القاهرة ـ «القدس العربي»: مضت الذكرى الخامسة لثورة يناير/كانون الثاني والمعارك لا تتوقف بين أنصارها وخصومها، على حد سواء.
الأنصار يعتبرونها أنبل حدث شهده المصريون في تاريخهم الحديث، فيما يعتبرها الخصوم رجسا من عمل الشيطان ومؤامرة كونية على وطنهم، ذلك الوطن الذي أصبح على يد الديكتاتور الذي دحرته الثورة، مرتعاً للصوص والمرتشين، ودفع مصر لقاع العالم، وباتت في زمنه أرضاً مستباحة للأعداء، وكل من تسول له نفسه التآمر على القضية الأنبل في تاريخ العالمين العربي والإسلامي، حيث باتت فلسطين في زمنه ذكرى أليمة أفسدت على الديكتاتور سنواته الأخيرة.
مضى مبارك يتبعه عاره في ما بقيت القدس نسياً منسيا وتحول معبر رفح لمتحف يشهد على توقف الحياة على الجانب الآخر، حيث لا يستحق المعذبون أبد الدهر العبور لأشقائهم أو للعلاج أو للدراسة.. ظل مغلقاً إلا أياما معدودات لم تتجاوز أربعة عشر يوماً طيلة عهد النظام الراهن.. ذهبت ذكرى الثورة بحلوها ومرها، ولم يحصد صناع الحلم الثوري أحلامهم البسيطة.. أولئك الذين حولوا الوهم لحقيقة، لم يكن من مكافأة يحصلون عليها سوى السجن أو الاختفاء القسري، فيما عاد من جديد يتامى مبارك يسوقون نصوص مدرسته نفسها، التي أحالت الوطن لمقبرة لا أثر فيها للحياة، فقد شرع البرلمان أروقته للهجوم على ثورة يناير ورموزها، وباتت المحروسة تشهد مع كل طلعة شمس من يصفع الثورة ورموزها، فيما ذهبت تعهدات الرئيس السيسي بملاحقة من يهين 25 يناير أدراج الرياح. وفي الصحف المصرية أمس كان الهجوم على ذلك الحدث النبيل متوفراً ومحمياً بغطاء رسمي، فيما بقي المدافعون عن مبادئ الثورة عاجزين عن الرد على فلول مبارك وخصوم ثورتهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعدد من الصحف، التي لازالت تتيح قدراً من الحرية. وقد ازدهرت أمس المعارك الصحافية في كل واد بين معسكري 30 يونيو/حزيران و25 يناير/كانون الثاني، كما نشرت الصحف تصريحات وزير العدل التي أعرب فيها عن أهمية أن يقتل الآلاف من الإخوان مقابل شرطي واحد! وإلى التفاصيل:
الزند يحرج الرئيس
البداية مع جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون»، الذي هاجم وزير العدل الذي تجاوز الخطوط ودعا لقتل الإخوان: «وزير عدل في دولة يفترض أنها تقوم على المؤسسات وعلى سيادة القانون وعلى العدالة العمياء، يقول إنه لن تهدأ نار قلبه المزعومة حتى يتم قتل عشرة آلاف معارض مقابل كل جندي يقتل من الجيش أو الشرطة، هل هذه رسالة تعبر عن منطق دولة أم عن منطق ميليشيات؟ وزير العدل يطالب بقتل أربعمئة ألف إنسان لأن عصابة إرهابية تعتدي على قوات الجيش أو الشرطة، ويذاع هذا الكلام الخطير، الذي لا ينتمي إلى أي قانون إنساني ولا إلى عدالة ولا إلى أي مبدأ أخلاقي، ينشر في الإعلام الموالي للسيسي والمتمسح به والمتحدث باسم جبهة تأييده. المستشار أحمد الزند، وزير العدل، والعضو في الحكومة، والسلطة التنفيذية، الذي يعطي الدروس عن استقلال القضاء وشفافيته وشموخه، أعلن أمس أن النيابة انتهت من التحقيقات في ما سماه القضية 250 أمن دولة، والتي تتهم ناشطين وحقوقيين بتلقي دعم من أطراف خارجية، وقال «الوزير» إن تلك القضية سيتم تحويلها إلى محكمة الجنايات قريبا. ويعتقد الكاتب أنه أصبح يتوجب على النائب العام أن يدافع عن نفسه وعن جهازه الذي أفشى أسرار التحقيقات، باعتراف وزير العدل، وعلى النائب العام أن يشرح لنا كيف عرفت الحكومة، ممثلة في وزيرها، أن النيابة «تنوي» اتخاذ قرار بإحالة عدد من المواطنين للمحاكمة بناء على تحقيقات يفترض أنها محمية بنص القانون وإفشاء أسرارها جريمة؟».
القانون أولى بالتعامل مع الواقي الذكري
لازالت أصداء قضية السخرية التي أطلقها شابان ضد الشرطة تثير الجدل، ويرى أكرم القصاص في «اليوم السابع»: «أنه ربما يكون من ميزة ما جرى في واقعة أحمد وشادي و«الكاندوم»، أن الجدل جرى في الفضاء الافتراضي، وبين طرفين في المجتمع.. اتسعت الإدانة أكثر من التأييد، وتساقط منطق بعض من أرادوا اختصار 25 يناير في الشرطة، وتركيزها في تصرف بلا قيمة، أو هؤلاء الذين هاجموا وشتموا أحمد وشادي، كلاهما حصل على شهرة، ربما كان يريدانها من دون الأضرار الجانبية. واجه البعض خطأ أحمد وشادي بأخطاء وشتائم، واتهامات تصل لحد السب بالأم والأب، ومن حيث أرادوا إدانة سلوك يرفضونه، وقعوا في الأخطاء نفسها، وحتى تبرؤ الأب من ابنه أحمد، أو بيان فريق «فاهيتا» الذي يخلي مسؤوليته، ويسحب نفسه من فعل عضو الفريق شادي، يبدو نوعًا من مسح الأيدي، بينما لو نجحت الفكرة ربما لكانت جزءًا من البرنامج نفسه. أزمة أحمد وشادي و«الكاندوم»، بحسب الكاتب، تعبر عن أزمة في المجتمع الذي أصبحت الفرق فيه تتعامل مع بعضها بتمييز وتعالٍ، فريق يعيد ويزيد ويتصور نفسه الوكيل الحصري للثورة، وفريق مقابل بعضه شارك في الحدث نفسه، واتخذ طريقًا آخر من دون أن يكون في سلطة، وفريق معادٍ بحكم مصالحه أو مواقعه. هناك انقسام وفجوات، وغياب لقواعد النقاش والخلاف يصل إلى تحبيذ البعض ومدحه للإساءة، وازدواجية في التعامل مع الفعل نفسه، بما ينطبق عليه المثل «دي مش دبانة.. دي قلوب مليانة»، فلم يعد أي فريق مستعدًا لقبول خلافات الرأي بالحوار، بدلًا من «الزعيق» والشتائم وإطلاق الاتهامات. وربما يكون من الأفضل أن تبتعد الدولة أو الداخلية عن هذه القضية، وتتركها للقانون».
دليل الانحطاط
لكن دندراوي الهواري زميل أكرم في الصحيفه نفسها «اليوم السابع» يصر على التصعيد: «نعيش زمن غمس قيم الحق، من حرية فكر وإبداع، إلى كرامة إنسانية، وعدالة اجتماعية وتوفير العيش، في مستنقع السفالة والوقاحة والانحطاط. نعيش زمن اختلاط المفاهيم والأنساب، وضياع القدرة على التفريق بين الحق والباطل، بين اللص والشريف، بين الوطني والخائن. نعيش زمن الشذوذ الفكري، أصبح فيه المخنث والشاذ والخائن والمتلون، في صدارة المشهد، ويعتلون منبر النصح والرشاد، تحت شعار الحرية وحقوق الإنسان والتسخيف. يضيف الكاتب: نعيش زمنا لا تستطيع التفريق للوهلة الأولى بين مظهر وشكل وتصرفات ولغة الحوار بين الولد والبنت، في تحول دراماتيكي للطبيعة البشرية. نعم نعيش زمن المسخ، يطالب فيه فنان يرى نفسه المبدع الأول والمفكر الأول، والمالك الحصري لحقوق الفهم والوعي في البلاد، خالد أبوالنجا، بضرورة دعم ومساندة حقوق الشواذ، وحشد الجماهير ضد جيش هذا الوطن. نعيش زمنا، اختفت فيه النخوة، واندثر فيه الحياء، وتشوهت الأخلاق، ودفنت العادات والتقاليد، فاستعان الممثل في زمن الفن الرديء أحمد مالك، وشبيهه، شادي فاهيتا، بمنتهى القبح وغلظ العين، بواقٍ ذكري، يضعونه على أفواههم، لنفخه وتحويله إلى بالونات وتوزيعه على أشرف من أشرفهم، وتاج رؤساء الفوارس، جنود مصر. نعيش زمن الكذب والخداع، واغتيال سمعة الشرفاء، والضرب القذر من تحت الحزام، وإعلاء شأن المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة باختصار، جعلوا من ثورة يناير أهم من مصر. نعيش زمنا يلقى فيه المنحطون والسفلة، دعما من مشاهير خرجوا على المجتمع في صورة الدعاة المصلحين، والوطنيين العاشقين لتراب بلدهم، ويرتدون روب المحاماة المدافعين عن حقوقهم الشاذة، والمخنثة فكريا، والذين يعيثون في الأرض فسادا».
جريمة ازدراء لطبقة اجتماعية كبيرة
ونبقى مع القضية نفسها، التي أثارت هواجس عبد القادر شهيب في «فيتو»: الجريمة التي ارتكبها كل من الممثل الشاب أحمد مالك والمعد الشاب أيضا في برنامج «أبلة فاهيتا» شادي أبو زيد أكبر من مجرد الإساءة لجهاز الشرطة، في يوم احتفال رجاله بذكرى يوم عزيز عليهم، وهو يوم تصديهم لقوات الاحتلال حتى آخر رصاصة كانت في حوزتهم وقتها. وهذه الجريمة أكبر أيضا من مجرد تنفيذ لأحد أهداف التدريبات التي تلقاها بعض شبابنا في ما يسمى أكاديميات التغيير في الخارج. إنها جريمة ازدراء لطبقة اجتماعية كبيرة وواسعة أو طبقة أساسية في مجتمع، وتمثل عدديا النسبة الأكبر من أفراد المجتمع، وبالتالي هي جريمة ازدراء واحتقار لا تستهدف الشرطة وحدها ولا حتى كل مؤسسات الدولة الرسمية ولكنها ازدراء واحتقار للمجتمع المصري كله.
إن الازدراء وفقاً للكاتب توجه بشكل أساسي لجندي مصري بسيط، أو مجند ينتمي لأسرة فقيرة من ريف مصر، ولكنه مع ذلك يؤدي ضريبة الوطن، وهي حمايته ضد أي عنف وإرهاب يستهدف أهله وأمنهم وأمانهم، جندي لم يتصور لطيبته وطيبة أسرته وكل أفراد الطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها، أن شبابا يدّعون أنهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، يتربصون به لإهانته بهذا الشكل المثير للاستفزاز والغثيان، وبعد ذلك يخرج علينا من يقول، إنهم شوية عيال وأخطأوا ويجب ألا نحاسبهم، بل يتعين أن نتجاوز عما فعلوه رغم بشاعته».
العيب مش على لميس العيب
على اللي عينها في البرلمان
أعرب الدكتور عمار علي حسن، الباحث في مركز الأهرام للدراسات، عن استيائه من رفض النائبة البرلمانية لميس جابر إطلاق لقب «ثورة» على 25 يناير/كانون الثاني، متسائلا بحسب «الشروق»: «كيف يتم تقييمها باعتبارها خبيرة سياسية ولديها ما تقدمه للبلد، ويتم تعيينها في البرلمان؟ وقال حسن في مداخلة هاتفية لبرنامج «الحياة اليوم»، عبر شاشة «الحياة»، الأربعاء، أن هناك فرقا بين مؤامرة في ثوب ثورة، وثورة تم التآمر عليها، مؤكدا أن ثورة يناير تم التآمر عليها. وأوضح أن 7 جهات تآمروا على ثورة يناير هم الإخوان والمجلس العسكري وفلول نظام مبارك وعدد من النظم الإقليمية التي رفضت التغيير بمصر لأنه يؤثر على العالم، والأمريكان الذين أرادوا نظاما في مصر يضمن لهم ما كان يضمنه مبارك، وأيضا الأحزاب القديمة. وتابع: «لو 25 يناير مؤامرة كما تقول النائبة فيجب محاكمة المجلس العسكري والرئيس عبدالفتاح السيسي لأنهما انحازا إلى الثورة»، واستطرد موجها حديثه إلى النائبة: «خليكِ في كتابة السيناريو والأمور البسيطة». وتساءل: «كيف يتم تعيينك في مجلس النواب ولا يتم تعيين الكفاءات.. ليس لديك ما تقدمينه لمصر.. لكن العيب مش عليكِ العيب على اللي عينك في البرلمان». جدير بالذكر أن لميس دأبت في العديد من المناسبات على شن الهجوم الشديد على الثورة وشبابها ومن شارك فيها، مؤكدة انها مؤامرة تسببت في خراب مصر، معبرة عن احترامها وتقديرها للديكتاتور المخلوع حسني مبارك الذي حكم البلاد طيلة ثلاثة عقود سكن خلالها الفساد معظم المؤسسات وتردت الاوضاع الاقتصادية لمستوى كارثي».
محمود الكردوسي: خالد تليمة شب عن الطوق
وإلى مزيد من المعارك الصحافية ويشنها في «الوطن» محمود الكردوسي أبرز الوجوه المعادية لثورة يناير، حيث يلاحق رموز الثورة بشكل شبه يومي، أينما حل أي منهم كان سيفه مشهراً في وجهه: «خالد تليمة شب عن الطوق. بقى راجل وبيشتم: يَختى كميلة.. إيه يا واد الخفة دي؟. ستنالها وأرد عليك، ولو أنني لا أرد على «عيال». إنت طبعاً سليل يسار فاشل وعاجز وانتهازي، بأمارة ما خالفت وصية «المرحومة 25 يناير» واشتغلت نائب وزير شباب في مرحلة عدلي منصور الانتقالية. المرحومة جاتلك في المنام وهزأتك، فانضممت إلى فيلق «الكاندوم الثوري» في قناة فضائية. بقيتي إعلامي يا بيضا: «حرية رأى تقول 25 خساير.. وأنا حرية رأى أهزأك». تهزأ مين يا «تلم» يا ابن «25 يناير»؟. صحيح.. ما تخافش من «25 يناير».. خاف من خلفتها».
التلفزيون يرضي كل الزبائن
لازالت أصداء الذكرى الخامسة لثورة يناير مستمرة، حسام فتحي في «المصريون» استثمرها في الهجوم على عدد من الإعلاميين في مقدمتهم أحمد موسى: «مفارقات الاحتفال بيوم 25 يناير أمس كانت مثيرة.. ومبكية.. ومضحكة، عندما بدأت بالتنقل بين الفضائيات المصرية وجدت عجباً. التلفزيون المصري الرسمي وعبر الفضائية المصرية خرجت مذيعة شابة صبوحة الوجه، وبدأت بكلامها مهنئة المشاهدين بالذكرى الخامسة لثورة 25 يناير المجيدة التي غيّرت وجه مصر، ومذكرة بـ «الورد اللي فتح في جناين مصر»، ومعيدة لعبارات الرئيس السيسي في خطابه، ثم حولت القناة لأشاهد مذيعاً «أمنجياً» على قناة «سيراميكية» ينوح منفعلاً.. متوتراً، وقد ساءه بشدة قول الرئيس السيسي «إن ثورة 30 يونيو/حزيران جاءت لتصحيح مسار واستكمال ثورة 25 يناير».. ليؤكد المذيع «الأمنجي» أنه لا يوافق على هذا الكلام، وأن «كل واحد حر في ما يعتقد»، وأنه موقن بأنه لا ثورة إلا 30 يونيو، وأن 25 يناير «نكسة» بكل المقاييس.. لم يحتمل الكاتب رؤية وجهه غير الصبوح لأكثر من دقيقتين، تخللتهما حبتا «أتاكاند» للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم، وانتقلت إلى قناة فضائية أخرى يملكها «عطار» أكرمه الله بعضوية البرلمان، ومذيعة لطخت شفتيها بدم «أرنب طازج».. وتسأل ضيوفها سؤالاً واحداً، ما تنفك شفتاها المخضبتان تكررانه من دون كلل أو ملل: «يعني ينفع نحتفل بـ 25 يناير ولا لأ؟.. يعني هي ذكرى الثورة ولا عيد الشرطة؟».. أخرست صوت التلفزيون، فليس مسموحاً تناول «حبة» ضغط دم ثالثة! واكتفيت بمتابعة انفعالات ضيوف قناة «العطار» المنتقين بعناية تامة.. وهم يعزفون لحناً واحداً.. يلعنون فيه يناير.. وأبو يناير.. وربما طالبوا بإلغائه من بين شهور السنة! هكذا فضحتهم تعبيرات وجوههم.. وبعض من رتبهم العسكرية السابقة.. وإن سبقها أو لحقها حرف الدال!».
