بيروت ـ « القدس العربي» من سعد الياس: هل يحسم مجلس الوزراء اليوم قضية تسجيل عقود الزواج المدنية التي أبرمت في لبنان بعدما أعادها وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى نقطة الصفر؟ وهل ستدفع القوى السياسية الموجودة في الحكومة والتي تُعلن تأييدها للزواج المدني وعقده على الأراضي اللبنانية في اتجاه إقرار تسجيل تلك العقود؟
الأمور رهن بنتائج جلسة مجلس الوزراء التي يشبّهها البعض بجلسة مجلس الوزراء التي انعقدت برئاسة الرئيس الأسبق إلياس الهراوي والتي أقرّت الزواج المدني الاختياري بأكثرية الثلثين، مقابل معارضة الرئيس رفيق الحريري يومها والذي رفض توقيع المرسوم.
غير أن الظروف والمواقف تختلف بين مرحلة التسعينيات وهذه المرحلة، حيث أن الرئيس سعد الحريري لا يتمسك بمعارضة الزواج المدني كما فعل والده، لا بل أن الحريري الابن رفض فتوى مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني الذي قال فيها إن «مَنْ يؤيّد الزواج المدني مرتد وخارج عن الإسلام».
وكان امتناع الوزير المشنوق المقرّب من الحريري عن تسجيل عقود الزواج المدني المعقودة في لبنان وقوله إن قبرص قريبة أثار جدلاً في لبنان، كان من نتيجته قرار وزير الداخلية طرح موضوع إجراء الزواج المدني في لبنان وتسجيله في وزارة الداخلية على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن.
وسبقت هذا القرار دعوة وزير الداخلية أصحاب عقود الزواج المدنية إلى مراجعة المحاكم المدنية للنظر في قانونيتها وبتّ تسجيلها.وأكد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أنه « مع مبدأ الزواج المدني الاختياري في لبنان، إلا أنه في غياب أيّ نص قانوني مدني نافذ يرعى أحكام هذا الزواج ويحدد الإجراءات والآليات والمستندات المطلوبة والمرجع الصالح لعقده وبتّه، فإنه يتعذر حالياً تسجيل عقود الزواج المدني المنظمة لدى الكاتب بالعدل في لبنان، ولا بدّ من سن قانون للزواج المدني الاختياري يرعى شؤون هذا الزواج وآثاره «.وأضاف البيان « إن القرار 60 ل. ر. الصادر بتاريخ 13/3/1936 والذي يستند إليه البعض في إجراء عقود الزواج المدني في لبنان، قد أجاز إنشاء الطوائف التابعة للحق العادي شرط الحصول على الاعتراف بها إذا كانت تعاليمها الدينية ومبادئها الأخلاقية لا تتعارض مع الأمن العام ولا مع الآداب، ولا مع دساتير الدول ودساتير الطوائف.. استناداً إلى المادة 15 منه، ولكن يتوجب عليها وفقاً للمادة 16 من القرار نفسه، أن تقدم إلى الحكومة نظاماً يحتوي على ملخص مبادئها الدينية أو الأدبية وعلى تنظيمها على أن يعترف إذا اقتضى الأمر بهذا النظام ويوضع موضع التنفيذ بقرار تشريعي… وهذا ما لم يحصل حتى تاريخه». وختم «أن الحل الأمثل للقضية المثارة وما تمثل من أهمية بالغة على مختلف الصعد الوطنية، يجب أن يتولاه مجلس النواب مصدراً التشريعات اللازمة في شأنها «.
وما يدعو إلى الاستغراب أن في وزارة الداخلية مَن يرفض تسجيل عقود الزواج المدني التي تُعقد لدى كتّاب العدل على الأراضي اللبنانية، فيما تُسجّل العقود» الأجنبية «المعقودة في الخارج.
«ومن تداعيات موقف وزير الداخلية ما قاله مدير المركز المدني للمبادرة الوطنية المحامي طلال الحسيني عن أنه «لا يحق لوزير ان يلغي قرار وزير سابق، فالوزيران مروان شربل ونهاد المشنوق خاضعان لقانون موجود». وشرح أن «الوزير شربل بصفته وزير داخلية، أرسل أسئلة مفصلة إلى هيئة التشريع والاستشارات عن هذا الموضوع، فجاء الجواب الذي على أساسه تم تسجيل عقد زواج نضال درويش وخلود سكرية وأربعة عقود بعدهما. وتبيّن ان ليس لوزارة الداخلية أي صلاحية كي تتدخل بعقد الزواج إلا من ناحية شكلية قانونية، وأن ليس للمشنوق دور سوى أن يأمر الموظفين بالتزام القانون الذي تمّ إثباته بواسطة وزارة العدل «.
اما نضال درويش الذي فتح وزوجته خلود سكرية باب الزواج المدني على الأراضي اللبنانية، فأكد «أن عقد قرانه والعقود الأربعة الأخرى لا يمكن إلغاؤها، فقد اصبح لدينا اخراجات قيد لبنانية». واعتبر « أن رفض المشنوق التوقيع على العقود الحالية يعني الضرب بعرض الحائط بأهم مبدأ في الدستور، وهو مبدأ المساواة بين جميع المواطنين».