انعقد في بيروت اواخرَ الأسبوع الماضي المؤتمر العربي العام، وهو منتدى مشترك للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي – الإسلامي، ومؤتمر الأحزاب العربية، وهيئة التعبئة الشعبية العربية. انعقاد المؤتمر صادف الذكرى العاشرة لبدء العدوان الصهيوني على لبنان منتصفَ شهر يوليو 2006، وتوخى دعم المقاومة اللبنانية التي دحرته.
العنوان العام للمؤتمر «دعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب». فهل دعم المقاومة قضية مشتركة للعروبيين والإسلاميين الذين شكّلوا جمهور المؤتمر وغالبية المشاركين في مناقشاته؟ يقتضي، أولاً، توصيف كلّ من العروبيين والإسلاميين المشاركين في المؤتمر العربي العام.
يمكن القول إن العروبيين، عموماً، مثقفون مؤمنون بالتكامل الحضاري بين العروبة والإسلام، وان الإسلاميين من أعضاء المؤتمر القومي – الإسلامي مؤمنون بوجوب التعاون الوثيق مع العروبيين ضد العدو المشترك الذي هو الغرب الإمبريالي وربيبته العنصرية المتوحشة إسرائيل. غير أن العروبيين، كما الإسلاميين، ينطوون على تلاوين أيديولوجية وسياسية مختلفة وطرائق عملانية متعارضة تتجلى بأشكال متفاوتة في تفكيرهم وسلوكياتهم وبالتالي في مواقفهم.
بعض العروبيين، مثلاً، يقف موقفاً سلبياً من حركة الحوثيين وسياستهم في اليمن. أليس لافتاً أن يكون الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، عبد الملك المخلافي، وزيراً للخارجية في المنظومة الحاكمة لرئيس الجمهورية اليمني المستقيل، ثم العائد، عبد ربه منصور هادي؟ بعض الإسلاميين من أعضاء «الجماعة الإسلامية» (الاخوانية) في لبنان يقف موقفاً سياسياً سلبياً من حزب الله، قائد المقاومة اللبنانية، لدرجة حملته على مقاطعة المؤتمر العربي العام بدعوى انه مع حزب الله في مقاومته اسرائيل، لكنه ضد مشاركته في مقاتلة الاسلاميين المعارضين (والإرهابيين؟) في سوريا والعراق. وإذا كان العروبيون يرفضون تصنيف المقاومة، ولاسيما حزب الله بالإرهاب، كما فعلت جامعة الدول العربية. فالإسلاميون القريبون من الاخوان المسلمين لا يتقبّلون ذلك التصنيف فحسب، بل يرفضون فوق ذلك تخصيص دورة المؤتمر العربي العام لدعم حزب الله وتعزيز هالة مقاومته.
رغم الإستثنائين المار ذكرهما، فإنه لأمر لافت توافق مجاميع من العروبيين والإسلاميين في المشرق والمغرب على تنظيم مؤتمر عربي جامع هدفه الرئيس دعم المقاومة ورفض تصنيفها بالإرهاب، فهل المقاومة قضية الأمة في هذه الآونة؟
ليس كل الأمة، بطبيعة الحال، بل هو فريقٌ وازن من عروبييها وإسلامييها المثقفين، رجالاً ونساءً، مشرقيين ومغربيين، قياديين متمرسين وسياسيين غير محترفين، ملتزمين صارمين ومتعاطفين متحمسين، ثوريين حتى السديم العظمي ونهضويين في كل المجالات والساحات.
إلى ذلك، ثمة ثغرة لافتة في تركيبة هذه الشريحة الواسعة من العروبيين والإسلاميين: نقص ملحوظ في عنصر الشباب. فالكهولة صفة غالبة للمشاركين. قد تكون روحهم شابة، أو توحي بذلك، لكن حركتهم متثاقلة. هل عقولهم تنتمي إلى الماضي؟ كلا، بالتأكيد، لأنهم منتمون إلى الحاضر، متطلعون إلى المستقبل بوجه عام. النقص في عنصر الشباب لا يشمل تنظيمات المقاومة الميدانية التي يمثلها أو ينتمي اليها فريق من المشاركين، اهل المقاومة، مثقفين ومقاتلين، ما زالوا شباباً ناشطين بامتياز.
لعل البُعد الأهم في «مشهدية» المؤتمر العربي العام هي المقاومة نفسها التي تداعى المؤتمرون إلى نصرتها. فالمقاومة قضية حيّة، شابّة وذات حضور وازن. هي كذلك لأن اعداءها، لاسيما في الغرب الأطلسي وبين بعض العرب المعترفين بإسرائيل، ينشطون بحركية وحيوية ووتيرة لافتة، الأمر الذي استوجب ردة فعل من الطراز نفسه، وربما أقوى، في صفوف أهل المقاومة، مثقفين ومقاتلين. كيف يمكن أن يخدم العروبيون والإسلاميون النهضويون قضية المقاومة فكرياً وسياسياً وميدانياً؟
قلتُ لأصدقائي في المؤتمر أن وحدهم العميان والمتخلفين عقلياً لا يرون ولا يشعرون بوطأة الهجمة الضارية التي يشنها أصحاب المصالح والمشاريع العملاقة في دول الغرب الأطلسي على المقاومة، بكل ما في متناولهم من أسلحة ثقافية وسياسية واقتصادية وعسكرية وتكنولوجية، في زمنٍ يعيش العالم برمته حال مخاضٍ عميق وشامل خلال مرحلة الانتقال الراهنة من نظام عالمي مترهّل ومتهافت إلى نظام عالمي متجدد وبازغ.
في مرحلة الانتقال الشائكة والمؤلمة يبتغي أصحاب المصالح والمشاريع القاريّة والعابرة للقارات، الراسخون في السلطة والناشطون في حدائقها الخلفية، اختلاق ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية يجد معها الحاكمون والمحكومون في عالم العرب انفسهم محمولين على الاختيار بين الاندراج في ثقافة الغرب المعاصر، الامريكي والاوروبي، وشبكات مصالحه العملاقة المتعددة الاغراض والمنتوجات والخدمات والأذواق والأزياء، وبين البقاء في حال الفوضى والشتات والانغماس في مستنقعات العصبيات الطائفية والمذهبية والإثنية وصراعات أمراء الحرب السلفيين الماضويين، وتنظيمات العنف الاعمى، والشبكات الحاكمة التي ترى في السلطة جائزة العمر والعصر غير القابلة للتداول.
في زمن التسلّط على الأمم والشعوب بالثقافة والإعلام والاتصالات والاقتصاد والتكنولوجيا والسلاح والمال والعصبيات العمياء، لا يكفي التصدي للتحديات العدائية عسكرياً فقط. أرى أن العروبيين والإسلاميين النهضويين ومريديهم من أجيال الشباب مدعوون إلى الاستنفار من أجل الاضطلاع بدورٍ ورسالة لهما المنطلــقات والمهمات الاتية:
الإسهام جدّياً في بناء ثقافة نهضوية مقاوِمة قوامها القيم الإنسانية الحيّة المستمَدة من التراث والإسلام، واطّراح ما اضحى شائخاً، واعتماد المفاهيم والنظريات والآليات المعاصرة، ولاسيما ما يتصل منها بالحرية والعقل والعدل من جهة، والعلم والنقد والتجريب والابتكار وحب الاستكشاف والتكنولوجيا وريادة الفضاء واعماق المحيطات من جهة اخرى.
التخطيط والانخراط في مسار طويل لتطوير مفهوم السياسة عندنا من كونه مطلباً يتمحور حول تملّك السلطة والتمسّك بها إلى مسلك إدارة التنوع وحماية حقوق الإنسان وتأمين معيشته بحرية وأمان وكرامة.
الإسهام في بناء الدولة المدنية الديمقراطية بما هي الصيغة الأفضل لحماية حقوق الإنسان، وتأمين العدالة والتنمية، وإطار للرعاية الاجتماعية.
يبقى التأكيد على أن معيار قيام العروبيين والإسلاميين النهضويين بالدور والرسالة المنوّه بهما هو الالتزام الصارم والحضور الميداني والتصدي بلا هوادة للظلم والاستعمار الجديد والعنصرية والاستبداد والفساد والمحاصصة والتعتيم على الحقيقة. النهضة هي كل هذه المبادئ والقيم والمسالك والمهمات في الزمان والمكان.
٭ كاتب لبناني
د. عصام نعمان
المشكلة هي أن العروبيين دائماً مع العسكر وليس الديموقراطية
ولا حول ولا قوة الا بالله
حزب الله اساء لماضيه و خرب حاضره و مستقبله بالانحياز مع طاغية واقلية مغتصبة للسلطة و المشاركة في تدمير الانسان و البنيان في سوريا لمصلحة ايران وروسيا و اسرائيل والامريكان. حزب الله انتهى كمقاوم وصار اشبه بجماعة حسن الصباح و غيرها من الجماعات الاجرامية التي ظهرت في بلاد الشام ايام الفتن