ذات مرة سأل القيادي النهضاوي ورئيس الحكومة التونسية الاسبق علي العريض في برنامج تلفزيوني محلي عن رأيه في انتقادات المنسق العام لحزب المسار المعارض المستمرة لحركة النهضة، فأجاب أن هناك شططا كبيرا في مهاجمة حزبه، وأضاف بن «سمير بالطيب لو دخل مطعما ولم يعجبه الأكل فسوف يرد السبب إلى النهضة».
وربما ارتسمت تلك الصورة الكاريكاتيرية مجددا في أذهان بعض من تابعوا الأربعاء الماضي خبر الزيارة الغامضة والمريبة لوفد من حزب المشروع إلى بنغازي للقاء المشير الليبي خليفة حفتر، ليستنتجوا أن الدخول إلى الثكنة قد لا يختلف كثيرا عن دخول بالطيب إلى المطعم. لقد كانت التساؤلات عميقة وكثيرة حول ترتيب الزيارة وتوقيتها. فليس معروفا حتى الآن إن كان الزوار أخطروا الرئيس بخطوتهم تلك أم لا؟ وهل سافروا بمباركته ام من دون علمه؟ وهل أرادوا بذلك اللقاء خدمة مساعيه لحل الأزمة في ليبيا؟ أم سعوا بشكل من الاشكال للتشويش عليها وإجهاضها؟ وما الذي جعلهم يحرصون على مقابلة المشير في ذلك الوقت بالتحديد؟ كل ما قالوه إنهم حرصوا على الذهاب إلى خليفة حفتر في ثكنته العسكرية، لانهم يتقاسمون معه الاهداف ذاتها، وهي محاربة الإرهاب والعداء «للإسلام السياسي».
ولعل ما زاد الغموض والضبابية هو أن مصالح الرئاسة سارعت إلى أخذ مسافة من الموضوع، وقالت في بيان رسمي، إن وفد الحزب «لم ينسق مع رئاسة الجمهورية أو وزارة الشؤون الخارجية حول هذا اللقاء، بل اقتصر الامر على اتصال هاتفي صباح الاربعاء من بنغازي بليبيا للاعلام بتواجد وفد حزبي لمقابلة حفتر، لدعم مبادرة رئيس الجمهورية حول التسوية السياسية الشاملة في ليبيا». فيما أصر محسن مرزوق القيادي السابق لحزب النداء على التأكيد على أنه «لم يلعب أي دور يدخل في صلاحيات العنوان الرئيسي للدبلوماسية التونسية، أي رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية»، وأضاف في تصريح لصحيفة «المغرب» المحلية «أن من كتب بيان الرئاسة لا يفهم شيئا». ولم يضع استقبال قائد السبسي له في اليومين المواليين حدا لحالة اللبس والغموض بقدر ما ألقى شكوكا قوية حول طبيعة اللقاء والهدف الحقيقي منه.
وفيما ظل ذلك الهدف لغزا مبهما ومعلقا، انتقل اهتمام الصحافة المحلية بشكل سريع إلى ما وصفته «بالدبلوماسية الموازية» للإيحاء بان ما فعله مرزوق لم يكن اقل وزرا وخطورة مما فعله الشيخ الغنوشي رئيس حركة النهضة، حين طار إلى الجزائر لملاقاة بوتفليقة، أو حين التقى في تونس وفودا من الغرب الليبي. كان مربط الفرس هو أن تحركات الشيخ للوساطة في الملف الليبي، التي تمت كما أقر الرئيس قائد السبسي نفسه بالتنسيق التام معه، باتت تزعج أكثر من طرف محلي وإقليمي لا يرتاح لما يراه تصاعدا ملحوظا لدور الزعيم الإسلامي في الداخل والخارج. ولعل ما يخشاه هؤلاء هو أن يستغل الشيخ شبكة العلاقات الواسعة التي استطاع نسجها ثم تطويرها وتنويعها لتضم اطرافا ووجوها دولية كانت قبل سنوات قليلة فقط تناصبه العداء، لكسب أوراق مهمة ووازنة في السباق المرتقب على السلطة.
لكن هل يعني ذلك أنه ينبغى هدم كل جهد أو نجاح محلي أو خارجي يتحقق لتونس مادام الغنوشي يقف بشكل من الاشكال وراءه؟ وهل في التنقل إلى ثكنة المشير الليبي دلالة رمزية على أن الامور ستظل تمسك فقط من داخل قصر قرطاج، ولا مجال على الاطلاق لأي جهد أو دور من خارج القصر حتى لشركاء الحكم، مادامت ادارة الملفات الخارجية حكرا على السلطات الرسمية دون سواها؟ لقد قال إعلامي معروف في سبتمبر الماضي لإحدى المحطات الاذاعية» إن حركة النهضة تمارس الدبلوماسية بالنيابة عن الدولة. وأنا اقول هنيئا لها مادامت هي التنظيم الوحيد المهيكل الذي يملك استراتيجية ورؤية في العلاقات الخارجية… لقد صنع الغنوشي لنفسه دولة داخل الدولة، ومن هو الحزب السياسي الذي لا يستغل الفراغ الذي حوله ولا يفعل ذلك، فحتى حزب النداء لم يعد يملك مكتبا للعلاقات الخارجية، وكان محسن مرزوق في السابق هو من يمسك ملف العلاقات الخارجية للحزب، أما الآن فلا وجود لشيء». وعاد ليتساءل في يناير الماضي في البرنامج ذاته «ماذا نفعل إذا كان حزب سياسي هو حركة النهضة اقوى من الدولة والحكومة في الملف الليبي، وإذا كان النهضويون يفهمون ما يجري في ليبيا اكثر من الحكومة؟».
ومن الواضح أن تصوير الأمور على ذلك النحو لم يكن عملا ساذجا ومعزولا، فعلى مدى السنوات والشهور الأخيرة تكرس انطباع داخل تونس على توسع نفوذ الغنوشي وامتلاكه سلطات خارقة وغير محدودة، جعلته يمسك كل خيوط الملفات الخطيرة والحساسة في الداخل والخارج. أما كيف استطاع أن يفعل ذلك وما المفاتيح التي حصل عليها حتى تشرع في وجهه كل بوابات وقلاع السلطة، ويصبح اكثر الشخصيات التونسية حظوة وشهرة في العالم؟ فهذا ما لا يملك خصومه جوابا واضحا ومحددا عنه، وكل ما يرددونه هو أن الرجل صار يمارس أدورا تتخطى بكثير صفته رئيس حزب أغلبية في البرلمان.
إنهم يتصورون أن تلك الحدود التي يفترض الوقوف عندها، هي تلك التي تعني صلاحيات الرئيس الحصرية. فهو المسؤول المباشر عن رسم السياسة الخارجية للبلاد. وهذا امر منطقي ومعقول ولكنهم يغفلون بالمقابل حقيقة أخرى، وهي أن الانفراد بوضع تلك السياسة ومتابعة تنفيذها لم يعد ممكنا ومجديا بالأساليب القديمة، التي تقصي أي استفادة من أي جهد أو فرصة، لمجرد الاختلاف والعداء الأيديولوجي. فالحد الأدنى من البراغماتية بات يقتضي الخروج السريع من قوقعة الايديولوجيا للبحث عن المصلحة. وربما كان العائق الحقيقي هو فقدان الثقة المتواصل في نوايا الشيخ الغنوشي وحزبه أكثر من اي شيء اخر. فحتى المتباكون على الدولة والمحذرون من دبلوماسية موازية لها، لا يبدو انهم سينزعجون بالقدر نفسه لو أن طرفا آخر قام بالتحركات والجهود التي يقوم بها الغنوشي. فما يهمهم ليس الحفاظ على الدولة بقدر ما هو استمرار احتكار السلطة وإبقاء الاسلاميين، الذين صاروا جزءا من الائتلاف الحاكم فقط مجرد واجهة خارجية للديمقراطية. وقد تكون زيارة مرزوق إلى ثكنة المشير الليبي علامة اخرى على حالة الانفصام التي تحكم علاقة السلطة بهم. فهي تضخم حجمهم مرات وتحذر منهم، وتقول بأشكال مواربة وحتى علنية، إنهم يشكلون خطرا على النظام، ويكونون دولة داخل الدولة حتى تحملهم سقطات الحكم وترسل لهم وللرأي العام مرات أخرى إشارات على انها لا تزال تضع يدها بالكامل على كل السياسات ولن تسمح لهم بأي اشتراك أو دور فاعل فيها حتى تشعرهم بأن الأوضاع والمعادلات لم تتغير.
هل يكون الحل في النهاية هو تقليص نفوذهم تمهيدا للتخلص منهم وطردهم من المواقع التي وصلوها بعد الانتخابات الاخيرة؟ هذا ما يفكر به اصدقاء حفتر ومن قاموا بتلك الزيارة المريبة له في بنغازي، وأيضا من اعتادوا اتهام النهضة بالتقصير كلما وجدوا الأكل في المطاعم سيئا.
كاتب وصحافي من تونس
نزار بولحية
من كانَ بيتُهُ من زُجاج لا يرمي الناسَ بالحجارة
-برنارهنري ليفي يزور تونس وقد أثار قدومه ه ليلة الجمعة 31 أكتوبر 2014 حالة من الغضب حيث تجمّعت عدد من النشطاء بالمجتمع المدني رافعين علم فلسطين ومردّدين شعارات مندّدة بالصهيونية تقابل مع من ؟ ولماذا جاء؟
-توقيع محسن مرزوق بصفته مستشارا في الرئاسة وليس وزير خارجية في 20 ماي 2015 مذكرة مع جون كيري مشهد يختزل التداخل السافر بين الحزب و الدولة ويختزل طريقة إدارة شؤون الحكم في تونس بعد الانتخابات .
محمد دحلان في زيارة سرية لتونس ،ماذا يفعل محمد دحلان في تونس السبت 23 يناير 2016 ؟مع من تقابل وما هي اجندته؟
-13/12/2016 محسن مرزوق وسليم الرياحي تقابلا مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان في صربيا سريا، أيّ طبخة تعدّ في الخفاء؟
ليس دفاعا عن الغنوشي زياراته ومقابلاته مع الشخصيات السياسية في الداخل والخارج معلنة ويتم التطرق اليها في وسائل الإعلام بالسلب والإيجاب ورغم ذلك تضايق البعض الذي يمارس نفس الشيْ مع اشخاص مشبوهين وفي السر لماذا؟ ولمصلحة من ؟
ماقام به محسن مرزوق كان محاولة للتذكير بأنه رجل ديبلوماسية ورجل مفاوضات يعتمد عليه في الملفات المهمّة .. لقد قفز الرجل الى هذا الملف قفزة بهلوانية اراد من خلالها ان تكون له صورة الرصانة والتعقل.. لكن هيهات فقد كشفه بيان رئاسة الجمهورية والذي بدوره كان بنسخة أولى غير ممضاة بصفة رسمية سحبت لتحل محلها صيغة رسمية فيما بعد.. مرزوق تصرف من تلقاء ما أملته عليه مصالحه في المنطقة ..فهو ابن فريدم هاوس ولا يمكن تناسي هذا الأمر طبعا.. وهذا لا يقارن بتاتا مع ما قام به رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي كان حوله اجماع داخلي وخارجي كونه قادرا على تقريب وجهات النظر خاصة أمام ما يحظى به من ثقة خاصة من الطرف الجزائري.. والكل على علم بأن رئيس الجمهورية وان لم يكلفه رسميا بالملف الليبي الا انه استغان به في أكثر من مناسبة لعامل الخبرة التي لديه..الدبلوماسية التونسية متعثرة منذ 2011 ولم تسترد مكانتها لعدة اسباب لعل اهمها ضعف الكفاءات في المجال وقلة حيلتهم ..للأسف
ااسؤال هو لمرزوق دولة داخل الدولة ؟لانه شتان بين من ينسق مع الدولة للقيام بمساع ديبلوماسية تسهل الحل السياسي للازمة الليبية وبين مرزوق الذي لا وزن له سواء شخصيا ولا وزن لحزبه الذي لا يعرفه حتى غالبية الشعب وإنما هو مكلف بمهمة من أطراف دولية تريد افساد مساعي الدولة التونسية لإيجاد حل سلمي لازمة ليبيا المعقدة ،واعتقد ان الرئاسة التونسية سيفرض عليها مستقبلا قبول مرزوق لاي مسعى يقوم به لانه يُعدّ لامر قادم نسأل الله ان لا يوصله اليه وان يحفظ تونس منه