عمان ـ «القدس العربي»: لا تعجب نغمة الأردن حول «التشبيك» بين موسكو وواشنطن أطرافا عدة في المنطقة رغم الإخفاق المحلي النخبوي في التقاط الرسالة الجوهرية التي أطلقها العاهل الملك عبدالله الثاني عندما أصر على أن تفاهمات «أكثر واكبر» بين كل من الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين يمكن أن تعزز الاستقرار والحلول السياسية في المنطقة خصوصا للملفات المستعصية مثل فلسطين وسوريا.
عمليا لا يمكن توجيه اللوم أردنيا لتلك المجسات الدبلوماسية العربية الشقيقة أو حتى الغربية الصديقة وهي تتحدث عن «حشر الأردن لنفسه» بصورة غير منطقية في زاوية حرجة تفوق قدرته وطاقته عنوانها «تثبيت» ركائز العلاقة والتواصل بين بوتين وترامب بينما يمكن المراوحة على أساس الاهتمام بالمصالح الأردنية الأساسية فقط.
تلك في كل حال مهمة كبيرة قد تفوق إمكانات عمان المعروفة وقد تقرأ انطلاقا من السعي المحموم للبحث عن «دور فاعل» يبقي مصالح الأردن على الطاولة في مناخ التسويات والصفقات الشاملة الذي يقوده كبار الإقليم والمجتمع الدولي.
أكثر من ذلك لا يمكن الإدعاء بأن النظام العربي الرسمي برمته يستطيع فعلا التأثير في زاوية ضيقة بعنوان «إدامة» حبال الود متصلة بين شخصين من حجم ترامب وبوتين.
عمان التي تعرضت للنقد بسبب التعبير المتسرع إعلاميا وحكوميا من أطراف عدة تعرف على الأرجح هذه الحقائق.
لكن ما يسميه سياسيون كبار من وزن المخضرم طاهر المصري بـ»وهم الوزن الزائد» لا زال يشكل عقبة أمام تسويق وترويج مقترحات صانع القرار الأردني خصوصا في إطاره الدبلوماسي ولا زال ـ وهذا الأهم ـ يتسبب في مغامرات غير مدروسة تجاه المسألة السورية أحيانا ونتائج عكسية في بعض الأحيان.
ترصد هذه المفارقة مجددا لأن رسميين وإعلاميين في الأردن سارعوا لحرف مضمون الخطاب الملكي عن مساره وبالغوا في وصلة «غير منتظمة» ومتكررة تدعي دورا ينطوي على مبالغة خصوصا وأن الحراك الملكي الأردني وتحديدا في موسكو وعمان كان فعالا للغاية مؤخرا وحظي باهتمام جميع الأطراف.
الخطاب الأردني المرجعي تحدث عن مصلحة أهل المنطقة باستمرار التفاهمات بين الروس والأمريكيين وعلى أساس كيمياء لها علاقة بتفاهمات تعلي من شأن الحلول السياسية بدلا من تغذية أجواء الصراع العسكري.
كلمات المرجع هنا نبيلة وواضحة ومرسومة بدقة في اللقاء الذي عقده الملك مع مجموعة من الإعلاميين المحليين. وبسبب عدم حصول «متابعة فنية» ضرورية وتركيبة وخبرة بعض الحاضرين من الصف الإعلامي تحمس ساسة وإعلاميون لتقديم رواية متباينة عن الخط المرجعي أغضبت أكثر مما خدمت خصوصا وأن الرواية الأردنية عرضت هنا بسبب «قلة الاحتراف» على أساس اختراق غير مسبوق ومبالغ فيه للتدخل بهدف إصلاح العلاقة بين بوتين وترامب.
في الواقع لم يرد إطلاقا في الخطاب الملكي ما يلمح لذلك ولا حتى في أدبيات كبار المسؤولين ورد ما يشير لأن عمان الخبيرة جدا بقضايا المنطقة بصدد التدخل بزاوية ومساحة حرجة وحمالة أوجه من هذا النوع، الأمر الذي سلط الضوء على مبالغة في غير مكانها لجملة تكتيكية أردنية سياسية كانت هادفة قبل تلقفها من قبل حلقات وسيطة وبصورة أزعجت أشقاء وأصدقاء.
وهنا تستطيع «القدس العربي» أن تؤكد أن بعض السفارات الأجنبية اضطرت للتدقيق وبأن بعض الأطراف مثل السعودية ومصر توقفت عند ما وصف بأنه «مبالغة نخبوية أردنية» قد لا يصادق عليها الواقع الموضوعي.
وفي الوقت الذي «شوه» فيه الأردنيون أنفسهم على المستوى الإعلامي والسياسي النخبوي مقترحا ملكيا نبيلا بخصوص واشنطن وموسكو برزت تلك التقييمات السلبية رغم أن ما فعله الأردن في موسكو وواشنطن كان مؤثرا للغاية وسبق جميع الأطراف العربية في التذكير بالقضايا الأساسية قبل أن يتسبب غير المهنيين في عمان بالتداعيات العكسية التي تعرفها وترصدها اليوم غرفة القرار المركزي الأردنية.
*من حق بلدي الغالي الأردن البحث عن
مصالحه في أي مكان ف العالم..
*حمى الله الأردن الغالي من الأشرار
والفاسدين.
سلام