وزير العدالة الإنتقالية يؤكد أن تعديل قانون التظاهر مطروح على مجلس الوزراء

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: خطف الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الأضواء واهتمام الغالبية، التي كانت تنتظر إعلان محكمة الجنايات الحكم ضده، وضد وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه وعلاء وجمال مبارك ورجــــل الأعــــمال الهارب حســـين سالم، وفوجئت بتأجيل النطق بالحكم إلى التاسع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ووقع اشتباكات بالأيادي أمام مقر المحاكمة في أكاديمية الشرطة بين بعض أنصار مبارك وأهالي بعض شهداء ثورة يناير/كانون الثاني.
وقد عكست الصحف الصادرة يومي السبت والأحد 27 و28 سبتمبر/ايلول هذا الاهتمام الجماهيري. كما لا يزال الاهتمام مستمرا بالكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي في الأمم المتحدة، خاصة نهايتها التي هتف فيها بحياة مصر. كما لا يزال الاهتمام واسعا بعيد الأضحى وأسعار اللحــــوم وإعداد الحدائق والمتنزهات ووسائل المواصلات وتوفير الأمن لقضــــاء العـــيد، وتضاءل الاهتمام بالأعــــمال الإرهابية، رغم قيام الجيش والشرطة بقتل ثمانية عشر من أعضاء أنصار بيت المقدس في سيناء، والغارات التي تشنها طائرات التحالف الدولي بقــيادة أمريكا ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
كما أبدت الصحف اهتماما خاصا بذكرى وفاة خالد الذكر، وحديث محمد حسنين هيكل مع زميلتنا الجميلة مقدمة البرامج في قناة «سي. بي. سي» لميس الحديدي، واستمرار الحكومة في إزالة المزيد من التعديات على أراضيها، وتدمير الزراعة على مساحة ستة وخمسين ألف فدان تم وضع اليد عليها في مدينة السادات. وإنذار وزير الزراعة لأصحاب المنتجعات على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي والقاهرة الإسماعيلية الصحراوي بإحالتهم للنيابة العامة إذا لم يدفعوا مقابل تغيير النشاط من زراعي إلى مبان، وقدّر الوزير المطلوب منهم بحوالى خمسين ألف مليون جنيه.
كما اشارت الصحف إلى تفقد رئيس الوزراء إبراهيم محلب الأعمال في جراج ميدان التحرير أمام مبنى المتحف المصري، تمهيدا لافتتاحه بعد أيام، ويتكون من أربعة طوابق تحت الأرض، ويسع ألفا وسبعمئة سيارة ومئات الأتوبيسات السياحية.
وإلى بعض مما عندنا..

عبد الناصر والسيسي

وأبدأ بما أحب وأهوى شأني في ذلك شأن الغالبية الساحقة من المواطنين المصريين والعرب، وهو ذكرى وفاة خالد الذكر، حيث تختلط منذ عام 2011 بثورة يناير/كانون الثاني، ثم ثورة يونيو/حزيران 2013، عندما ارتفعت صوره أمام مبارك وأمام الإخوان وبدأت المقارنات بينه وبين السيسي، وقول زميلنا جلاء جاب الله رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير القومية التي تصدر الجمهورية والمساء، في «جمهورية» الخميس: «هل هي مصادفة أن يكون خطاب الرئيس السيسي في الأمم المتحدة قبل ساعات من ذكرى رحيل جمال عبد الناصر؟ هل هي مصادفة أن يستشعر الشارع العربي أن السيسي يعبر عن نبضه وعن مطالبه، كما كان الحال مع عبد الناصر؟ وإذا كان الرئيس عبد الناصر ـ رحمه الله ـ قد حقق لأمته الكثير، خاصة في قضايا التحرر الوطني، وحقق لمصر الكثير، خاصة في قضايا العدالة الاجتماعية وأخفق في تحقيق بقية أحلامه العظيمة، فإن الأمل كبير في السيسي بما يمتلك من مقومات، خاصة ان ظرفا محليا مختلفا ووضعا إقليميا جديدا وظروفا دولية متغيرة، ستحقق لمصر ومع مصر الكثير، وكما يقول هو دائما إنه لا يمكن أن يحقق أحلام مصر وحده، والحقيقة أن السيسي يملك كما ملك عبد الناصر حب الشعب والتفاف الشعب حوله وثقة الشعب فيه وإيمان الشعب بأن الغد معه سيكون أفضل بكثير إن شاء الله».

مصر تنتظر من يضمد جراح سنوات الضياع الطويلة

وفي عدد «الجمهورية» نفسه قال زميلنا أحمد البرديسي وهو في غاية التأثر:»انتظرت مصر طويلا، وعلى مدى سنوات ثقيلة، منذ رحل جمال عبد الناصر أن يخرج من بين أبنائها الرجل الأمل والزعيم الإنسان الذي يضمد كل جراح سنوات الضياع الطويلة، التي أدت إلى الثورة التي طال انتظارها، كل الوطنيين والمخلصين لها الذين كانوا على يقين بأن الثورة على الفساد والعمالة والضياع قادمة لا محالة، حتى إن لم يعلموا متى تحدث ومتى تكون؟ واليوم تقف مصر على أطراف أصابعها وهي تتابع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للأمم المتحدة في نيويورك، وخطاباته ولقاءاته هناك. تبدو ذاكرة المصريين حية نابضة بكل معاني العزة والوطنية، وهم يستعيدون زيارة الرئيس جمال عبد الناصر للأمم المتحدة في 1960، ففي هذه الأيام الخالدة وقف عبد الناصر يتحدث أمام العالم باسم العروبة والإسلام، وباسم كل العالم الثالث الذي كان يتطلع للتحرر والاستقلال، ورغم الخلافات في المواقف والسياسات، إلا أن عبد الناصر التقى الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور، فقد كانت مصر قوة وطنية مستقلة وصاعدة، وأمريكا تحلم بخلافة الاستعمار القديم في العالم العربي. ومن العجيب أن المصريين لا يرون في وجه الرئيس السيسي سوى صورة عبد الناصر بكل ما فيها من عزة وكبرياء. لقد انتظر المصريون طويلا ميلاد الحلم الوطني من جديد، ولا أحد يدري لماذا يرى المصريون صورة عبد الناصر في وجه عبد الفتاح السيسي، ربما كانت كاريزما الرجال وعلامات الزعامة التي طالت بانتظار المصريين لها وكم كان الصبر صعبا والسنوات ثقيلة يارب حقق الأمل».

مصر تحتاج دولة مدنية ديمقراطية
حديثة تقوم على القانون

وإلى «شروق» يوم السبت وأستاذ مقارنة الأديان الدكتور إكرام لمعي وقوله وهو يقارن بين الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وعبد الناصر:»عندما خرج الشعب المصري مؤيدا ثورة 30 يونيو/حزيران رافعا صور عبد الناصر، لم يكن يريدها انقلابا عسكريا، لكن ثورة شعبية، ولا شك أن ما قام به السيسي اليوم من عودة الأمن وتنظيم للدولة ووضوح في السياسة، يعتبر نجاحا. لكن ما يتطلع إليه الشعب ليس العودة لعصر عبد الناصر والسادات، إنه يتطلع إلى مراجعة حقيقية، ليس لحقبة الإخوان فقط، بل لحقبة مبارك ومن سبقه. أن يبقى الجيش هو الضمان للمستقبل شيء جيد حاليا كمرحلة انتقالية.. لكن الضمان الابقى والأثبت هو الشعب المتعلم السياسي القادر على الاختيار لمستقبل أجياله، وهو الاختيار الذي اجتازته تركيا وبعض دول أمريكا اللاتينية، وأخيرا تونس التي أرجو أن تكتمل تجربتها بنجاح، فتكون أول دولة عربية حققت المعادلة الصعبة، ولن يتم ذلك لمصر إلا بوضع أساسيات حقيقية وقواعد ثابتة لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تقوم على القانون».

سيبقى عبد الناصر رمزا للأمة

وإلى «المصري اليوم» في اليوم ذاته ونجم الدين عبد الكريم الذي وجه رسالة لخالد الذكر جاء فيها:»هناك حقيقة واقعة ـ يا خالد الذكر ـ أنه كلما هبت ثورة شعبية حقيقية صادقة لتطيح بنظام فاسد في أي بقعة في الوطن العربي، لجأ الثوار الى رمزهم الشريف، فارتفعت صورتك التي ما زالت تحتل مكانها في النفوس وفي القلوب، رغم الأربعة والأربعين عاما التي مرت على يوم رحيلك، وستبقى رمزا لهذه الأمة، ما دام هناك من يسعى إلى طمس تاريخ رمزها الشريف جمال عبد الناصر».

ذكرى عبد الناصر باقية في قلوب الملايين

وفي «التحرير» أمس الأحد فإن زميلنا وصديقنا نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة جلال عارف مسح دمعتين وقال:»كل ما حولنا يذكرنا في هذا اليوم به، إنه يوم الرحيل الذي أبكى الأمة من المحيط إلى الخليج، تعب القلب الذي أنهكته المعارك وأوجعته الهزيمة.. تحية لعبد الناصر في يوم الرحيل. أما ذكراه فباقية في قلوب الملايين من المحيط إلى الخليج، وهي تستولد الفجر الجديد من قلب ظلام القهر والتبعية والاستبداد، وتبني أوطانا للعدل والحرية وتزرع الفرح في قلوب الفقراء وتنشر العلم في وجه التخلف والجهالة».

رأي جيهان السادات في رؤساء مصر

ومن «التحرير» إلى «الوطن» أمس أيضا والحديث الذي نشرته مع السيدة جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل أنور السادات على صفحتين كاملتين وأجراه معها زميلانا مجدي الجلاد رئيس التحرير ومحمد عمارة وسألاها:
– من أكثر الرؤساء بعد ثورة يوليو/تموز 1952 كان لديه رؤية بوضوح شديد؟
فردت وقد ازدادت جمالا على جمالها:
– الرئيس عبد الناصر بلا شك وكان زعيما، والرئيس السيسي لديه رؤية أيضا وعنده أحلام وإحساس أن مصر زي ما قال «أد الدنيا» وإن شاء الله تتحقق كل آماله. والرئيس السادات كان صاحب بعد نظر خطير، يشهد بهذا رؤساء في الخارج. والرئيس مبارك كان عايز الاستقرار والهدوء، والمدة التي حكم فيها، الناس كانت تحب التغيير والتجديد، ولما ظهرت حكاية التوريث تضايق الناس».

سحب كافة النياشين والقلائد والأوسمة من مبارك

وإلى الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي بدأت محاكمته، والحكم المنتظر عليه في قضية قتل المتظاهرين، تستحوذ على الاهتمام، قبل موعد النطق بالحكم يوم السبت، الذي قال عنه يوم الخميس في «المصري اليوم» زميلنا وصديقنا عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار الأسبق في التلفزيون الرسمي في عهد مبارك:»لم تكن محاكمة الرئيس الأسبق هي أكثر التصرفات قسوة ضده، ولكن أعتقد أنها اللحظة التي قرروا وقتها سحب كافة النياشين والقلائد والأوسمة التي حصل عليها منه، وأظن أن إحساسه بنزع نجمة سيناء منه كان أكثرها قسوة على نفسه. هناك اختلاف مفهوم على تقييم دور مبارك، أما ما لم يكن مفهوما فهو هذا الهجوم الكاسح والمتجاوز ليس على مبارك الرئيس، بل على مبارك الطيار المقاتل، فقد خرج البعض يسفه دوره في حرب أكتوبر، وكان الله حليما بحسني مبارك أن أعطاه الفرصة ليرى جزءا من رد الاعتبار له بعد أن عانى خلال الأشهر الطويلة التي أعقبت سقوط نظامه في فبراير/ شباط 2011 فأتت الذكرى الأربعون لنصر أكتوبر/تشرين الاول، وهو غير مدان بأي تهمة بعد، بل الأهم أن يبدأ الحديث مرة أخرى عن دور سلاح الطيران، وأن يخدمه العذر ليخرج إلى النور مذاكراته التي كتبها وهو يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية حول دور الطيران الذي كان هو قائده في حرب أكتوبر، لتظهر معدنه الحقيقي كقائد عسكري وطيار مقاتل حارب من أجل بلده حاملا روحه على كفه».

أغلبية من المصريين
لم تكن تريد هذه النهاية لمبارك

ونظل في «المصري اليوم» عدد الجمعة لنقرأ مقالا في الجريدة للكاتب نيوتن قال فيه: «بصفة شخصية أتمنى لو أن الرئيس الأسبق حسني مبارك والذين معه حصلوا اليوم على أحكام بالبراءة، يجب أن نعترف بأننا بخسنا حق الرئيس مبارك، بخسنا حقه كواحد من أهم قيادات القوات المسلحة الذين رفعوا راية مصر وقت أن كانت منكسة يوما ما. احد الذين رفعوا رؤوس المصريين وقت أن كانت مطأطأة يوما ما. في الوقت نفسه كان واحدا من أهم قادة المنطقة الذين نأوا بالبلاد عن الصراعات والفوضى على مدى ثلاثين عاما، هناك من لم يفطنوا إلى ذلك إلا في السنوات الأخيرة فقط. المجال لا يتسع هنا لسرد المزيد من إعادة العرب الى مصر أو تحرير كامل تراب مصر أو البيئة التحتية الواسعة لأول مرة في مصر، يجب أن نعترف بأن هناك أغلبية من المصريين لم تكن تريد هذه النهاية للرئيس مبارك، الرجل خدم وطنه مدنيا وعسكريا بشرف وأمانة طوال ما يزيد على ستين عاما، كان مثاليا على المستوى الشخصي من كل الوجوه، كرمه الرئيس عبد الناصر واختصه بالترقي، أثنى عليه الرئيس السادات واختصه بإنابته. لنقارن بين وضع البلاد الآن ووضعها حين تركها مبارك من كل الوجوه تقريبا، الأمن.. الاقتصاد.. الاحتياطي النقدي.. الأسعار، العلاقة مع العالم الخارجي أسواق السلاح المخدرات، البغاء، التشرد التسول الطرق الخدمات المرافق سوف ينصفه التاريخ إن عاجلا أم أجلا».

محاكمة مرحلة وليست محاكمة فرد

وما أن قرأ زميلنا في «الوطن» علاء الغطريفي ما كتبه نيوتن حتى صاح قائلا في اليوم نفسه:»إن كانت هناك فئة متعاطفة مع مبارك، فهناك فئات لم ولن تتعاطف معه، لأن خراب وتجريف ثلاثين عاما يرونه في أرقام السيسي وبيانات السيسي وخطابات السيسي، فالتركة الثقيلة معنى يشرح كيف كان مبارك يحكم مصر؟
البراءة للشيوخ قد تغلبك بمنطق العاطفة الإنسانية، لكن البراءة لعهود لا تغلبنا، لأنها كشف حساب عن تاريخ حاكم تولى البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاما، وأفسح مجالا للإخوان لكي ينتهزوا فرصة الخواء والفراغ السياسي ليضعوا جدولتهم، لولا يقظة شعب خاف على هويته ودافع عنها، ومن ورائه جيش يأتمر بأمر شعبه.
مبارك سينال جزاءه وهذا هو يقيني لأن ما قاله القاضي الرشيدي، بأنه سيحكم على عصر كامل وليس على واقعة واحدة، إنها محاكمة سيسجلها التاريخ. ولسنا هنا في محل توقعات بل يقين بأن أيام مبارك في الحكم هي وثيقة إدانة لأي حاكم يرغب في الانفراد بالسلطة وسحق المؤسسات وتحويل النظام إلى نظام أمني قمعي، يهدد الحقوق وينسى الواجبات، حتى لو كان نظاما يقول عن نفسه إنه وطني يحمي البلاد والعباد، فالوطنية لا تعني الظلم بل يشار إليها بأنها الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية».

محاكمة مبارك قضية وطن

المهم أنه يوم السبت موعد النطق بالحكم كانت المفاجأة من رئيس محكمة الجنايات المستشار محمود الرشيدي، عندما أعلن تأجيل النطق بالحكم إلى جلسة بتاريخ التاسع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وأكد أن المحكمة لم تنته من كتابة كل الحيثيات، بسبب ضخامة أوراق القضية التي وصلت إلى مئة وستين ألف صفحة، وأشار إلى أنها قضية وطن، وأكد أنه لا استخدام للمادة الرابعة عشر التي تسقط الحكم في حالة وفاة المتهم، وذلك نفيا لما تردد بأن التأجيل قد يكون مبرره وفاة مبارك في هذه الفترة وقد قال مبارك: «عايزين نخلص بقى». وتضاربت آراء رجال القانون حول ذلك، فبعضهم انتقد القرار، وآخرون أكدوا أن المحكمة اتبعت قانون الإجراءات الجنائية ولا توجد أي شبهه فيه. وإن كان زميلنا وصديقنا الفنان الموهوب حلمي التوني قد أثار الشكوك أمس في «التحرير» عندما رسم العدالة وهي معصوبة العينين وتمسك بالميزان وتقول:
– خايفة أقول اللي في قلبي
نريد عدالة نزيهة حتى على مبارك

ونبقى مع محاكمة العصر محاكمة مبارك ومن معه، وتأجيل النطق بالحكم، ولكن هذه المرة مع رأي طه خليفة في «المصريون» الذي يرى:» ملف قضية مبارك يبلغ 160 ألف ورقة، ولصعوبة وضع هذا الكم الضخم من الأوراق على المنصة أمام القاضي الجليل، فإن هيئة المحكمة قامت بتوثيق الملف عبر الشاشة، وربما يحدث ذلك لأول مرة. لكن هناك سؤالين: الأول: هل التوثيق بالكاميرا قانوني أم لا؟ وإذا كان لا يخالف صحيح القانون، والمتبع في القضايا، فهل يجوز أن تتجول مذيعة بين مستندات وأوراق القضية خلال التصوير، وتفتح بعض الملفات، وتقرأ منها وتعرضها، ولم يتم الحكم في القضية بعد؟ الثاني: القناة التي تقوم بالتصوير هي «صدى البلد» ويمتلكها واحد من رجال الأعمال الكبار منذ عهد مبارك، وتلك القناة ومن خلالها أدائها، وطبيعة ضيوفها، لها موقف ليس وديا من ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وتميل للتعاطف مع مبارك، فهل كان موفقا إسناد تلك المهمة لها، أم لواحدة من قنوات التلفزيون الرسمي؟ هذا ما كتبته على صفحتي فور إعلان القاضي عن بث الفيلم، وقد جاءت بعده تعليقات وآراء رجال القانون لتؤكد أن تصوير مستندات وأوراق القضية بالشكل الذي شاهدناه لم يحدث من قبل، واستغرب بعضهم حدوث ذلك باعتباره غير مألوف ولا معتاد، وباعتبار أن القضية حساسة ولها خصوصيتها، والقاضي نفسه قال «إنها قضية وطن». لماذا تأجيل النطق بالحكم الذي كان مقررا له 27 سبتمبر/ايلول الجاري، وهو اليوم الذي اختارته وحددته هيئة المحكمة في القضية بجلسة 13 أغسطس/آب الماضي عندما ختمت جلساتها وألقى خلالها مبارك خطبة يبرئ فيها نفسه ونظامه تماما من قتل ثوار يناير، ومن ثلاثة عقود من الهبوط بمصر إلى منحدر من الجمود والتخلف، وكان حريا به في تلك السنوات الطويلة والظروف المواتية أن ينجز مشروعا للتنمية الحقيقية على غرار دول عديدة نهضت وتقدمت وسبقتنا وكانت في ظروف أصعب. هيئة المحكمة منحت نفسها 44 يوما لتقرر الحكم الذي وقر في يقينها، ويرتضيه ضميرها، وتلتزم فيه بنصوص القانون وبروحه أيضا، فهل فوجئت مثلا بعدها أن ملف القضية من الضخامة إلى الدرجة التي لا تكفي فيها فترة شهر ونصف الشهر للتوصل للحكم وكتابة حيثياته، وقد فهمنا من القانونيين أنه ليس شرطا أن يرفق القاضي الحيثيات بمنطوق الحكم، فالقانون أعطاه شهرا كاملا لكتابتها وإيداعها المحكمة. غالبا فإن هيئة المحكمة ومع آخر جلسة وبعد ضم كلمة مبارك كانت تعلم أن القضية صارت ضخمة، وبالتالي من حقها أن تمنح نفسها الوقت الكافي للنطق بالحكم، بدل صدمة التأجيل التي شعر بها البعض، ولم يكن أحد يتدخل في ذلك لأنه قرار خاص بها وحدها فقط. على العموم نحن نود تنزيه تلك المحكمة من أي شوائب، أو أقاويل، أو غمز ولمز، بشأن التأجيل لأننا نريد عدالة نزيهة حتى على مبارك ونجليه ووزير داخليته الأسبق، ومساعديه الستة، فطالما هم يُحاكمون وفق القانون الطبيعي، فلابد من احترام كل ما ينتج عنه من إجراءات وخطوات حتى صدور الحكم. وطالما أن التأجيل هدفه العدالة فهذا مهم ومطمئن. وحتى لو كان مبارك يُحاكم في محكمة ثورية، فالغاية هي العدالة، وليس الظلم والإدانة. يختلف اسم المحكمة، لكن يبقى الجوهر واحد، وهو العدال، وتحقيق العدالة، في كل زمان ومكان. وهذا الذي نقوله عن مبارك، نقوله أيضا عن الرئيس الأسبق محمد مرسي، ومن يُحاكمون معه في القضايا المختلفة، بل ونقوله عن كل من يُحاكمون في قضايا هي جنائية، لكنها تأتي على خلفية ما جرى بعد 3 يوليو/تموز من صراع سياسي مازال مشتعلا لليوم. لا شيء سيعصم مصر من الزلل، وسيجعل فيها أمل ورجاء إلا العدالة معصوبة العينين، والتي تبدأ من مكتب وكيل النائب العام، وصولا لمحكمة النقض الشامخة، مرورا بدرجات المحاكم المختلفة. يمكن أن يتحمل الإنسان ظلم السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية لكون ذلك أمرا مؤقتا، وباعتبار أنه سيذهب للعدالة المستقلة المستقيمة التي ستنصفه، وستقتص له، وسينال منها حقه، ولذلك نتشدد في قضية العدالة، فهي ملاذ المظلوم، وحصن المغبون. أخيرا، أتصور أنه لو حصل مبارك على براءة، وهذا وارد، وضمن الاحتمالات، فلن يحدث شيء خطير كما يحذر ويتوقع البعض، فالأجواء صارت مهيأة شعبيا، بل وسياسيا لتقبل مثل هذا الحكم، فقضية الحرية ذاتها بكل شمولها وأهميتها لم تعد تشغل اليوم كثيرا ممن كانوا يرفعونها شعارا، وقد ظهر أنهم كانوا يتاجرون بها سواء أفرادا، أو نخبة، أو أحزابا تتفاخر بـ «يافطة» الليبرالية. ليست هناك مبادئ أصيلة، هناك مصالح أكيدة».

معارك الثوريين على مواقع التواصل الإجتماعي

وإلى المعارك والردود وبدأها يوم الخميس في «اليوم السابع» رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وصديقنا أكرم القصاص بالسخرية من معارك الثوريين على «الفيسبوك» و«تويتر» بقوله في عموده اليومي «كأنه»: «اليوم نحن نرى تأثير «تويتر» و«فيسبوك» طاغيا حتى على التحليلات التي يقدمها من ينتسبون للثورة، ويتسرب إليها غالبا الكثير من الشائعات والمقولات الكثيرة، بدون أن يقدموا بديلا لواقع لا يكفون عن انتقاده. لم يتوقف كثير من الزعماء الافتراضيين عند الحالة التي وصلوا إليها وجعلتهم مجرد متكلمين ومتحدثين، لأن بعضهم وجمهورهم الذي يتقلص مع الوقت، حتى تفرغ بعضهم لأن يكون هدفهم الغيظ والكيد السياسي لغيرهم أو لمنافسيهم على صفحات التواصل أو في المنتديات والندوات التي يحضرها أصدقاؤهم. وأصبح الانتصار لديهم أن يغيظوا خصومهم أو المختلفين معهم، وخلق حالة من التلاشي المتبادل بين ثوار سابقين وفلول سابقين بينما الأهداف والوقائع كلها غائبة».

الظلم لا يبني وطنا

أما زميله دندراوي الهواري فقد سار في الاتجاه نفسه، مهاجما الجميلة زميلتنا نوارة نجم قائلا في العدد ذاته:»أتفق تماما مع «الثورية» نوارة نجم في أن الظلم لا يبني وطنا ولا يمكن لشخص لديه ضمير يقظ أن يقبل بظلم الأبرياء، فالظلم ظلمات، لكن أيضا لا يمكن لمرض التثور اللاإرادي أن يبني وطنا، فالأوطان لا تعيش على المظاهرات والثورات اليومية أو حتى السنوية. الأوطان لا تبنى على الفوضى والانفلات الأمني وعدم احترام القانون وتدشين السباب والشتائم البذيئة بإهانة قواته المسلحة وقتل جنوده وضباطه وحرق المنشآت العامة والتسخيف وتسفيه كل القرارات ومحاولات الإصلاح والابتكارات والاختراعات والأفكار الساعية لتحسين الأوضاع، ونعت المخالفين لهم في الرأي والفكر بأبشع الأوصاف على صفحاتهم على «فيسبوك» و«تويتر». وعندما يرد عليهم الآخرون بالشتائم نفسها تقوم الدنيا ولا تقعد ويطالبون بإعدامه في ميدان عام لأنهم اخطأوا في ذات الثورة العليا».
لجنة تقصي حقائق ما بعد
ثورة 30 يونيو تواجه صعوبات كثيرة

ونظل في صحف الخميس بعد أن ننتقل إلى «الجمهورية»، والحديث الذي نشرته مع رئيس لجنة تقصي حقائق ما بعد ثورة 30 يونيو/حزيران فؤاد رياض، حول ما حدث بعد تلك الثورة، وفض اعتصامي رابعة والنهضة، وأجراه معه زميلنا أحمد الشامي وقال فيه: «حصرنا أعداد الذين سقطوا في الاعتصامين، وهم لا يتجاوزون الألف شخص، وبعضهم من المجهولين وتم حصر أسماء الضحايا، من خلال الكثير من الجهات الرسمية ومنها النيابة العامة، التي سمحت بدفن هذه الجثث، وهذه الأرقام تختلف عن الأرقام التي أعلنها الإخوان والكثير من المنظمات، خصوصا الخارجية منها لأنها لجأت الى جهات غير رسمية واعتمدت على بعض الروايات. وأعلن الإخواني محمد علي بشر أنه سيدلي بشهادته أمام اللجنة، وبعدها اعتذر وقال إن اللجنة ستوظف اللقاء سياسيا، وأصدر بيانا ذكر فيه أن اللجنة أخلت بوعدها بالحيادية والاستقلال لسبعة أسباب، أدت إلى رفضه المثول وهي، تعقب بعض الشهود، تسييس مواقف اللجنة، إفصاح رئيس اللجنة عن موقفها السياسي، التوظيف السياسي لذهاب الشهود للجنة، إفصاح اللجنة عن رأيها في عدة قضايا وتقارير دولية، واعداد الإعلان الدوري عن نتائج اللجنة، عدم حماية الشهود بعد الإدلاء بأقوالهم . هذه الأسباب غير حقيقية واللجنة محايدة وتتسم بالموضوعية، إضافة إلى أنها مستقلة وليس لها علاقة بالحكومة من قريب أو من بعيد، وليس معنى تشكيلها بقرار من رئيس الجمهورية السابق عدلي منصور أنها «حكومية» لأن هذه اللجنة بمثابة محكمة، مثل المحكمة الدستورية العليا وباقي الهيئات القضائية، التي تشكل بقرارات من رئيس الجمهورية ولا يعني ذلك أنها غير موضوعية. واللجنة غير مسؤولة عن أي تحليلات أو توصيفات تذكرها وسائل الإعلام عن هذه اللقاءات وما يدور داخل اللجنة، إذ أن اللجنة تواجه صعوبات كثيرة لإنجاز المهمة التي شكلت من أجلها، وهذا دليل آخر على حيادها».

تعديل قانون حق التظاهر مطروح على مجلس الوزراء

وإذا كان فؤاد رياض قد أكد حيادية اللجنة، فإن زميلنا السيد النجار رئيس تحرير «أخبار اليوم» شكك في حياد جهات أخرى اتهمها بالخضوع لضغوط خارجية وقال مخاطبا الرئيس: «إلى متى انفراط العقد بالتساهل الذي يصل إلى حد التسيب وهز هيبة الدولة في حربها ضد الإرهابيين، ومعركتهم المنظمة ضد أمن وهدوء وخير واستقرار شعب مصر والنيل من تلاحم الشعب والجيش والشرطة، وحالة نادرة من ثقة وحب الشعب لقائده؟ نوجه الرسالة، خاصة أننا على أبواب بداية العام الجامعي الجديد الذي يتصور أعداء الوطن والدين أنه البيئة الخصبة لممارسة مظاهرات العنف والتخريب وتشويه واقع مصر. لابد أن يدرك كل مسؤول في موقعه أنه لا مكان لأي تهاون في المواجهة وإلا لا مسؤولية له، رئيس جامعة كان أم وزيرا، وأن تكف الحكومة عن بعض مظاهر الرضوخ أو قبول الضغوط، إعلامية كانت أو من مجلس حقوق الإنسان.
أقول هذا راجيا إصدار أوامركم بحسم ما تردد عن نية الحكومة تعديل قانون حق التظاهر، رغم صمتها مرة ونفيها مرة أخرى. وأخيرا خرج علينا وزير العدالة الانتقالية يقول إن تعديل القانون مطروح على مجلس الوزراء فلا معنى لذلك غير أن الحكومة رضخت لفعل شيء ليست مقتنعة به تحت مطلب من مجلس حقوق الإنسان الذي رضخ هو الآخر لرأي شخص أو أكثر بداخله».

الديمقراطية التركية في حصانة رأي عام قوي

ونعود الى «المصريون» عدد امس الاحد ومقال رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان ومقالته التي يقارن فيها بين السيسي وأردوغان ليصل إلى أيهما أخطر على الآخر يقول:»… جوهر الأزمة «المصرية ـ التركية»، ترجع إلى تناقض النسختين المصرية بطبعتها «السيساوية» والتركية في تفاصيلها «الأردوغانية». فالسيسي يمثل نموذجًا يؤرق أردوغان: (عودة الجيش إلى السلطة).. وأردوغان يفزع السيسي: (عودة الجيش إلى ثكناته وإخضاعه لولاية الحكومة المدنية المنتخبة). ومع ذلك فإنه ليس ثمة مبررات لهذا الصدام الكبير بين الدولتين، فأردوغان ليس مسؤولا عما يعتقده «انقلابًا عسكريًا» في مصر.. والسيسي لن يكون مسؤولا حال أطاح الجيش بحكومة أردوغان في تركيا، بل إني أعتقد أن النموذج التركي هو الذي يمثل خطرًا حقيقيًا، على ما استقرت عليه العلاقة بين المؤسستين العسكرية والرئاسية في مصر، منذ ثورة 23 يوليو 1952.. أكثر مما يمثله النموذج المصري بعد 3 يوليو/تموز 2013 من تهديد لـ»الدولة المدنية» في تركيا. فتركيا حسمت خياراتها لصالح الديمقراطية ومدنية الدولة، فهي اجتازت اختبار نفوذ الجيش وعافيته السياسية، بنجاح مدهش، حين قضت محكمة تركية يوم 5/8/2013 بالسجن مدى الحياة على رئيس الأركان التركي السابق إيلر باشبوغ وضباط آخرين بعد إدانتهم بالسعي للإطاحة بحكومة أردوغان، وكان من ضمن المتهمين في ما يسمى شبكة «أرغينيكون» القائد السابق للفرقة الأولى في الجيش هورسيت طولون، الذي أدين مع آخرين بمحاولة قلب النظام الدستوري بالقوة.. فضلا عن أن تركيا تجاوزت نسبيًا الفرز الأيديولوجي في تسمية الرئيس أو رئيس الوزراء، حيث بات الناخبون أكثر بحثًا عن الحكومة التي ستحل مشاكلهم، وآية ذلك، أن أردوغان الإسلامي، لم يفز بأصوات الإسلاميين وحسب، ولكن بأصوات القوى والتيارات العلمانية أيضًا.. بل إن جمعية رجال الأعمال الأتراك، التي تمثل مركز ثقل المال العلماني، وأداة الأتاتوركية القديمة والمتطرفة، أدلت بأصواتها لصالح أردوغان الإسلامي، لما حققه من نهضة اقتصادية، أنعشت جيوب رجال الأعمال الأتراك. فالديمقراطية التركية باتت في حصانة رأي عام قوي، انتصر لمدنية الدولة، وذاق لذة الديمقراطية وثمرة الحكم المدني، حيث تحولت تركيا إلى واحدة من أقوى الاقتصاديات على مستوى العالم.. وبالتالي فإن قلق أردوغان من الطريقة التي أطيح بها الرئيس الأسبق محمد مرسي، مبالغ فيه، ولا تمثل ـ كما يعتقد أردوغان ـ مصدر إلهام لجنرالات تركيا. على العكس فإن النموذج التركي هو الذي يمثل عبئًا كبيرًا على السيسي، ففي حين تجاوزت تركيا جدل العلاقة بين الجيش والسلطة، فإن هذا الجدل، لا يزال متوهجًا في النقاش العام في مصر، وما انفك سؤال: لماذا نجح أردوغان وفشل مرسي في ما يتعلق بهذا الملف تحديدًا، يشغل الفضاء السياسي المصري، في شقه الإسلامي الحركي.. ما يجعل أردوغان مصدر طاقة متجدد لهذا الجدل في مصر.. ومع ذلك نلحظ تعاطي مؤسسة الرئاسة في مصر مع الملف التركي بهدوء يحسب لها، وذلك إذا نحينا جانبًا الإعلام المصري الزاعق وعدم مهنيته…».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية