… أبعد من صنعاء والرياض

حجم الخط
21

في خطوة ذات دلالات سياسية مهمة، كان آلاف المقاتلين اليمنيين الحوثيين يقومون بمناورات عسكرية قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية بـ«مختلف أنواع الأسلحة» ليتواقت ذلك مع اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض والذي تصدّرت الأزمة اليمنية قضاياه المبحوثة.
الوزراء الخليجيون اختتموا اجتماعهم بدعم شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وبرفض الإعلان الدستوري الذي صدر بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومطالبة الحركة بإعادة الأسلحة التي نهبتها من مخازن وثكنات الجيش، ودعتها لاستئناف العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني.
يجيء هذان الحدثان المتناظران بعد خطاب للرئيس السابق علي عبد الله صالح قبل أيّام كشف فيه أوراقه القويّة بعد أن كان مختبئاً خلف الحوثيين بينما رجاله المتخفّون في الحرس الجمهوري اليمني وكتائب الجيش الموالية له يفتحون بوابات المواقع والثكنات العسكرية وتأمين استباحة العاصمة اليمنية صنعاء، والاستيلاء على مؤسسات الدولة اليمنية.
ترافق خطاب صالح مع تظاهرات شارك فيها عدد لا يستهان فيه من «الكومبارس» الذين سيقوا او استؤجروا لتمثيل دور الشعب اليمني حيث رفعت صور لابنه (العميد الركن وسفير اليمن في الإمارات) أحمد صالح بالزيّ العسكريّ مكتوب عليها «نبادلك الحب والوفاء»، رافقتها دعوات لترشيحه رئيساً لليمن، وتبعتها حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن أحمد سيقود الجيش اليمني لفتح مدينة عدن، في استعادة بائسة لمأساة حرب 1994 بين شمال اليمن وجنوبه، بعد أن دعى صالح خصمه الحالي ونائبه السابق هادي إلى الفرار منها كما فعل قادة جنوب اليمن في تلك السنة العاصفة.
خطاب صالح، جاء بعد تقرير صادر عن الأمم المتحدة يتهمه بنهب 60 مليار دولار خلال 33 سنة من الحكم عبر سرقة أموال عقود الغاز والنفط وابتزاز اليمنيين واختلاس مشاريعهم العامة، وهو ما يعيد عملياً تصويب أصول الأزمة اليمنية وجذورها إلى طغيان وفساد صالح، الذي تحوّل إلى «حصان طروادة» للحوثيين، وهم أعداؤه السابقون، ولدولة خارجية، هي إيران، متنكّراً للسعودية التي أنقذته من الموت وأعادته سالماً إلى بلاده، في مطاردة مهلكة وجنونية لسراب السلطة الزائلة.
مستعيناً بالضباط الذين أمّن ولاءهم عبر عشرات السنوات من الفساد والدكتاتورية، وبرفعه قميص ابنه أحمد يفكّر صالح ربما بتقديم خيار بديل يخرج الحوثيين من مأزق الشرعيّة الذي أدخلوا اليمن فيه، مقترحاً صراعاً بديلاً عن الصراع بين شرعية هادي وانقلابية الحوثيين، من خلال تحريض شمال اليمن على جنوبه، وهي لعبة سياسية كارثية يدفع اليمنيون باهظ أكلافها.
والحال أن الحوثيين لا يستهويهم كثيراً الحلف القلق مع خصمهم اللدود السابق، وذلك ببساطة لأن ولاءاتهم الإقليمية وأحلامهم السياسية لا تتوافق مع ولاءات وأحلام صالح، وإذا كان هذا الحلف قد أمّن لهم احتلال صنعاء ومحافظات أخرى، لكنّ هذا أمر، وموافقتهم على عودة صالح إلى الحكم، متخفّياً وراء ابنه، أمر آخر.
مشروع الحوثيين، بتراكبه مع مشروع «الإمبراطورية الإيرانية»، ينظر بعين أولياء أمره إلى ما هو أكبر من اليمن بكثير، فإمبراطورية الجمهورية الإسلامية تتطلّع إلى اليوم الذي تتحوّل فيه تستعيد فيه فارس عظمتها القديمة، مستخدمة في ذلك السرديّة الشيعية، بطبعتها السياسية الإيرانية (الوليّ الفقيه)، لتتحوّل من مذهب أقلّية مظلومة، إلى أيديولوجية كبرى لدولة غالبة متغلبة تتحكّم بالعالم الإسلامي، وهي تعمل على هذا المشروع بكثير من الصبر والدأب والدهاء.
في هذه الأثناء احتفل البيت الأبيض أمس بعيد النوروز، أكبر أعياد الأمة الفارسية وأمم أخرى (بينها الأكراد). مبروك!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    الفرس لم يسقط حكمهم إلا لما ارتد عليهم مكرهم وعندما استعمل العرب قوة الفرس لتفكيك بلاد فارس آنذاك. العرب اليوم ممن هم على رأس أولويات الفرس اليوم عليهم أن يستغلوا وسائل التوسع الإيراني اليوم كما استخدمها أسلافهم. حين أرهبت فيلة الفرس خيول العرب أنذاك صنع هؤلاء فيلة من طين وهم في جبهة القتال حتى يتمكنوا حينها من تشريد أعظم قوة تستعملها الفرس آنذاك ألا وهي الفيلة. مياه دجلة والفرات كانت قوة تحصن الفرس من وصول العرب إليهم ولكن هؤلاء قد ذللوا النهرين فكانتا إلى جانبهم في القضاء على دولة الفرس. اليوم ما هي قوة إيران أو بالأحرى بلاد فارس الألفية الثالثة؟ ماذا لدى العرب الذين لم يواجهوا بعد الفرس الجدد للحد من توسعهم الذي هو مثل النار في الهشيم؟ لا بد من “خلق ” لمواجهتم وأخواتها إن لزم الأمر. تفكيك دولة الفرس الجدد أمر حتمي ولازم وإلا فأن نار الفرس سوف تشعل حيث تخاذل العرب والوقت الآن هو في صالح من يقضم أرض العرب.

  2. يقول جحا و حميره ال 22:

    كم أنني أتساءل فيما لو نشبت حرب حقيقية و كبيرة بين طرفي الخليج حول الموقف الأمريكي مع من سيكون يا ترى هذه المرة ؟!؟!؟! :)

    و أما إحتفال البيت الأبيض بعيد نيروز عيد الربيع كما يسمونه ( تقية ) الكثيرين ممن ينتسبون إلى الديانة الزردشتية القائمة على عبادة النار أمر مضحك
    فهل سيتعظ المسلمون ؟!؟! و متى يا ترى !؟!؟!؟ :)

  3. يقول الخليج العربي بو محمد:

    مابعد الموت موت .وإن الله على كل شي قدير

  4. يقول Mhyub:

    شكرآ على مقال رأي القدس وكل ماورد في المقال عين الحقيقة ولاكن الشعب اليمني المعارض للحوثين وعلي صالح لماذا لم يخططوا كما يخطط الحوثيون وعلي صالح بالاستيلا على المعسكرات وتكوين لجان شعبية في كل المدن السنية للقضا على علي صالح الرأس المدبر للحوثيون وكذلك على الضباط الموالين للحوثين بدلآ من التفرجة وهم يحتلون المعسكرات والقواعد الجوية ووضع عملائهم فيها اين هذا الشعب ا الان نسمع ان علي صالح والحوثيون حركوا جيشهم المرتزق من تعز لدخول عدن لاسقاط هادي ماذا عديتم لهم يا اهل تعز لمنع سقوط الشرعية المتبقية لكم هل تظلوا تدورون حول انفسكم مثل الجمل معصوب العينين ومحلك دور ام تلتحقوا مع المقاومة لضرب ذلك الجيش المرتزق والقضا على علي صالح الرأس المدبر للحوثيون .

  5. يقول احمد-:

    لن تتغلب طائفة على امة…تبقى الطائفة طائفة والامة امة حتى لو دعمت الطائفة من الصهيونية والغرب

  6. يقول ابویعرب الاحوازی -الکویت:

    افعال الحوثیین مثل المناورات تبین انها لیسست نابعه من افکارهذه الجماعه بل اوامر تصدر الیهم من دوله

  7. يقول S.S.Abdullah:

    كيف لحاكم أن يدعي أنّه هو من يقصف أبناء بلده، في حين تبين أنّها طائرات أمريكية يا علي عبدالله صالح، فكيف عندما يقوم بتعذيب ابناء بلده لحساب وكالة الاستخبارات الأمريكية كما كان يفعلها بشار الأسد لمواطن يحمل الجنسية الكندية تم إلقاء القبض عليه في مطار شيكاغو، الصورة عندما تكون ملونة تمثل لغة الواقع لأنَّ بها شيء من المصداقيّة، عكس الصورة غير الملونة فيمكن التلاعب في طريقة تلوينها لتجميلها حسب الرغبة، ولا يمكن أن تكون هناك عدالة يُمكن فرضها بالقوة، بحجة أنّها تمثل الواقع، حتى لو كانت لديك كل فذلكات حيل أمهر السحرة، حيث لا يمكن بناء دول بدون سيادة، ولا سيادة طالما حدود الدولة مباحة لكل من هب ودب، ممن يملك سلاح، خصوصا عندما تكون سياسة الدولة اساس اقتصادها مبني على تجارة الحروب وإدارتها، من خلال تمكين من ليس له أكثرية عددية، بتزوير نتائج الصندوق أو التأثير عليها بواسطة القوة المالية أو العسكرية.

    نحن كعرب ومسلمين ممن يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمدا رسول الله، ليس لدينا مشكلة مع اليهود ولا المسيحيين حيث لا يكتمل إيماننا كمسلمين بدون الاعتراف بجميع الأنبياء والرسل والرسالات التي أرسلها الله سبحانه وتعالى ولا حتى لدينا مشكلة مع إيران الفارسية، والدليل على ذلك ما حصل من تعاون ما بين العرب والفرس من تعاون ضد الكيان الصهيوني عام 1973 حيث وقتها لكي يستطيع العراق المساهمة بكل امكاناته في الحرب، كان على شاه إيران إيقاف تسليحه وتمويله للأكراد في شمال العراق، وبسبب ذلك حصل اتفاق الحكم الذاتي مع الأكراد عام 1974 وبسبب ذلك حصل الاتفاق مع الفرس عام 1976 ووقعه شاه إيران وصدام حسين في الجزائر، ولكن المشكلة فرنسا التي جنرالها نابليون بونابرت هو من أعطى وعد للصهاينة بوطن في فلسطين، ومن فرنسا حضر الخميني على طائرة فرنسية معززا مكرما لقيادة الثورة ضد شاه إيران، ومن وقتها بدأت فتنة نار الطائفيّة، عندما قالت يجب إضافة إلى أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمد رسول الله، عبارة وأنَّ عليّا ولي الله وإلاّ فأنت ليس مسلم، من أجل زيادة عدد المقلدين لزيادة الخُمس الذي يستحصل عليه أهل العمائم كثمن للجنة التي يعد بها مقلديه، وأهل الصوفية طالبوا بإضافة النخب الحاكمة كذلك وإلا أنت ليس بمسلم، فمن هو التكفيري في تلك الحالة؟!.

    أظن اشكالية النظام البيروقراطي وبناته إن كانت الديمقراطية أو الديكتاتورية مع المسلم بشكل خاص، هو مفهوم إن لطمتك النخب الحاكمة على خدك الأيسر يجب أن تعطها الخد الأيمن ولا تنس أن تسامحها قبل ذلك، بداية من الكيان الصهيوني كمثال عملي على ذلك، فما حصل على أرض الواقع يقول أنَّ ثقافة الـ أنا التي تمثل من يُظن أنّه من النُّخب الحاكمة ممثلة في السّامريّ (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) لن تقبل بالتعايش والتكامل مع الطرف الآخر، اساس الاشكالية في نظام الدولة الحديثة نظامها التعليمي يفرض أن لا يتوجه إلى المؤسسات التعليمية التي تنتج موظفي مؤسسات السّامريّ إلا أصحاب أقل المعدلات في نتائج الامتحانات، فلا غرابة أن تكون ضحلة التفكير في تلك الحالة، فليس المطلوب منها سوى إجادة القتل والسحل والتعذيب في تنفيذ الأوامر للدفاع عن النخب الحاكمة. فكيف سيكون هناك عدالة ونزاهة ؟

    ما رأيكم دام فضلكم؟

  8. يقول ناصر الدين جعفر- المغرب:

    لقد تحول اليمن، كغيره من البلدان العربية الأخرى في الشرق الأوسط، التي تمزقها الحروب الطائفية، مثل سوريا، العراق ولبنان…الخ، إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الأطراف الإقليمية المتنازعة. بين ايران، من جهة، التي تسعى ان تكون قوة اقليمية صاعدة، وتساند كل طائفة شيعية، سواء كانت محسوبة على المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مثل “حزب الله” في لبنان، أم الحوثي في اليمن، باعتبارها فئة عانت الكثير من التهميش وسلب الحقوق تحت حكم سني، اسمه “علي عبد الله صالح”، والذي لم يستثني أحدا في فساده وعبثه بالشعب اليمني، أم في مساندتها لحكم نوري المالكي في العراق، والذي تميز بالطائفية والرغبة الجامحة في الانتقام من الطائفة السنية، قبل أن تطيح به “داعش”، وهي بذلك، أي ايران، تتبنى مقولة ” أنصر أخاك ظالما أو مظلوما”، المهم أنها تتطلع إلى وكلاء في المنطقة العربية لتتمدد وتتوسع.

  9. يقول منير أحلام:

    إذا كان الفرس دهاه في السياسه فان الأمريكان أدهى منهم فهاهم يستنزفون في سوريا والعراق وغدا في اليمن بالإضافة للحصار الاقتصادي والمقاطعة التي ستنتهي بتقسيم ايران بين مكونات القوميات الإيرانية ومنهم عرب الأحواز فعن أي إمبرطورية يتحدثون ؟

  10. يقول كمال الجزائر:

    لقد تحول اليمن، كغيره من البلدان العربية الأخرى في الشرق الأوسط، التي تمزقها الحروب الطائفية، مثل سوريا، العراق ولبنان…الخ، إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية بين الأطراف الإقليمية المتنازعة. بين ايران، من جهة، التي تسعى ان تكون قوة اقليمية صاعدة، وتساند كل طائفة شيعية، سواء كانت محسوبة على المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مثل “حزب الله” في لبنان، أم الحوثي في اليمن، باعتبارها فئة عانت الكثير من التهميش وسلب الحقوق تحت حكم سني، اسمه “علي عبد الله صالح”، والذي لم يستثني أحدا في فساده وعبثه بالشعب اليمني، أم في مساندتها لحكم نوري المالكي في العراق، والذي تميز بالطائفية والرغبة الجامحة في الانتقام من الطائفة السنية، قبل أن تطيح به “داعش”، وهي بذلك، أي ايران، تتبنى مقولة ” أنصر أخاك ظالما أو مظلوما”، المهم أنها تتطلع إلى وكلاء في المنطقة العربية لتتمدد وتتوسع.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية