وعود ترامب ونبوءة خامنئي

حجم الخط
19

أدى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران إلى خضّة كبيرة في المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي والعالم، وأنتج انقساما كبيرا عليه، وخصوصاً بين الحليفين الكبيرين، أوروبا وأمريكا، مع إعلان الاتحاد الأوروبي ودوله الكبرى، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، استمرار التزامها بالاتفاق، وإعلان روسيا والصين رفضهما، أما التأييد الرسمي للجامعة العربية للقرار، فلا يلغي وجود خلاف حوله، بين دول مؤيدة بشدة، كالسعودية، خصم إيران اللدود، والإمارات والبحرين، وأخرى تتحفظ أو «تتفهم» أو تطلب مراجعة للاتفاق (ناهيك عن العراق الذي انتقد، والنظام السوري الذي «أدان بشدة»).
لا يمكن طبعا تجاهل موقف إسرائيل التي لعبت حكومتها دوراً مؤثراً بالتأكيد في تشجيع حليفها الأمريكي ليس على إلغاء الاتفاق مع إيران فحسب بل كذلك على المطالبة بإسقاط النظام الإيراني، ويرتبط جزء من الأجندة الإسرائيلية حول إلغاء الاتفاق بأن هذا القرار سينهي حقبة التعاطي السياسي المرن مع طهران، والتعاون معها، ويستبدله بالعمل على إبعاد نفوذها الذي تكرّس في سوريا (ولبنان)، وهو أمر أكدت عليه الضربات العسكرية الإسرائيلية على أهداف إيرانية داخل سوريا مرات عديدة قبل الاتفاق وبعد ساعتين من إعلانه.
بعض المعلقين الغربيين عزا قرار ترامب إلى رغبته بالوفاء بوعوده الانتخابية، لكنّ هذا التحليل لا يمضي إلى أبعد ليسأل لماذا قام ترامب أصلاً بهذا الوعد، ولماذا لم ينفذه بعد انتخابه مباشرة؟
يقدّم تحليل خطاب ترامب الذي ألقاه بمناسبة إلغاء القرار بعض المفاتيح (ومنها طبعاً «المفتاح» الإسرائيلي) ولكنّ الرئيس الأمريكي أشار أيضاً إلى كوريا الشمالية، التي قبلت، مبدئياً، قرار التفاوض على سلاحها النووي، إثر الضغوط الاقتصادية والسياسية الهائلة عليها، وعلى حلفائها الروس والصينيين، وبذلك صار ممكنا، عملياً، ممارسة الضغوط الكبيرة أيضاً على إيران لإقناعها بالتخلّي، تماماً، عن مشروعها النووي، بدل تخفيض العقوبات عليها، ومدّها بمئات المليارات، كما فعل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وحلفاؤه الغربيون، فهذه هي طريقة ترامب في إنجاز «الصفقات الناجحة»، كما يسميها.
يجب الاعتراف هنا، أن اتفاق أوباما مع إيران قبل 3 سنوات، كان «صفقة» تبادل تجميد المشروع النووي الإيراني مقابل عدد من «المحفزات»، أولها تطبيع علاقة إيران بالعالم، والغرب خصوصا، وثانيها مدّها بمبالغ طائلة من الأموال التي جمّدت بعد ثورة الخميني عام 1979، وثالثها، وهو الأهم عربياً، إطلاق يدها في سوريا والعراق ولبنان… وكذلك في اليمن الذي وجدت في الحوثيين بيئة حاضنة وأداة لتنفيذ سياساتها.
لقد دفع صعود إيران الإقليمي على خلفية الاجتياح الأمريكي لأفغانستان والعراق، وانتعاش مشروعها النووي والصاروخي ونفوذها الكبير المتصاعد داخل البلدان العربية، إلى تساؤلات عربية إن كان تمدد النفوذ الإيراني واستفحال قوتها النووية كانا مقصودين في الوقت الذي تم تدمير المشاريع النووية للعراق وسوريا (وليبيا التي سلّمته إدارة معمر القذافي للغرب كاملا مع المفتاح)؟
بعض التحليلات ترى أن الأولوية الغربية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي كانت لمواجهة العالم الإسلامي (السنّي) وترويضه، وأن غض النظر عن إيران كان مطلوباً بذاته، ومع وصول هذه الأولوية إلى نهاياتها المنطقية، مع إعلان انتهاء العمليات «الكبرى» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، واستدارة السعودية وأغلب دول الخليج ضد «الإسلام السياسي السني»، صار الوقت مناسبا للالتفات لـ«الإسلام السياسي الشيعي».
أحد خطباء جمعة مدينة قم رأى في إلغاء الاتفاق النووي تحقيقا لـ«نبوءة خامنئي» (المرجع الشيعي الأعلى في إيران)، وقد أتبعه خامنئي نفسه بوصف خطاب ترامب «بالسخيف والسطحي»، وبذلك يلتقي، ربما، التحليل خفيف الوزن الذي يربط القرار بـ«وعود» ترامب الانتخابية، مع تحليل خطيب الجمعة للأمر بـ«نبوءة» المرشد الأعلى للجمهورية، وهو تحليل لا يقلّ خفّة ورشاقة عن نظيره الأمريكي.

 

وعود ترامب ونبوءة خامنئي

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد مصطفى الجزائر:

    انها صدمة للعالم ولأوربا وروسيا والصين قبل المعنيين بالأمر وأقصد دول الخليج واسرائيل نقصد حلفائها المنطقة على كف عفريت ونرى أن المهلكة قادمة ف ايران لن تسلم ببساطة انها مهلكة عظمىكان الله في عون شعوب الشرق الأوسط مما هو قادم.

  2. يقول الكروي داود:

    المهم عند ترامب التمويل من أبناء زايد وسلمان! لكني أظن بأنها لعبة من ترامب لتثبيت التطبيع الصهيوني السعودي!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول Dinars:

    أمور هي في محصلة الحرب :
    – تغير جغرافيا المنطقة.
    – تغيير حكام منطقة النزاع.
    – الإنقلاب على بوتين.
    – قد يحصل يوما ما تحالف عربي أوروبي لتفكيك بلاد سام.

  4. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    انحدار ما بعده انحدار ان توافق جامعة الدول العربيه على قرار ترامب الى جانب إسرائيل . من خولها بذلك؟؟؟
    قالوا مرة اكرام الميت دفنه.
    ثانيا لم نفهم ما هي نبوءة الخميني التي تحققت هنا؟؟؟

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه(وعود ترامب ونبوءة خامنئي)
    بالرغم من وعود ترامب او نبوءة خامنئي فانني اجزم بان الحلف السري بين ايران وامريكا واسرائيل مهمته الاساسية هي هزيمة الاسلام السني ومحاربة اتباعه قمعا وتقتيلا وتهجيرا وتهميشا او تشييعا للاكثرية السنية الساحقة حول اسرائيل..
    عندما تأكدت اسرائيل والصهيونية بان التعايش مع الاسلام السني اصبح مستحيلا نظرا لمبادئه الراسخة وعقيدته الصافية، بان فلسطين ارض وقف اسلامي لا تسمح عقيدة الاسلام بالتفريط في اي جزء منها. وان اسرائيل كيان غاصب لقيط يجب على المسلمين جميعا ان يجتثوه من ارض الاسراء والمعراج والاقصى. وان الصحوة الاسلامية التي تتقوى وتتجذر في صفوف المسلمين السنة هي المؤهلة للقيام بذلك.
    وقرون الاستشعار الصهيوماسونيةالصليبية رأت ان تغيير التركيبة السكانية ذات الاكثرية الساحقة السنية لا يتأتى الا بالتحالف والعمل مع العقيدة الشيعية المحرفة. واستطاعت استقدام الخميني من فرنسا الى ايران وطرد الشاه واطلاق يد الخميني واتباعه وبالتعاون السري الوثيق مع امريكا واسرائيل في الجيرة الاسرائيلية.
    وكان صدام حسين عقبة كأداء لتنفيذ مخطط الغدر هذا. ولذلك احتلت امريكا العراق وسلمته لاتباع الخميني في ايران واطلقت يد الميليشيات الشيعية في ارتكاب المجازر والتهجير والقمع ضد الاكثرية السنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن
    واجهاض حراك الربيع العربي ودرته الصحوة الاسلامية على يد المكر والغدر الصهيوماسوني الصليبي يندرج ضمن هذا المخطط وبالتعاون مع عملاء، على رأسهم السيسي والاسد وانضم اليهم مؤخرا حكام سنة في السعودية والامارات والبحرين. وكل هؤلاء العملاء همهم الاكبر هو المحافظة على كراسيهم بغض النظر عن زحف النشاط الشيعي المدعوم من اعدى اعداء الاسلام والمسلمين (اسرائيل وامريكا وايران).
    والرؤيا اعلاه تتوافق وتتوائم مع { أن الأولوية الغربية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي كانت لمواجهة العالم الإسلامي (السنّي) وترويضه، وأن غض النظر عن إيران كان مطلوباً بذاته،ومع وصول هذه الأولوية إلى نهاياتها المنطقية، مع إعلان انتهاء العمليات «الكبرى» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، واستدارة السعودية وأغلب دول الخليج ضد «الإسلام السياسي السني»، صار الوقت مناسبا للالتفات لـ«الإسلام السياسي الشيعي».}
    الشهية الشيعية لبلاد الحرمين لا يخفيها الا نفاق التقية. والتقية هي المبدأ المقدس عند اتباع الخميني الشيعة وهي حلاوة اللسان وغدر الباطن. ولن يفيد او ينفع مغفلوا الخليج الارتماء في الحضن الامريكي الاسرائيلي الغادر. و(وستبدي لك الايام ما كنت جاهلا) ولن ينفع الندم بعد( ان تقع الفاس في الراس) يا خادم الحرمين.

  6. يقول الكروي داود:

    الصهاينة لم يقصفوا المفاعل النووي الإيراني لكنهم قصفوا المفاعل العراقي حتى قبل أن يعمل! واللبيب بالإشارة يفهم!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول سوري:

    الخطأ الأكبر كان جراء سياسات رؤساء أمريكا من بوش الأب إلى ترامب لأنهم دمروا العراق قلعة العرب الشرقية وتهاونوا مع نظام المجرم الأكبر حافظ الأسد ثم مع وريثه المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية واليوم تستمر السياسات الخاطئة التي ستؤدي إلى كوارث حقيقية تدفع ثمنها الشعوب. الثورة الايرانية منذ بداياتها كان الخميني يصرح بأنه سيدخل العراق بدون تأشيرة وقد ساهمت للأسف الشديد السعودية بتدمير العراق ايضا بتحالفها مع امريكا, اليوم تحصد امريكا واسرائيل ما جنت اياديهما في المنطقة. ومهما يكن من أمر فإن امريكا واسرائيل وايران هم جميعا اعداء العرب ” فخار يطبش بعض”

    1. يقول حسام محمد:

      عزيزي سوري، لا تنسى ان الجيش السوري شارك بوش الأب في حربه ضد العرق.

  8. يقول مخلص وهبه:

    ترامب سيتفاوض بشروط جديدة رجل الارقام لا السياسة

  9. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    وليمة طائفية فى الافق …جزء من المسلمين بداء يشحذ السكاكين لجزء أحر ….تحيا تونس تحيا الجمهورية

  10. يقول سامح //الأردن:

    *متى يفهم بعض ساسة (العرب)
    أن (أمريكا وإسرائيل ) هما الشر بعينه
    وهما سبب مصائب العرب..؟؟؟
    *ليس من الحكمة الوقوف في خندق
    أمريكا والصهاينة ضد (إيران )..؟!
    *من لا يرغب بدعم إيران في نزاعها
    مع الصهاينة على الأقل يقف
    ع(الحياد) وهذا أضعف الإيمان.
    سلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية