عمان ـ «القدس العربي»: يسمح إعلان رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور عن تحويل قانوني البلديات واللامركزية الإدارية إلى البرلمان قريبا بعودة النقاش الخجول لكن الانفعالي خلف الستائر السياسية حول قانون الانتخاب الذي يعتبر المحطة الأبرز بعد إغلاق ملفي البلديات واللامركزية.
بوضوح يخطط النسور للبقاء في السلطة لفترة أطول تضمن إشرافه على تمرير هذه التشريعات المهمة والمنتظرة والتي تعتبر أبرز القوانين المعترض عليها وتثير النقاش لإنها المعنية بالجدل حول «الإصلاح السياسي».
عبر رافعة قوانين الإصلاح السياسي التي تدخل مستوى الاستحقاق العملي مع الصيف المقبل يريد النسور المثير للجدل إظهار قدرات حكومته على الولوج بهذا الملف بعدما اقتصر عملها طوال عامين على الإصلاح الاقتصادي.
لكن المهمة لا تبدو سهلة عند الوقوف على محطة قانون الانتخاب تحديدا حتى وإن كانت أقل تجاذبا وخلافا عندما يتعلق الأمر بقانون التعددية الحزبية واللامركزية الإدارية أو حتى قانون البلديات.
في السياق يعتقد على نطاق واسع بان التمهيد لقانون الإنتخاب الجديد تطلب سياسيا العمل على إضعاف تيار الإخوان المسلمين بسلسلة من الخلافات الداخلية لعبور معادلة وسطية لنظام الانتخاب بعدما توثق الجميع من ان موقف الإخوان هو الذي يسعى لسحب الشرعية من أي نظام انتخابي تقترحه السلطة.
تجنبا لوضع ذرائع وذخيرة بيد الإخوان المسلمين أعلن النسور مبكرا سقوط ونعي قانون» الصوت الواحد» الذي طالما قالت الحركة الإسلامية أنه يستهدف تقليص حضورها الشعبي والجماهيري.
سقطت كذلك تجربة الصوت الوهمي بسبب الذهنية المغلقة التي منعت إجراءات موازية تسمح بالتغير التدريجي وسقطت صيغة القائمة الوطنية، كما طرحت في الانتخابات الأخيرة.
يعني ذلك عمليا بأن صيغة الصوت المتعدد هي التي قد تعود في الأيام المقبلة في الوقت الذي لا تبدو فيه أجهزة ومؤسسات الدولة «موحدة» إزاء أي مقترحات في هذا الإطار، فحكومة النسور ووفقا لوزير التنمية السياسية خالد الكلالدة تعمل على تعديل في صياغة قانون الانتخاب يقترب من صيغة لجنة الحوار الوطني بمعنى الصوت المتعدد.
كل المؤشرات المتسربة من داخل الحكومة تتحدث تقريبا عن صيغة قريبة جدا من نظام عام 1989 حيث الدائرة مفتوحة على عدد المقاعد والصوت المتعدد على عدد المقاعد أيضا مع تخصيص نسبة من القواعد لقائمة وطنية.
لجنة الحوار الوطني التي ترأسها المخضرم طاهر المصري كانت قد اقترحت ثلاثة أصوات أحدها فردي والثاني على مستوى المحافظة والثالث على المستوى الوطني، والمعارضة الإسلامية تعترض على بقاء أي صيغة لها علاقة بالصوت الواحد دون تقديم بدائل حقيقية تحظى بالإجماع الوطني.
اليوم تبرز صيغة جديدة إستمعت لها «القدس العربي» مباشرة على هامش نقاشات مع رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي وتقترح التعامل مع تشريعات الإصلاح السياسي باعتبارها «حزمة واحدة» تنسق مداولاتها بتوقيت زمني متقارب ضمانا لعدم حصول إزدواجية ولتحقيق التنمية الحزبية بالتوازي مع قانون انتخاب عصري متطور يساعد بدوره في نمو التنمية السياسية وإيصال أفضل الكفاءات والخيارات لقبة البرلمان.
الرفاعي يبدو ميالا لتخفيض عدد المقاعد من 150 إلى 100 مقعد ويقترح تخصيص 25 مقعدا لقائمة وطنية مبرمجة على الأساس الجوهري في تطوير آلية العمل الحزبي، بحيث تمثل جميع المكونات والجهات والاتجاهات على ان يخصص الصوت الثاني للدائرة المباشرة بمنطق الاختيار من متعدد وعلى ان تخرج من المنافسة أي قائمة انتخابية وطنية لا تحصل على 5% فما فوق من عدد أصوات المشاركين في الاقتراع.
في مناطق أعمق من مسؤولي القرار يدافع بعض الساسة عن الصوت الواحد ومن المرجح أن رئيس الديوان الملكي النافذ الدكتور فايز طراونة متزعم الجناح المحافظ في القرار لا زال يرى أن مبررات الصوت الواحد الأمنية والوطنية لا زالت قائمة.
أعضاء مجلس النواب من جهتهم لا يوجد عندهم تصورات مدروسة وموحدة وغالبيتهم تهتم بتأخير استحقاق قانون الانتخاب تجنبا لتقصير عمر مجلسهم ومنحازون لمصالحهم الانتخابية المباشرة، مما يساهم عمليا بعدم وجود مطبخ حقيقي في البرلمان له تصور واضح ومحدد في قانون الانتخاب.
في كل الأحوال السباق نحو تشريعات الإصلاح السياسي بدأ في الأردن وسط ظروف إقليمية معقدة وأمنية أعقد وكل طرف في العملية السياسية لديه تصور وهدف مرسوم على الدائرة الضيقة للمصلحة، والجميع على الأرجح سينتظر الكلمة الفصل من القصر الملكي.
بسام البدارين