هل تنزلق الأزمة المتصاعدة بين تركيا واليونان إلى مواجهة عسكرية؟

حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تتصاعد بشكل متسارع الأزمة التي اندلعت قبل أيام بين تركيا واليونان على خلفية رفض الأخيرة تسليم أنقرة 8 ضباط انقلابيين لا سيما مع التصريحات «النارية» للمسؤولين الأتراك والتهديدات الدبلوماسية المتلاحقة من قبلهم وصولاً للاحتكاك العسكري الذي كاد أن يحصل، الأحد، بين جيشي البلدين.
الأزمة بدأت نهاية الأسبوع الماضي عندما أصدرت محكمة يونانية قرارا نهائيا بعدم إعادة 8 ضباط فروا إلى الأراضي اليونانية إبان محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو/ تموز الماضي بحجة عدم ضمان نزاهة القضاء التركي، في خطوة أثارت غضب أنقرة التي وصفت القرار بـ«السياسي»، ووعدت بـ«تقييم شامل للعلاقات مع اليونان»، قبل أن تصدر مذكرة اعتقال دولية بحق الموقوفين الثمانية في اليونان وطالبت الإنتربول الدولي بجلبهم.
وعلى الفور هدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنسف اتفاق إعادة قبول اللاجئين الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيث تعتبر اليونان أكثر الدول المستفيدة من الاتفاق الذي منع وصول مئات آلاف اللاجئين الجدد إلى أراضيها، وقال الوزير: «سنتخذ كل الاجراءات اللازمة، من ضمنها الغاء هذا الاتفاق»، ما يعني توقف أنقرة عن استقبال اللاجئين الذين تعيدهم اليونان وهو الجزئية الأكثر ردعاً للاجئين في الاتفاق وإلغائها يعني عودة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين لأراضيها.
وقال جاويش أوغلو: «شئنا أم أبينا فان هذا القرار يؤثر على علاقاتنا وعلينا أن نقيم الإجراءات الواجب اتخاذها»، مضيفا «لا يمكننا أن نتعاطى بايجابية مع بلد يحمي إرهابيين وخونة وانقلابيين. على اليونان أن تكون مدركة لهذا الأمر»، في حين طالب وزير الدفاع التركي فكري إشيك اليونان بـ«العدول عن القرار الخاطئ وغير العادل بشكل عاجل، وإعادة الانقلابيين إلى تركيا»، متهماً أثينا بدهم تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي.
واعتبر وزير العدل التركي أن «قرار اليونان ألحق أضرارا كبيرة يصعب إصلاحها للغاية وتتطلب وقتا طويلا في العلاقات الثنائية بين البلدين. في حين شدد رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسبيراس على أنّ بلاده نددت واستنكرت محاولة الانقلاب منذ اللحظة الأولى، ولكن «مسألة إعادة العسكريين الفارين إلى اليونان، أمر قضائي بحت ولا يمكن للحكومة التدخل في شؤون وقرارات هذا الجهاز».
لكن وفي تطور مفاجئ، قام رئيس الأركان التركي خلوصي أقار، وقادة قواته البرية والجوية والبحرية، الأحد، بما سمته تركيا «جولة تفقدية للسفن الحربية التابعة لأسطول بلاده بقاعدة «أقسار» في بحر إيجه»، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام اليونانية بـ«الاستفزازية» واعتبرتها وسائل إعلام تركية «استعراضا للقوة العسكرية» ضد اليونان.
وخلال لحظات كادت أن تتطور الزيارة إلى مواجهة مسلحة بين قوات حرس الحدود اليوناني والتركي، حيث جرت مواجهة محدودة بين بوارج حربية من الطرفين بعد أن اتهمت اليونان بارجة تركية قاذفة للصواريخ وزوارق حربية بانتهاك مياهها الإقليمية قرب حزيرة ايميا التي تسيطر عليها اليونان وتطالب أنقرة بالسيادة عليها حيث جرى استعراض للقوة من قبل القوتين من مسافة قريبة جداً وانتهى بتراجع السفن التركية.
وقالت رئاسة أركان الجيش إن أكار ومرافقيه استقلوا بعد ذلك زورقين هجوميين و«تفقدوا منطقة جزيرة قارداق الصخرية التركية في بحر إيجة والواقعة بالقرب من جزر يونانية». وفي لهجة حادة قال أكار إن «القوات المسلحة التركية مستمرة في حماية حقوق ومصالح تركيا وشعبها برا وبحرا وجوا»، وشدد على أن «القوات المسلحة التركية قوة مؤثرة ورادعة في المنطقة».
وتقع جزيرة إيميا المعروفة باللغة التركية باسم كارداك على بعد سبعة كيلومترات فقط من الساحل التركي وتتنازع اليونان وتركيا ـ وكلاهما عضو في حلف شمال الأطلسي ـ السيادة على هذه الجزر، وكادت الأمور تصل بين البلدين عام 1996 إلى حد اندلاع حرب لولا ضغط هائل من الإدارة الأمريكية وذلك بعدما أسقطت تركيا مروحية يونانية وقتلت 3 ضباط كانوا على متنها فوق الجزيرة. وقبل عامين كادت أن تتجدد المواجهات العسكرية بين البلدين حول الجزر مع تحليق طائرات يونانية وملاحقتها من قبل طائرات حربية تركية فوق الجزر، كل ذلك في إطار خلافات واسعة بين البلدين حول السيادة على بحر ايجه والمجال البحري والجوي والسيادة واستخدام الموارد في جزيرة قبرص التي يتقاسم حلفاء البلدين السيطرة عليها.
كما أن العديد من الصحف اليونانية الصادر الاثنين حذرت من مخاطر الزيارة التي قام بها رئيس أركان الجيش التركي معتبرة أن الأتراك يحاولون استفزاز أثينا وأن هذه الخطوات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد عسكري غير محسوب العواقب على البلدين.
وقبل أيام فشلت أحدث جولة مباحثات برعاية دولية وأممية بين ممثلي شقي قبرص اليونانية والتركية في التوصل إلى اتفاق للحل النهائي يقضي بتوحيد الجزيرة.

هل تنزلق الأزمة المتصاعدة بين تركيا واليونان إلى مواجهة عسكرية؟

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية