هل ذهب وليد المعلم إلى الجزائر لاستيراد لحى اصطناعية؟

حذرنا منذ بداية الثورة قبل خمس سنوات من أن النظام السوري يحاول استنساخ التجربة الجزائرية بالقضاء على الثورة من خلال الاستعانة بجماعات إرهابية كي يقنع الداخل والخارج بأنه لا يواجه ثورة شعبية، بل حركات إرهابية. لقد نجح جنرالات الجزائر في هذه اللعبة القذرة بمباركة دولية.
ونظام الأسد أحرز بدوره تقدماً واضحاً على طريق استنساخ اللعبة الجزائرية أيضاً بمباركة دولية. وزيارة وليد المعلم إلى الجزائر قبل أيام قليلة تأتي في هذا السياق، خاصة وأن الجنرالات يساعدون الأسد ضد الثورة السورية منذ البداية، تماماً كما ساعدهم حافظ الاسد في التسعينات للقضاء على ثورة الشعب الجزائري.
ويذهب البعض أبعد من ذلك حين يعتبر داعش السورية نسخة طبق الأصل عن «الجيا» الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر التي صنعتها أجهزة الأمن، وتركتها تعيث قتلاً وتفجيراً في أنحاء البلاد لتشويه الثورة الشعبية والحركة الإسلامية المعارضة في الجزائر آنذاك. ومن الواضح أن نظام المخابرات السوري يطبق حرفياً الوصفة المخابراتية الجزائرية بإطلاق العنان للجماعات الإسلامية المصنوعة في أقبية المخابرات كي يقضي على ثورة الشعب السوري وتصويرها على أنها حركة إرهابية، وذلك بمباركة دولية لا تخطئها عين، بدليل أن أمريكا وروسيا باركتا طرد النظام لداعش من مدينة تدمر قبل أيام، مع العلم أن موسكو وواشنطن تعلمان علم اليقين، أن ما حدث في تدمر لم يكن معركة، بل عملية استلام وتسليم بين جيش النظام وداعش. ولا شك أن اللعبة نجحت، بحيث بات الداخل والخارج يصدق كذبة الإرهاب المخابراتي في سوريا دون أن يعلم أنها صناعة أمنية بامتياز.
لهذا بات البعض يخشى، على ضوء المبادرات الدولية والروسية تحديداً، أن تنتهي الثورة السورية على الطريقة الجزائرية البائسة، وأن يعود جنرالات الأمن والجيش إلى تشديد قبضتهم على البلاد والعباد عبر مصالحات زائفة وقوانين الوئام الوطني الكاذبة المفصلة على مقاس القتلة والمجرمين الذين عاثوا في البلاد خراباً وتدميراً وقتلاً.
قارنوا بين التجربة الجزائرية والتجربة السورية على صعيد الإرهاب المخابراتي، فقد ظهرت في الجزائر وقتها جماعات متطرفة مجهولة المنشأ، شعارها محاربة النظام وتشويه سمعة المعارضة. بالمقابل، برزت على الساحة السورية أيضاً جماعات لم يعرف أحد من أين جاءت. والغريب أن كل تلك الجماعات جاءت باسم الدين وشعارها «الله أكبر». ويعتقد الكثيرون أنها صنيعة أمنية في كلا الحالتين، ولكم القياس. ثم تلا ذلك البدء في حملات التصفية الجماعية لكل من كانت له علاقة من قريب أو من بعيد بالمعارضة الأصلية.
لاحظوا أن العالم في ذلك الوقت تحرك، لكن ليس لإنصاف الشعب الجزائري المسكين، بل لإنهاء الصراع لصالح الجنرالات والحفاظ على النظام، والآن العالم يعيد الكرة في سوريا، حيث تناسى ما حل بالسوريين من كوارث، وأصبح همه الوحيد الحفاظ على الحكم في دمشق من خلال مصالحات مفروضة على الشعب فرضاً بعد أن ذاق الأمرّين على مدى سنوات من التشرد والجوع والمرض والدمار.
وكما دخل الشعب الجزائري وقتها في حالة من الضياع والتيه والحسرة، وكان يتمنى الرجوع إلى نقطة البداية والرضا بالواقع، فإن الكثير من السوريين بات يحن إلى أيام الطغيان الخوالي، ويريد سلته بلا عنب. وعلى ضوء ذلك توقعنا الأحداث التالية في سوريا بناء على النموذج الجزائري. أولاً: الدعوة إلى الحوار بين أطراف النزاع برعاية أصحاب المصالح الدوليين، وهذا ما يحدث الآن حرفياً عن طريق المفاوضات بين النظام والمعارضة. ثانياً: الدعوة إلى الوئام المدني ووقف إطلاق النار واعتبار الوضع حرباً أهلية، وبالتالي لا أحد سيُحاسب لاحقاً. ثالثاً: الدعوة إلى مصالحة وطنية، وذلك يعني عفا الله عما سلف، وينجو الجميع بفعلته والذين ماتوا، والمجرمون حسابهم عند ربهم ولا عقاب، ولا متابعة، ولا هم يحزنون في الدنيا. رابعاً: بقاء النظام في الحكم، ويتم استبدال الرئيس بشخصية جديدة، لكنه في الواقع تطور يخدم النظام ويدعم قوته، ويعطيه شرعية جديدة لم يكن يحلم بها قبل الثورة. خامساً: عندما ترضى المعارضة بالمصالحة فاقرأ السلام عليها، لأن النظام سيعمل على تلميع صورته وتشويه سمعة الطرف الآخر، ويستحيل بعدها القيام بثورة ديمقراطية في البلد. سادساً: العودة إلى نقطة الصفر، والجميع سيسكت خوفاً من تكرار الأحداث من جديد، وكلما ظهرت بوادر انتفاضة قام النظام بتفجير هنا وآخر هناك، فيهدأ الجميع.
ولمن ما زال لديه أمل في الحرية، فإن النظام الذي قتل مليون سوري لا يقيم لك أي وزن ولا أهمية لوجودك، فيما لو تمكن ثانية. لاحظ كيف صمت الشعب الجزائري بعد تلك التجربة المريرة، وانظر إلى أين وصل وضعه الآن. رئيس مشلول، وفساد ليس له مثيل، ومجرمون يمارسون الموبقات على رؤوس الأشهاد، ولا أحد يجرؤ على الكلام، فالجميع خائف. والسوريون سيكونون في وضع مشابه. وكل من يعترض سيتم اتهامه بالإرهاب، على اعتبار أن النظام أعاد السلام للبلاد بالقضاء على الإرهابيين الذين وظفهم نظاما الجزائر وسوريا لخدمة المخطط الشرير للقضاء على الثورة.
هل تعلم ان جنرالات الجزائر كانوا في تسعينات القرن الماضي يستوردون من الصين حاويات مليئة بألوف اللحى الإسلامية كي يلبسها عناصر الأمن ليظهروا بمظهر الإرهابيين؟ والهدف من ذلك، كما أسلفنا، كان إفشال ثورة الشعب الجزائري آنذاك ضد حكم العسكر وشيطنتها. يبدو أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي زار الجزائر قبل أيام كان من بين أهدافه التعاقد مع الجنرالات هناك على حاويات لحى إسلامية جديدة بعد نفاد الكمية في سوريا.

٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Moussalim Ali:

    .
    – العالم مسرح لتصادم الحضارات والأهداف المادية والروحية .
    .
    – أغلب أطر الأجهزة الأمنية والعسكرية العربية تكونت في دول غربية إما ملحدة على طول الخط في وروبا الشرقية ، أو غير ملحدة لكن لا ترى بعين الرضى الدين الإسلامي ، لا وبل تتهافت على استنزاف الثروات الطبيعية الوطنية العربية .
    .
    – جبهة الإنقاذ الإسلامي الجزائرية المعروفة فرنسيا ب F . I . S . هي مع الأسف من صنع المخابرات الفرنسية نفسها ، من رواء ذلك فرنسا استهدفت الخيرات الجزائرية ، وتحاول حماية مصالحها بحماية البعد الإستراتيجي الأوروربي ، خوفا من انتشار التأثير الأمريكي الروسي الصيني في المنطقة .
    .
    – فلن ننسى أن اللرئيس الفرنسي دوغول قام ( 1952 ) بزيارة للصحراء الجزائرية للإشراف على تجربة تفجير قنبلة نووية فرنسية .
    .
    – صدام عسكر وبوليس العرب ( أي سلطة رأساء غير منتخبين إلا بفضل العسكر والبوليس ) ، صدامهم مع الدين الإسلامي سيستمر إلى ما لا نهاية .
    .

    1. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

      جبهة الإنقاذ ليست صنيعة المخابرات الفرنسية ، بل الجنرالات

  2. يقول السعيد بن أحمد / الجزائر:

    يادكتور فيصل القاسم المحترم ، تحليلك لزيارة وليد المعلم إلى الجزائر وما ذكرته عن اللحى المصطنعة جاء متأخراً ومجانباً لتطور ظهور ما يسمى داعش ، لأن داعش التي شبهتها بالجيا ، موجودة في العراق وسوريا قبل هذه الزيارة ..
    زيارة وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم إلى الجزائر جاءت لتهيئة الظروف لإستقبال الريئس السوري الأسد وعائلته للإقامة في الجزائر ويبدو أنه هو الحل الذي تم التفاهم عليه بين روسيا والولايات المتحدة كمرحلة لحل الأزمة السورية . وإذا كان في ذلك مصلحة للشعب السوري فأكيد أن الجزائر ستستقبله للإقامة وتخلص الشعب السوري منه ، علماً أن معظم الشعب الجزائري يؤيد الشعب السوري في مطالبه ، وهو مستعد لتحمل تبعات إقامة أركان النظام السوري في بلاده من أجل وعودة الأمن والآمان والإستقرار إلى سوريا.

  3. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

    – الجهاد انطلق من سوريا ، ولن يتوقف
    – لن يستطيع الغرب ولا خونة الفرس و العرب وقف المدّ الإسلامي
    – كل من يقف ضدّ ثورات الشعوب ومطالبها العادلة هو خائن
    – جنرالات العرب كلهم في سلة واحدة ، طغاة قتلة
    – والشام لن تكون كالجزائر ، الشام مقبرة اللئام

  4. يقول خالد قيروان:

    ماذا تنتضرون من دولة تنكل الويل لشعبها دولة همها محاربة الدول الدمقراطية ملاحظة بسيطة أدلكم من هي الجزائرية انضروا من هم أصدقاؤها وحلفاءها ،كوريا الشمالية ، فيتنام ، الصين ايران سوريا روسيا كوبا وووو انهم حلفاء الشر واخرهم القاعدة في المغرب الاسلامي بقيادة مختار المختار .

  5. يقول Ahmed HANAFI اسبانيا:

    مع كل هذه الشهادات وغيرها كثير مما يندى له الجبين ولا يرقى له الشك، يأبى حكام الجزاءر الا أن يرفعوا صوتهم في المحافل الدولية للتغني ب “حق الشعوب في تقرير مصيرها”. ومرد ذلك ان من لا يخجل، يقول ما يشاء، فلا حياء في السياسة متى كان السياسيون من طينة هؤلاء الذين تكلم عنهم زميلنا كاتب المقال.

  6. يقول said jebhawi .maroc:

    وماذا سيفعل جنرالات فرنسا في الجزائر غير ذلك..همهم الوحيد جمع الثروات والكيد لجيرانهم بمحاولة تمزيق دولهم بدعم المرتزقة والارهابيين وحركات التمرد الانفصالية…اضافة الى نصرة الفاشيين العرب…هذا ما تعاقدوا عليه مع فرنسا….

  7. يقول ابن علي:

    لم يكتف النظام الجزائري البائد بإعانة النظام السوري المجرم بل إن أول محطة للسيسي كانت الجزائر فمنها أخذ السيسي دروسا خصوصية في قتل الشعب المصري و من الجزائر أيضا تخطط المؤامرات ضد الشعب الليبي لإجهاض حكومة الوفاق الليبية و من الجزائر أيضا ترسل الجماعات المتمسلمة لضرب استقرار تونس و من الجزائر أيضا تلوح راية الفيتو ضد القرار العربي بأن تكون المعارضة السورية الممثل الوحيد للشعب السوري و من الجزائر أيضا تسللت إيران و الحوثيين و حزب الله اللبناني ضد القرار العربي بتكوين جيش ضد الإرهاب فباختصار : الجزائر بعد أن كانت نموذجا للثورة ضد المستعمر الفرنسي أصبحت قاعدة لتصدير الشر إلى العالم العربي فليسقط النظام الجزائري و لتحيا معارضة الخارج أما معارضة الداخل فهم مجرد دمى صنعها النظام الجزائري و أطلقت عليها اسم المعارضة

  8. يقول د.راشد ألمانيا:

    كلا النظامين عملا على ارتكاب المذابح بحق المدنيين وإلصاقها بالإسلام
    كلا النظامين اخترع فصيلا يحسب على الإسلام وارتكب باسمه فظاعات
    كلا النظامين اتبع وسائل الذبح والتمثيل بالجثث والأحياء وإيصال صورة دموية عن الإسلاميين
    كلا النظامين حاول تشويه صورة الإسلام على أنه سيف وسكين تقطر دما
    كلا النظامين يعتمد دولة المخابرات العميقة المتحكمة بالدولة
    كلا النظامين يعتمد أسلوب المافيا في تطبيق الحكم
    كلا النظامين يعتمد أسلوب إفساد الشباب بالمخدرات وكذلك المجتمع
    كل التحية للشعب الجزائري البطل

  9. يقول عبدالوهاب، الجزائر:

    يكفينا فخرا (في الجزائر) أن الفرقاء في الجزائر خلال التسعينات لم يتركوا مجالا للتدخل الخارجي لا السلطة ولا الجماعات المسلحة، و الكل يعرف من كان يمول هذه الجماعات. وهذه الدول هي التي خلقت داعش و أخواتها.
    شتان بين الحالة السورية و الجزائرية. لم تدمرعندنا المدن بالطائرات والبراميل المتفجرة و الغازات السامة. فبشار مجرم بكل المقاييس.

  10. يقول اسمهان ( باريس ):

    ما هدا الكره الدي تكنوه للجزائر ، و ما دخلها في كل ما يدور في سوريا و هل الجزائر من اتت بروسيا و الصين هما يريدون زجها في حرب ضروس فالشعب الجزائري يساند الشعب السوري الجزائر لم تخن اي قضية عربية و هي من تتعرض للمؤامرات الم يدهب جيش المغرب لضرب العراق الشقيق في التسعينات . الم تنبه الجزائر من المد اﻹيراني في الثمنينات عندما ضربت السفارة الجزائرية الم تضحي برجالها من اجل التوفيق بين ايران و العراق.اللهم رد كيد الكائدين و احمي هدا البلد.

1 2 3 4 5 6

إشترك في قائمتنا البريدية