كانت صيغة المؤتمر فضفاضة الأهداف، كبيرة الآمال، وعالية الطموح؛ إذا بدأ المرء من العنوان: «علاقات ليبيا والولايات المتحدة في 2017: الرؤية، الأمل، والفُرَص»؛ ثم انتقل إلى مكان الانعقاد (واشنطن)، والجهة المنظمة (المجلس الوطني للعلاقات الليبية ـ الأمريكية)، وأسماء كبار المشاركين (محمد جبريل رئيس الوزراء الأسبق، وعلي زيدان رئيس الوزراء السابق، ومصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط…). لكنّ رياح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول حظر السفر إلى الولايات المتحدة لرعايا سبع دول مسلمة، بينها ليبيا؛ أتت بما لم يشتهِ المنظمون، فلم تذهب الرؤية والأمل والفرص وحدها أدراج الرياح، بل صار المؤتمر ذاته في غيهب المجهول.
تلك هي العلامة الأحدث على ما انقلبت إليه ليبيا من أطوار تخبط وتشرذم وتفكك، وكيف أنّ متاهة المشهد الداخلي، السياسي والعسكري والاقتصادي، صارت مرآة كاشفة تعكس شبكات الارتهان الخارجي، العربي والدولي، للقوى التي تتحكم في مقدرات البلد وسط تنازعها، أو تحت وطأة خضوعها لمعادلات تقاسم النفوذ من الخارج. وكما في كلّ متاهة، ثمة أسماء متزاحمة (فايز السراج، خليفة حفتر، عبد الله الثني، خليفة الغويل، عقيلة صالح…)؛ تتصارع على سلطات قائمة أو أخرى وهمية (المؤتمر الوطني العام، المجلس الرئاسي، رئاسة الوزراء، وزارة الدفاع…)؛ في مدن وأمصار وجغرافيات شتى (طرابلس، بنغازي، سرت، مصراتة، شحات، البيضاء…).
وفي مسألة انقسام التبعية إلى الخارج، فإنّ آخر ما حُرّر يتمثل في جهود موسكو لاستمالة السراج (رئيس حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة)، الذي سوف يزور موسكو هذا الشهر؛ بعد الاستمالة الفعلية للماريشال حفتر، على مستوى وزير الدفاع الروسي مباشرة، واستقبال عشرات من مقاتليه الجرحى للعلاج في المشافي الروسية. قبل هذا، وخلاله أيضاً، تتواصل جهود أطراف خارجية أخرى لممارسة رياضة الاستمالة ذاتها؛ ليس من أجل أيّ غرض واضح يخدم المصالحة الوطنية الليبية ـ الليبية، أو «الوفاق» في التعبير الشائع؛ وليس، أيضاً، ضمن ستراتيجية متكاملة، بأيّ معنى، يمكن أن تنتهي إلى تفكيك بعض اشتباكات هذه المتاهة.
في الغضون، لا يبدو تنظيم «الدولة الإسلامية» وكأنه يطوي الرايات السوداء في سرت، مسقط رأس الدكتاتور الليبي القتيل معمر القذافي؛ وذلك رغم تكوينها القبائلي المعقد، الذي توجّب ألا يسمح بهذا الانتشار الداعشي، وبذلك اليسر المدهش؛ ورغم أنها على مقربة من القرضابية، أكبر القواعد الجوية في ليبيا. صحيح أنّ واحداً من شعارات حفتر الديماغوجية بات يتركز في حكاية محاربة التنظيم، أسوة بمعظم القوى العسكرية الأخرى بما في ذلك الميليشيات الإسلامية؛ إلا أنّ الأصحّ، في المقابل، هو أنّ استقرار داعش في ليبيا لم يعد تطوراً عابراً، يُحلّ عسكرياً، بل أخذ ينقلب إلى فاعل لا يُستهان به في صناعة المشهد السياسي والعسكري الداخلي.
وفي الغضون، كذلك، تبقى مسألة النفط الليبي. التقرير الأخير الذي أصدرته «مجموعة الأزمات الدولية»، تحت عنوان «الجائزة: الصراع على ثروات الطاقة الليبية»، يشير إلى أنّ تناحر أطراف النزاع من أجل السيطرة على الثروات الوطنية، هذه التي صارت تتناقص بوتائر سريعة أصلاً؛ تضافر مع وضع مالي «يتسم بالإنفاق المفرط بسبب الفساد وانكماش الإيرادات»، و»بسبب انخفاض الصادرات وهبوط أسعار الطاقة»، وصار «يهدد مستوى عيش المواطنين، في سياق الأزمة السياسية العميقة والمعارك المحتدمة بين الميليشيات المختلفة وانتشار الجماعات المتطرفة، بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية». كلّ هذا في غمرة عدم اقتناع الأطراف بأنها إنما تتصارع لحيازة «جائزة تتقلص قيمتها بسرعة».
وبالفعل، ثمة على نحو أو آخر، ما يشبه اليانصيب الليبي: اتخذ، أولاً، صيغة الكعكة الدسمة التي سال لعاب الغرب على اقتسامها، ثم تعرجت دروب المتاهة وتشابكت، فاتضح أنّ التهام الكعكة دونه خرط القتاد؛ ودونه الاضطرار إلى اقتسام الجائزة، في صيغة ما يتبعثر منها ويتفكك، فقط!
صبحي حديدي
*أحيانا تكون (الثروة)في الدول الضعيفة
المتخلفة نقمة عليها وهذا ما حصل
في (ليبيا ) للأسف الشديد.
*لو كانت ليبيا بلا (نفط) لتغير المشهد
180درجة.
حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان.
سلام
الذي يخطك لك ويختار مكان وتوقيت المعركة هو من ينتصر في الاخيرة
لان الثورات امر مشروع لكن الغرب الحاقد هو المستفيد الاول بسبب ذكر ما سبق ان قلته
كل ما قاله القذافي في الشعب الليبي قد أبدت الأيام حقيقته للعالم.
التحضر بعيد المنال على شعب تحكمه القبلية.
هذا ما اراده من استدعى القوى العدائية للامة العربية لتدمير ليبيا وخرابها تحت ما يسمى بالدمقراطية التي لا يؤمنون بها في بلدانهم .ويريدون تطبيقها على غيرهم.
هناك في السياسة الدولية ياسيدي ؛ مفهوماً يسمّى ( لنترك فتحة صغيرة للتنّفس والتنفيس ).والغرض من التنّفس تبديل الأوضاع المحلية بأخرى
( جديدة ) وبالتالي خلق طبقة اجتماعية اقتصادية سلطوية ( من دون سياسة ).وهذا ما يحصل في ليبيا الآن.أما الغرض من التنفيس فتسويات بين الدول الكبرى في ضوء معادلة ( المصالح ) الاستراتيجية في المنطقة ؛ حسب الأولويات.وهذه مرحلة لم تحن بعد فيما يتعلق بالِشأن الليبي.
ووسط هذا الصراع بين التنّفس والتنفيس ؛ سينفرد بالغنيمة ( الداخلية ) طرف غيرظاهرالصورة الآن ؛ وسيضبط مقاليد السياسة حينما تستوي..
الشواء الليبي ما يزال في مرحلة التمليح ؛ ولم يوضع بعد في السفود للشويّ.وحينما ينضج التنّفس ؛ سترى الكباريسارعون إلى التنفيس ؛ وإلا
سيكون الانفجارمن جديد لترتيب ( فتحة صغيرة ) أخرى بالجدار.حرس الله شعب ليبيا العربيّ الأصيل ليكون جديراً بوراثة بطولة عمرالمختار.
السلام عليكم
إنّ ما يجري في” ليبيا الأسيرة ” هو صورة نمطية للغرب وما يستعمله من طرق إستعمارية جديدة يريد زرعها في بيةتنا بإيعاز منه وتنفيذا من “بني القوم” رغبة منه في أن يشتت قواهم ويفرق شملهم ويزرع العداوة بينهم لأتفه الأسباب ليجعل منهم الإخوة المتعادين على “ورث” في الحقيقة هو ليس ملكهم بل ملك للأجيال على مر العصور …ولكن مفعول السحر (الكرسي) الذي سقيّ به سادة القوم قد أتى بمفعوله وبدأ التناحر والتطاحن دون رحمة فيما بينهم وكل يدعي أنّ له “حق الشفعة” وهو المخول ثوريا بأن يكون الزعيم وما دونه رعية يجب عليهم السمع والطاعة…لو كانت ليبيا غير ليبيا البترول ما كان أحد يلوي عنقه نحوها ولا يعير لها إهتماما ولا يحسب حسابا لرجالاتها المتطاحنين …مثالنا على ذلك ما يجري في “بورما” وما يعانيه المسلمون هناك هل من إلتفاتة من لدن المجتمع الذي يدعي “حرمة حقوق الإنسان” ابدا ولا إشارة من ذلك وهم يعانون لوحدهم أكيد لهم الله…
كوني مواطن عربي أريد أن أرفع هذه الصيحة لخدّام الغرب من العرب :إنّه سراب تجرون وراءه وخيط دخان سيتلاشى في فضاء السماء ..أكيد ستتفطنون لذلك ولكن بعد “خراب مالطا” فهل من آذان سامعة وعقول واعية
ولله في خلقه شؤون
وسبحان الله