القاهرة ـ «القدس العربي»: احتارت الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 19 مايو/أيار بسبب كثرة الموضوعات المهمة على أيها تركز، على استقبال الرئيس رئيس مجلس إدارة شركة سيمنز الألمانية لبحث تطورات تركيب ثلاث محطات كهربائية جديدة عملاقة في كل من بني سويف في محافظة جنوب القاهرة، وفي البرلس في محافظة كفر الشيخ في الدلتا، وفي العاصمة الإدارية الجديدة التي بدأ العمل فيها للانتهاء من الحي السكني الذي يضم ثلاثا وأربعين ألف شقة.
وتصريحات رئيس مجلس الإدارة بأن المحطات الثلاث من أكبر المحطات في العالم، وسيتم الانتهاء منها في زمن قياسي، وسيعمل فيها ثلاثون ألف عامل، وهكذا ازداد اطمئنان المصريين وتأكدهم من أن الكهرباء لن تنقطع في رمضان. ولذلك قال أمس في «الأخبار» زميلنا أحمد جلال في بروازه اليومي «صباح جديد»: «منذ عامين عاش المصريون أسوأ صيف، ليس بسبب ارتفاع درجات الحرارة فقط، ولكن لأن الكهرباء كانت مقطوعة طوال الوقت، لدرجة أن وزارة الكهرباء خصصت الخط الساخن ليس للإبلاغ عن انقطاع النور، لكن للإبلاغ عن وجوده وانصبت اللعنات على وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، الذي لم يكن يملك وقتها سوى وعود بحل المشكلة، وبالفعل تحققت المعجزة وتم حل مشكلة انقطاع النور نهائيا وانقلبت لعنات المواطنين إلى دعوات وشكر للوزير العبقري محمد شاكر، روح يا شيخ ربنا ما يقطعلك نور». ومن الفرحة بالكهرباء والشكر للحكومة إلى استمرار الصراخ من ارتفاع الأسعار المستمر، الذي وصل إلى درجة أن زميلنا الرسام في «الأخبار» الحكومية أحمد عبد النعيم كان جالسا في أحد المقاهي فشاهد زبونا يخرج جيوبه خاوية ويقول لصديقه: الأسعار مولعة الجو مولع العمارات مولعة جيوبي بس الحاجة الوحيدة اللي باردة.
واهتمت الصحف بإبراز العمل في العاصمة الإدارية الجديدة وقرب الانتهاء من أعمال البنية الأساسية والحي السكني الذي يتكون من ثلاثة وأربعين وحدة سكنية، وتطورات العمل في مشروع الإسكان الاجتماعي الجديد، الذي يشمل ثمانمئة ألف وحدة، ستتم زيادتها إلى مليون وحدة موزعة على عدة محافظات، وتشهد إقبالا شديدا من المواطنين عليها. أيضا نقل المدابغ من عين الصيرة إلى منطقة الروبيكي، لبناء مدينة حديثة لدبغ وتصنيع الجلود وإعادة المنطقة الأثرية لوزارة الثقافة لتتولى تطويرها.
ومن الأخبار الأخرى إحالة النيابة إلى محكمة الجنايات تسعة من أمناء الشرطة المتهمين بالاعتداء على الأطباء في مستشفي المطرية التعليمي، واجتماع مجلس نقابة الصحافيين وقيام الأمن بغلق الشوارع المؤدية إلى النقابة، واستمرار وجود مجموعة «المواطنين الشرفاء» وكل عملهم سب كل صحافي يدخل أو يخرج من النقابة. كما نشرت الصحف أخبارها عن برامج ومسلسلات شهر رمضان، وحفل المطربة اللبنانية ماجدة الرومي اليوم عند سفح أهرامات الجيزة. واجتماع وزير الخارجية الأمريكية كيري مع الرئيس السيسي لبحث اقتراحه لحل الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومتابعة الصحف لها. ومع كل ذلك فإن اهتمامات الأغلبية لا تزال مركزة على امتحانات الإعدادية التي انتهت أمس، والثانوية والجامعات التي ستبدأ بعد أيام.
ولم تلحق الصحف المصرية الصادرة أمس بخبر سقوط طائرة تابعة لشركة مصر للطيران مقبلة من اليونان على مقربة من الإسكندرية، وهو خبر أعلمتني به زوجتي صباحا قبل أن أغادر المنزل إلى المكتب، أثناء تصفحها الإنترنت، وبعد وصولي المكتب رن جرس الهاتف فإذا بها تصرخ وتقول إن الطائرة كان عليها هيثم ابن صديقة عمرها ليلي العزيزي، وضعت السماعة وانتابني حزن كبير لأني أعرف هذا الشاب الذي يعمل مضيفا جويا، وكان نموذجا للأخلاق، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وإلى بعض مما عندنا…
«قوى الشر التي تهدد مصر»
ونبدأ بالمعارك التي لا يريد أصحابها لها أن تهدأ حول الرئيس السيسي وسياساته وكلماته التي يلقيها في المناسبات، التي يحضرها دفاعا عنه وهجوما عليه. ويوم الأربعاء تعرض في جريدة «المقال» اليومية المستقلة التي يرأس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى لهجوم الأول شنه زميلنا طارق أبو السعد وفيه قال: «الرئيس عند افتتاح أي مشروع حريص جدا على استخدام مصطلح «قوى الشر التي تهدد مصر»، باعتبار أنها ستمنع وتحارب إقامة مثل هذه المشاريع، وآخر هذه المشاريع افتتاح الرئيس محطة كهرباء أسيوط، وكان يجب البحث عن قوى الشر التي يقصدها الرئيس، ويحذر منها حتى نقوم أيضا بواجبنا من التحذير منها، ومعرفة بماذا تفكر، ونحاول أن نتوقع كيف ستعيق إقامة المشاريع التي يريدها الرئيس وإلا سنكون كمن يحارب ويطارد خيط دخان، هذه نقطة مفصلية يجب أن نعرف من هي قوي الشر التي تحاربنا، وهل نقف على الأرضية نفسها مع الرئيس باعتبارهم قوى الشر أم لا؟ من أجل توحيد الجهود لمحاربتها، أو على الأقل التحذير من خططها وكشف أساليب هذه القوى الشريرة في خداع البسطاء. والحقيقة الكثير كان يفهم قوى الشر التي تحسدنا أو التي لا تريد الخير أو التي تتجسس علينا أو القادرة على أن تعمل «حاجة وحشة» في مصر، هي تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، ولكن بعد طول تتبع وتحليل للأحداث اكتشفنا أن خوف الرئيس ليس منهم، فهو يتحدث عن فئة تؤرقه وتؤرق كل الشرفاء وقادرة على إعاقة مشروعات كبرى، وهذا لم يعد متوفرا في الإخوان، لاعتبارات مختلفة. فمن هي يا ترى قوى الشر التي تؤرق الرئيس؟ هل أمريكا؟ ربما ولكن كيف تكون أمريكا وكثير من المساعدات التي نتلقاها والمعونات من عندهم؟ بل نحن أحرص على العلاقات معهم أكثر منهم، لا يمكن أن تكون أمريكا. فمن يا ترى؟ هل كان يقصد الاتحاد الأوروبي؟ يمكن لكن الرئيس كان شديد الحرص على مد جسور التواصل والتبادل الاقتصادي والسياسي معهم، بل حريص على أن تتم الزيارات لدول الاتحاد الأوروبي التي كانت قد أعلنت أنها ضد ما حدث في 30 يونيو/حزيران، وما حدث في 3 يوليو/تموز 2013، وبهذا لا يمكن أن يكون الرئيس يريد مد الجسور مع قوى الشر، بالتأكيد قوى الشر التي يحذرنا منها الرئيس في كل خطبه، وفي كل افتتاح مشروع كبيرا كان أم صغيرا؟ من هم لنحذر قومنا منهم؟ هل هم رجال الأعمال؟ مش ممكن فهم الذين ينقذونه في وقت الشدائد، وهم من يسعون لتوفير احتياجات البلد، وهم الذين يعطيهم الرئيس الكهرباء المدعومة، وهم الذين تخصص لهم الأراضي المجانية، وهم الذين يحصلون على تسهيلات بنكية تحت مزاعم إقامة المشروعات الوطنية، كما أن الرئيس ليس في حرب معهم، بل هو في صفهم تماما فمن هو هذا العدو الخفي الذي لا يعلمه أحد إلا الله ثم الرئيس وحده؟».
أتون معاهدة كامب ديفيد
أما زميله أحمد رمضان الديباوي فقال عن خطاب الرئيس نفسه في أسيوط: «لا أرى في كلام الرئيس السيسي ذلك شيئا جديدا، أو ذا بال. إنني أراه متسقا مع نفسه ومع تصريحاته السالفة في أوائل العام الفائت، حين أشار في كلمته خلال حضوره منتدى دافوس الاقتصادي إلى أنه «إذا حققنا سلاما بين فلسطين وإسرائيل وشجعنا عليه، سيتغير واقع المنطقة ويتحقق الاستقرار، ويتم قطع الطريق على الفكر المتطرف». كما أرى في كلام السيسي كذلك اتساقا واضحا مع تنازله عن السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير لمملكة أل سعود، تحت مزاعم ودعاوى امتلاكها تلك الجزيرتين، وهو الأمر الذي كشف عنه الجانب الإسرائيلي وقتها مؤكدا أن تنسيقا كبيرا تم بين كل من مصر والسعودية وإسرائيل، قبل قرار التنازل عن تلك الجزيرتين، وهو ما يشير بصراحة إلى أن مملكة أل سعود ستدخل، إن لم تكن قد دخلت سرا في أتون معاهدة كامب ديفيد. الأمر الذي يعني أن السيسي هو «عراب» ذلك الدخول. ستحمل الأيام والشهور القليلة المقبلة مفاجآت شتى سوف نكشف عنها بالتأكيد في مقالات مقبلة، ستكشف عن ادوار جديدة للاعبين جدد في المنطقة. كما ستكشف عن مفاجآت ربما ستغير من شكل الصراع المقبل، الذي نرى بيقين أن إيران ستكون في أتونه بمباركة سعودية/صهيونية».
خلطة سياسة السيسي
أما الثالث فكان زميلهما محمد زكي الشيمي الذي قال: «تقوم سياسة السيسي في الملف على عدة محاور مجتمعية هي خليط من سياسات السادات ومبارك وعبد الناصر، فهي تأخذ من سياسة مبارك الرغبة في لعب دور الوسيط وخلق دور سياسي لمصر عن طريق ذلك. وأخذ من سياسة السادات الدعوة للسلام باعتباره قيمة مطلوبة ومرغوبة في حد ذاتها، وليس سلعة اضطرارية أو وظيفية فقط، لإيجاد دور لمصر. كما أخذ منها علاقاته الجيدة مع الخليج. وأخذ من سياسات عبد الناصر نموذج الدولة القوية ذات الجيش القوي، القادرة على مساعدة حلفائها وأصدقائها، ولكن مع تجنب كامل لإظهار مصر في شكل راديكالي أو ثوري، أو دور الساعي للاضطرابات في الإقليم، بما يعني التسويق لمصر باعتبارها حليفا متميزا للخليج وإسرائيل، وبالضرورة الفلسطينيين والأردن كقوة تسهم في إعادة ترتيب أوراق محور الاعتدال العربي من جديد، ولكن في ظل نيات أكثر جدية لوضع إسرائيل داخل المعادلة. الخليج وإسرائيل يستفيدان من ذلك عموما بتعزيز التحالفات التي يحاولان باستمرار بناءها في مواجهة المد الإيراني».
كشف حساب الرئيس للشعب
أما «الأخبار» في يوم الأربعاء نفسه فقال رئيس مجلس إدارتها وتحريرها زميلنا وصديقنا ياسر رزق: «في الأيام والأسابيع المقبلة سنشهد مع الرئيس افتتاح مشروعات جديدة في الكهرباء وغيرها من المجالات، ويبدو أن الرئيس بعد زياراته لمشروع المليون ونصف المليون فدان ومشروع الإسكان الاجتماعي الذي يشمل 656 ألف وحدة سكنية، خلال عام، ومحطات الكهرباء الجديدة لن يكون بحاجة في يوم 8 يونيو/حزيران المقبل، لتقديم كشف حساب إلى الشعب عن أول عامين من ولايته، ولعلنا نستمع منه إلى خطاب وعود وإنجازات جديدة عن العامين المقبلين ولابد أن فيه مفاجأة سارة أو أكثر».
«ما تيجوا نجرب ورزقنا ورزقكم على الله»
وفي «أهرام» يوم الأربعاء أيضا قال زميلنا سمير شحاتة: « تعالوا نجيب من الآخر ورزقنا على الله، إن مصر- يا سادة- ليس أمامها الآن سوى طريقين اثنين لا ثالث لهما، إمّأ أن ينجح السيسي- ونحن معه- في مشروعه الوطني الذي بدأه للنهوض بمصر أو- لا قدر الله- سنروح جميعا في ستين داهية، وسنكون مثل سوريا» عافاها الله من أزمتها» آه هي كده «وشّ»! وعلى فكرة معظم الناس في بر مصر يقولون ذلك الآن في مجالسهم، وإن شئتم فاسمعوا للناس «يا أساتذة نحن لم يعد لدينا ترف الفلسفة واللف والدوران والمزايدات، وحتى ينجح الرئيس لابد من أن نساعده- نحن الشعب- ونهيئ له البيئة الملائمة ليعمل، وإليكم هذا الاقتراح: رمضان داخل وكل عام وأنتم بخير، لماذا لا نجعل من هذا الرمضان فرصة لالتقاط الأنفاس، والكف عن الكلام المثير للإحباط، وترديد الاتهامات والتشكيك في كل شيء، جايز يا سيدي ربنا سبحانه وتعالى يفرجها، وتفاءلوا بالخير تجدوه، هيا نستمتع بما في أيدينا الآن، ونترك الرئيس والحكومة والمؤسسات المختلفة يمارسون عملهم ماذا سنخسر؟ إنه شهر واحد فما المشكلة في إغلاق الفم شهرا واحدا؟ تعالوا نترك لحن الحزن والزهق والسواد، ونرى الحياة حلوة «ولو مرة واحدة!» مش احتمال أننا نضخم الأمور وأن الحياة ليست بالسوء الذي نتصوره؟ ما تيجوا نجرب ورزقنا ورزقكم على الله!».
مئات الشباب في السجن بتهمة التظاهر
ويبدو والله أعلم أن زميلنا وصديقنا رئيس تحرير جريدة «الشروق» اليومية المستقلة عماد الدين حسين، طالب الرئيس في عموده «علامة تعجب» أن يفرج عن الشباب قبل شهر رمضان: «في اليوم نفسه الذي نشرت فيه الصحف خبر الحكم على مئات الشباب صغار السن بالسجن بتهمة التظاهر ضد التخلي عن جزيرتي تيران وصنافير، كانت الصحف نفسها تنشر أنه يتم فحص ممتلكات الرئيس الأسبق حسني مبارك للتفاوض معه على التصالح في اطار عملية أكبر، تشمل العديد من رموز نظامه المتهمين بالفساد وسرقة أموال وأراضي الدولة، هذا المعنى هو الذي دفع النائب هيثم الحريري إلى القول إنه إذا كانت الدولة تسعى للتصالح مع من نهبوا أموال الشعب وأراضيه بدعوى عودة الاستثمار، فمن باب أولى أن تتصالح مع الشباب المتمسكين بتراب الوطن لانهم هم المستقبل، الذين يسرقون أراضي الدولة نفاوضهم والذين يدافعون عنها نحبسهم، ولا أستطيع بطبيعة الحال المجادلة بشأن طبيعة الحكم القضائي الذي قضى بحبس 51 شخصا لمدة عامين و101 شخص بالحبس لمدة 5 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، بتهمة التظاهر للمطالبة بعدم التنازل عن الجزيرتين. من أجل كل ذلك أناشد الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن يستخدم صلاحياته الدستورية، ويصدر أمرا في أسرع وقت ممكن بالإفراج عن هؤلاء الشباب، حتى لا يكون ثمن حبسهم أغلى وأفدح كثيرا من سبب سجنهم. أدرك تماما المنطق الذي يقول بضرورة المحافظة على القانون واحترامه، حتى لو كان متعسفا مثل قانون التظاهر، وأدرك أيضا المنطق الذي قاد الشرطة إلى حملة قبض واسعة النطاق والعشوائية، ضد المتظاهرين أو حتى من انتوى التظاهر. أدرك وأتفهم هذا المنطق حتى لو كنت لا أقبله».
فاسدون يتسترون
بعباءة الرئاسة
وإلى «الوطن» عدد يوم الأربعاء ورئيس التحرير التنفيذي زميلنا محمود الكردوسي وقوله في بروازه اليومي «كرباج»: «الرقابة الإدارية أصدرت الأحد الماضي بياناً حذرت فيه من استخدام اسم الرئيس أو أي من العاملين في مؤسسة الرئاسة لأغراض شخصية: استثناءات خدمات، استفادة لشخص أو جهة، وقس على ذلك. أحباؤنا في «الرئاسة» حذروا أكثر من مرة من أن يختبئ فاسد أو مغرض أو صاحب نفس ضعيفة – أياً كان حجمه وموقعه – في نفوذهم، لكن تحذيراتهم لم تجد آذاناً صاغية فكان لابد من قرار حاسم، المهم أن تشمل توجيهات الرئيس وبيان الرقابة أولئك الذين خانوا «ثقة» الرئاسة أو تأدبها أو انشغالها بالأهم ونصبوا أنفسهم متحدثين باسمها فأقحموها في أزمات تتراوح شدتها بين «الهلفطة» في مواقع التواصل والتعدي على هيبة الدولة! هل سيفعلها أحباؤنا في «الرئاسة»؟ إنا لمنتظرون».
فساد «صديق للرئاسة»
وإلى أن يتلقى محمود ردا من أحبائه في الرئاسة نتحول إلى «المصري اليوم» لنكون مع آخر مشارك وهو زميلنا وصديقنا محمد أمين وقوله في عموده اليومي «على فين»: «لا أذيع سراً أن رجال أعمال كثيرين فازوا بصورة مع الرئيس، بعضهم وضعها في مكتبه بعرض الحائط، وبعضهم وضعها على البروفايل في الفيسبوك وواتس آب، حاولوا الإيحاء بقرابة ما أو علاقة ما. صحيح أن هناك من رفعها حباً في الرئيس وهذه حقيقة، إلا أن البعض كان «يتكسب» بها. ومع هذا فقد سقط بعضهم في قضايا سابقة آخرها رشوة وزير الزراعة، أي أن الصورة ليست بوابة عبور دائما. باختصار هذا التنبيه المبكر نسبياً يستحضر صورة بطانة الرئيس في عهود سابقة وكيف أساءت للرئيس؟ وكيف أشاعت جواً من الفساد يطلق عليه فساد «صديق للرئاسة» لم يُحذر منه الرئيس السيسي فقط ولكنه قرر أن يحاكمه أيضا».
ابتذل لتشتهر
وإلى المعارك التي تفوح منها رائحة العطر وجمال المشاركات في المعارك وبدأتها يوم الاثنين زميلتنا الجميلة في «الوطن» نشوي الحوفي ساخرة من زعامات المعارضة بقولها: «نعم يا سادة، هي معارضة تنتظر منحها الزعامة الشعبية والحقوق السياسية، من دون أي مجهود عدا ما تمنحه لنا من جدل فارغ من المضمون، وليت تأثيرها توقف عند هذا الحد، لكنها منحت جيلاً من الشباب نموذجاً سيئاً لمعنى المعارضة بالصوت، فصحونا على معارضين شباب أدمنوا التمرد بحكم العمر الزمني مع افتقادهم للقدوة والخُلق والمعلومة الصحيحة في التاريخ والسياسة والاقتصاد والمجتمع، رافعين شعار «خالف تُعرف، تطاول يُسمع صوتك، وابتذل لتشتهر». ولعل أقرب الأمثلة لما أتحدث عنه مَن يطلقون على أنفسهم فرقة «أطفال الشوارع» التي قُبض على أعضائها مؤخراً فقامت الدنيا ولم تقعد في الخارج قبل الداخل، بدعوى حرية الرأي والتعبير. تأملت في تلك المجموعة المبتذلة شكلاً ومضموناً، لأكتشف حجم المسخ في ما يدّعونه من آراء، وحجم الابتذال في ما يدّعونه من فن، فلا هذه سياسة معارضة ولا هكذا يكون الفن، فمنحوني التسامح مع قرار إلقاء القبض عليهم، لما يثيرونه من تشويه للحقيقة وللخُلق، وفيما يزيفونه من واقع، في ما عدا اسمهم الذي أطلقوه على أنفسهم، فهم بحق أطفال شوارع وجبت معاملتهم وفقاً للمسمى، بجمعهم وتنظيفهم وقص شعورهم المجدولة المشوشة وإعادة تربيتهم وتدريسهم الفنون والتاريخ والسياسة، وقبل كل ذلك معنى الرجولة ليدركوا ما فاتهم وما عليهم تعلمه».
سحر الجعارة:
«ملعون أبو الحرية»
وشاركتها الهجوم في العدد نفسه جميلة أخرى هي زميلتنا الأديبة سحر الجعارة بقولها: «ستة شباب مصريين هم أعضاء فرقة «أولاد الشوارع» التي ملأت الدنيا ضجيجاً بكليبات بطريقة «الفيديو سيلفي» يصورونها في الشارع تعبر في ما يشبه «المونولوج الساخر» عن تمردهم وسخطهم وآرائهم السياسية والاجتماعية والدينية أيضاً. فجأة تحققت للشباب شهرة واسعة على موقع «اليوتيوب» رغم أن ما يقدمونه لا تنطبق عليه معايير «الفن» المتعارف عليها، ولا يجسد إبداعاً ولا ينطبق عليه مبدأ «حرية التعبير»، بل إنه «سب وقذف» بكل المعايير في صورة «راب»! إن كنت – مثلي- من أنصار الحريات العامة وحقوق الإنسان ستنتفض فوراً للدفاع عن شباب الفرقة، وإن كنت «انتهازياً» ستتخذ الموقف نفسه لمغازلة الرأي العام الذي رفض فيديو «السيسي رئيسي» والذى يتضمن إساءات بالغة لرئيس الجمهورية، بما له من شعبية جارفة في قلوب للمصريين، للإنصاف حزنت بشدة من الفيديو الذي صوروه عن «جزيرتي تيران وصنافير»، وشعرت بأنهم تعمدوا إهانة مصر، ومن يهين بلدي لا يستحق صفة «مواطن» من وجهة نظري، رغم أن هذا حكم «عاطفي» لا يقره الدستور أو القانون. عندما رأيت إنتاجهم همست لنفسى: «ملعون أبو الحرية التي تهيل التراب على كل شيء جميل!». الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة في جامعة الأزهر الذي أجله وأحترمه وأحسبه على التيار المستنير قال: «إن فرقة «أطفال الشوارع» «مرتدة عن الإسلام». هذا الرأي يستند إلى كليب «براعم الإيمان» الذي يسخر من إذاعة القرآن الكريم ويوظف «تكبيرات الحج» و»لفظ الجلالة» كمادة للسخرية، أما الشيخ خالد الجندي من علماء الأزهر فقد رأى مضمون الكليب نفسه من زاوية الطرح التي تبناها الشباب فلم يكفرهم، بل قال: «إن هذا العمل غير مقبول ومرفوض وإجرامي وجارح بكل معاني الكلمة، هنا يجب أن نحذر من «فتاوى التكفير» الجاهزة وهي فخ سقط فيه أحد العلماء المستنيرين، كريمة. المشكلة ليست في إهانة «رئيس الجمهورية» خاصة أن الرئيس السابق عدلي منصور، أصدر مرسوماً يلغي الحبس في قضايا إهانة الرئيس، بعد أن كانت العقوبة تصل إلى سجن المدان ثلاثة أعوام. المشكلة أن جريمة «أولاد الشوارع» بشعة ومواد القانون أكثر بشاعة والتكفير ألعن من الاثنين وانت في قلب هذا القبح مطالب بالحيدة والموضوعية!! «ملعون أبو الحرية» التي وضعتنا في هذا المأزق .
المصريون يتعلمون
من أخطائهم
وإلى جميلة أخرى في معركة أطفال الشوارع نفسها هي زميلتنا أمينة النقاش رئيسة تحرير جريدة «الأهالي» التي تصدر كل أربعاء عن حزب التجمع اليساري وقولها في عمودها «ضد التيار»: «شكلت الحملة التي تقودها عناصر في الإعلام تحسب نفسها على صانع القرار لتكفير الفرقة الشبابية «أطفال الشوارع»، التي تنشر إنتاجها على وسائل التواصل الاجتماعي بعد إلقاء القبض على أعضائها، تطويرا خطيرا للأزمة، بتضمنها بعدا دينيا لا يفكر في النتائج الكارثية المحتملة لهذا التضمين الذي يسهل للمهووسين مهمة الاعتداء البدني على أعضاء الفرقة بحجة الدفاع عن أهل بيت الرسول الكريم، بعد استدعاء رجال دين للتنديد بهم والتلاعب بالرأي العام بالقول، إن أعضاء الفرقة الفنية المتواضعة والفوضوية يجري حبسهم تمهيدا لمحاكمتهم عن شيء آخر غير السخرية من رجال الدين، هو نقدهم الجهول لسياسات الدولة ولرجالها، وهنا يزداد الاقتناع بأن البحث عن وسائل قانونية لتقييد وسائل التواصل الاجتماعي يجري على قدم وساق كي تتهم الدولة المصرية ليس بحبس الفنانين فحسب، بل بتقييد حريات الرأي والتعبير في الإعلام الفضائي والإلكتروني، وهو إجراء لا يأخذ بعين الاعتبار أن الناس في مصر قد تغيرت ولا تزال تتعلم من أخطائها، ولم يعد أحد بمقدوره أن يوظف أزماتها ومشاعر غضبها وصبرها الطويل لثورات وهبات يقودها جنرالات الفيسبوك المقيمون في الخارج أو المليشيات الإلكترونية».
أطفال بشنبات
وإلى جميلة أخرى وخفيفة ظل أيضا فقد نشرت «البوابة» في اليوم نفسه مقالا كتبته هند فرحات سخرت فيه من أعضاء فرقة «أطفال الشوارع» بقولها: «حد يفهمنا هم أطفال الشوارع بشنبات؟ عجبت من إطلاق اسم «أطفال» على فرقة أطفال الشوارع، وكل شنب وشنب يصل للحاجب، من دون فواصل حد يفهمنا «أطفال إيه يا سادة؟!وأكبرهم سنا عمره أربعة وثلاثون عاما، وأصغرهم سنا تسعة عشر عاما، في ريعان الشباب». «يعنى باللغة العربية الفصحى فحل وجمعها فحول»، نبقى نسميهم أحسن «فحول الشوارع» وعلشان نبقى عادلين ونقدم فيديو ساخرا زي فيديوهاتهم الساخرة وخفة دمهم اللي بتنقط شهد مكرر، لما قالوا يا حبيبتي يا مصر إلا جزيرتين إحنا كمان هنقول «فحول الشوارع إلا واحد» «أصغرهم سنا» حد يفهمنا سر اختيارهم لكلمة أطفال فعلا أطفال بشنبات بس بينى وبينكم كلمة أطفال بردو حماية، يا عم الحج يعني لما يبقى شنبو في المصيدة يتقال «أصل أنا عيل يا بيه» «أخوك الصغير حلاوة يا بيه» ولا دفاع حبايبنا الحقوقيين والسادة العقلاء قصدي الناشطين وبعض السياسيين النبلاء «أصلهم صغيرين ما يعرفوش ما يدروش». أصل العيال دي قصدي الأطفال دي مش بتوع «الأتوبيس» قصدي الشوارع دول بتوع «حرية التعبير والإبداع»، شباب زي الورد شباب قدوة تفتخر بيهم مصر، إيه يعني شوية فيديوهات ساخرة، إيه يعني قلة الأدب والمسخرة، قصدي الكوميديا الساخرة في لغة الإبداع والجلاجلا تحت شعار «متقلش إيه إدتنا مصر قول هندي إيه لمصر»، إدينا لها الإسفاف والابتذال والخروج عن المألوف والتهكم على كل موروث ديني «إذاعة القرآن الكريم» موروث وطني. «أغانى وطنية» بما فيها حب الوطن والانتماء ليه والتضحية من أجله موروث ثقافي واجتماعي، برامج التلفزيون وبعض عاداتنا وتقاليدنا في شهر الصوم، وأخيرا علشان تتبدل الأحوال «إيه لو لعبت يا زهر واتبدلت الأحوال وركبت أول موجة في سكة الأموال»، قوم إيه نقل أدبنا على رمز مصر الرئيس عبد الفتاح السيسي بألفاظ غير لائقة تحت شعار «شباب الإبداع».
الإمبراطوريات المالية
وآخر الجميلات هي زميلتنا في «الأهرام» ماجدة الجندي التي أمسكت بقضية أخرى هي: «لاحظ أن رؤساء مصر تغيروا أكثر من مرة، بل تناقضت توجهاتهم ومع ذلك ظلت هناك أسماء لرأسماليين لا تتغير أماكنها على متن طائرة الرئاسة. أخيرا برزت حالة ربما تذكرك في بعض من جوانبها بحالة مشابهة كان لها دور مباشر في الاحتقان السياسي بدعمها لمشروع سياسي رفضه أغلب المصريين وكانت من عناصر اندلاع يناير/كانون الثاني، هناك الآن «حالة» امبراطورية مالية ارتبطت باكثر من قوة سياسية متلاحقة متناقضة دخلت من باب تصنيع واحدة من مواد البناء الأساسية رأسمال بزغ مع الحزب الوطني ثم التصق بالاخوان في عامهم الاسود، وسافر على متن الطائرة الرئاسية مع محمد مرسي وسرت أقاويل عن شراكاته مع أمراء دولة عربية غير صديقة، ثم رأيناها تدعم 30 يونيو/حزيران وتمول حملات مؤيدة تستبق بعض زيارات الرئيس، ثم تدخل العمل العام من باب أوسع بدعم قرى بأكملها وعلت نبرة دعمها للدولة، والآن تمد جناحها الإمبراطوري إلى الإعلام بعد دخول محدود شاهرة شعارا غير مفهوم عن سعيها لإعادة الريادة للإعلام المصري».
مشاكل وانتقادات
وأخيرا إلى بعض المشاكل والانتقادات حيث قال زميلنا في «الجمهورية» عبد الغفار مصطفى:
«مصر غسالة كبيرة للأموال، عبارة أطلقها محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات وفسرها بأن حجم الاقتصاد غير الرسمي كبير، وقد تغلغل في كثير من الأنشطة الاقتصادية ما جعل حجم عمليات غسل الأموال في مصر ضخمة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من حالات الفساد وعمليات تمويل الإرهاب. وهنا أحب أن أشير مجددا إلى أنني أشرت عبر هذه المساحة منذ سنوات إلى عمليات غسل الأموال في مصر، والمهربة إليها مما ينتج عنه تداول أموال مجهولة المصدر ومتضخمة للغاية ومرتبطة بنشاطات غير مشروعة، كالفساد الإداري والرشوة والاختلاسات وتجارة المخدرات والرقيق الأبيض، وهو ما يجعل هذه الأموال تتغلغل في المؤسسات النقدية، ما يزيد من خطورة هذه الأموال المغسولة ومجهولة المصدر، وهنا على المسؤولين أن يتدارسوا ما صرح به رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية محمد البهي، الذي أشار إلى أن حجم الاقتصاد غير الرسمي قد تضخم في السنوات الأربع الماضية، إذ بلغت تعاملاته نحو مئتين واثنين تريليون جنيه، فيما تبلغ قيمة الضرائب الضائعة على الدولة، وفقا لنسب التحصيل الحالية نحو ثلاثمئة وعشرين مليار جنيه، من هنا فحجم هذا السوق غير الرسمي يمثل رقما ضخما علينا أن نتأمله وندقق فيه».
ترشيد التقشف
وفي «الشروق» قال عمرو عادلي في يوم الاثنين: «أجرؤ على القول إن جزءا أساسيا من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بأبعادها المختلفة ليست في أغلبها من صنع الحكومة، أو نتيجة لسوء إدارتها للأزمة، بقدر ما أن الأمر ينطوى على قدر كبير من سوء الحظ والتوقيت، فبعد أربع سنوات تقريبا من التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الاضطراب السياسي والأمني الذي أعقب ثورة يناير/كانون الثاني، بما أدى لارتفاع معدلات البطالة وتقلص معدلات النمو والاستثمار وتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية، إذا بالاقتصاد المصري يقف في مواجهة دورة جديدة من الأزمة الاقتصادية العالمية، ليس أمام الحكومة خيارات كثيرة فهامش المناورة محدود يمكن بالطبع أن تستمر في مساعي الإصلاح المؤسسي وتمرير حزم تحفيزية للمستثمرين المحليين والأجانب، ولكن من غير المنتظر أن يؤدي هذا لانعكاسات على المدى المباشر، كما سبقت الإشارة، ويمكن أن تقوم الحكومة بترشيد التقشف حتى لا تؤذي القطاعات كثيفة العمالة بدرجة كبيرة، أو أن تُحسِن من إجراءات الأمن حتى تنشط السياحة جزئيا، ولكن غير «إدارة الأزمة» أخشى أنه لا توجد أدوات اقتصادية لدى الحكومة المصرية أو لدى أي حكومة في وضع شبيه، كي «تحل الأزمة»، بدلا من أن تديرها. ولكن هناك ما يمكن فعله في مجال السياسة من أجل بناء وتدعيم توافق وطني أو على الأقل تفاهم وطني للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري، فوحدها مثل هذه الإجراءات السياسية ــ لا الاقتصادية ــ التي قد تدعم موقف الدولة والقيادة السياسية في مواجهة إجراءات الضرورة المؤلمة، التي سيكون عليها اتخاذها في الأسابيع والشهور المقبلة. ووحده حوار مجتمعب ودور نشيط للقوى السياسية الموجودة على الساحة هو الذي يصنع الإجماع الوطني ويحقق الاصطفاف لا الدعاية الفارغة والكتائب الإلكترونية أو التعالي على الجمهور باسم الخبرات الفنية أو بأحاديث مواجهة المؤامرة».
حسنين كروم