وزير الخارجية اليمني لـ«القدس العربي»: صالح انتهى ولم يعد له مكان ولا زالت يده تعبث بأمن عدن عبر عناصر القاعدة

حجم الخط
0

تعز ـ «القدس العربي»: أنهى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أمس الأول الخميس زيارة رسمية لتركيا استغرقت ثلاثة أيام، حفلت بالعديد من المنجزات على صعيد توثيق العلاقات الدبلوماسية وتعزيز التعاون بين اليمن وتركيا.
وقال وزير الخارجية اليمني الدكتور عبدالملك المخلافي في مقابلة خاصة مع «القدس العربي» ان هذه الزيارة كانت ناجحة وتحتل أهمية خاصة، وتأتي في إطار تنشيط الدبلوماسية اليمنية في هذا الوقت العصيب الذي يمر به اليمن.
وأوضح أن تدمير الانقلابيين الحوثيين وصالح للدولة وللأمن أدى الى تعزيز وضع القاعدة، وأن التطرف الحوثي خدم تنظيم القاعدة، والحكومة ملتزمة بمحاربته، وأن أيادي المخلوع علي صالح لا زالت تعبث بأمن عدن عبر خلايا القاعدة.
وذكر أن حسم المعركة في تعز معادلة صعبة لكن النصر فيها سيكون لتعز في النهاية، وأن جزءا من المعركة حول صنعاء يهدف الى تخفيف الضغوط على تعز والمساهمة في تحريرها.
هنا نص الحوار مع وزير الخارجية اليمني الدكتور عبدالملك المخلافي:
■ في البداية ما هي أبرز نتائج زيارة الرئيس هادي إلى تركيا؟
■ زيارة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الى تركيا زيارة مهمة وكانت ناجحة بكل المقاييس وتركيا عبرت عن دعمها الكامل لليمن ولقيادته السياسية ولحكومته في مختلف المجالات وعن دعمها لتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2216 واستعادة الدولة ودحر الانقلاب بشكل واضح وصريح، ووقوفها مع الحكومة اليمنية في كل السبل التي تتخذها في هذا الجانب وأيضاً كان العديد من القضايا المتصلة بمعالجة الجرحى والدعم في مجالات الاغاثة وفي المجال الطبي وتعهدت تركيا بأنها ستنفذ مستشفيين ميدانيين، في مدينتي عدن وتعز لمعالجة الجرحى بأطباء أتراك، وتنفيذ الالتزام التركي السابق بتقديم 100 مليون دولار للحكومة اليمنية في مختلف المجالات، وهناك العديد من القضايا نوقشت في هذا الجانب لكن خلاصة القول ان هذه الزيارة كانت ناجحة وهامة وأساسية في توفير الدعم الكامل للحكومة اليمنية.
■ متى سيتم إنشاء المستشفيين الميدانيين في عدن وتعز؟
■ بعد هذه الزيارة الى تركيا سيتم البدء باتخاذ الخطوات الإجرائية لتنفيذ هذا الأمر في أسرع وقت.
■ وما ذا بشأن الجانب العسكري والأمني، هل هناك آفاق للتعاون التركي اليمني في هذا الجانب، وهل أبدت تركيا استعدادها لتقديم تسهيلات أو دعم في هذا المجال؟
■ تركيا أبدت استعدادها لدعم اليمن في كل المجالات بما فيه المجال العسكري والأمني، وبما فيه إعادة ترتيب الأوضاع، لأن تركيا بلد تعتبر أن استعادة أمن واستقرار اليمن هو من أولويات السياسة الخارجية التركية.

توقيت الزيارة إلى تركيا

■ البعض يشير الى أن توقيت زيارة الرئيس هادي الى تركيا ربما كان غير موفق، لأنها جاءت في الوقت الذي بدأ فيه التوتر والتصعيد بين روسيا وتركيا وأن هذه الزيارة قد تؤثر سلباً على الدعم الروسي للحكومة اليمنية وربما يستغلها الطرف الآخر لدعم موقفه؟
■ لا علاقة بين الأمرين على الإطلاق، ولا يوجد هذا الربط عند الحكومة اليمنية، هذه الزيارة كانت مقررة من قبل وأجلت لأسباب عملية وتم اختيار هذا التوقيت بدون أي ربط باي قضية أخرى، وروسيا بلد صديق وهي داعم للقرار الأممي 2216 وتنفيذه وأما ما يروجه الانقلابيون حول موقف روسي مختلف تجاه القضية اليمنية فهو مجرد وهم، لأن المجتمع الدولي ليس منقسماً حول اليمن ولا حول القرار الأممي 2216 الصادر تحت الفصل السابع والذي يحظى بموافقة كل أعضاء المجتمع الدولي بما فيه الأصدقاء الروس.
■ أصيبت الدبلوماسية اليمنية في الفترة السابقة بنوع من الجمود والركود بحكم أن أغلب الطاقم الدبلوماسي اليمني كانوا من الموالين للرئيس السابق علي صالح، فهل تسعون من خلال نشاطكم الدبلوماسي الحالي الى ترتيب الأوضاع خارجياً لما بعد استعادة الدولة؟
■ نحن في حقيقة الأمر واجهنا تركة كبيرة تبدأ من عدم إعطاء العاملين في الخارجية الحقوق، سواء كانت إدارية أو وظيفية أو مالية وتنتهي بوضع غير مستقر للبعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج التي وصلت الى حالة من الهزال، وأيضاً حالة من عدم المتابعة والاسترخاء، ومهمتي الحالية هي إعادة تنشيط الدبلوماسية اليمنية لتكون في الاتجاه الصحيح، وتصحيح الأوضاع فيها وإعطاء الجميع حقوقهم في إطار القانون ومحاسبة الجميع في إطار القانون وفي إطار الهدف المطروح للدبلوماسية اليمنية اليوم وهو إستعادة الدولة، وتنفيذ القرار الأممي 2216 واستكمال المبادرة الخليجية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وهذا الأمر هو الذي سيتم المحاسبة على أساسه ولن نسمح أن تكون البعثات عبارة عن مكان للفوضى والفساد وعدم خدمة المواطنين اليمنيين وعدم خدمة الدبلوماسية اليمنية وأهداف السياسة الخارجية وسنجري الكثير من التصحيحات في هذا الجانب، بدأت خطوات في هذا المجال وستستكمل وأظن أن حجم التفاعل الآن مع اتجاهات السياسة الخارجية التي ترسمها القيادة السياسية صار أعلى وأكثر انضباطاً لكن لا زال هناك الكثير لنقوم بعمله والكثير من السلبيات التي تحتاج الى مواجهة.. أقول هذا وملتزم به وسألتزم به مجددا ان مهمتنا هي لإعادة الاعتبار للسياسة الخارجية اليمنية وللدبلوماسية اليمنية وللكفاءة في العمل الدبلوماسي اليمني وللتعبير عن السياسة الخارجية اليمنية تجاه المجتمع الدولي بحيث تكون هناك بعثات تليق باليمن، وبمستقبلها وبتوجهات قيادتها السياسية وفي الوقت نفسه أيضا تليق بما يجب أن تكون عليه من خدمة لكل اليمنيين أينما كانوا وحيثما حلّوا.
■ البعض يتساءل، طالما أنكم تواجهون كل هذا الكم الهائل من المشاكل الدبلوماسية، لماذا لم يتم تعيين حتى الآن سفراء في أغلب السفارات اليمنية التي لا يوجد فيها سفراء حتى الآن؟
■ في الحقيقة كان هناك تعطيل للدبلوماسية اليمنية خلال السنوات الخمس الماضية لاسباب مختلفة ولكن نحن الآن بصدد تجهيز استعادة وضع البعثات الدبلوماسية من خلال إجراء حركة التنقلات التي ستتم قريباً جداً وتعيين السفراء لكي يصبح هناك لدينا بعثات كاملة وهذا التزام التزمت به وأيضا أجد الدعم من فخامة الرئيس ومن رئيس الوزراء من أجل أن نستكمل هذا الأمر ونعيد البعثات الدبلوماسية الى وضعها الصحيح من خلال طاقم جديد ومن خلال سفراء سيتم تعيينهم قريبا في معظم السفارات.
■ الى أين وصلت الاستعدادات لانعقاد الجولة المقبلة من مباحثات السلام في اليمن، أم أن تعثّرها ربما يوقف استئنافها؟
■ الانقلابيون والمتمردون (تحالف الحوثي وصالح) يعطلون الذهاب الى مباحثات جديدة ومشاورات جديدة للسلام، كان من المفترض أن تعقد جولة المباحثات المقبلة في 14 كانون الثاني/يناير الماضي كما اتفقنا عليه في الجولة السابقة في سويسرا، وكانت هناك التزامات عليهم فيما يخص قضية بناء الثقة بما فيها إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المدن ولكن لم ينفذوا التزاماتهم حتى الآن ولم يحضروا الى الموعد ولا زالوا يتهربون حتى الآن من الذهاب الى أي موعد جديد، في الوقت نفسه نحن على تواصل دائم مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد ونقدم له كل الدعم وكنا على لقاء معه قبل أيام وندعم جهوده من أجل أن ينجح في الترتيب لجولة جديدة من المباحثات، لكن حتى الآن لم يتم أي ترتيب في هذا الجانب، في الوقت نفسه نحن نبذل كل الجهود من أجل الاعداد لجولة ناجحة بما في ذلك أننا نبحث كل السبل لتنفيذ القرار الأممي 2216 وتقديم أوراق في هذا الجانب لكي تكون الجولة المقبلة متفقاً على الكثير من جوانبها أو على الأقل هناك اوراق ووثائق مسبقة تتم المشاورات حولها ولدينا أيضا لقاء آخر بعد أيام مع المبعوث الأممي، لكن المشكلة أن الانقلابيين يحاولون البحث عن مسارات أخرى خارج إطار الأمم المتحدة وهو أمر يدل على عدم رغبتهم في السلام لأن المسار الوحيد الذي يمكن أن يحقق السلام والمسار الذي ندعمه ويدعمه المجتمع الدولي كله هو مسار المشاورات تحت رعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، وهو المسار لتنفيذ القرار 2216 وما عدا ذلك فهي أوهام تؤدي الى ضياع الوقت وتؤدي الى تعطيل السلام.
■ ما هي هذه المسارات التي يحاول الانقلابيون الهروب نحوها؟
■ نحن لسنا معنيين ببحثها والحديث عنها لأنها مسارات غير سليمة لكن هناك الكثير من الكلام حول تحريكهم لبعض عناصر نظام صالح القديم للحديث عن (طريق ثالث)، بينما نحن نؤمن أنه لا يوجد بين الحق والباطل والشرعية والانقلاب، وبين الدولة والفوضى أي طريق ثالث، وهناك مسارات لمحاولة توسيط هذا الطرف أو ذاك، نحن لا نتحدث عن وساطة، لأن هذا قضية مستقبل بلد، ومستقبل البلد يتم من خلال العودة بالعملية السياسية الى النقطة التي توقفت عندها عبر الانقلاب وهذه العودة حددها القرار الأممي 2216، ممثلة بالانسحابات من المدن والمؤسسات العامة وتسليم السلاح وإنهاء هذا الوضع الذي ترتب عليه الانقلاب للعودة الى استكمال العملية السياسية التي انقطعت بسبب الانقلاب من خلال مناقشة مسودة الدستور والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية القادمة.
■ في هذا الاتجاه لاحظنا أن هناك نوعاً من التهيئة الإعلامية لما ذكرته في المسار السياسي الراهن وهو (الطرف الثالث) من المحايدين، بينما أغلب الأسماء التي يتم تداولها هم من الموالين لصالح وتوصف بأنها من (الاحتياط) التي يدخرها صالح لوقت الشدة؟ فكيف ترون ذلك؟
■ واجه الشعب اليمني حتى في أعقاب ثورة 26 أيلول (سبتمبر) 1962 حكاية أن يكون هناك طرف ثالث لكن في الأخير الجمهورية انتصرت، نحن الآن نتحدث عن مسار واضح، يقف معه العالم كله، أما هذه المسارات فهي أوهام ومحاولة خلط الأوراق ومحاولة الاحتيال على هذا الجانب لكن شعبنا يستطيع أن يكشف الحقائق والمجتمع الدولي متمسك بالمسار الذي ترعاه الأمم المتحدة.
■ يتردد في الأوساط السياسية والإعلامية عن وجود مبادرة روسية بشأن القضية اليمنية لانقاذ صالح والحوثيين، ما مدى صحة ذلك؟
■ لم نسمع عنها أو لم يصلنا أي شيء رسمي بشأنها، ونعتقد أنها لن تكون أكثر من أحاديث إعلامية، أنا لدي زيارة الى روسيا في 25 من الشهر الجاري لحضور المنتدى العربي الروسي برعاية الجامعة العربية، وسيكون لدي لقاءات هامة هناك ولم نتلق أي شيء من الأصدقاء الروس وبالعكس كل اللقاءات التي حضرتها مؤخراً للسفير الروسي في الرياض مع الأخ نائب الرئيس ورئيس الوزراء، أن الموقف الروسي يؤكد على دعم القرار 2216 ودعم السلام ووقف إطلاق النار عبر المبعوث الأممي لليمن وعبر المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة.
■ رغم أن الحكومة تؤكد أنها تحظى بدعم دولي، نشعر أيضا أن المتمردين والانقلابيين يجدون أيضا دعماً مباشراً وغير مباشر سواء من روسيا أو من الدول الغربية، كيف تفسرون ذلك؟
■ أنا لا أعتقد أن المجتمع الدولي يقبل ـ وهذا الكلام قاطع وواضح ـ مسارا خارج إطار تطبيق القرار 2216، ربما يسعى الى إقناع الطرف الانقلابي بالمجيء الى مشاورات السلام على أساس القرار 2216 وهذا أمر نحن معه، ولكن أن يكون هناك موقف آخر فلا أعتقد ذلك، لأن كل المجتمع الدولي يؤكد على ضرورة تنفيذ القرار الدولي 2216 وأن على الانقلابيين أن يلتزموا بتنفيذه، وكل من سيحاول أو سيبذل جهداً من أجل إقناع الانقلابيين بالالتزام بالمشاورات التي ترعاها الأمم المتحده على أساس قرار 2216 سنقول له شكراً، أما من يقدم دعما للانقلابيين فليس سوى إيران ونحن قد قطعنا العلاقات الدبلوماسية معها ومع ذلك هي لا تذكر ذلك علناً وإنما تقوم به من خلال دعم الانقلابيين بالسلاح وهذا هو الموقف الشاذ في المجتمع الدولي في دعم الانقلابيين.
■ في حال التوصل لأي تسوية سياسية للقضية اليمنية، أين سيكون مصير الرئيس المخلوع علي صالح الذي تطالبون به؟
■ صالح انتهى، صالح لم يعد له مكان ولا يمكن أن يكون له مكان، صالح عليه عقوبات أممية ولن يكون أبداً كشخص جزءا من العملية السياسية في المستقبل.
■ على الصعيد العسكري، اقتربت المواجهات المسلحة من العاصمة صنعاء بين القوات الحكومية والميليشيا الانقلابية، فهل تعتقد أن عملية حسم وضع العاصمة صنعاء ستكون عسكرية أم سياسية؟
■ أنا أعتقد أن القيادة السياسية والحكومة اليمنية تسير في مسارين، مسار المواجهة على الأرض ضد الانقلاب المسلح ومسار السلام، وعلى الانقلابيين أن يختاروا أيا من المسارين، فكلاهما مفتوح، إذا اختاروا مسار السلام سنذهب اليه، لأن ما يهمنا هو تنفيذ هذا القرار الأممي وإنهاء عملية الانقلاب، وإن اختاروا مسار المواجهات فهي قائمة على الأرض، ومع ذلك أؤكد أن القوات الحكومية تتقدم وهم يتراجعون وأتوقع أنه كلما تقدمت قوات الجيش الوطني من العاصمة صنعاء ستنتفض صنعاء من داخلها وسيكون الكل حريصاً على الحفاظ على صنعاء وأن يعبر الشعب في صنعاء الرافض للانقلاب كما هو معروف باستثناء المجموعة الانقلابية المسلحة، أعتقد ان الانتفاض سيكون من داخل صنعاء وأظن أن الانقلابيين سيدركون في النهاية خطورة ما يفعلون ولعلهم يأتون للسلام.
■ لكن البعض يرون أنه ليس من العدل والانصاف إبرام أي تسوية سياسية مع الانقلابيين بعد كل هذه الدماء والمجازر التي ارتكبت في العديد من المدن وفي مقدمتها العاصمة صنعاء وعدن وتعز؟
■ في الحقيقة الهدف هو الوصول الى إنهاء الانقلاب، فإن استطعنا أن ننهي هذا الانقلاب بالسلام فلم لا، نحن لم نختر الحرب، القيادة السياسية والحكومة لم يكن الحرب خيارهما في أي لحظة من اللحظات، والحرب جاءت للدفاع بعد تمدد الانقلابيين في المدن والمحافظات، نحن نعرف أن القيادة السياسية حاولت أن تصبر على الانقلابيين وهم يتقدمون الى صنعاء ووقعت معهم اتفاق السلم والشراكة وهم كانوا يرفضون أي سلام واستمروا في الحرب حتى وصلوا الى عدن ومحاولة قتل رئيس الجمهورية، حينها جرت المواجهة وواجه الناس الانقلاب بعد أن وصل الى بيوتهم، ولم يذهبوا لمواجهته في مناطق تمركز الانقلابيين والمتمردين الحوثيين خصوصاً، ومن ثم فإنه إذا جاز القول ان الحرب التي تخوضها الحكومة هي حرب دفاعية، لأنها كانت دفاعاً عن المناطق التي تمدد فيها الانقلابيون وها هي اليوم دفاعاً عن الدولة واستعادة العاصمة صنعاء، وعلى هذا الأساس إذا اختاروا السلام لانهاء الانقلاب سيكون الأمر إيجابياً وإن لم يختاروه فكل الخيارات ستبقى مفتوحة.
■ ولكن ابرام أي تسوية سياسية سيتضمن حلولاً وسطاً، وسيكون على حساب تطبيع الأوضاع وعلى حساب دماء الضحايا، فكيف ترون ذلك؟
■ أولاً دعني أؤكد أن أي تسوية أو اتفاق سياسي أو الحوار السياسي حول المستقبل بالنسبة للحكومة واضح وينص القرار الأممي أيضاً على هذا، وتنص عليه الوثيقة التي ذهبنا على أساسها للمفاوضات، أن هذا الحوار والتسوية السياسية تأتي بعد إنهاء الانقلاب وليس قبل ذلك، تأتي بعد استعادة الدولة، تأتي بعد تنفيذ القرار 2216، تأتي بعد الانسحابات، وتأتي بعد تسليم السلاح، فإذا وصلنا الى هنا وتحققت كل هذه المطالب فلن نكون مع إقصاء أي طرف سياسي بمن فيهم الحوثيون، نحن ضد الانقلاب وضد أي طرف يحمل السلاح أو يمتلك السلاح لمواجهة الدولة، وسنواجهه، أما إذا سلّم السلاح فسنتعامل معه ومع كافة الأطراف السياسية باعتبارهم أبناء هذا البلد، وحتى الحوثيون عندما يتحولون الى طرف سياسي، لأنهم الآن ليسوا طرفاً سياسياً طالما يحملون السلاح، فسنتعامل معهم جميعاً دون إقصاء.

