وزارة الملقي أكثر استرخاء والشعب يدير ميزانياته المتقشفة

عمان ـ «القدس العربي»: يساهم حصول حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي في الأردن على جرعة معنوية ملِكِية كبيرة لدعم خطتها الاقتصادية في تغيير الكثير من الوقائع والحقائق على مستوى الإدارة الداخلية لأكثر الملفات تعقيدا وهو الملف المالي.
بعد الآن ليس من السهل توقع أن تبقى وزارة الملقي وحيدة في المجال الحيوي لمواجهة الارتفاع الكبير في سقف النقد، فتلك الجرعة المعنوية من مؤسسة القصر الملِكِي لا تترك الحكومة وحدها في مواجهة برلمان متحفز أو شارع مستعد للانقضاض أو حتى في مواجهة نخب تحترف المعارضة وتسعى للشعبوية.
يمكن فهم خطاب ملك الأردن الأخير والمفاجئ على هذا الأساس، وإن كانت البيئة التي برز فيها تدلل على أن بعض الأقطاب في المعارضة كانوا في طريقهم أصلا لفرض إيقاع جديد بسقف مرتفع للجدال ومن دون التوقف عند محطة الاستحقاق الاقتصادي والمالي الذي تواجهه الدولة.
الحديث هنا عن عودة وظهور معارض من حجم ليث شبيلات في سياق تفاعله مع معارضة شرسة من وزن هند الفايز.
شبيلات والفايز عادا للأضواء والمسرح في إطار التفاعل مع ما أثارته نقاشات مشروع الضريبة الجديد الذي يلوّح به وزير المالية عمر ملحس في الوقت الذي استرسل فيه تيار المعارضة الحزبي في مواقع الصمت ليس من باب التواطؤ كما فهمت «القدس العربي» من قيادات بارزة في الإخوان المسلمين ولكن من باب الحرص والمسؤولية.
أكثر من خمسة مسؤولين في الإدارة الأردنية قالوا لـ «القدس العربي» خلف الكواليس عن الإيقاع الجديد المفروض على المملكة بعد مستجدات إقليمية في غاية الحساسية أهمها التخلي السعودي التام عن مساعدة الأردن وانقلاب المؤسسات الإسرائيلية عليه وتجاهل الإدارة الأمريكية لحل الدولتين في القضية الفلسطينية.
في رأي خبراء كبار هذه التحولات تضع الأردن وحيدا عمليا في مواجهة الاستحقاق المالي والاقتصادي وسط ظروف غاية في التعبير يزيد من تعقيدها وجود خصومات للدولة الأردنية مع المحور الذي يبدو أنه حسم الأمور لمصلحته في الملف السوري وهو المحور الإيراني السوري حيث لا مكان تقريبا للبضاعة والمنتجات الأردنية في أسواق العراق أو في مشروعات إعادة الإعمار في سوريا.
وقد لفت وزير التخطيط الأسبق الدكتور تيسير الصمادي الانتباه لهذه النقطة عندما أشار في تغريده له إلى أن منافسة المنتج الأردني في العراق تحديدا ستكون صعبة قبل تشبع وسيطرة المنتج الإيراني.
لافت جدا أن الوزير الصمادي هنا يتفق من دون قصد مع تلك النصيحة التي وجهت للأردن عبر رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي وهي نصيحة سبق أن تحدثت عنها «القدس العربي» في تقرير مفصل.
إزاء هذه الوقائع من الصعب على دائرة مركز القرار الأردني ترك حكومة الملقي وحيدة في مواجهة حيتان المعارضة والاستعراض ليس فقط لأن التخلي عن وزارة الملقي في هذا الظرف ينسجم مع وجود بدائل جاهزة أو عدم وجودها فقط ولكن لأن الاستحقاق المالي والاقتصادي وبالتالي الضريبي محطة من الواضح أن عمّان مضطرة للجلوس عندها قسرا لا طوعا.
على هذا الأساس يمكن فهم وتفهم منطق الجملة الاعتراضية الملِكِية التي تدخلت لإقناع الرأي العام بالاستعداد لمرحلة الاعتماد على النفس بعد انتهاء عصر المساعدات وهي مرحلة بلغة الاقتصاديين تعني التأهل والخضوع لاشتراطات البنك الدولي باعتبار ذلك حاجزا رئيسيا لا يمكن تجاهله ولا تنفع معه تلك الوصفات التي تطرح على الدولة والحكومة بين الحين والآخر تحت عنوان بدائل رفع الأسعار والضرائب.
هذا الوضع التكتيكي مريح إلى حد كبير للطاقم الاقتصادي في وزارة الملقي ويؤسس بالنتيجة لنمط جديد من التعاطي مع تعقيد الموقف يعزل رئيس الوزراء شخصيا عن المجال الحيوي لمواقف واتجاهات واستعراضات نخب المعارضة وعلى أساس أن المسألة اليوم تتعلق بالصمود والبقاء وليس باجتهاد حكومة لم يعد من المفيد استبدالها.
طبعا مثل هذا السياق مستجد تماما في إدارة الوضع الداخلي الأردني، فهو يدفع الحكومة للاسترخاء قليلا ويحذر المعارضة ومعها الرأي العام بأن الظروف حساسة ولا تسمح بالتصعيد الحراكي ولا حتى ببيانات تثقب السقف لأن حرص الملك في خطابه الأخير كان مباشرا على معادلة الطبقة الوسطى وحماية ذوي الدخل المحدود وكان مباشرا على ربط قراءة الواقع المالي والاقتصادي ضمن سياق السهر على مبدأ المعيار القانوني حيث لن يسمح بأي استعصاء ضد الأمن وسيطبق القانون على الجميع.
حصل ذلك بالتوازي مع جملة إضافية وردت في الخطاب الملِكِي الأخير لم ينتبه لها الكثيرون، حيث تم تذكير الجمهور بأكبر عملية انتخاب في تاريخ المملكة حصلت مؤخرا بالاقتراع لمجالس بلدية ولا مركزية جديدة وفي عملية انتخابية شهد الجميع بنزاهتها وقياسا بالفهم العام للمطلوب حصريا من مهام مجالس المحافظات اللامركزية يمكن القول ان الأردنيين في النتيجة أسسوا التفويض اللازم لممثلين لهم سيشرفون بعد الآن على خطط إنفاق المال لميزانيات الأطراف والمحافظات المالية. بمعنى آخر سيدير الأهالي اليوم حصتهم من الميزانية المالية ضمن مجالس انتخبوها هم.
بالتالي لا حقوق في التصعيد والمعارضة خارج القانون لأن التفويض حصل أصلا بموجب انتخابات نزيهة لم يعترض عليها أحد وهو وضع إداري جديد من الواضح اليوم أنه تم ترتيبه تمهيدا للمرحلة اللاحقة الصعبة اقتصاديا وماليا.

وزارة الملقي أكثر استرخاء والشعب يدير ميزانياته المتقشفة
الأردن بعد «مصارحة الملك»:
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .الحرحشي _المفرق -الاردن:

    الحل في حكومة انقاذ وطني. ليس فقط على المواطن شد الحزام بل على الدولة بكل موسساتها ان تقوم بذلك ليس هناك اي شخص فوق الدستور. واماذا عن من افسد في الارض وحرق الحرث والنسل!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. يقول سامح //الأردن:

    *المطلوب من (الحكومة) مراعاة الفئات الفقيرة والمطحونين في المجتمع.
    *محاربة (الفساد) بجميع أشكاله.
    *تنشيط ودعم الصناعات الخفيفة والمتوسطة وتنشيط (السياحة)
    الداخلية وتأهيل الأماكن السياحية بشكل عام.
    *فتح قنوات مع طهران وموسكو لضبط
    الحدود وتسهيل عمليات التصدير.
    حمى الله الأردن من الأشرار والفاسدين.
    سلام

إشترك في قائمتنا البريدية