هل يستغل أوباما شهوره الأخيرة ويترك بصماته على النزاع؟ أم سيرحل بدون إرث… فرصة نادرة لإصدار قرار يحدد مرجعية حل الدولتين… يقيد يد ترامب أو كلينتون

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: كتب السياسي السويدي المعروف كارل بيلدت، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في بلاده وعمل وزيراً لخارجيتها بالإضافة لمناصب دولية أخرى، مقالاً في موقع «بروجيكيت سيندكيت» عن «الفرصة الأخيرة» لأوباما لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وبدأ بيلدت مقالته بالحديث عن المئوية الأولى لصدور وعد بلفور الذي وعد فيه وزير الخارجية البريطاني لورد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.
وهو الوعد الذي قاد لنشوء إسرائيل عام 1948 وعبد الطريق أمام النزاع المستمر بين إسرائيل والفلسطينيين وكذلك مع العالم العربي ككل.
وقال بيلدت إن قادة الدول الذين سيجتمعون في نيويورك الأسبوع المقبل لن يكون لديهم الوقت لمناقشة هذا التحدي السياسي الطويل نظراً للمشاكل الأخرى التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط. إلا أن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني يظل العمود الفقري الذي سيحدد فيما إن كان مستقبل الشرق الأوسط سيكون سلاماً وازدهاراً أم لا؟
ويرى السياسي السويدي أن النزاع سواء حل أم لا سيساعد في تحديد إرث السياسة الخارجية التي تبناها الرئيس أوباما. فمع اقتراب ولايته الثانية من النهاية «فمن الواجب تذكر أنه عندما وصل إلى الرئاسة عام 2009 حاول التقارب مع العالم الإسلامي بشكل أوسع.
وفي خطابه التاريخي بالقاهرة في حزيران/يونيو من ذلك العام وصف الوضع في فلسطين بأنه «لا يحتمل» ووعد بمتابعة «القضية بكل ما تحتاجه من صبر وتكريس» وسياسة «حل الدولتين يعيش فيهما الإسرائيليون والفلسطينيون بسلام وأمن». ولم يحقق أوباما إلا القليل في هذا الاتجاه، ليس لأنه لم يحاول ولكن لاتحاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجمهوريين في الكونغرس ضده لعرقلة أي جهود سلمية. وفي ولايته الثانية حاول وزير خارجيته جون كيري و»قاد جهداً بطولياً استمر لشهر» وعقد مئة لقاء ثنائي مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين وفشل في النهاية.
ويضيف أن كلاً من نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس عبرا عن استعداد للقاء في موسكو أو مكان آخر سيتم تحديده.

توقعات قليلة

ومع ذلك فلا توجد أي توقعات من تقدم الطرفين نحو حل للدولتين. والسبب كما يقول هو إن نتيناهو ينتظر نهاية فترة حكم أوباما ويركز في الوقت الحالي على تأمين صفقة عسكرية ضخمة مع الولايات المتحدة ستوقع في الأشهر المقبلة. بالإضافة لتنظيم حملة علاقات عامة يبرر فيها السياسة الاستيطانية في الضفة الغربية التي شجبها المجتمع الدولي باعتبارها غير قانونية.
وفي الوقت نفسه يعاني الرئيس الفلسطيني من حالة ضعف وتفلت السلطة من يديه ولا يملك تفويضاً لمواصلة محادثات سلمية جادة. ويعتقد بيلدت أن مغادرة أوباما مكتبه بالبيت الأبيض بدون تحقيق تقدم على مسار القضية سيكون بمثابة فشل ضخم له.
مع أن لديه وقتاً للتحرك خاصة أن الرؤساء الأمريكيين تركوا سوابق من ناحية اتخاذ قرارات جريئة في الأشهر الأخيرة من حكمهم. ففي عام 1988 اعترف رونالد ريغان بمنظمة التحرير الفلسطينية وأصدر أوامره لوزارة الخارجية لعقد «حوار جوهري» مع قادتها.
وفي نهاية عام 2000 أصدر الرئيس بيل كلينتون معاييره المتعلقة بالسلام. كما قام جورج دبليو بوش في عام 2007 برعاية سلسلة من المفاوضات بدأت بمؤتمر أنابوليس بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إيهود أولمرت.
وجاء دور أوباما الآن، وعليه الدفع باتجاه قرار في مجلس الأمن يحدد معايير اتفاق السلام في المستقبل لكي يحل محل قرار 242 الذي يعود إلى عام 1967. ويعتقد بيلدت أن الجو مناسب الآن للدفع باتجاه تسوية خاصة أن إنهاء الصراع من مصلحة كل طرف في المجتمع الدولي.
ففرنسا تدعو إلى حل وليس لدى روسيا أي اعتراض على التسوية. وعليه يقترح السياسي السويدي على الرئيس أوباما البدء بالتعاون مع روسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لمناقشة كيفية صياغة القرار.

دعم دولي

ويحتاج أوباما للدعم الدولي خاصة أن نتنياهو سيعارض تسوية تقوض رؤيته عن إسرائيل الكبرى التي تمتد من شواطئ البحر المتوسط إلى نهر الأردن.
وسيقوم حلفاؤه في أمريكا بالمهمة نيابة عنه، فلم يتلفظ المرشح الجمهوري دونالد ترامب بكلمة حل الدولتين قط في حملاته الإنتخابية. فيما وعدت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، الجماعات المؤيدة لإسرائيل بمعارضة أي قرار بمجلس الأمن يضع الخطوط العامة للحل في المستقبل.
ويرى بيلد أن قراراً جديداً يصدر في تشرين الثاني/نوفمبر وبعد الانتخابات الرئاسية سيساعد الرئيس المقبل. فلو فازت كلينتون فسيكون لديها إطار للعمل عليه.
وحالة فاز ترامب فإنه سيمتنع عن التسبب بأضرار اخرى ويجد نفسه مقيداً بقرار. وعلى خلاف قرار 242 الذي لا يذكر حتى الفلسطينيين أو الدولة الفلسطينية يجب أن يكون القرار الجديد شاملاً.
ويرى في المبادرة العربية عام 2002 إطاراً يقدم رؤية إقليمية أوسع والتي وصفها أوباما بأنها تمنح إسرائيل «سلاماً مع العالم الإسلامي من أندونيسيا إلى المغرب». لكن على المجتمع الدولي الاعتراف بأن القرار الجديد لن يحتوي على تغيير لحدود ما قبل 1967 خاصة وضع القدس.
ويعترف بيلدت أن القرار الجديد لن يحل القضية وربما لم يؤد لمفاوضات وقد يقود لانقسام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنه كإطار يمكنه الإسهام بمنع حرب بين إسرائيل الكبرى والفلسطينيين المدعومين من تحالف عربي أوسع. ويؤمن بيلدت أن الرئيس اوباما في وضع يؤهله لوضع إطار حل يقود للتسوية الشاملة. ولو فعل هذا فسيكون قد حقق وعده في خطاب القاهرة ولبدا كصانع سلاح يبرر جائزة نوبل التي حصل عليها في بداية رئاسته.
وفي مقال مشابه وإن اتسم بالتفصيل كتب ناثان ثرول من مجموعة الأزمات الدولية حول «أوباما وفلسطين: الفرصة الأخيرة» وناقش في مقاله الذي نشره موقع مجلة «نيويورك ريفيو اوف بوكس» فيه غياب الإنجازات في المسألة الفلسطينية لدى أوباما على خلاف أسلافه من الرؤساء الأمريكيين. كل هذا رغم معرفة أوباما العميقة بالقضية الفلسطينية وعلاقاته الواسعة مع المجتمعات العربية ـ الأمريكية والفلسطينية- الأمريكية وحديثه فيها وانتقاده المستمر للسياسة الإسرائيلية ودعوته لسياسة أكثر تشدداً مع إسرائيل. ويرى عدد من المستشارين الكبار في إدارته أن ما تبقى له من أشهر في السلطة هي فرصة ذهبية لأوباما لتصحيح سجله وتحقيق إنجاز لا يمكن لخليفته تجاوزه.

علاقة شخصية

ويقول ثرول إن الفلسطينيين عندما وصل أوباما إلى الحكم نظروا إليه كرمز تاريخي يملك الكفاءة لإنهاء الاحتلال.
وفي عام 2003 تناول أوباما الشراب مع المؤرخ والأكاديمي الفلسطيني رشيد الخالدي، المحاضر في جامعة شيكاغو ولاحقا كولومبيا. وتذكر وجبات الطعام التي كانت تعدها منى، زوجة رشيد والأحاديث التي تبادلوها «وذكرتني بشكل متكرر بالنقاط المظلمة والتحيزات في داخلي».
كما قابل وحضر محاضرات المفكر والناقد الفلسطيني إدوارد سعيد الذي كان من أوضح وأفصح الناقدين لاتفاق أوسلو. ومنح كلمات تشجيع للناشط الفلسطيني علي أبو نعمة، الكاتب ومؤسس «إليكترونيك إنتفاضة».
وعلى خلاف بقية الرؤساء فقد كان أوباما قادراً على فهم والتواصل مع التجربة الفلسطينية وكان في إمكانه بناء موازاة بين الإستعمار البريطاني لكينيا، حيث ولد والده المسلم وبين حركة الحقوق المدنية للأمريكيين السود.
ولهذا لم يخيب أوباما الآمال في اليوم الأول من وصوله للبيت الأبيض تحدث عبر الهاتف مع الرئيس محمود عباس، وكان أول زعيم اجنبي يكلمه أوباما «لم نكن نتوقع مكالمة سريعة من الرئيس أوباما» و»لكننا عرفنا أنه كان جادا فيما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية» حسبما قال مستشار لعباس.
وفي اليوم الثاني عين جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً له إلى الشرق الأوسط. وميتشل هو مؤلف تقرير عام 2001 دعا فيه إلى تجميد الإستيطان. وقبل أربعة أشهر من زيارة عباس لواشنطن واجهت الإدارة إسرائيل بموضوع الإستيطان. وبدا اوباما يتحدث بلهجة غير معهودة عن إسرائيل.
وسافر بعد أيام من زيارة عباس لواشنطن في جولة للشرق الأوسط لم تكن إسرائيل من ضمنها. وألقى خطابه المهم في جامعة القاهرة.
ويلاحظ ثرول أن جهود أوباما لم يرافقها عمل أو ثمار واضحة. فبعد تراجعه في أيلول/سبتمبر 2009 عن تجميد الإستيطان أجبر مبعوثو الرئيس الأمريكي الفلسطينيين على القبول بشرطين مسبقين للتفاوض أولهما يسمح لإسرائيل بمواصلة بناء المستوطنات الجديدة. أما الثاني فهو امتناع الفلسطينيين عن الانضمام للمنظمات الدولية التي تسمح لهم بالاحتجاج على انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي.
وتوقفت المحاولة ليأتي اوباما مرة أخرى عام 2013 ويكلف وزير خارجيته كيري البدء بجولة جديدة للمحادثات التي استخدمها نتنياهو كغطاء للتوسع الإستيطاني على قاعدة كبيرة لا تشبه العقد السابق. بل وأمر أوباما سفيرته في الأمم المتحدة التصويت ضد قرار يدعو لوقف الإستيطان، رغم ان قرار مجلس الأمن صيغ بعبارات مشابهة لكلام البيت الأبيض. ولم يتوقف عند هذا بل قدم الرئيس دعماً مالياً وعسكرياً لإسرائيل أكثر مما قدم رؤساء قبله. وقضى مساعدوه الأشهر الأخيرة في التفاوض حول أكبر صفقة تسليح في تاريخ الولايات المتحدة. وتقدم واشنطن بموجبها لإسرائيل 40 مليار دولار على مدار 10 أعوام. ويأمل الكثيرون في الإدارة أن هذه الصفقة المبالغة في كرمها هي مقدمة للعمل الأخير له.
فربما اعتقد الرئيس أنه سيكون حراً بمنحه حزمة مساعدات بهذا القدر ويحاول تسجيل إرث مختلف لفلسطين.

ما هو الإرث؟

وهنا يتساءل الكاتب عن طبيعة هذا الإرث؟ ويجيب أن ما يتوفر للرئيس من خيارات يظل محدوداً جداً ومعظمها لا يعتمد على تعاون الأطراف المنخرطة في عملية القرار السياسي مثل الكونغرس بغالبيته الجمهورية أو الجماعات المؤيدة لإسرائيل.
ومنها السير على خطى السويد والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي خطوة رمزية لم تغير من الواقع، فبعد عامين لا تزال ممثلة فلسطين لا تقدم نفسها كسفيرة أو مكتبها كسفارة. ولكن الاعتراف الأمريكي رغم رمزيته سيكون خطوة كبيرة. أما الثاني فهو دعم قرار في مجلس الأمن يشجب سياسات إسرائيل الاستيطانية.
وقرار كهذه لن يؤدي لتغير في تصرفات إسرائيل أو لتغيير الظروف المعيشية للفلسطينيين. أما الخيار الثالث فهو خطاب يلقيه الرئيس في الأمم المتحدة يحدد فيه رؤيته للتسوية الدائمة. إلا أن خطابا كهذا لن يترك أثرا بعيدا أو يغير من مسار الأزمة سواء في الولايات المتحدة أو خارجها.
ويبقى خيار وحيد وواحد ويرى ثرول أنه سيترك أثراً على مسار النزاع. أي وضع معايير لاتفاق سلام حول أربع قضايا رئيسية وهي الحدود والأمن واللاجئون والقدس ويصدر حولها مجلس الأمن قرارًا يتحول لقانون ملزم، على الأقل من الناحية النظرية.
ويعتقد ثرول أن وضع معايير للسلام قد تكون إنجاز أوباما في مجال التوصل لحل، وأصبح الموضوع مجال انشغال المسؤولين الأمريكيين بعد فشل جهود كيري.
ويرى المدافعون عن قرار يحدد معايير الحل تحولاً مهماً لأنه سيتحول لمرجعية في أي مفاوضات مستقبلية بين الإسرائيليين والفلسطينيين ويقلل من مدة وقت المفاوضات. كما أنه يحمل في طياته صورة عن التنازلات المؤلمة التي يجب على كل طرف تقديمها.
وهذا بالتحديد ما لا تريده إسرائيل. ففي خطاب ألقاه نتنياهو أمام لجنة العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية «إيباك» في آذار/مارس هاجم فيها الفكرة وحذر من يحاولون فرض شروط على إسرائيل من خلال مجلس الأمن. ولهذا السبب حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي في أيار/مايو البدء بجهود للتسوية تقودها مصر في محاولة لمنع المعايير الأمريكية للتسوية. ومع ذلك لم تمنع جهود نتنياهو والتي تضم إمكانية مقابلته لعباس في موسكو، الولايات عن مواصلة جهودها.

فكرة قديمة

ويشير ثرول إلى أن فكرة وضع معايير للتسوية بين إسرائيل وجيرانها ليست جديدة وتعود إلى مقال الأمريكي جورج بول في مجلة «فورين أفيرز» عام 1977.
وكتب بول الذي عمل مساعدًا لوزير الخارجية وسفيرًا لبلاده في الأمم المتحدة تحت عنوان «كيف ننقذ إسرائيل على الرغم أنفها» قائلاً «لن تتوصل الأطراف إلى اتفاق عبر الطرق التقليدية والمساومات الدبلوماسية، إلا في حالة قيام أمريكا بتحديد شروط الإتفاق وربطه بالمبادئ الدولية القائمة وتؤكد ان مواصلة انخراطها في المنطقة يعتمد قبول الطرفين الشروط التي وضعتها».
ويقول ثرول إن التجارب السابقة تظهر أن غياب المرجعية كانت سبباً في فشل محاولات الوساطة التي قادتها أمريكا لحل النزاع. فيما خدم قرار 242 الذي صادق عليه المجتمع الدولي كأرضية للسلام بين إسرائيل ومصر وكذا الأردن. وكان أرضية قام عليها اتفاق أوسلو. ويشير الكاتب هنا للظروف التاريخية التي كانت وراء قرار 242 والذي صدر من أجل السلام بين إسرائيل والدول العربية التي حاربتها ولم يذكر الفلسطينيون إلا في إطار تحقيق حل عادل لقضية اللاجئين.
وحتى عندما قبلت منظمة التحرير به عام 1988 اكتشف القادة الفلسطينيون أن الولايات المتحدة تدعم موقف إسرائيل بضرورة قبول الفلسطينيين لدولة على أقل من ربع أرضهم. ويتحدث الكاتب هنا عن مطالب الفلسطينيين في كل جوله من المفاوضات عن ضرورة تطبيق قرار 194 الذي يدعو لعودة اللاجئين وما تبعه من قرارات لمجلس الأمن الداعية لاحترام إسرائيل للمواثيق الدولية ووقف الإستيطان بما في ذلك بمدينة القدس، وهي القرارات التي لم يتمسك أو يؤكد عليها المفاوضون الأمريكيون الذين جاءوا عادة في الساعات الأخيرة من ولاية الرئيس هذا أو ذاك من أجل انقاذ جهودهم المتاخرة وقدموا مثل كلينتون «معايير» لحل النزاع غير قابلة للنقاش وقائمة على الشروط الإسرائيلية والأمر نفسه حدث مع إدارة بوش. وفكرت إدارة أوباما بعد فشل كيري عام 2014 بتقديم معايير/محددات الحل لمجلس الأمن.

ثمن القرار

ويرى الكاتب أن هناك أسباباً عدة تجعل أوباما يتردد في تقديم معايير للحل، منها أنه لا يريد مفاوضات طويلة تدفعه لتنازلات غير مريحة واحتمال معارضة الإسرائيليين والفلسطينيين. كما أن تحقيق إجماع بمجلس الأمن صعب جداً في ضوء رفض روسيا والاتحاد الأوروبي الاعتراف بأسرائيل كدولة يهودية.
وقد يؤدي قرار بهذه المثابة لقتل الآمال ودفع إسرائيل لتسريع عمليات الاستيطان خاصة في المناطق الحساسة من الضفة الغربية. وربما حدد الفلسطينيون من علاقتهم بإسرائيل وطلبوا مساعدة المؤسسات الدولية ضدها. وفي المحصلة لن يجني الفلسطينيون ولا الإسرائيليون أي شيء من قرار حول معايير وشروط التسوية.
وبالنسبة لأوباما فالقرار متعلق في النهاية بالسياسة الأمريكية الداخلية وليس الخارجية. فقد أعلن الحزب الجمهوري عن معارضته لقرار يجبر أي طرف على القبول بشروط للتسوية. وكذا أبدى نواب في الحزب الديمقراطي معارضتهم لخطوة بهذا الإتجاه.
وفي موسم الإنتخابات الرئاسية لا ترغب الإدارة بمواجهة جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في قضية تبدو هامشية للأمن القومي ودفع ثمن كبير بسبب ذلك. وحتى لو افترضنا تمرير الشروط بمجلس الأمن فلن تنتج ثماراً إلا بعد سنوات طويلة مما يعني فشلاً لأوباما على المدى القريب.

ماتت أم تموت

ويتعلق بموضوع محددات الحل فكرة الإدارة عن حل الدولتين إن كان يموت أو مات بالفعل. فمن يعتقدون أنه يلفظ أنفاسه يرون بقرار جديد محاولة لتقديم أمل للفلسطينيين وبث روح من الواقعية في العملية السلمية. أما من يعتقدون أنه مات وشبع موتاً فإنهم يخشون من أن قراراً سيمنح حياة لفكرة «الإحتلال المؤقت» الذي ستنهيه الجولة الثانية من المفاوضات ويستغله نتنياهو ببناء المستوطنات.
وحتى لو صاغت الولايات المتحدة مشروع قرار يحدد شروط الحل فإن محتوياته لن ترضي أي طرف خاصة فيما يتعلق بالحدود والإستيطان واللاجئين والأمن.
وفي النهاية لو قرر أوباما القيام بفعل أخير قبل أن يحزم امتعته ويرحل من البيت الأبيض ولو كان على شكل قرار لا يترك أثراً مباشراً على أي من الطرفين، فسيكون فرصته الأخيرة لفعل شيء تجاه تعزيز حل الدولتين.
أما لو قرر غير ذلك فسيترك الرئاسة بدون أثر يذكر على القضية الفلسطينية وسيفسح المجال أمام من سيخلفه بتحديد السياسة بدون ضوابط. فقد يكون ترامب الذين دعا مستشاروه حول إسرائيل لتوسيع الإستيطان وقالوا إن المرشح الجمهوري سيدعم ضم اجزاء من الضفة الغربية.
وقد تكون هيلاري كلينتون التي تأخذ النصائح عن النزاع من المتبرعين الداعمين لإسرائيل مثل الذي يصف نفسه بالمتشدد حاييم سابان والمفاوض المعروف، دينيس روس، والذي كان مستشارها الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية والذي تحدث أمام جمهور يهودي في نيويورك في الفترة الأخيرة «هناك الكثيرون ممن يدافعون عن الفلسطينيين، ولا نريد أن نكون مدافعين عنهم بل نريد أن ندافع عن إسرائيل».
وأيا يكن الفائز فمن غير المحتمل التصويت على قرار يحدد شروط التسوية في الشهر الأخير من فترة ولايته في البيت الأبيض.
ولم تدهش كلينتون أحداً عندما قالت في خطاب أمام أيباك بشهر آذار/مارس «دعونا نكن واضحين فإنني سأعارض بشدة أية محاولة تقوم بها أطراف خارجية بما فيها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض حل» وسيظل هذا موقفها إلا إذا ترك لها أوباما شيئاً يقيد حركتها. كل هذا يجعل من الاشهر الأخيرة لأوباما في الحكم فرصة نادرة لأن يترك بصماته على القضية من خلال مقترح وإن كان رمزياً ويعاني من العيوب.
مقترح يمكن ان يتساهل معه المسؤولون في الإدارة لو لم يكن مكلفاً على الحزب ويأتي على شكل خطاب في السياسات خارج مجلس الأمن، غير ملزم أو على شكل وثيقة توافق عليها الرباعية الدولية أو دول عربية حليفة للولايات المتحدة.
وكما يقول دينس روس «بصراحة، فرئيس يلقي خطابا في نهاية ولايته لا يترك أثراً كبيراً على أحد»، بمعنى لا يستمع له أحد.

هل يستغل أوباما شهوره الأخيرة ويترك بصماته على النزاع؟ أم سيرحل بدون إرث… فرصة نادرة لإصدار قرار يحدد مرجعية حل الدولتين… يقيد يد ترامب أو كلينتون

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية