لندن ـ «القدس العربي»: حذر مسؤولون أمنيون أمريكيون من وصول أعداد من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» المتطرفة في شمال نيجيريا إلى ليبيا للدفاع عن فرع تنظيم «الدولة» ـ داعش- الذي يواجه سيناريو هجوم دولي ومحلي على عاصمته سرت الواقعة على الساحل الليبي. ولهذا السبب تحاول نيجيريا شراء طائرات عسكرية من الولايات المتحدة لملاحقة التنظيم في شمال البلاد الذي أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الناشط في سوريا والعراق وليبيا.
ولم يقدم المسؤولون الأمريكيون معلومات عن المدى الذي يتعاون فيه الفرع الليبي لـ»داعش» مع الفرع الموالي له في غرب أفريقيا إلا أن المسؤولين الغربيين يخشون من تطور التعاون بين التنظيمين الإرهابيين والدفع باتجاه عمليات في منطقة الساحل والصحراء التي تشهد نشاطات لـ»القاعدة» وغيرها من الجماعات السلفية الجهادية المتطرفة.
ونقلت وكالات الأنباء تصريحات نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي أنتوني بلينكين والتي جاء فيها إن هناك «تقارير» تتحدث عن وصول مقاتلي بوكو حرام إلى ليبيا التي أقام تنظيم «الدولة» قاعدة قوية له فيها مستفيدا من الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية هناك.
وقال «لقد رصدنا قدرة لبوكو حرام على التواصل بشكل فعال واستفادته من دعم داعش»، مضيفا أن اتصالات وتعاونا قائما بين التنظيمين وأن أمريكا تراقب الوضع عن كثب.
وقال بلينكين إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات لنيجيريا على شكل عربات مصفحة لكنه لم يقدم معلومات حول طلب الحكومة هناك تزويدها بمقاتلات عسكرية. وقال إن نيجيريا تقدمت بعدد من المطالب التي تنظر فيها الحكومة الأمريكية بشكل جدي.
الحرب في تونس
وإن ثبت وجود تعاون بين تنظيم «الدولة» وبوكو حرام فهذا يؤشر لتحول «خلافة» سرت إلى مركز استقطاب للجهاديين في شمال وغرب أفريقيا. ويمثل الفرع الليبي تهديدا ليس على البلاد التي تتنافس عليها ثلاث حكومات ولكن على دول الجوار خاصة تونس التي ينظر إليها في الغرب على أنها النموذج الأكثر نجاحا في انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي عام 2011.
وفي تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» جاء أن التنظيم يحاول توسيع مناطق نفوذه من ليبيا إلى الجارة تونس.
وتشير إلى الهجوم الذي نفذه مقاتلون تونسيون في المعظم اجتازوا الحدود إلى بلدة بن قردان التي يشتغل أهلها بالتهريب نظرا للظروف الاقتصادية ولقربها من الحدود مع ليبيا حيث يعمل الكثير منهم على تهريب النفط من الجارة الغنية به وبيعه في الأسواق المحلية. وتقول الصحيفة إن هجوم بن قردان الذي شارك فيه حوالي مئة مقاتل يعبر عن طموحات التنظيم في ليبيا وتزايد قوته والمصاعب التي تواجه الديمقراطية «الهشة» لاحتواء الخطر الإرهابي الذي يمثله هؤلاء الجهاديون.
ويعتبر الشبان التونسيون من أكثر الجماعات المتطوعة في صفوف تنظيم «الدولة» في كل من سوريا والعراق، إلا أن الإجراءات الأمنية والقيود التي فرضت على سفر الشبان إلى تركيا والرقابة الشديدة على الحدود التركية ـ السورية دفعت بالشبان للسفر إلى الجارة ليبيا.
ويتلقى هؤلاء التدريب العسكري ثم يرسلون مرة أخرى إلى بلادهم حيث أعلن تنظيم «الدولة» مسؤوليته عن هجومي سوسة الساحلية ومتحف باردو في العاصمة تونس. وقتل في الهجومين عشرات من المواطنين التونسيين والسياح الأجانب.
ومع ذلك فقد كان الهجوم المتقن والمخطط له بدقة على بن قردان وهاجم فيه الإرهابيون سلسلة من مراكز الأمن هو الذي أعطى فكرة عن خطط الجهاديين لتونس.
ونقلت الصحيفة عن محمد المعالي، مسؤول دائرة مكافحة الإرهاب قوله إن الهجوم يظهر مدى التهديد الذي يمثله «داعش» على تونس.
وأضاف أن تعرض التنظيم لضغوط في سوريا والعراق أجبره على نقل عدد من مقاتليه إلى ليبيا التي من غياب السلطة والنظام «وتعتبر بمثابة الجنة» لهم.
ويصف كاتب التقرير سودرسان راغفان المشهد في بن قردان التي يقول إن شوارعها غير معبدة وتحولت سهولها إلى «مكبات» للنفايات.
وليس هناك مصانع، جامعات ولا أي مشاريع اقتصادية كتلك التي يحظى بها الشمال. وفي اليوم العادي يقضي الشبان العاطلون عن العمل وقتهم في المقاهي أو بالجلوس على قارعة الطريق.
وأصبحت حياة عدد كبير من السكان مرتبطة بتجارة تهريب- السلاح والوقود والبضائع الاستهلاكية من وإلى ليبيا.
وقال عمدة بن قردان السابق شالم سوات إن الكثير من الشبان لا توجد أمامهم خيارات للبقاء في المدينة بسبب الفقر والتهميش.
ويضيف إنهم يلتقون مع الناشطين في التجنيد لـ «داعش» والذين يعدونهم بالمال والسيارات والحياة الجميلة «فماذا تتوقع أن يفعل الشباب؟ فخيارهم إما التهريب أو تنظيم الدولة». وفي العقود الثلاثة الماضية غادر المئات من أبناء بن قردان للمشاركة في القتال في العراق وأفغانستان والبوسنة فيما تحول آخرون لطريق التشدد بسبب القمع الذي مارسه النظام السابق ضد الإسلاميين. وتميز المقاتلون التونسيون في صفوف الجهاديين بقدراتهم الجهادية بشكل دفع زعيم تنظيم «القاعدة» في العراق السابق أبو مصعب الزرقاوي للقول «لو كانت بن قردان قريبة من الفلوجة لحررنا العراق».
انتعاش التشدد
وبعد رحيل الديكتاتور زين العابدين بن علي عن السلطة بعد ثورة شعبية استفاد المتشددون من الوضع المنفتح في البلاد وزادوا من نشاطات التجنيد.
وذهب أكثر من 4.000 متطوع إلى سوريا والعراق وانضموا لتنظيم «الدولة» وجماعات أخرى.
وذكرت الأمم المتحدة أن ما بين 1.000 ـ 1.500 تونسي معظمهم من بن قردان سافروا إلى ليبيا. ويقول مسؤولون غربيون إن التنظيم بدأ يرسل المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، خاصة بعد سيطرته على سرت.
ويتعامل التنظيم مع هذه المدينة الساحلية كبديل عن الرقة، عاصمة ما يطلق عليها «الخلافة» وذلك حسب مسؤولين أمنيين أمريكيين. وكان وزير الدفاع التونسي قد أعلن في تشرين الأول/أكتوبر 2015 عن مغادرة 250 مقاتلا تونسيا سوريا مع بداية التدخل الروسي لحماية نظام بشار الأسد. ففي شريط دعائي بث العام الماضي ظهر فيه قيادي للتنظيم وهو يقف على سواحل ليبيا ويدعو المقاتلين للانضمام للقوات التي تقاتل الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
ويبدو أن عددا من التونسيين لبوا نداء القيادي هذا خاصة أن الولايات المتحدة شنت في 19 شباط/فبراير هجوما معسكر تدريب في سبراطة. وقتل في الهجوم 41 شخصا معظهم تونسيون. وتعتقد الولايات المتحدة أن من بين القتلى نور الدين شوشان القيادي الذي قام بتجنيد وتدريب التونسيين لتنفيذ هجمات في بلادهم.
ورد التنظيم بهجوم أذار/مارس على بن قردان. ويتذكر أبناء المدينة المهاجمين الذين دخلوا بسيارات تويوتا وكانوا يلبسون الأقنعة ويعرفون على ما يبدو المنطقة والأهداف التي كانوا يريدون ضربها بل والأشخاص.
ويقول شخص كان شقيقه من بين القتلى بسبب عمله في وحدة مكافحة الإرهاب إنه تعرف على أحدهم وكان من بن قردان. وشهدت مناطق في المدينة معارك شوارع فيما استهدف المهاجمون ثكنات للجيش.
ويقول شهود عيان إن خمسة من المهاجمين أقاموا حاجز تفتيش وكأنهم سيطروا على المدينة. وكانوا يحملون الكلاشنيكوفات وقاذفات القنابل الصاروخية وبدأوا بوقف السيارات والتأكد من الهويات. ويقول صاحب المقهى الذي نصب أمامه حاجز التفتيش إن المقاتلين الذين يرتدي بعضهم الزي العسكري جروا مسؤولا في الجمارك من سيارته وأطلقوا عليه النار، وصرخ أحد المهاجمين بلهجة تونسية «غدا سنحكمكم».
وأسرفت المعركة عن مقتل 52 مهاجما كلهم من تونس ومنهم ثلاثة قياديين جاءوا من بن قردان. وقتل 12 من الأمن وثمانية من المدنيين.
ماذا يريدون؟
وطرح الهجوم على مدينة حدودية تونسية عددا من الأسئلة، وفيما إذا كان انتقاما للغارة الأمريكية على سبراطة أو فحصا لقوات الأمن التونسية أو محاولة لبناء موطئ قدم للتنظيم في تونس خاصة أن الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها تخطط لعمل عسكري قريب في ليبيا.
ورغم صد الهجوم إلا أن راغافان لاحظ حالة من الضيق خاصة أن المنفذين استطاعوا اختراق الحدود مع ليبيا بعد إكمال بناء سياج على معظم الحدود مع ليبيا بالإضافة لحفر خنادق ملئت بالماء.
وتقول قوات الأمن إنها عثرت على بيوت آمنة تم فيها تخزين السلاح المهرب مما يشير إلى علاقة بين كارتل التهريب والإرهابيين. وكان هجوم بن قردان رسالة تحذير لقوات الأمن التي تحركت واعتقلت عشرات من المشتبه بعلاقتهم بالهجوم. خاصة أن بعض الذين استهدفهم المهاجمون كانوا من عناصر مكافحة الإرهاب وعرفوا عن تحركاتهم من أقارب لهم جندهم تنظيم «الدولة». وقامت السلطات بإغلاق المساجد التي يتهم خطباؤها بالتشدد ومنع سفر الشبان تحت سن الـ35 عاما إلى ليبيا إلا إذا أبرزوا رسالة من والديهم.
وتقوم السلطات الأمنية بمراقبة عائلات المقاتلين الذين انضموا للتنظيم. ويقول قريب أحد المقاتلين إن الأمن اعتقله وحقق معه.
وتعرض بيته لمداهمات متكررة في ساعات الفجر الأولى. ولا يسمح له بالسفر خارج تونس ويتعرض للتفتيش كلما حاول الخروج من المدينة. وبسبب قرابته مع المقاتل فإنه لا يستطيع العثور على وظيفة. ويعلق أنه يدفع ثمن ذنب لم يقترفه.
ويعلق أن القمع الذي تمارسه الدولة يؤدي لحالة خيبة وتقود إلى الإرهاب. وفي المقابل يقول مسؤولون أمنيون تونسيون إن أساليب قاسية كهذه مطلوبة لوقف العمليات الإرهابية ويشتكون من مظاهر القلق حول حقوق الإنسان التي يقولون إنها تعرقل جهدهم.
وفي الوقت الذي لم تنجح فيه جهود التنظيم لتوسيع مناطق نفوذه من ليبيا إلى تونس إلا أنه يحاول في جبهة أخرى جر تركيا للتورط في الحرب الأهلية السورية.
وهو ما بدا من مقاربة أعدها كل من أس جي غريمالدي وهو اسم مستعار لمحلل للشؤون التركية وسليم كورو، الباحث في المعهد التركي للسياسات الاقتصادية وتساءلا فيها «هل يحاول تنظيم الدولة جر تركيا إلى الحرب في سوريا؟»
«الدولة» ضد تركيا
ففي المقاربة التي نشرها موقع «وور أون ذا روكس» جاء فيها إن مبارزة تجري في الأقاليم الجنوبية لتركيا. فمنذ بداية العام ولم يتوقف تنظيم «الدولة» عن إطلاق صواريخ الكاتيوشا باتجاه الحدود التركية واستهداف مدينة كلس.
وردت القوات التركية على استفزازات الجهاديين بإطلاق صواريخ قالت إنها قتلت 862 من مقاتلي التنظيم. وتحدثت تقارير عن دخول قوات تركية خاصة إلى داخل سوريا لكنها لم توقف صواريخ الكاتيوشا على المدن التركية في الجنوب.
وبحسب تقارير صحافية، قتل في هذا الشهر 21 مدنيا تركيا وجرح 88 آخرون بسبب القصف الصاروخي من سوريا. ومع تزايد غضب السكان في الجنوب على استمرار الوضع هدد تنظيم «الدولة» في شريط فيديو بتعليم الحكومة التركية درسا جراء معارضتها للجهاديين في سوريا.
وهنا يتساءل الكاتبان عن السبب الذي يدفع تنظيم «الدولة» لاستهداف تركيا، هل بسبب الدعم التركي لقوات المعارضة السورية؟ أم أنها محاولة لجر تركيا وبشكل عميق إلى الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ خمسة أعوام؟ وللإجابة على هذين السؤالين يقول الباحثان إن دعاية «الدولة» تقدم عددا من المفاتيح لفهم استراتيجيته تجاه الحكومة التركية.
استراتيجية ضرب تركيا
ويحدد الباحثان ثلاثة ملامح في الدعاية الموجهة لتركيا: الأولى غير رسمية، ما بين 2013 حتى منتصف عام 2014 والثانية شبه رسمية، وتبدأ من عام 2014 حتى منتصف 2015 والثالثة، من منتصف 2015 وحتى الوقت الحالي.
ففي السنوات الأولى للصراع كانت معظم مواد التنظيم الدعائية تتم عبر عناصره الأتراك من مثل اوغوزكان غولزميليتش أوغلو الذي نشر على صفحته في «فيسبوك» شريط فيديو مع أحمد كوندز أحد الأمراء الأتراك في تنظيم «الدولة»، (قتل عام 2014) وطلبا فيه تبرعات وشرحا فيه وضعهما الصعب. وكان التنظيم يركز في هذه المرحلة على التجنيد إلا أن الدعاية ظلت تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد انفصال التنظيم عن «جبهة النصرة» تحولت مواقع باللغة التركية مثل «تكايا خبر» و»أنفال ميديا» لدعم تنظيم «الدولة».
وجاء هذا التغير بعد تحول في مواقف بعض السلفيين الأتراك مثل خالص بويانشوك (أبو حنظلة). وساعد السلفيون الأتراك على نشر مواد داعمة للتنظيم باللغة التركية، ونشروا مواده الأخرى بالعربية بدون ترجمة.
وبحلول عام 2015 تغير الوضع على الأرض وذلك بعد مسألة الرهائن الأتراك (46 دبلوماسيا) في الموصل بعد سيطرة الجهاديين عليها في حزيران/يونيو 2014 وموافقة السلطات التركية على قيام الطائرات الأمريكية بضرب الجهاديين في سوريا والعراق عبر القاعدة الجوية «إنشرليك».
وفي آذار/مارس أعلنت دائرة الإعلام في التنظيم عن إصدار نسخة باللغة التركية باسم «دار الخلافة».
وفي حزيران/يونيو بدأت «دار الخلافة» في بث نشرة إخبارية عبر راديو «البيان» وأعلنت عن صدور مجلتها «القسطنطينية».
وفي تموز/يوليو 2015 بدأت الحكومة التركية بملاحقة مواقع التنظيم الدعائية واعتقلت محرر «أنفال ميديا» وأغلقته مع تكايا خبر.
ومن هنا قامت «دار الخلافة» بتغيير اسمها ونشطت على «تويتر». ويلاحظ أن صدور مجلة «القسطنطينية» عادة ما يسبق هجمات داخل تركيا. فقد سبق العدد الثالث في 27 ايلول/سبتمبر 2016 الهجوم الانتحاري على سروتش، واحتوى العدد على نقاش حول موقف الإسلام من الأعمال الانتحارية. وفي تشرين الأول/اكتوبر قام انتحاري بقتل 102 شخص في أنقرة.
وبعد هذا الهجوم بدا واضحا أن الهجمات التي سبقته في ديار بكر ومرسين وأضنة وسروتش خطط لها ودبرتها قيادة مركزية في التنظيم.
وعثرت الشرطة التركية على بيت آمن في غازي عينتاب تم فيه تحضير المتفجرات للهجمات الثلاثة.
قائمة أهداف
وفي كانون الثاني/يناير 2016 نشرت الشرطة معلومات نقلت من جهاز كمبيوتر شخصي يعود إلى يونس درماز الذي هرب إلى سوريا بعد ملاحقته من الأجهزة الأمنية.
وتشير المعلومات إلى أن استراتيجية «داعش» تقوم على نشر الفوضى في تركيا. واحتوى الجهاز على خطط لضرب 26 هدفا في 19 مكانا مختلفا في أنحاء البلاد.
وخطط لبعضها في مناطق علوية وكردية لنشر الفتنة بين السنة والعلويين والأكراد والدولة. واحتوى جهاز الكمبيوتر على معلومات عن مواقع قوات الأمن والشرطة.
وقادت المعلومات إلى حملة اعتقال بين المتعاطفين مع «داعش». واحتجزت الشرطة 820 شخصا في العام الحالي وحده. ويرى الكاتبان أن تراجع قوة التنظيم في داخل تركيا بعد حملة الملاحقة والاعتقالات جعله يستهدف قوات الجيش في محاولة لجره إلى حرب داخل سوريا.
ويشير العددان الأخيران من مجلة «القسطنطينية» إلى هذا الاحتمال. فربما كان تنظيم «الدولة» يحاول استغلال الخلاف بين أمريكا وتركيا حول كيفية التعامل مع «جيب منبج» وضرب وجود التنظيم على طول الحدود التركية. أو ربما حاول جر الجيش التركي لمعركة على الأراضي السورية تورطه في حرب مع روسيا أو قوات الأسد أو المقاتلين الأكراد.
ويشير الكاتبان للتحول في استراتيجية التنظيم ودعايته خاصة المتعلقة بالجيش التركي ودعمه للمعارضة السورية، ففي العدد السادس من «القسطنطينية» جاء فيه أن «الحكومة التركية المرتدة تضحي بجنودها وتجر بلدها في الحرب ضد الدولة الإسلامية».
واحتوى العدد على مقالات تخرج كل جنود الجيش التركي من الملة المسلمة «جنود فرعون».
وهناك تحول مهم في استراتيجية التنظيم من العمليات الانتحارية لاستهداف جيش الدولة خاصة القوات التركية المرابطة في معسكر بعشيقة. كما وتحدث التنظيم عن أسر جنود أتراك. وربما كان وجود هؤلاء محفزا لدخول القوات التركية إلى سوريا إلا أن هناك تعقيدات تقف أمام تحرك كهذا. فحالة دخل الجنود الأتراك سوريا لملاحقة مقاتلي التنظيم فإنهم لن يقاوموا الرغبة لضرب المقاتبن الأكراد وستجد تركيا نفسها والحالة هذه في مواجهة مع الطيران الروسي.
ولا توجد شهية للتدخل في سوريا، ولم تقم القوات التركية بغزو الأراضي السورية حتى عندما كانت الأوضاع تسمح بهذا.
ولن ترسل تركيا قواتها إلى هناك حتى لو استمر تنظيم «الدولة» بالتصعيد. وعندما سئل الدبلوماسيون الأتراك عن تدخل عسكري أشاروا إلى البعد القانوني فيه.
وتقول مصادر تركية إن الجيش يمكنه بسهولة استعادة الرقة وهزيمة تنظيم «الدولة» لكنه لا يستطيع البقاء في سوريا مدة طويلة.
وفي حال استمرت استفزازات «داعش» للجيش التركي فسيكون رد الأخير زيادة القصف المدفعي والقيام بتوغلات محدودة داخل الأراضي السورية وتصعيد حملات الطائرات بدون طيار، ربما بمساعدة من الولايات المتحدة.
وستترافق هذه الخطوات العسكرية مع تشديد الملاحقة الأمنية للمتعاطفين مع التنظيم في داخل تركيا.
ولأن هجمات «داعش» على الجنوب لم تؤد إلا لغضب في المناطق هذه فمن المحتمل أن لا تتأثر حكومة حزب العدالة والتنمية في صناديق الاقتراع. فالناخب التركي يتعامل مع خطر حزب العمال الكردستاني الداخلي أكثر من هجمات وصواريخ الكاتيوشا التي يطلقها تنظيم «الدولة».
وقد يغير هذا معادلة الجيش التركي ويجبره على التدخل في حال نفذ هجوما أوقع عددا كبيرا من الضحايا.
إبراهيم درويش