إسطنبول ـ «القدس العربي»: رغم أن هجوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتصاعد خلال الأيام الأخيرة على أوروبا غير جديد، إلا أنه دخل مرحلة غير مسبوقة ربما تؤشر إلى استراتيجية تركية جديدة في إدارة الأزمة مع الاتحاد الأوروبي تعتمد على الهجوم والتهديد بتدمير الجسور الأخيرة بين الطرفين.
هذه الجسور التي ظلت طوال السنوات الماضية أشبه بـ«شعرة معاوية» بين تركيا والاتحاد، تمكنت من ضبط الأزمات المتلاحقة بين الجانبين ومنعها في كل مرة من الوصول إلى نقطة «اللارجعة»، لكن الأزمة الحالية تحمل مؤشرات على إمكانية لجوء أنقرة إلى البدء بتدميرها مهما كلفها الأمر.
الورقة الأبرز في العلاقة بين الجانبين طوال العقود الماضية كانت محاولة تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وبعد قرابة 30 عاماً من المحاولة والمفاوضات وصلت شعبياً ورسمياً إلى مرحلة اليأس شبه التام والقناعة بأن الاتحاد لن يمنحها العضوية مهما قدمت من تنازلات على كافة الصعد.
وعقب ذلك خفضت تركيا آمالها وحصرتها في محاولة الحصول على قرار أوروبي برفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك وهو ما تم الاتفاق عليه في معاهدة إعادة قبول اللاجئين الموقعة بين الجانبين، لكن هذه المحاولة فشلت أيضاً مع إصرار الاتحاد على تنفيذ تركيا لقائمة طويلة من الشروط رفضتها الأخيرة واعتبرتها تراجعا عن الاستحقاقات التي يتضمنها اتفاق اللاجئين.
وبذلك يرى مراقبون أن تركيا فقدت كل آمالها تماماً في الحصول على أي مميزات أوروبية في هذا الإطار، وباتت تؤمن أنها تقدم «خدمات مجانية» في إطار اتفاق اللاجئين، وأن إمكانية نسف الاتفاق بات أقرب من أي وقت مضى، الأمر الذي أكده عمر فاروق كوركماز مستشار رئيس الوزراء التركي في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي».
كما أن وزير الداخلية التركي هدد الجمعة بأن بلاده يمكن أن ترسل 15 ألف مهاجر شهريا إلى أوروبا، وقال: «إذا أردتم بوسعنا أن نفتح الطريق أمام 15 ألف لاجئ كل شهر»، مضيفاً: «علينا أن نذكركم بأنه ليس بإمكانكم ممارسة الألاعيب في المنطقة وأن تتجاهلوا تركيا».
وحسب كُتاب أتراك، فإن تركيا لا تخشى توقف المساعدات الأوروبية المقدمة ضمن الاتفاق للاجئين السوريين فإما أن يواصل الاتحاد تقديمها لإقناع اللاجئين بوجود مقومات للاستمرار في الحياة بتركيا وإما يوقفها وبالتالي يحثهم على الهجرة بشكل أوسع إلى دول الاتحاد وهو بالطبع ما لا تريده أوروبا.
كما أن عقوبة الإعدام التي ألغتها تركيا تلبية لشروط الاتحاد الأوروبي يبدي أردوغان إصراراً كبيراً على إعادة العمل بها خلال الفترة المقبلة لتطبيقها في المحاكمات الجارية لقادة محاولة الانقلاب الأخيرة في البلاد، حيث أكد الرئيس في خطاب له، السبت، أنه يتوقع أن يُعيد البرلمان العمل بعقوبة الإعدام عقب الاستفتاء حول التعديلات الدستورية منتصف الشهر المقبل.
وقال أردوغان: «عائلات الشهداء، عائلات أبطالنا يجب ألا تشعر بالقلق. اعتقد أن البرلمان سيفعل اللازم إن شاء الله بشأن مطلبنا حول عقوبة الإعدام بعد 16 نيسان/ابريل». وشدد على أنه «سيوقع النص بلا تردد»، وذلك على الرغم من أن أوروبا هددت بالسابق بأن هذا القرار سيؤدي إلى إنهاء آمال تركيا بالانضمام إلى الاتحاد.
وعلى الصعيد الإستراتيجي، اتخذت تركيا خطوة غير مسبوقة بتأكيدها قرب الاتفاق مع روسيا على شراء منظومة الدفاع الصاروخي «S400» وهو ما يتعارض مع مبادئ حلف شمال الأطلسي «الناتو» التي تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش فيه وتتهمه بـ«المماطلة» في تزويدها بمنظومة «باتريوت» التابعة له وتركها تواجه التهديدات الأمنية لوحدها.
وفي إشارة قوية للبعد الديموغرافي الذي يحكم العلاقة بين تركيا وأوروبا، دعا أردوغان الأتراك المقيمين في أوروبا إلى إنجاب خمسة أطفال، وقال: «أخاطب إخواني الأتراك في أوروبا، الأماكن التي تعيشون فيها الآن هي وطنكم الجديد تمسكوا بها جيداً، وافتحوا أماكن أكثر للعمل، واسكنوا في أفخم الأحياء وأجمل المنازل. وأنجبوا خمسة أطفال على الأقل لا ثلاثة فقط».
ورأت وسائل إعلام تركية أن دعوة أردوغان أقرب إلى التهديدات بالسلاح الديموغرافي بعيد المدى لا سيما وأن قرابة 5 مليون تركي يعيشون في أوروبا. كما أن شريحة واسعة من الأتراك تعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية لرفض أوروبا انضمام بلادهم إليها هو عدد سكانها الـ80 مليون أغلبيتهم الساحقة من المسلمين، وهو أيضاً ما اعتبره أوروبيون تهديدا حقيقيا لـ«أوروبا المسيحية».
وبعد اتهاماته الحادة وغير المسبوقة للعديد من الدول الأوروبية وإطلاقه عليها أوصاف «النازية والفاشية والعنصرية»، اتهم أردوغان قبل أيام القضاء الأوروبي بإطلاق «حملة صليبية» ضد الإسلام، وذلك عقب قرار المحكمة الأوروبية الذي يتيح لأماكن العمل منع الرموز الدينية وخاصة الحجاب الإسلامي. وبينما تحذر تركيا من تنامي العداء للمسلمين في أوروبا، قال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو: «بدأتم تفكيك أوروبا والسير بها نحو الهاوية. حروب بين الأديان ستندلع قريبا في أوروبا». لكن في مقابل نقاط القوة التي تمتلكها تركيا في الملفات السابقة، يبقى الاقتصاد أبرز نقاط القوة التي تمتلكها أوروبا، فالاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على دول الاتحاد من حيث الاستثمار والتبادل التجاري، وهي أبرز النقاط التي يمكن أن تدفع أردوغان إلى التفكير مرتين قبل تحطيم ما تبقى من جسور مع أوروبا التي لن تكون معنية أبداً بخسارة تركيا بشكل نهائي.
هذا الأمر تحدثت عنه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشكل واضح قبل أيام عندما أكدت ضرورة أن تتجنب ألمانيا ابتعاد تركيا أكثر عنها، موضحةً أن «هذا الوضع الصعب لا يمكن أن يكون من مصلحتنا الجيوسياسية في مجال السياسة الخارجية والأمنية، أن نترك تركيا الشريكة في حلف شمال الأطلسي، تبتعد أكثر».
إسماعيل جمال
هذا التقريررائع وجريء ودقيق ؛ ولكاتبه التصفيق.وبعيداً عن العواطف الشرقيّة ؛ تركيا وصلت إلى مرحلة النضج في إدارة الصراع مع أوربا…وفتحت بوابات بديلة مع الشرق القريب والبعيد…ويبدوأنّ هناك اتفاقاً مع القيادة الروسية بهذا الشأن لتطويق أوربا من الشرق والجنوب…وعبرالمضايق البحرية ( مؤشرات ذلك من خلال الموافقة الروسية على بيع منظومة صواريخ S400؛ والتعاون المخابراتي والاقتصادي الكبيربينهما…).إنّ سلاح الاقتصاد مع الاتحاد الأوربيّ له بدائل ؛ فبعد فشل المحاولة الانقلابية ضد أردوغان ليس هناك ما يخشاه.فهويعرف جيداً أنّ الغرب الأوربيّ الأمريكيّ كان داعماً للانقلابيين بالنوايا أوبالحوايا والهوى.لذا الصراع مقبل فعلاً نحوالتفاقم الظاهروالباطن.وبالمقابل الرئيس التركيّ وجدها فرصة لتأكيد قيادته كمنقذ لتركيا من التحديّات ؛ فهويعرف أنّ صناعة البطل ضرورة له بعد الانتقال إلى النظام الرئاسي وذلك ليحلّ تدريجياً بدل كمال أتاتورك.هويتبع طريقة ماو في الصين حينما وجد أنّ صناعة البديل التاريخي البطولي لن ينفع بوجود الكونفوشية كفلسفة مسيطرة…فوجدها ببطولة قصّة ( حافات المياه أو: ليانغ شان يو) التاريخية…فكانت البديل للفلاحين عما أعتادوا عليه من تراث مضاد لثورة وقيادة ماوالجديدة ؛ وعمقها التاريخي والفلسفي الحاكم.والتذكيربعقوبة الإعدام ليس فقط للمتآمرين بل هويريد أنّ ( يعدم ) الصلة بالاتحاد الأوربيّ ؛ الذي ضحك على تركيا طوال أكثرمن ربع قرن من الوعود والتنازلات القسرية ؛ من دون مقابل عملي لما تريده تركيا من طموح أعمق نحوأوربا.ولونظرنا إلى روسيا هي الأخرى تشبه تركيا ؛ فهي تمتد بين آسيا وأوربا والفاصل بينهما تلال الأورال…وبوتين ( بعد القرم ) أدرك من خلال التجربة التركية مع الاتحاد أنّ أوربا لا تريده في داخلها كذلك..من هنا تلاقي المصالح والسياسات والتوجهات المشتركة.إنّ تركيا بعد النظام الرئاسي ستكون ( شرقيّة ) كاليابان.وفي تقديري أنّ أوربا ستندّم على ذلك بعد فوات الأوان ؛ وتصريح ميركل جرس إنذار؛ وهي مصيبة في تقديراتها وتحذيراتها من عدم ترك تركياً تبتعد أكثر.. فالمثل الصيني يقول ( لا تحتقرالأفعى ؛ لأنها من دون قرون ؛ قد يأتي اليوم الذي تتحول فيه إلى تنين ).تقديري للكاتب مرّة أخرى.
الرئيس التركي يتبع سياسة المناطحة بينما تنفذ اوروبا سياستها بخبث وذكاء وبطريقة هوجاء أيضا من بعض سياسييها
هو ينسى بأنه يعيش في زمن غير زمن الدولة العثمانية
زمن له طرقه في السياسة والخطابة
لا أعرف ما تريده أوروبا بالتحديد لكنها ستخسر بلا شك من استعداء تركيا
لكن ما أعرفه أن العالم في طريقه لمواجهة شاملة لا تبقي ولا تذر ويؤججون نارها كل يوم
حرب سنكون نحن وقودها كالعادة ولن يستفيد منها الا مشعلوها !
بوادر تحركات تاريخية تهدم أسس العلاقة بين اوروبا والدولة التركية
منذ اكثر من قرنيين من الزمن اجتمع زعماء اوروبا لبحث ماذا يفعلون مع رجل اوروبا المريض ( الدولة العثمانية ) خوفا من سيطرة روسيا على الجزء الاوربى منها وخاصة ممرات الدردانيل والبوسفور
وانتهى الامر على مساعدة تركيا على وقف الزحف الروسى
وأصبحت تركيا بمرور الزمن فى حليف مع الغرب تارة مع ألمانيا فى الحرب العالمية الاولى او مع الغرب عموما بعد ذالك
والان تغير ميزان التحالفات
تركيا بزعامة اردوغان تريد ان تلعب على كل الحبال الروسى والاوربى
هل ينجح اردوغان فى ذالك
ما هو المكسب والخسارة مع كل جانب الروسى والاوربى
روسيا تحلم منذ قرون بالسيطرة على مواقع فى تركيا تحتاجها لفرض شروط على الغرب فى اى أزمات عالمية تحدث مستقبلا
الغرب لا يريد ان يخسر تركيا ويتركها لروسيا ولكن فى نفس الوقت لا يحبذ تحول تركيا من دولة علمانية الى دولة غير علمانية وخاصة مع تزايد التطرّف والارهاب فى العالم الإسلامى
اما تركيا فهى الخاسر فى الحالتين
تحالف صريح مع روسيا يفقدها أسواق واستثمارات تحتاجها لمواصلة تقدمها الإقتصادى الذى يشهد تدهور حاد حاليا وهذا يعطى فرصة لروسيا لتحقيق الحلم التاريخي بالسيطرة على تركيا وممراتها إلهامه
تحالف مع الغرب سوف يجعل تركيا اردوغان نمر من ورق ويفقد اردوغان أوراق اللعب من انه الزعيم الذى أرغم الغرب على الاعتراف ان تركيا هى قوة كبرى وزعيمة العالم الإسلامى
العالم حاليا محتاج الى زعيم تاريخي مثل ميترنيخ رجل السياسة الألمانى ذو الأصول النمساوية الذى وضع الأسس التى حافظت على التوازنات فى القارة الأوربية بين روسيا واوربا والخاصة بتركيا
رأي متميز وعميق الرؤية فعلا يا دكتور جمال البدري ومتفق معه كذلك ..
ستبقى العلاقات تتعرض لضغوط حتى موعد الاستفتاء – العلاقات بين الطرفين استراتجية وعميقة خصوصا اقتصاديا و لابديل عنها مهما قيل !!