أصوات زاعقة بالنقد تحاول إجهاض الأمل في القلوب
الحديث عن ثورة يناير يدفعنا للاهتمام بما يصر عليه محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير «الأهرام»، الذي ينتقد احتكار فصيل بعينه الحديث باسم الثورة، محذراً في الوقت نفسه من مؤامرات على الوطن: «هناك من يقف مع الدولة في مشروع التنمية وإعادة البناء والاستقرار، في مواجهة مشروع الهدم والتخريب. يقوم مشروع البناء على برنامج عمل وطني ويتوافق حول رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويحترم التعاون بين كل المصريين لإنجاز خطط التنمية ويرحب باصطفاف الجميع من أجل مصر، ويعلي من قيمة احترام القانون، ويدعو إلى تحقيق الاستقرار كأولوية قصوى. من ناحية أخرى، يقبع فريق الهدم والتخريب في عالمه الخاص يقدم الرؤى الأيديولوجية على الصالح العام، ويروج لمصالحه الخاصة، وينتعش على مناخ إثارة الفتن ونشر الفوضى والإضراب، ويجمع الفريق ألوانا شتى من أصحاب المصالح ممن يروجون لعمليات ثأر أو انتقام شخصية، أو يعملون لمصلحة تيارات (إخوان – يسار- نظام مبارك) وهدفهم الأسمى هو تصفية الحسابات مع خصومهم، من دون أي اعتبارات تخص المصلحة الوطنية، ويكشفون عن وجه قبيح وهو أن صراعاتهم التي خاضوها ضد الدولة ما هي إلا رغبة في القفز على السلطة والاستحواذ عليها لمصلحتهم وحدهم، وإقصاء الآخرين، وهو ما فطن اليه المصريون في انتفاضاتهم، فأقصي من أقصي من السلطة في ثورات شعبية وهمش من همش من القوى السياسية، التي لم تجد لها مكانا تحت قبة البرلمان، رغم أنها تملأ الدنيا ضجيجا في الفضائيات! ويؤكد علام على أن المسلسل السابق في عملية استنزاف الدولة مازال مستمراً، فالأصوات الزاعقة بالنقد غير الموضوعي تواصل تسميم الأجواء وتحاول إجهاض الأمل في القلوب، وهدفها الأول هو الانقضاض على السلطة الموجودة».
الالتزام بالدستور حصن أمان للبلد
ونتحول نحو البرلمان الذي يثير الكثيرين ويتعرض لانتقادات واسعة، لكن رجب البنا في «الأهرام» يستبشر به خيراً: «حتى يكون مجلس الشعب الجديد أوفر حظا من المجالس السابقة، أن هذا المجلس وقد جاء بانتخابات شهد لها العالم بالنزاهة، فالمتوقع أن يعبر عن القيم الجديدة.. كرامة الشعب، وحريته، وحقه في الحياة والمساواة والعدل، واحترام الدستور والقانون.. وهي القيم التي تتصل أولا وأخيرا بسلامة أسس النظام السياسي وصدق كفاءة وإخلاص القائمين عليه في السلطات الثلاث، وأولها سلطة الشعب التي نرجو أن يعبر البرلمان عنها ويمارس عمله ملتزما بمصالح الشعب وحده، ويتخلى أعضاؤه عن مصالحهم الشخصية وعن الرغبة في استعراض العضلات البلاغية والمناورات البرلمانية والمواقف العنترية، فالبلد لا يحتمل شيئا من ذلك، ولو حدث ـ لا قدر الله ـ كما يدعي المتشائمون، فسوف تهتز الثقة التي يوليها الشعب لهذا البرلمان ولأعضائه. ولا يرى الكاتب أن أعضاء البرلمان يحتاجون إلى من يذكرهم بأنهم يحملون مسؤولية كبيرة وأمانة يحملها كل ذي ضمير، ومهمته الأساسية هي احترام الدستور، والالتزام في كل قول وكل عمل بمصالح الشعب، والالتزام بالدستور ليس الالتزام بظاهر النصوص، ولكن الالتزام أيضا بروح الدستور التزاما نابعا من الضمائر، وهذا هو حصن الأمان للبلد، وللنظام، وللقيم الجديدة التي فرضها الشعب بثورته. وبحسب الكاتب قد يكون التخوف من المزايدات، ومن مواقف البطولة الزائفة والاستعراضات القديمة، التي تدفع إلى تعطيل انطلاق المجلس في تحقيق أهدافه، من أجل أهداف ودوافع رخيصة لا يتقبلها الشعب.. وبالنسبة لي فأنا على يقين من صدق النيات وسلامة القصد لدى الأعضاء، الذي اختارهم الشعب بإرادته الحرة».
مرتضى منصور: الثوار كانوا لابسين طرح أيام مبارك
الهجوم على ثورة يناير لازال على أشده، هذه المرة يتولى المهمة المستشار مرتضى منصور عضو البرلمان ورئيس نادي الزمالك في «المصري اليوم»، مهاجما ثورة 25 يناير/كانون الثاني، معتبرًا أنها ليست ثورة. قال منصور، في حواره مع النائب البرلماني سعيد حساسين، مقدم برنامج «انفراد» المذاع عبر فضائية «العاصمة»: «أستمد قوتي من الله والشعب، ولأول مرة في تاريخ العالم يوجد أب وابنه في برلمان واحد، مستطردا: «مؤيديي أكثر من متظاهري 25 يناير، وليس لدي حراسة أو بودي غاردات». وواصل منصور اعترافاته مشيراً إلى أنه ليس من رموز النظام القديم: «أنا قائد 25 يناير.. ومش فلول، وأتحدى عمار علي حسن وخالد تليمة والأسواني ويوسف الحسيني، وإسراء عبدالفتاح، فلم يجرؤ أحد منهم على النطق بحرف واحد أو مهاجمة مبارك خلال حكمه»، مضيفا: «كانوا لابسين طرح ومستخبيين» يقصد أنهم كانوا أشد خوفاً في الماضي كالنساء بسب قوة الدولة وتماسك النظام».
كرم الداخلية يكشف الحقيقة
اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، تخيّل في لحظة ما، أنه حينما يعلن عن تكرُّم وزارته بالسماح لـ3462 تلميذاً، من المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة، بأداء امتحان نصف العام، فإنه بذلك يعلن عن إنجاز عظيم في مجال حقوق الإنسان وأن هذا الخبر، بحسب عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» من المفترض أن يستقبله الشعب بالزغاريد، والورود.. ما لا يدركه الوزير، ولا وزارته، ولا مسؤول إعلامه الأمني، وفقاً للكاتب، هو أن هذا الخبر في حد ذاته يوضح حجم المأساة التي تعيشها مصر، في ظل هذه السياسات، التي تحترم حقوق الإنسان، لأن السؤال المنطقي الذي سوف يطرح نفسه مباشرةً هو، ماذا لو لم نكن نحترم حقوق الإنسان، ما العدد المفترض لهؤلاء التلاميذ في هذه الحالة، نحن نتحدث عن الموافقة لأكثر من 3400، أي أن هناك آخرين لم تتم الموافقة لهم، أيضاً هناك آخرون لم يتقدموا بطلبات لأداء الامتحانات لأنهم لم يواكبوا دروسهم، أو لظروفهم الصحية نتيجة قسوة السجن، وهناك آخرون ماتوا، أو قُتلوا، وهناك آخرون هاربون، فلا هُم تلاميذ، ولا هُم سجناء. سيادة الوزير المبجل، هذه كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، جعلتم من تلاميذ مصر مجرمين، لو أننا بحثنا في حالة كل واحد من هؤلاء على حدة، سوف نكتشف أننا أمام كارثة أكبر، إنسانية، وقانونية، وحقوقية، سوف نكتشف أن هذا التلميذ رفع ما يُعرف بشارة رابعة، وذاك سار في مظاهرة، وذلك كتب جملة مناوئة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، سوف نكتشف أن معظمهم سوف يحصلون على براءات خلال المحاكمات سيادة الوزير، قد لا يكون القرار لك وحدك، إلا أنني على يقين من أنك يمكن أن تقوم بالدور الأكبر في هذا الشأن، وهو المراجعات السريعة، والسريعة جداً بحسب الكاتب».
وداعا لحوم الحمير
أخيرا.. لن تتسرب لحوم الحمير إلى المطاعم لدى منزوعي الضمير ممن يسعون لغش المواطنين.. فقد انتبهت وزارة الزراعة وفقاً لمحمد الهواري في «الأخبار» إلى ضرورة أن يتم ذبح الحمير في حدائق الحيوان لإطعام حيوانات الحديقة، وأيضا حيوانات السيرك.. للسيطرة على عملية ذبح الحمير، والتأكيد على أن تكون جلود الحمير تم شراؤها من مذابح حدائق الحيوان في إطار خطة محكمة لمنع الغش. لقد تم اكتشاف أعمال لذبح الحمير في العديد من المحافظات، وقد ثبت تسرب لحومها إلى بعض المطاعم.. لذا كان من الضروري وضع ضوابط تمنع ذبح الحمير خارج حدائق الحيوان، وأن يتم نقل الحمير من المحافظات التي ليس فيها حدائق حيوان إلى المحافظات التي فيها حدائق لضمان تطبيق قرار وزير الزراعة، مع اتخاذ إجراءات وعقوبات مشددة ضد من يخالفون ذلك.
وفي هذا الإطار أيضا كما يتساءل الكاتب لماذا لا يتم منع نقل اللحوم من المجازر في غير سيارات الثلاجات.. حتى لا تتعرض اللحوم للتلوث.. فقد أصبح مشهدا متكررا قيام الجزارين بنقل اللحوم المذبوحة على موتوسيكلات وعربات نصف نقل، من دون حتى أغطية، رغم أن أبسط قواعد الحفاظ على الصحة أن يتم نقل اللحوم في سيارات بثلاجات تحافظ على اللحوم ولا تعرضها للتلوث، وأن يتم منع عرض اللحوم المكشوفة في محال الجزارين. لو كنا نرغب فعلا في الحفاظ على صحة المواطنين.
إن تلوث الاغذية وراء العديد من الأمراض التي يعاني منها المواطنون، لذا فإن دور وزارة البيئة مع المحليات والصحة مهم للحفاظ على صحة المواطنين والوقاية من التلوث أيا كان نوعه».
لغز بركات
وفقًا لما ساقته جريدة «اليوم السابع» من تصريحات النائب العام السويسري مايكل لوبير التي قرر فيها: «أن مقتل النائب العام المصري الأسبق هشام بركات كان أحد أهم العوامل التي عقَّدَت وأعاقت استرداد مصر أرصدة أربعة عشر شخصًا من رموز نظام مبارك، التي تبلغ ثلاثمئة وتسعين مليون فرانك سويسري، فإن تلك التصريحات بحسب عماد أبوهاشم في «إخوان أون لاين» تضع أصحاب الأرصدة التي كشف عنها النائب العام السويسري على رأس قائمة أصحاب المصالح العليا في التخلص من النائب العام الأسبق باغتياله من أجل عرقلة الإجراءات القانونية التي ربما قطع فيها شوطًا كبيرًا في طريق استرداد أموال مبارك ورموز نظامه المهربة إلى بنوك سويسرا، سعيًّا من النظام الحاكم لتوفير ما ينقذ به الحالة الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد بسبب سياساته غير المدروسة، وبالتالي فإن هؤلاء ـ وفقًا للقواعد المتعارف عليها في أصول التحقيق الجنائي ـ هم أول من يدخل في دائرة الاتهام. والأمر كما يرى الكاتب لا يخرج عن احتمالين: الأول: أن يكون اغتيال المستشار هشام بركات قد تم بعلم أو بمشاركة النظام الحالي لأسبابٍ تتصل بالعلاقة بين السيسي ودولة مبارك، ووجود حساباتٍ بين الطرفين، أو أوراق ضغطٍ يمتلكها نظام مبارك ضد السيسي. أما الثاني وفقاً لأبو هاشم: في أن تكون دولة مبارك قد انفردت باغتيال المستشار هشام بركات لوقف تحركات السيسي لاسترداد أموال رموزها المهربة إلى الخارج، في تلك الحالة هل سيكون للسيسي رد فعلٍ تجاه قتلة أحد رجاله المخلصين؟».
ظلموا فاطمة ناعوت
ونتجه نحو حفلة العزاء المقامة في الوسط الثقافي بسبب الحكم بسجن فاطمة ناعوت ثلاثة أعوام، ومن بين المتأثرين بالحكم ناصر عراق في «التحرير»: «أمس زجّوا بإسلام بحيري إلى السجن، واليوم حكموا على فاطمة ناعوت بالحبس ثلاثة أعوام وغرامة 20 ألف جنيه بتهمة ازدراء الأديان، بينما في الصين ابتكروا مطبعة تطبع البيوت.. أجل تطبع البيوت الضخمة التي يقطنها الناس، وليس نماذج للبيوت! يضيف الكاتب حبسوا فاطمة ناعوت لأنها تفكر وتتساءل، وفي بلادنا لا مجال للسؤال والتفكير -وتذكر أحمد راتب (لا تجادل يا أخ علي)- حبسوا فاطمة، لأنها تكتب الشعر، تنفعل وتتأمل وتعبر عما يمور داخلها بلغة عربية جميلة، لكنهم في بلادنا لا يحترمون الشعراء، وينفرون من أولئك الذين ينفعلون ويفجرون طاقات اللغة شعرًا وعذوبة. حبسوا فاطمة، لأنها رفضت الانسياق وراء القطيع، وقررت أن تُعمل عقلها، فقرأت وطالعت، وسألت وحاورت، وكتبت وناقشت، لكنها نسيت أن هناك بلادًا ممنوع فيها التفكير، وأن الاعتراض محرّم ومجرّم، وأن السكوت أسلم. حبسوا فاطمة، لأنها لم تعِ أن الذين رفعوا عليها القضية لا يدركون كم يهينون ديننا الإسلامي الحنيف، لأن الدين القوي لا يخشى من فكرة أو رأي مهما بلغ شطط تلك الفكرة أو هذا الرأي، فالدين ثابت ومكين في الأرض مهما حاول آخرون أن يوجهوا سهام النقد إليه.
ويتابع الكاتب نقده حبسوا فاطمة، لأنها ظنت أننا في دولة مدنية ديمقراطية تحترم الفكر وتطالب بتجديد الخطاب الديني، ونسيت فاطمة أننا نكابد منذ نصف قرن زحف الأفكار المشبوهة التي تخاصم العصر وتجرنا نحو أزمان سحيقة، ومن أسف تمكنت هذه الأفكار من عقول غالبية المصريين حتى وصلت إلى قاعات المحاكم!».
البكاء وحده لا يكفي
ونتحول نحو صحيفة «الجمهورية» حيث يرى بسيوني الحلواني أنه لا ينبغي أن نكتفي بالبكاء وذرف دموع الحسرة والندم مع مشهد توديع كل ضابط يسقط في مواجهة مع الإرهابيين، خاصة أن معظم الضباط الذين سقطوا في الآونة الأخيرة كانوا من الشباب الذين تركوا أطفالاً صغاراً يحتاجون إلى رعايتهم وتركوا زوجات يعشن حياة صعبة وكئيبة بعد أن ترملن وهن في سن الشباب. كل ضباط الشرطة الشرفاء يدركون أن العمل في مواجهة الإرهابيين لتأمين الوطن والمواطن ضد جرائم الخونة والقتلة واجب وطني، والسقوط في ساحات المواجهة مع الإرهابيين أسمي ألوان الشهادة في سبيل الله. لكن عندما يسقط شهيد من رجال الشرطة نتيجة أخطاء أو عدم اكتراث بالمخاطر وغياب الوعي الأمني يعيش أهله بل يعيش الوطن كله في حسرة وألم. وهنا لا بد أن تتوقف حماقات أدعياء الثورة، ومعهم حفنة من الإعلاميين ضد وزارة الداخلية وضباطها وأفرادها وأن يكف هؤلاء عن ترديد السفاهات ضد ضباط وأفراد الشرطة، وهم يرون العشرات منهم يتساقطون شهرياً في مواجهات دامية مع الجماعات الإرهابية. ويرى الكاتب أنه يجب أن يتوقف حفنة الإعلاميين الهائجين عن مهاجمة الداخلية بسبب وبدون سبب، فتوجيه الاتهامات العشوائية إلى الضباط ليس شجاعة والتطاول على ضباط الشرطة وتحميلهم مسؤولية العنف الذي تشهده البلاد ليس بطولة، ولا ينبغي أبداً أن يقدم بعض الإعلاميين المصريين للجماعات الإرهابية والعناصر الاجرامية مسوغات العدوان على كل من ينتمي لجهاز الشرطة واستباحة دمائهم، كما نرى ونشاهد كل يوم في كل محافظات مصر».
حسام عبد البصير