هنيئا لأعداء السعودية بالسعودية!

حجم الخط
26

الآن والأزمة في الخليج تتجه نحو تطبيع العداء والتسفيه السياسي (من طرف المحور السعودي)، أصبح من الواجب طرح علامات استفهام حول الدبلوماسية السعودية. لماذا؟ لأنها طيلة السنوات الأخيرة، لا تفعل إلا ما هو متناقض مع مصالحها ويخدم أعداءها.
ـ جلبت الأمريكيين والبريطانيين في 2003 لانتزاع العراق من صدام وأبنائه وسلمته لعدوها، الاستراتيجي والمذهبي، الأزلي: إيران. (اقرأوا كتاب الصحافي الأمريكي المخضرم بوب وُدوُرد «خطة هجوم» لتكتشفوا الدور الخطير الذي لعبته السعودية بواسطة الأمير بندر بن سلطان، في جلب الاحتلال الأمريكي للعراق، والذي لو اطلع عليه العرب لكفروا بالمملكة إلى الأبد).
ـ لعبت دوراً بارزا لانتزاع سوريا من آل الأسد، ثم ساهمت في التنازل عنها قِطَعا، واحدة لـ»داعش» وأخرى لأمريكا وثالثة لإيران وحزب الله ورابعة لروسيا، وهكذا.
ـ زجَّت بنفسها في مستنقع اليمن فتركته خرابا، وهي تواجه اليوم حرب استنزاف يومية بمناطقها الجنوبية. ناهيك عن أنها خسرته لصالح الإمارات وإيران التي تسلمت اليمن من دون طلقة نار واحدة.
ـ تنمّرت على قطر فجلبت إيران وتركيا إلى حدودها في زمن قياسي.
ـ افتعلت هذه الأزمة غير المسبوقة مع قطر، بينما مجلس التعاون الخليجي في أفضل حال من التناغم والوفاق. ثم أدارتها بالتهديد والوعيد مثل إمبراطورية النمسا تجاه صربيا عقب اغتيال ولي عهدها في شوارع سراييفو في 1914 (من عجائب الصدف أن الأزمة حدثت في مثل هذا الشهر، والنمسا أمهلت صربيا عشرة أيام غير قابلة للتفاوض لتسليم القاتل. تبعَ ذلك نشوب الحرب العالمية الأولى مع كل الفظاعات التي شهدتها).
نظريا، إيران هي العدو الوجودي للسعودية. لن تنام لحكام المملكة عينٌ وإيران قوية ومستقرة. نظريا أيضا، تركيا هي العدو الثاني للمملكة لأن على رأسها منظومة حكم على نقيض عقائدي مع كل ما هو سعودي. لكن، عمليا، لم يخدم أحد التوسع الإيراني، في العقدين الماضي والحالي، كما فعلت الدبلوماسية السعودية. ولا أحد يخدم الأطماع التركية الإقليمية، منذ وصول الإسلاميين إلى حكم تركيا، كما تفعل الدبلوماسية السعودية.
المطالب الثلاثة عشر، الركيكة والتي أصبحت من الماضي، أضرت بأصحابها وحدهم. فالمطلب المتعلق بنشر التطرف والإرهاب، يسلط الضوء على الدور السعودي في نشر الوهابية في البلدان الفقيرة طيلة عقود تحت غطاء بناء المساجد والمساعدات الخيرية، وعلى عشرات الدعاة السعوديين الظلاميين الذين ترعاهم حكومة بلادهم. ويذكّر الناس بأن حركة طالبان الأفغانية سادت وبادت ولا تعترف بها إلا ثلاث دول فقط، هي السعودية والإمارات وباكستان.
أما مطلب تخفيض العلاقات مع إيران فيسلط الضوء على دبي ودورها الحاسم في بقاء الاقتصاد الإيراني على قيد الحياة رغم الحصار الغربي. ويذكّر الناس بأن مصر لا تُكنّ أي عداء لإيران، بل رفضت السماح لبعض برلمانييها حضور مؤتمر «مجاهدي خلق» المعارضة في باريس الأسبوع قبل الماضي.
مطلب غلق قناة «الجزيرة» سلّط الضوء على قنوات الدجل الديني الممولة سعوديا، وعلى «العربية» و»سكاي» و»مهنيتهما» المثيرة للضحك. أرادوا تصفية «الجزيرة» فإذا بهم يجلبون لها تعاطفا دوليا لم تحلم به، ونظموا لها حملة ترويج وعلاقات عامة عالمية كانت ستنفق عليها الملايين. كانت السعودية والإمارت مستورتين تمارسان ما يحلو لهما من بلطجة ومظالم إقليمية في صمت وبلا حسيب. لكنهما اختارتا افتعال أزمة عَرَّتهما. بفضل هذه الأزمة تعاطفت كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية مع قطر و»الجزيرة» («نيويورك تايمز» و»فورن بوليسي» في الولايات المتحدة، «غارديان» و»تايمز» و»إندبندنت» و»إكونومست» في بريطانيا، «إل باييس» الأسبانية، «لوفيغارو» الفرنسية.. إلخ).
وبافتعالهم هذه الأزمة ألّب السعوديون والإماراتيون عليهم الرأي العام في دول عربية بعيدة، لم تكن بالضرورة على ودّ مع قطر. وبهذه الأزمة أعادوا لـ»الجزيرة» وهجها الذي لا يكتمل من دون حرية وجرأة في التعاطي مع الشأن السعودية.
قد يتوجب القول إن التعاطف مع قطر كان مدفوعا بكون من يقذفها بالطوب هو آخر من يحق له توجيه تلك الاتهامات. ولذا ترتب عن هذه الأزمة أن اكتشف العالم أن الإمارات دولة مارقة تهوى الأدوار التخريبية إقليميا وتدير سجونا في اليمن تشبه غوانتانامو. وقبل ذلك تدير سجونا فظيعة على أراضيها يُزجُّ فيها بالناس بلا أدنى حقوق. وبفضل الأزمة التفت العالم إلى عورات المملكة، الكثيرة، وليس أبرزها فظاعات سلاح الجو السعودي بحق المدنيين والمنشآت (المنعدمة أصلا) في اليمن.
أحد المعلّقين قال إن هؤلاء الناس لم يأت إليهم الربيع العربي فذهبوا إليه. والحال هذه، يصبح التساؤل مشروعا: مَن يخطط للسعودية دبلوماسيتها، ومن يقدم لها المشورة السياسية والقانونية؟
إذا كان لديهم مخططون خططوا، والنتيجة هي التي نرى، فتلك كارثة. إذا كان لهم مخططون ولم يخططوا فتلك كارثة أكبر. وإذا لم يكن لديهم مخططون فتلك كارثة أكبر مرتين.
الأهم: يصعب استيعاب أن يكون لدولة ما مخططون ومستشارون، ثم تقود نفسها إلى كل هذا الوحل.

٭ كاتب صحافي جزائري

هنيئا لأعداء السعودية بالسعودية!

توفيق رباحي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أمجد اابحر:

    كلام سليم و تشخيص دقيق الدبلوماسية السعودية غير الموجودة اصلا

  2. يقول الماضوي - الجزائر:

    التخطيط أنواع كخط تفناغ و خط لوبيا .. كلها خطوط خطها بشر و هم في اعتقادهم أنها رسائل لعوالم أخرى قد تأتي هكذا من دون سابق معرفة .. ما يهمنا في هذا الموضوع أن أصحاب الخط هذا أناس لا يفترقون عن هؤلاء في فكر .. معالي السفير السعودي أيام الغزو و التخطيط له كان علامة مسجلة في فن الاغواء .. اشرطته المدبلجة و الصريحة لفظا أعادته الى سالف زمن خطط فيه الأمازيغ و اللوبيون ما أرادوا من رسومات الأوعال و كأن الأوعال هي الرب الواحد في التمثيل و الظهور .. مساكين آل الضيعة نراهم بأعين ليس بها مجاسات و لا نظارات مكبرة آئلون الى أغوار سحيقة .. ربما زف زمن رحيلهم من دون تذكرة ..هكذا عودتنا جميع الروايات البوليسية …

  3. يقول محمد الحبيل-الرياض:

    كل ماتصوره الكاتب من كوارث جلبتها السعوديه بسياساتها في المنطقه هي في الاصل واقع من المهددات والقروح المزعجه الموجوده في جسد الامه ولم تستجيب لمعالجات الزمن بل اصبحت تنمو وتكبر فكان ولابد من مواجهتها وتجاوز مستنقعاتها بهذه السياسات

  4. يقول lesocrate2000:

    هنيئا لك بهذا المقال !

  5. يقول جواد ظريف:

    كل تفكيرهم اي ال سعود ينبع من خوفهم من فقدان السلطة الغرب أمريكا خصوصا تفهم هذا جيدا وتبتزهم وتستغلهم لتحقيق مأربها لذالك لاتستغربو عندما تجدون علم اسرائيل كستقبلا يرفرف في الرياض .حكمهم متعلق فقط بكمية البترول الموجودة تحت الأرض اتمنا فقط أن تكون قليلة لنامن شرهم فهم لم يقدمو للأمة العربية الا القلائل الإرهاب

  6. يقول صوت من مراكش:

    اسعدك الله اخي توفيق رباحي وكل السادة القراء اود ان اشير في البدء

    ان المواطن العربي ليس في حاجة لكتاب الصحافي الأمريكي المخضرم بوب وُدوُرد

    «خطة هجوم» ليكتشف دور السعودية التدميري في كل بقعة بارض العرب صارت يبابا

    وخرابا أما عن تساؤلك المشروع من يخطط للسعودية دبلوماسيتها، ومن يقدم لها المشورة السياسية والقانونية؟

    ففي اعتقادي ان صاحب القرن الذي ذكر في الحديث النبوي انه سيخرج من ارض ” نجد” لبث الزلازل و الفتن

    هو قرين اصحاب القرار هناك و ملهمهم الوحيد و ذو الوحي الهالك
    _
    وتحياتي

  7. يقول UK:

    كل ما جاء في المقال أعلاه حصل ويعرفه النائ والداني، تبقي التساؤلات في الفقره الاخيره محيره بدون إجابات …ويصعب تصديق ما يتبادر إليّ عقل المتابع من شبهات حول قادة أطهر بقاع الارض… اللهم سترك وعونك.

  8. يقول محمد الحبيل - الرياض:

    السلام عليكم،،،
    الكاتب يطرح بعض الحقائق ويغفل (المسببات) التي هي امر واقع بمثابة قروح واوجاع زرعت في جسد الامه لتهديدها وإضعافها وصولآ لتدميرها ولم ينفع معها مداوتها بالصبر فكان لابد من معالجتها بالكي احيانآ والاستئصال احينآ اخرى لتسلم الامه وتستمر في السير متجاوزتآ هذه الوحول ولو عزت علينا بعض الخسائر ،،، ، يجب على افراد الامه ان يعرفو ان المخاطر المحيطه اكبر مما يظنون انهم يعرفون!! والمعارك في ذلك مستمره فلا تحكمو على مرممي البناء اثناء العمل بسوء النتائج قبل ان يكتمل العمل ،،تحياتي

  9. يقول أسامة حميد-المغرب:

    هذه الأزمة المفتعلة ضد قطر أظهرت أمورا كثيرة كانت شبه خافية ومستورة فأراد ربك أن يفضحهم من حيث لم يحتسبوا. م
    كما أن هذه الأزمة أظهرت إلى أي مدى كانت قناة الجزيرة “تتستر” على فظاعاتهم حفاظا على شعرة معاوية ومداهنة لهم مراعاة لحساسية “مشاعرهم”…ولكن الآن أصبحت الجزيرة في حل من هذا القيد الذي فرضته على نفسها تجاههم بعدما كشروا عن أنيابهم بحقها ومن يحميها…
    لقد ساهموا بغبائهم المنقطع النظيرفي تخليص الجزيرة من هذا العبئ الثقيل من الرقابة الذاتية فأصبحت فضائحهم بلا تحفظ تتصدر عناوين نشراتها الرئيسية التي تحظى بمتابعة الملايين وشرعت في استخراج ملفات جرائمهم قديمها وحديثها ونشرها على الملإ بالصوت والصورة وعلى نفسها جنت براقش. فهنيئا لأعداء السعودية بالسعودية! وهنيئا لأعداء الإمارات بالإمارات! وهنيئا لقطر والجزيرة بهذا التعاطف العالمي الذي جلبته لها دول الحصار من حيث قصدت إذايتها. (وما يعلم جنود ربك إلا هو).

  10. يقول بندر من السعودية:

    صوت من مراكش
    نجد ليست فقط في السعودية نجد تمتد إلى العراق فأغلب الفتن خرجت من العراق الخوارج خرجوا من العراق الذين قتلوا ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان قدموا من العراق الذي قتل رابع الخلفاء الراشدين علي بن ابي طالب شخص من العراق الدواعش خرجوا من العراق الذين خانوا الحسين بن علي هم اهل العراق بغداد تدمرت على يد الماغول بسبب خيانة واحد من العراق هذه معلومات من التاريخ وليست من عندي. فقل خيراً او اصمت. بعدين بلدك المغرب فاتحة سفارة اسرائيلية.

    1. يقول صوت من مراكش:

      بندر من السعودية

      لماذا رميت بكل المساوئ للعراق لدي يقين لو انه ذكرفي حديث ما ان المسيح عليه السلام

      سيظهر من نجد لحرصت على حصر حدود نجد في جزيرة العرب فقط

      ثم لماذا يا اخي تصر على نبش الماضي البعيد وتصمت عن ذكر من طلب مغول

      العصر الحديث الامريكان لاحتلال اجزاء كبيرة من بلاد المسلمين و العرب

      اتفق معك بأن ساسة بلادي للاسف الشديد منبطحون و مطبعون و لا يستشيرون معظم

      الشعب المغربي في قراراتهم ولو انهم احترموا رأيه لما كان هناك من محاولة تطبيع ولا

      مشاركة في تحالف ” لا عربي ” ظالم مهمته قتل اخواننا في اليمن الحبيب وجلب الامراض الفتاك لأبناءه

      اتمنى من قلبي ان يكون في رفض ساسة بلادي لحصار دولة قطر بداية عودة الوعي و يقظة ظميرهم

      القومي و الديني وفي الاخير اود لن اشير اليك ان نقدنا لسياسة السعودية نابع من حبنا وحرصنا على كل

      العرب و المسلمين وليس بغرض التجريح ونتمنى لهذا البلد ولكل بلدننا العربية الامن والأمان

      تحياتي

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية