قبل انطلاقة مونديال روسيا 2018 كانت كل التكهنات تنصب حول تألق وربما تتويج منتخبات البرازيل أو الأرجنتين وألمانيا اسبانيا أو فرنسا، وكان الكثير يتوقع أن تكرر الماكينة الألمانية ما فعلته منذ أربع سنوات أو يثأر البرازيل لنفسه من اخفاقه في عقر الديار، وتعود اسبانيا الى الواجهة بعد انتكاستها وخروجها في الدور الأول من مونديال البرازيل، في حين راح البعض الآخر يعتقد أن مونديال روسيا سيكون موعدا لتألق فرنسا أو إنكلترا، موعدا لميسي أو رونالدو لصناعة الحدث وكتابة التاريخ مع الأرجنتين والبرتغال في أخر مشاركة لهما في نهائيات كأس العالم.
البعض الآخر كان يتوقع تألقا عربيا بمشاركة قياسية بأربع منتخبات لأول مرة في التاريخ، لكن كل المؤشرات الأولية بعد الجولة الأولى وبداية الجولة الثانية توحي بأن المونديال سيستمر من دون المنتخبات العربية كلها، وبأن أمرا ما سيحدث في هذا المونديال مغاير لكل التوقعات قد ينذر بثورة تختل معها موازين القوى وتتغير معها خريطة كرة القدم العالمية.
نتائج مباريات الجولة الأولى من مونديال روسيا حملت ثلاث مفاجآت تنذر بحدوث أخرى في الجولات القادمة، كان أبرزها سقوط ألمانيا وتعثر البرازيل والأرجنتين تواليا على يد المكسيك، سويسرا وآيسلندا إضافة الى اخفاق عربي وافريقي في دخول المنافسة باستثناء السنغال الذي أطاح ببولندا في مجموعة تبدو متكافئة وبإمكان الأفارقة إحداث المفاجأة ولما لا الذهاب بعيدا في وقت أظهرت نيجيريا هشاشة واضحة في خرجتها الأولى أمام كرواتيا.
خسارة بطلة العالم ألمانيا أمام المكسيك صنعت الحدث كونها أول اخفاق ألماني في مباراته الأولى في المونديال منذ خسارة المانشافت أمام الجزائر سنة 1982، ألمانيا قد تصيبها لعنة البطل وتخرج من الدور الأول مثل فرنسا سنة 2002 واسبانيا 2014 وإيطاليا التي بلغ بها الأمر تجاوز درجة الاقصاء ومجانبة التأهل الى الغياب عن المونديال كلية، هذا السيناريو قد لا يبدو غريبا على ألمانيا التي لم يسبق لها الخروج من دوري المجموعات بالصيغة الحالية وخرجت مرة واحدة من الدور الأول سنة 1938 أمام سويسرا.
البرازيل بدوره لم يكن موفقا في دخوله المنافسة إثر تعثره في مباراته الأولى أمام سويسرا رغم عودة نيمار من الإصابة واستعادة الفريق لثقته المهزوزة منذ أربع سنوات، في وقت كان دخول الأرجنتين مخيبا بعد تعثره أمام أيسلندا في أول مشاركة له في المونديال وكانت بداية ميسي غير موفقة بتضييعه ركلة جزاء، عكس البداية التي أظهرها رونالدو صاحب الثلاثية التاريخية أمام اسبانيا في واحدة من أجمل مباريات المونديال عبر التاريخ أمام منتخب لاروخا وصاحب هدف الفوز على المغرب في المباراة الثانية.
قد يكون الحكم على الكبار سابقا لأوانه ويجب انتظار باقي المباريات لمعرفة ردود الفعل لكن خروج ثلاثة منتخبات عربية بعد أسبوع من المنافسة يبقى الحدث الأبرز في مونديال روسيا بأداء مخيب للأمال على غرار مصر التي خسرت أمام الأورغواي في اللحظات الأخيرة ثم ضد روسيا بالثلاثة رغم عودة صلاح الذي كسر اسطورة مجدي عبدالغني صاحب آخر هدف لمصر في المونديال قبل اليوم.
المغرب من جهته كان أحسن من مصر أداء وإصرارا ولعب من دون عقدة رغم أخطاء المدرب رينار في مباراة إيران التي خسرها في الوقت الضائع قبل أن يخسر مجددا أمام البرتغال بعدما فرض سيطرته واستحق الاحترام لكنه خرج من المنافسة قبل أن يلعب مباراته الثالثة أمام اسبانيا.
لعب مباريات المونديال يقتضي المهارة والجرأة والإصرار والروح العالية، ويتطلب تواجد إطار فني يحسن قراءة المباريات والاستثمار في القدرات التي تكون بحوزته، وهو الأمر الذي لم يوفق فيه المدرب الفرنسي هيرفي رينار.
المنتخب السعودي من جهته تلقى أثقل هزيمة في هذا المونديال في مباراة الافتتاح أمام روسيا وخرج من البطولة خائبا ومخيبا إثر خسارته من الأوروغواي في مباراته الثانية التي لم يكن فيها رديئا ومع ذلك دفع ثمن تخطيط سيئ وتحضير أسوأ واختيارات خاطئة للاعبين المشاركين وللطاقم الفني الذي تم انتدابه بعد اقالة مارفيك مباشرة إثر التأهل الى المونديال.
أما المنتخب التونسي فتبدو مهمته صعبة ومعقدة أمام بلجيكا بعدما ضيع نقطة التعادل ضد إنكلترا في الثواني الأخيرة مؤكدا بأن الجزئيات والتفاصيل التي تصنع الفارق غابت عن خرجات العرب الذين يبقى ينقصهم عمل كبير للارتقاء الى المستوى العالمي الذي يقتضي العمل على الجانب النفسي والذهني قبل الفني والكروي في ظل وجود المهارات وغياب الإطارات الفنية والإدارية اللائقة والملائمة لمتطلبات الكرة الحديثة.
العرب يبذلون المستحيل من أجل التأهل الى المونديال ويعتبرونه إنجازا كبيرا لكنهم يشاركون دون طموحات ويلعبون من أجل تجنب تلقي الأهداف فيسقطون في وحل الخيبة والحسرة وتنقلب أفراحهم بالتأهل الى أحزان بعد الخروج المبكر، الفرح بالتأهل قشرة تغطي على الحزن المتوقع في كل مونديال إلا ما ندر.
إعلامي جزائري
حفيظ دراجي
يا اخ حفيظ العرب بصفة عامة لهم نفس التفكير في المحتوى هذا راجع إلى مستوى التفكير وهو عدم التخطيط الكافي في جميع المستويات ونصف الطريق هو إنجاز كافي يشبع رغباته
ان الهزائم العربية في الرياضة وتحديدا كرة القدم هي امتداد للهزائم العسكرية والسياسية والاقتصادية والاخلاقية للدول العربية على مدار عشرات السنوات
واذا كانت كرة القدم هي الفرحة الوحيدة التي يتشارك فيها ابناء البلد الواحد أو الشعوب العربية عموما فهي بمثابة مخدر تجعل المواطن يعيش في غيبوبة مؤقتة لانها تبعده عن المشاكل الحقيقية ونأمل اذا خسرت الدول العربية جميعها في الدور الاول ان يعود المواطن الى رشده ويلتفت الى مشاكله الحقيقية لان الهزيمة في كرة القدم هي جزء من الهزائم العربية المتكررة في جميع المجالات فهو ينتمي الى دولة فاسدة وظالمة ومستبدة وعميلة وفاقدة للقيم الاخلاقية وخائنة وبالتالي فنتيجة كرة القدم الكارثية هي تحصيل حاصل.
كان الفريق المغربي رائعا وأظهر لعبا وسيطرة في المبارة في التسعين دقيقة قد يقل نظيرها، ورونالدو لم يكن موجودا… واللمسة الأخيرة لم تكن في الموعد…
.
ما هو مهم أكثر هي الروح الرياضية التي عند الجماهير المغربية سواء في روسيا أو داخل المغرب وخارجه، التي رضيت عن الفريق وهناك مطالبة بتوشيحه، أو على الأقل توشيح اللاعب المرابط…
.
اللاعب بوحدوس الذي كان وراء الهدف في شباك فريقه شجعته الجماهير ولم تؤاخذه وغفرت له، بينما في إنڭلترا لاعب هدد بالقتل فيما مضى، وفي بلدان أخرى اللاعبون قد يغتالوا كما في كولومبيا…
.
هذه أشياء ينبغي أن ننظر إليها لأنها ترفع من المعنويات وتعبر عن رقي وحضارة… واللعبة تبقى لعبة…إن ربحتَ فستفرح والآخر سيحزن… وإن خسرتَ فستحزن والآخر سيفرح… وفي كلتا الحالتين هناك فرح وحزن…و هذه هي اللعبة… ولا داعي أن نعلق عليها أكثر مما تحتمل…