وضع خاص في تعز

■ تحملت مدينة تعز ثمن الحرب غالياً وتحملت النصيب الأكبر من أعبائها، فلماذا تأخر الحسم في تعز؟ سؤال يطرح بقوة في كل المحافل، وتشار من خلاله أصابع الاتهام نحو الحكومة بالتقصير نحو الاهتمام بتعز، ما ردكم على ذلك؟
■ تعز لها وضعها الخاص، وفقاً لموقعها الاستراتيجي وموقعها في الخريطة السياسية والوطنية وموقعها كرمز لتماسك البلاد ووحدته وموقعها كمصدر لثورة 11 شباط (فبراير)، كل ذلك فرض عليها أعباء كثيرة وهي أن تتحمل أعباء هذا الانقلاب الدموي بما في ذلك أن الانقلابيين يدركون أن انتهاءهم في تعز يعني هو المسمار الأخير في نعش هذا الانقلاب، ولذا يبذلون كل جهد ويركزون كل قواهم ويدفعون بأعداد هائلة من الأفراد والسلاح من أجل ألا تسقط تعز من أيديهم ومن أجل ألا تتحرر تعز، في حين تقدم الحكومة كل ما تمتلكه من قدرات لدعم المقاومة على الأرض، هي معادلة صعبة لكن النصر فيها سيكون لتعز في النهاية، وأؤكد هنا أن جزءا من المعركة حول صنعاء والاقتراب منها يهدف الى تخفيف الضغوط على تعز والمساهمة في تحريرها.
■ في هذا الاتجاه توصف تعز بأنها الحديقة الخلفية لمحافظة عدن والبوابة الأمنية والعسكرية لها، بدليل أن عدن تحررت ولكنها لم تستقر أمنياً، فلما لا تعمل الحكومة على سرعة الحسم في تعز حتى تؤمّن العاصمة المؤقتة عدن؟
■ الحكومة تبذل كل جهودها ولديها خططها العسكرية في هذا الجانب وتعمل كل ما في وسعها بالامكانيات المتوفرة، ولكن لا تنس أنه لدينا معركة طويلة ولدينا انقلاب ضخم ودموي ومخطط كبير، ولدينا نظام عاش 33 عاما لديه الكثير من الامكانات من أجل البقاء وصحيح أننا جميعا نتمنى أن يتم الحسم سريعاً في تعز لكننا نعتقد أن الوضع ليس بالسهولة التي يمكن قراءتها، في الوقت نفسه ما يدعو الى التفاؤل أن هذه الأوضاع الصعبة تتحسن كل يوم وينحسر الانقلاب.
■ طالما أن الحكومة لم تستطع أن تلعب دوراً عسكرياً قوياً لحسم المعركة في تعز، فلما على الأقل لم تلعب دوراً بارزاً في تخفيف الأعباء الانسانية على سكان المدينة، خاصة مع الحصار الشديد الذي يفرضه الحوثيون على المدينة منذ أكثر من 10 أشهر؟
■ أعتقد أن جزءا كبيرا من عمل السياسة الخارجية والتواصل مع المجتمع الدولي هو للضغط على الانقلابيين من أجل فك الحصار عن تعز وقد قطعنا أشواطاً في هذا الجانب، الآن مثلاً قضية تعز موجودة في كل المحافل الدولية، والانقلابيون يضطرون بين فترة وأخرى للسماح لدخول بعض المواد الغذائية الى تعز، رغم أنها غير كافية ولم يرفعوا الحصار لكن هناك تقدماً في هذا السياق والضغوط على الانقلابيين تزداد بسبب جهود الحكومة والتي تبذل جهوداً كبيرة من أجل أن يصل الغذاء والدواء الى تعز، ربما بعضها معروف وبعضها الآخر غير معروف، حتى التحالف قام بعملية إنزال لأدوية ومواد غذائية الى تعز وسيستمر هذا العمل الانساني، ووضع تعز هو في الدرجة الأولى في اجندة الحكومة بشكل عام في موضوع الاغاثة وفي موضوع الضغوط السياسية وفي موضوع السياسة الخارجية.

الوضع الأمني في عدن لا يتدهور بل يتحسن

■ الوضع الأمني في عدن أصبح خطيراً للغاية ويتدهور بشكل شبه يومي، فكيف تقرأون أسباب ذلك، وهل فعلاً لا زال صالح يلعب بخيوط اللعبة هناك؟
■ أولاً دعني أقول إنه لا يتدهور كل يوم ولكنه يتحسن، الذي حدث أنه دمرت كل الدولة في عدن وكل وسائل الأمن، الجيش والمعسكرات، قوات الأمن الخاصة ومراكز الشرطة ولم يعد هناك أي شيء يمت لمسألة الأمن والدولة في عدن في فترة وجود الانقلابيين والحرب التي فرضوها على عدن ودمروا المدينة عبرها، انتشر السلاح في أيدي الناس، والأطراف التي انتشر السلاح في أيديها مختلفة، منهم مقاومة ومنهم عصابات ومنهم أفراد عاديون ومنهم أيضا عناصر في القاعدة وجماعات عنف، هذا الانتشار الواسع للسلاح بعدن كان يحتاج إلى إعادة بناء الوضع الأمني في عدن من الصفر، حتى بناء مراكز الشرطة التي دمرت والتي تناثر أفرادها وتوزعوا ولم يعد لهم مكان، والكثير منهم كانوا من محافظات خارج محافظة عدن وعادوا الى مناطقهم، ومن ثم هناك بناء من الصفر للمؤسسة الأمنية في عدن، وفي فترة البناء تحدث مواجهات لأن جماعة العنف التي يتم التضييق عليها بما فيها القاعدة تضطر الى القيام بأعمال كثيرة لتقول انها هنا أو لتدافع عن نفسها، من هنا يظهر أن هناك اختلالا أمنيا يزداد كل يوم، لكن معلوماتنا أنه يتم الآن تدريب المئات من العناصر الأمنية الجديدة، ولدينا ثلاثة ألوية في مجال الأمن يتم تدريبهم ويتم إعادة بناء مراكز الشرطة وهناك مواجهات مسلحة لتجريد هؤلاء من السلاح، وهناك عمليات كثيرة تمت في هذا الصدد، لكن هذه الجماعات تظهر عنفها للدفاع عن بقائها، في نفس الوقت أقول بوضوح أن يد المخلوع صالح لا زالت تعبث بأمن عدن، فرجل حكم فترة طويلة وحكم بأسلوب الحفاظ على تواجد شخصي له وخيوط في كل مكان وهو متداخل مع القاعدة كما هو معروف وهو يحركها من أجل إثبات بأن هناك خللا أمنيا في عدن، والمشكلة أنه حتى شبكة الاتصالات لا زالت تحت السيطرة المركزية للمخلوع صالح في هذه المناطق وهذا ما يمكنه من استخدامها لصالح توجيه ضربات ضد الدولة، والحكومة بصدد معالجة كل هذه الأمور وكل هذه الاختلالات وقد خطت خطوات كبيرة ولديها خطط للمستقبل ليكون أكثر أمنا وأعتقد أنها ستكون أكثر استقرارا في المستقبل القريب.
■ المجتمع الغربي يحاول دائما مقايضة التعامل مع ملف محاربة القاعدة بقضية الدعم الدبلوماسي واللوجستي، فكيف تواجهون ذلك خاصة وأن بعض مناطق الجنوب تشهد نشاطا ملحوظا لعناصر القاعدة؟
■ في حقيقة الأمر لدينا في هذا الجانب أمران، الأمر الأول أن الحكومة اليمنية ملتزمة بمحاربة الإرهاب وتطلب من الجميع دعمها في هذه المسألة، والجانب الآخر أعتقد أن الجميع يدرك الظروف التي أدت الى استفحال القاعدة والتي لا تتحمل الحكومة مسؤوليتها بل بالعكس الحكومة تتحمل مسؤولية مواجهة ذلك.
■ هل يعني هذا أنه كلما تأخرت عملية استعادة الدولة يعزز وضع تمدد عناصر القاعدة والعناصر المسلحة الخارجة عن القانون؟
■ لا شك أن الانقلاب والتطرف الذي مثّله بما فيه التطرف المذهبي وتدمير الدولة والأمن كله أدى الى تعزيز وضع القاعدة ومن ثم فإن مواجهة الانقلاب واستعادة الدولة هو خيار أساسي في مواجهة القاعدة لكي لا نذهب الى حالة من حالات الدمار والفوضى، لأن التطرف يخدم بعضه البعض، فالتطرف الحوثي خدم القاعدة والقضاء على القاعدة وتطرفها جزء منه القضاء على التطرف الحوثي أيضا، فالعملية متبادلة ونحن لا نريد المتطرفين ولا نريد المذهبيين في بلادنا ولكننا نريد دولة مدنية على أساس المواطنة وعلى أساس حرية العقيدة.

خالد الحمادي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية