يا للهول، كدت أتزوج مسلما!

حجم الخط
48

يوم 5/1/2015 قرأت في مجلة «فواسي» الفرنسية تصريحا للمطرب الذي غنى في الكنيسة يوم رحيل الليدي ديانا «إلتون جون» وكان صديقا لها ومثليا جنسيا (تزوج) من صديقه على سنة الدولة والقوانين العصرية، وبالرفاه بدون البنين!
والتصريح يطال سيدنا المسيح عليه السلام حيث يعلن انه يعتقد ان المسيح كان مثليا جنسيا، أي مثله، وليس في المعلومات التاريخية ما يثبت زعمه المزاجي.
وشعرت بالاستياء منه لأنني لا أحب قلة احترام مشاعر المتدينين بالأديان السماوية عامة. ولم أحب يوما مثلا المغنية الشهيرة مادونا، لأنها بدأت صعودها في سلم النجاح بالاستخفاف بالرموز الدينية المسيحية وبسيدتنا العذراء وهي تغني بملابسها الداخلية.
وبالتالي كان من المنطقي ان أستاء من جريدة «شارلي إيبدو» الأسبوعية التي سخرت من الرسول محمد (صلعم) منذ أعوام في عدد خاص بذلك ولكنني أيضا قلت لنفسي: ذلك يدخل في باب حرية الكلمة، المقدسة في فرنسا أكثر من المقدسات.
وعاقبتُ يومئذ جريدة «تشارلي إيبدو» بالتوقف عن شرائها وقررت ان علينا الرد على ذلك الاعتداء والقتل المعنوي بالطريقة ذاتها: بالأبجدية والقلم لا بالرصاصة طبعا. وبرسم الكاريكاتور الساخر المضاد لا بقتل صاحب الرأي المعتدي.
وكنت أتأهب يوم 5/1/2015 للكتابة ضد الروائي الفرنسي الموهوب (الفائز بجائزة الغونكور الفرنسية أي نوبل فرنسا) ميشيل هويلبيك، عدو المرأة والعرب والمسلمين والكاره لهم في رواياته، فقد شاهدته على شاشة التلفزيون الفرنسي كضيف يتحدث عن روايته الجديدة «استسلام» وفيها يقوم بتخويف فرنسا من رئيس جمهورية مسلم يصل إلى الحكم عام 2022. من زمان وأنا أطالع متاجرة هويلبيك «بالإسلاموفوبيا» في سطوره الاستفزازية المعادية للعرب والفرنسييين المسلمين، أي لأكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون مسلم والمسلمين عامة. وفي الصباح الباكر يوم 7/1/2015 استمعت من إذاعة فرنسا الثقافية (فرانس كولتور) إلى مثقف فرنسي كبير يتهم ميشيل هويلبيك بالتهجم على الفرنسيين المسلمين والعرب عامة، كما المرأة، لرفع أرقام مبيعات روايته وهو رأي سرني لأنني اتفق معه مبدئياً.
ولكن للأسف وقع ذلك الاعتداء المجرم الإرهابي من قبل بعض (المتأسلمين) على جريدة (تشارلي إيبدو) كأنما جاء أولئك المغرر بهم باسم الإسلام يقتلون أكثر من دزينة من البشر ذنبهم أنهم يمارسون حرية الكلمة في بلدهم الذي يقدسها أكثر من المقدسات نفسها. وبين القتلى شرطي مسلم بريء اسمه أحمد. وكان ينبغي محاورتهم لا قتلهم. فمع حرية الرأي لا ضوابط هنا، والحصانة الوحيدة التي تمنع حاليا هي للصهيوني الذي يبيد الفلسطيني البريء «الهندي الأحمر» في الوطن العربي سعيدا بانشغال العرب والمسلمين بالالتهام الأخوي، حيث من الممنوع قانوناً كتابة كلمة تشكك في (الشوا) أي المحرقة النازية لليهود التي يتاجر بها البعض، وهكذا فالعقاب هو فقط للمسرحي (ديدونيه ـ ومضى اسمه بالعربية عطا الله) الذي يلمّح في مسرحياته بانتقاد سلوك الصهيونية وبعض اليهود ويلقى عقابا بإيقاف عرض مسرحياته بغض النظر عن حرية القول التي تتوقف عاجزة عند انتقاد اليهودي (المسكين!) ضحية غرف الغاز الهتلرية وشرط عدم قول كلمة عن دور الصهيوني الذي كان ضحية فصار جلادا يعد بدوره محرقة للشعب الفلسطيني والكلام عن ذلك ممنوع دوليا بسطوة (الفيتو)!

خلعت حجابي خوفا منهم

يوم 7/1/2015 في الساعة الرابعة بعد الظهر التقيت في المصعد بالعاملة المنزلية في أحد بيوت المبنى ميليسا وقد خلعت حجابها الذي تبنته منذ أشهر واسمها الحقيقي خديجة، والدها مهاجر جزائري وامها فرنسية، كما جنسيتها. بادرتني بقولها: لقد خلعت حجابي خوفا من الاعتداء عليّ في (المترو) بعد مجزرة (شارلي إيبدو). وهكذا، علمت ببشاعة ما حدث منها.

هجرته خوفاً منه

في محطة المترو، التقيت بابنة صديقتي وهي الصديقة التي صرخت تقول منذ أسبوعين: يا للهول ابنتي ستتزوج مسلما.. وتحدثت يومها حول المسلمين وعن خطيب ابنتها بصوت «الإسلاموفوبيا». وحين سألتها يومئذ: هل ترضى افتراضيا بتزويج ابني من ابنتها قالت إنها تتمنى ذلك وصُعقتْ حين علمت أن ابني الذي تمتدحه مسلم وأنا مسلمة.
هذه المرة قالت لي الابنة: يا للهول، كدت أتزوج مسلما.. هذا بعدما علمتْ بالمذبحة التي ذهب ضحيتها العاملون في (شارلي إيبدو) التي تسخر باستمرار في الكاريكاتور من الرسول محمد (صلعم)، حتى ان كثرة سخريتها المتكررة تلك عاما بعد آخر كادت تدخل في نطاق الأصولية العنصرية المعتدية على مشاعر الفرنسي المسلم، كما يرى الكثيرون وكادت تخرج عن كاريكاتور الدعابة الساخرة البريئة.
صارت ابنة صديقتي العاشقة لمسلم تخاف منه ومن الزواج منه، ومن عنفه الافتراضي. وحزنت.. كان ينبغي الا تقع جريمة كهذه. كان ينبغي ان نرد على الكلمة بمثلها وعلى الكاريكاتور بمثله.
وأتخيل مدى سعادة ميشيل هويلبيك بما حدث فقد احتلت أنباء همجية (المتأسلمين) في القتل محل هجومنا عليه.
نحن نؤذي أنفسنا بأنفسنا.. ولن نهزم صورتنا «الإسلاموفوبيا» ومناخها الذي يكاد يترسخ إلا بتحسين حقيقتنا.
أما صورتنا فقد أصابها عطب أليم في تلك المجزرة.. وهكذا، لم يتساءل أحد علناً في ظل التظاهرات المستنكرة لفظاعة الجريمة ونكس الإعلام وإعلان الحداد العام: لماذا اختصت الجريدة (شارلي إيبدو) النبي محمد (صلعم) بسخريتها المتكررة المتمادية أكثر من جميع بقية الأنبياء بمان في ذلك نبي الدين اليهودي؟ لماذا الاصرار على إهانة مشاعر ملايين المسلمين (وذلك من حقها في ظل وطن حرية الكلمة، ومن حقنا الرد طبعا ولكن باللغة ذاتها أبجدياً وعلى صعيد الكاريكاتور).
بشاعة الجريمة جعلت الكثيرين يعضون على جرحهم وحرمتهم من حق الدفاع عن أنفسهم وعن 23 جامعا في فرنسا تم الاعتداء عليها بعد المجزرة في ظل تعتيم إعلامي نموذجي ولو تم الاعتداء على (سيناغوغ) يهودي واحد لقامت القيامة!
نرجوكم، قبل ان تطلقوا نيران رشاشاتكم اتركوا رسامي الكاريكاتور المبدعين العرب والأديبات والأدباء الشبان والمخضرمين يطلقون رشاشاتهم الأبجدية ويقارعون الكاريكاتور بمثله في ميلاد «الكاريكاتور المضاد». فالقتل القبيح في المجازر يسلب المسلم حقه في الرد عليهم، وفي رسم صورة لدين المحبة والسلام والطمأنينة غير صورته في «الإسلاموفوبيا».

غادة السمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وسيم:

    الرجاء عدم اختصار جملة “صلى الله عليه وسلم” بصلعم فهذا غير لائق

  2. يقول م حسن:

    ما يشاع أن هناك رسومات مسيئة للرسول , وأقول هي كاريكاتير وليست رسومات , ليست مسيئة ولكنها ساخرة , وليست للرسول ولكن لأعرابي , فمن أين تأتي هذة الإيحاءات التي نرددها كالبباغاوات ؟ لماذا التهويل وليس التبسيط , وعدم الإنجرار والوقوع في فخ الإستفزاز ؟ أين رسامي الكاريكاتير العرب ؟ هل أصابهم الخوف بالشلل , بعد قتل ناجي العلي لأسباب سياسية وليست دينية من قبل الموساد ؟ . أعتب علي البعض منكم , حلما برؤوسنا يارجال ونساء الإعلام . أليست مهمتكم الأولي هي الإنتقاد , أولي وظائف العقل لتفنيد وفرز الألماظ عن الحصي , والتدقيق في المعلومات ؟ . لن نخاف من العواصف والأمواج إذا أردنا ركوب المحيطات لأننا نرى الميناء . الفرص التي تتيحها كل الأحداث لا نهاية لها لأبراز ماهيتنا وهويتنا وما في جانبنا من تسامح ومحبة ومشاعر للبناء يدا بيد مع من آوانا , وردا للجميل بجميل أكبر وإبراز إستعدادنا وقدرتنا علي العطاء , وفاءا للبلاد التي نعيش فيها ولتلك التي أتينا منها بحثا عن الأمان والعلم والمعرفة بديلا عن ظلمات الجهل والعبودية والدكتاتورية والخداع , الحياة تعطى كل يوم فرص جديدة بدون سؤال , ونحن قادرين علي تخييب ظن الأعداء والطامعين في إرهابنا فكريا وإخضاعنا وهزيمتنا معنويا أو حتي ماديا . فنحن قادرين علي النجاح والتفوق في إى إختبار , وعلي العمل بإتقان , بعيدا عن الحزن والكمد والشكوى من غدر الزمن , أو إهدار للوقت الثمين . الحضارة من الحضور وليست من الغياب . والبدء كل يوم من جديد .

  3. يقول Ahmad ismaeil. Holland:

    مرة قبل عدة شهور رأيت امرأة مسلمة محجبة ملامحها عربية عمرها حوالي الستين عام كانت جالسة في موقف الباصات تنتظر الباص،كان شكلها و ملامحها حزينة و تعيسة و مقهورة و شاردة الذهن و الآلَم المعنوي والنفسي ظاهر و واضح جدا على ملامحها ، وانا والله شعرت بالحزن و الآلَم بعد ما رأيتها،شيء محزن و مهين اكثر من الرسومات الكريكاتورية لنبي الاسلام عندما ترى امرأة مسلمة و عربية جائت هاربة و لاجئة تطلب العون و المساعدة من بلد غريب و تعيش في بلد الثقافة تختلف عن ثقافتها الاسلامية،وهذا غير اللغة والعادات والجو و المحيط والبيئة.اين هي كرامة الانسان؟ عندما ترى االانسان او هذه المرأة ومثلها بالالاف يتركون ديارهم وبلدانهم ويصبحوا لاجئين ومشردين و غرباء بسبب حكّام و سياسات فاشلة.

  4. يقول ahmad:

    وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَسُبُّوا اللَّـهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٠٨﴾

  5. يقول عمار:

    اْؤيد السيد وسيم الذي سبقني لهذه الملاحظة فموضوع يحتوي على 500 كلمة اْربع كلمات لا تؤثرفي شيئ اْوعلى الاقل (ص) كما هو متعارف عليه لاْن صلعم بصراحة غير لائق وشكرا للسيدة غادة

  6. يقول بولنوار قويدر-الجزائر-:

    السلام عليكم
    إنّ رسامي تلك الجريدة لم يكن عمله فني وثقافي بل كان وراءه قصد ومن ذلك إثارة حفيظة المسلمين وهم يعرفون جيدا أنّ أكثر المتدينين تمسكا بنبيهم هم المسلمون…ففي المرة الاولى ومنذ احداث الجريدة الدانمركية وحتى ما قبل ما قام به (الاخوة كواشي إن كان فعلا من عملهما) قد رفعوا المسلمين شعارات سلمية متمثلة في المسيرات والتنديد عبر وسائل الاعلام المختلفة وعبر ندوات لعل الجاني والمتعدي على حدود غيره يتوقف ولكن ذلك زادهم تشجيعا على ما يبدو وزادوا النار استعارابمواصلة نشر الرسومات المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) فما كان من متحمسين إلا الرد بطريقة (…) نحن لا نؤيد القتل ولكن نرفض رفضا قاطعا التهكم بمشارعرنا …والبادء اظلم
    سبحان الله

  7. يقول جمال الدين الجزائر:

    الى اخي كوروي داود
    جزاك الله خير كل كلمة كتبتها اصبت و معك حق

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      وجزاك الله أيضا كل خير أخي جمال الدين
      الى متى نسكت ونخاف منهم وندفن رأسنا
      حان الوقت لكي يخافوا منا ويحسبوا حساب لغضبنا

      ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول على سليمان الخولى / فرنسا:

    ياجماعة عندكم البابا بتاعهم ده مثال حى لرسوم الكاركاتير تقدروا تتخيلوا أى رسم مسئ وتضعوه تحت هذا البند وكذلك حاخام اليهود وساعتها نشوف رد فعلهم أيه على حرية الرأى اللى وجعوا دمغنا بيها

  9. يقول نزار:

    مع اعتراضي على الفعل المزعوم للاخوه كواش ان كانوا حقا من قام بذلك وللاسباب التي اعلن عنها الا انني اخالفك يا استاذه غاده بموضوع ان حرية الكلمه اقدس المقدسات في فرنسا والا اين حرية الكلمه حين تم الحكم على روجيه جارودي بالسجن لانه شكك بالمحرقه

  10. يقول عبدالوهاب:

    مبدعه أخت غادة السمان الكاتبة المبدعه

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية