وداعا قاسم سليماني بطل «الكاميرا الخفية»

شواربه سينمائية، وعوده رنان! ولكنه يكره الكاميرا أو ربما يخافها، عضلاته من دخان، وعمامته العسكرية تحمل نجمة الشيطان، كان فقيرا معدما وعامل بناء بسيطا بكاريزما عالية، كدح في عمر بكر، ليسدد دينا لحكومة الشاه، لا تتجاوز قيمته المئة دولار، لم يكن عالم دين، ولا تلقى أية دراسات دينية، ولم يشارك في الثورة الإسلامية حتى، لكنه انضم لفيلق القدس، ولعب دورا بارزا في الفتنة بين الأكراد وصدام، ثم في الحرب العراقية – الإيرانية، طلب من قوات مقتدى الصدر أن توقف هجماتها على الاحتلال الأمريكي في العراق، بالاتفاق مع أمريكا، وهو من سلم الأمريكان مخططات قواعد طالبان، التي ساعدتهم في غزو أفغانستان، أما الآن فحلفاؤه الأكراد ينقلبون عليه بأوامر أمريكية، وترفض قيادات الجيش السوري تنفيذ أوامره فيستشيط منها غضبا و يشكو أمرها لأحد القوى التابعة للحرس الثوري الإيراني، على ذمة «هآرتس» في عددها الصادر يوم 13 مايو/ آيار، مهددا: «أستطيع غزو سوريا بين ليلة وضحاها بفرقة واحد من قوات الباسيج»!
إنه قاسم سليماني، الذي يرفض التعاطي مع الإعلام الإيراني، لأنه ساحة لا تشرفه، بل يتنازل عنها للساسة الذين يحتقرهم، فإن كان الجنرال هو رجل الظل، الذي يسلط العالم كله الأضواء عليه، فمن هو رجل الضوء إذن؟

كاميرات خفية في حرب سوريا

اقترب المشهد الأخير من حفلة الكاميرات الخفية، في الحرب السورية، السرية، التي يشتعل أوارها بين الأسد وإيران من وراء ستار، فقريبا جدا سيأتي اليوم الذي نشاهد فيه بيانا رئاسيا يلقيه الأسد على الأمة مطالبا بإنهاء الاحتلال الإيراني لسوريا! لأنه لم يتبق ما يمكن انتظاره بعد أن فضحت هآرتس ما يلمح به بوتن، متولية الجانب الإعلاني لكل ما يضمره الرئيس الروسي، وهو يؤكده ضمن الحيز التنفيذي، ولا داعي بعد كل هذا أن نتساءل من الذي ينتصر في لعبة الرهان على البقاء والزوال: اسرائيل أم إيران؟
بدك الصراحة، الاثنان سيبقيان إلى الأبد، والعرب وحدهم سيختفون من المشهد، وأما المنتصر الوحيد في هذه الحرب فهو بوتن، الذي يبرع باختطاف الأضواء ليظل اللاعب الأمهر في زاوية الظل، ليس لأنه يعلن للميديا ما يضمره، بل لأنه يفعل ما لا يعلنه، وهذا وحده كاف للخوف على إيران من المشاهد المخبأة في الصناديق، والتي لم يسمح بعد بإخراجها للإعلام، بما أن بوتن ينحدر من ختم الوحمة على جبهة غورباتشوف، التي سلمت الكرة الأرضية على صلعته لأمريكا، وإن لم تكن تصدق هذا أيها المشاهد، فعليك أن تعود للكاتب يوستاس مولينز، الذي حدثتك عنه مرة ليجيبك عن السؤال الأهم: أين يقع مقر الإمبراطورية الشيوعية؟
أربط الحزام أيها المشاهد، فالجواب هو: واشنطن! كيف؟ يذكرك مولينز بحملة السيناتور مكارثي، التي فضح بها التأثير الشيوعي على السياسة الخارجية الأمريكية، وزعم بوجود شخصيات شيوعية مرموقة تدير الحكومة الفدرالية ومراكز أمنية واستيراتيجية وقيادات في الجيش الأمريكي، لا بل إنه اتهم إدارة آيزنهاور نفسه بالشيوعية، علما بأن ريغان مهندس الحرب العالمية الثالثة والذي أقيمت له جنازة الفرعون، دخل واشنطن مظفرا، لأنه كان محاطا بمستشارين من جامعة ستانفورد، التي تولت تنظيم هيئة استشارية خاصة لحملة بوش الانتخابية وحربه على العراق، وكلهم يدينون بالولاء للشيوعية، فهل ستنجو سوريا منهم أم من بوتن؟

فنون الظل عند عائلة روتشليد

يقول مولينز، إن المصرفيين الأذكياء ونبلاء عائلة روتشليد، أدركوا خطر الانكشاف على الإعلام وفضح دورهم في الحرب العالمية الأولى، فقاموا باستئجار 400 من ضباط الجيش الأمريكي، الذين تم تسريحهم من الخدمة مؤخرا، ليسافروا إلى أوروبا، وبحذر تام يقومون بجمع الوثائق التي تدين دورهم الإجرامي في الحرب، هذه الوثائق الآن مخبأة في جامعة ستانفورد، ولم يكن اسم أول رئيس لمركز التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «جون هوفر» قد ظهر ضمن ترسانة التخطيط، ولكن لقب القديس المخلص والمنقذ للشيوعية، مع رواية إنجيلية سرعان ما انتشرت تفيد بأن الرجل كان من ألد أعداء الشيوعية!
حسنا إذن؟ ماذا عن معهد هوفر للحرب؟ إنه استراحة للتروتسكية الشيوعية، كما يطلق عليها مولينز، برعاية سيدني هوك ورفاقه، وكل هذا الدعاية التي تم ترسيخها لهذا المعهد، تركز على كونه يضم فرقة العداء المطلق للشيوعية بينما، هم في حقيقة الأمر سدنة أو كلاء ستالين، كما أسماهم!
الكاتب أماط اللثام عن «آلجر هيس» أحد أهم من أوجدوا الأمم المتحدة، بصفته جاسوسا لموسكو، متحسفا على العالم: «سيأتي علينا يوم يتقاضى فيه البشر الأموال بكوبونات الغذاء، التي سيحرم منها من لم يحمل علامة الوحش»! ثم بعد ذلك يسألونك من الذي احتل العراق ومن الذي سيحرر سوريا؟
إنها كائنات الظل، التي لا نراها، وتثبت فعليا أنها الأخطر من ترامب وشلته، ومن بوش وشبيحته ومن أوباما وفرقة «حسب الله»، التي تزفه بالطبل البلدي وخلاخيل الصقور الدجاجية في الإعلام، أي التي لم تنضج بعد، ولم تزل تتحسر على الدمى، وهي لا تعلم أبدا، أن الشيوعية ضد العالم، والسماء، والأرض والإنسانية والفضاء والعرب والغيب والطبيعة والذي منو!

مبارزة مُقَنّعَة و«غميضة» فضائية

هناك مبارزة إعلامية ترتدي أقنعة أو براقع شفافة، ليس الهدف منها الوقاية من ضربات الخصم، بقدر ما هي تحد سافر، بمن سينتصر أولا بلعبة الاختباء من المشاهد، فكلهم يلعبون الغميضة معك، ووحدك فقط، الأعمى الوحيد، الذي تغطي عينيه شاشة سوداء، تخفي وراءها أبطال الظل، بحقيقتهم البشعة التي لا تريد أنت أن تراها، لأنك تصر على كونهم مخلصين لك، فكيف يحررونك من وهمك وأنت نفسك لا تريد أن تتحرر منه؟
راحت القدس، وسليماني على بعد أمتار من مآذنها، ولم يحرك ولو شاربيه قبل صواريخه، اختبأ، متناسيا أن فقدان الشجاعة ليس أبشع من الصبر على العدو، ولم يتبق لك سوى اللعب مع عشاقك، الذين يلمعونك على طريقة البويَهْجِيّة، «ماسحي الأحذية»، لعبة الكاميرا الخفية، فلا تحزن أيها الجنرال، معلش نقدر صدمتك بالمقلب الترامبي، ولكننا نؤكد لك ما تؤمن به، فالقدس لم تضع بسبب الخونة فقط، ولا الجبناء، ضاعت بسبب الأغبياء قبل غيرهم!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

7gaz

وداعا قاسم سليماني بطل «الكاميرا الخفية»

لينا أبو بكر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جمعاوي جمعة:

    الأبشع من الاثنين، فقدان الشجاعة والصبر على العدو، هو المتاجرة بالقضية واستغلالها. أخذ إسم القدس ليضعه على فيلقه ولكنه لم يقدم للقدس سوى الاساءة لاسمها حيث ان قتلاه فقط من العرب.

  2. يقول الكروي داود:

    قاسم سليماني لا ينفذ أجندة سيده الخامنئي فقط! والدليل حماية الطائرات الأمريكية له بالعراق!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    أتيت لتوي من هناك … لأقول لرئيسة كنفدرالية الوعي العربي … عيد ميلاد سعيد يا لينا …
    .
    كل سنة و أنت طيبة … تهنئة بعد يومين … معليش … كل عام و أنت فنانة.
    .
    من برج الميزان، بكل مودة، ابن الوليد.

    1. يقول لينا أبو بكر - فلسطين:

      يا ابن الوليد …سلمت وسلم هذا الحضور البهي والرائق .. لذاكرتك ولاسمك ..
      مع احترامي وتقديري لكل القرّاء الكرام .

    2. يقول الكروي داود:

      مرحباً بعودتك يا عزيزي ابن الوليد – تقبل بالكونفيدرالية للأستاذة لينا ولا تقبل بها لشعب الصحراء الغربية!؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول صوت من مراكش:

    من منا ينسى ختم الوحمة على صلعة صاحب البريسترويكا غورباتشوف

    و كيف سلم الكرة الارضية لامريكا بوتن الآن على ما يبدو يقوم

    بحروب استرداد و ستر سوءة الصلعة وقد بدأها بالمياه الجامدة في القرم

    و هاهو ينعش قواه بأرض الشام

    تحياتي

  5. يقول Jihad Qadan:

    نعم، تهويد القدس فضح الحميع، واكثرهم الذين يتشدقون بالشعارات، وفيلقه بالتحديد، ننتظر مقالاتك بفارغ الصبر

  6. يقول سـامية:

    متى ســـــــــتدركون أيها الـــعرب ســـــــــنة وشـــــــيعة ومســــيحون ودروز … أيها العـــرب بكل مللهم؛ أن هـــدف الــفرس هو تدمــــــــير بلادكــــــم وقتل أكـــــــــبر عـــــدد من الـــــعرب ســــــــنة وشــــــــيعة وغيرهم…. هؤلاء ملالي المجوس يــكرهونــــــــــكم جميعاً ويريدون الثأر لتدمير أمبراطورية فارس وليس تخفيهم تحت عباءة الدين إلا كذباً لخداعكم وتقسيمكم وجعلكم تقتلوا بعضكم البعض …. ملالي المجوس سيقاتلون حتى آخر شـــيعي عربي فهذا هو هدفهم : قتل أكبر عدد من العرب سـنة وشيعة ومسيحيين ودروز وغيرهم. حقدهم على العرب وعلى الأديان السماوية لاحدود له .

  7. يقول Haitham:

    تحية لكِ و لمقالاتك الممتازة٠ لدي ملاحظة و طلب مبك و من بقية الكُتاب في القدس العربي و هي : لماذا لا تكتبون الأسماء الأجنبية بالحروف اللا تينية بين قوسين مما يسهل لنا البحث عنهم و عن كتبهم، مثلاً يوستاس مولينز ؟ ٠ لكِ جزيل الشكر سلفاً٠

  8. يقول يوسف//الأردن:

    فعلاً يالينا الحروب وخاصة في منطقتنا العربيه كلعبه تُدار من ورأ ستار والصهاينه موجودين بكل فصولها كالملح في الطعام لايري ذلك المواطن العادي البسيط …. أحسنت

  9. يقول سعيد العربي:

    وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

  10. يقول رياض- المانيا:

    مقال رائع. اخت لينا، اعتقد انك تقصدين عائلة ( روتشيلد) اليهودية الالمانية. فهذه هي الترجمة او طريقة الكتابة الصحيحة للاسم من الالمانية
    ( (Rotschild) الى العربية. وللمفارقة فان الاسم يتكون من كلمتين احداهما تعني اللون الاحمر والثانية تعني الدرع او اللوحة وبهذا يكون لهذه العائلة المجرمة الناشطة في مجال تجارة السلاح وخلافه والعقارات وكل مايلزم لاشعال الحروب وتمويلها من اسمها نصيب: الدرع الاحمر او اللوحة الحمراء.
    دمت بخير اخت لينا ورمضان كريم لك وللقراء الاعزاء.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية