الضفة الغربية ضم الضفة أو أجزاء منها إلى إسرائيل، مثلما هو حاصل في القدس الشرقية ومرتفعات الجولان، حيث فرضت إسرائيل قوانينها على هاتين المنطقتين المحتلتين وأعلنت ضمهما إليها، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بذلك كونه يتنافى مع القانون والمعاهدات الدولية.
وبادر إلى طرح «قانون المعايير» ما يسمى بـ«اللوبي من أجل أرض إسرائيل» برئاسة عضو الكنيست ياريف ليفين، من حزب الليكود، وعضو الكنيست أوريت ستروك، من حزب «البيت اليهودي» والمستوطنة في البؤرة الاستيطانية في قلب مدينة الخليل. ووقع على مشروع القانون أعضاء كنيست آخرون من أحزاب الليكود و«يسرائيل بيتين» و«البيت اليهودي» وشاس.
وديع عواودة
هل تمهد إسرائيل لبسط سيادتها على الضفة الغربية؟؟؟؟ سؤال بالفعل في غير محله عزيزي الكاتب … وهل يوجد شيء في الضفة الغربية الآن لا يخضع لا أقول السيادة بل للجبروت والاحتلال الصهيوني شجر أو حجر أو بشر. عباس وجماعته الذين لا يجردون عن سواعدهم إلا على أبناء شعبهم لا يستطيعوا الحركة بدون موافقة الاحتلال…ما لكم كيف تحكمون؟؟