بيروت ـ «القدس العربي»:إعتقد كثيرون أن الحركة الاحتجاجية التي لبست عناوين مختلفة من «طلعت ريحتكم» إلى «بدنا نحاسب» هي بداية ربيع لبناني على الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان من أجل مستقبل أفضل خال من المحسوبيات والصفقات كما كان الحال في تظاهرات تونس وميدان التحرير في مصر. لكن سرعان ما إختلط الحابل بالنابل في هذه التحركات الاحتجاجية في شوارع وسط بيروت وبدا أن بعض الأطراف الحزبية والسياسية إستغلت المطالب الحياتية المحقة لتعمّم الفوضى وتحاول قلب النظام وتنادي بإسقاط الحكومة ومجلس النواب ونسيت المطلب الأساسي الذي نزلت تحت عنوانه وهو حل أزمة النفايات التي طفح بها الكيل.
وسرعان ما بدأ التحرك ينحرف عن مساره وينزلق نحو الفوضى على الرغم من أن البعض حصر الفوضى بوجود مندسين جيّروا التحرك لإحداث أعمال شغب وتحطيم واجهات محلات تجارية والاعتداء على رموز وطنية مثل تمثال الرئيس رياض الصلح والإساءة إلى سوليدير الشركة العقارية التي تولت إعادة اعمار وسط بيروت في زمن حكومات الرئيس رفيق الحريري.
وفيما وجّهت أصابع الاتهام إلى شبان من الخندق الغميق بتشويه صورة وأهداف التحرك وذهب بعضهم إلى القول إن هؤلاء الشبان ينتمون إلى حركة «أمل» الشيعية وأنهم أطلقوا النار مرة على المتظاهرين ومرة على رجال الأمن، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري رفض مثل هذه الاتهامات التي تأتي ضمن خطة مرسومة للنيل من الحركة. وعَكَسَ مناصرو قوى 8 و14 آذار التباين في النظرة إلى الحركة الاحتجاجية فإعتبرتها أوساط 14 آذار بأنها «صارت مطيّة لجملة أحزاب وفئات سياسية ومخابراتية وغوغائية التصقت بها ولم تنفع صرخات القيّمين عليها من تنقية الصفوف»، ورأت «أن الاشكالية ان هذه الحركات لا يمكنها الخروج من الشارع وتجيير انجازاتها ولا يمكنها ايضاً تنقية صفوفها ومنع استغلال حركتها من قبل من خانهم جمهورهم ولم يلب مشاريعهم التي تأتي على حساب مصلحة البلاد الأمنية والاقتصادية والتي بدأت تسقط تصنيف لبنان من مصافي دولة إلى ساحة والذهاب إلى مؤتمر تأسيسي».
أما أوساط 8 آذار التي تشارك أيضاً في الحكومة والمجلس النيابي فإتهمت السلطة بأنها «تحاول تعميم الفوضى للتذرّع بها من أجل قمع شعبها بالقوة والوحشية». وقالت في تشجيع للتظاهرات «إن السلطة ترغب لو أنها تنام وتصحى فتجد أن السبت وهو موعد التظاهر قد ولى من الأيام، لأنه يقلق الحكم ويدفعه إلى ارتكاب الشغب دفعة على الحساب لتخويف الناس وردعهم عن الشارع»، معتبرة أنه «مع كل حالة ردع تسقط السلطة أكثر، فهي بنت جداراً بينها وبين الناس فنزل عاراً على رأسها. ضربت واعتقلت شباباً سلميين فإتسخ سجلها بعد عفن رائحتها، ولن تستطيع القوى الأمنية والسياسية أن تنفي وقائع وصوراً ومقابلات رصدت مع موقوفين».
وفي وقت كان المتظاهرون في ساحة رياض الصلح يرفضون حضور أي سياسي أو أي حزبيين في تحركهم، إلا أنه بدا أنهم يفتحون أذرعهم لوجوه قديمة مثل النائب السابق نجاح واكيم والوزير السابق زاهر الخطيب والوزير السابق شربل نحاس والأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة والنقابي حنا غريب وهم المعروفون بإنتماءاتهم السياسية، كذلك فإن منظمي التحرك كانوا بدأوا التنسيق مع التيار الوطني الحر للمشاركة في تظاهرة السبت ولاسيما أن العونيين يتلاقون حالياً مع المحتجين ضد الحكومة بعد انسحاب الوزراء من جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء ومقاطعتهم جلسة الخميس اعتراضاً على إصدار رئيس الحكومة تمام سلام مراسيم عادية لا تحمل تواقيع 24 وزيراً ما يعتبرونه سلباً لصلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي. وهكذا يستفيد المتظاهرون والعونيون معاً من الحجم الشعبي للضغط على الحكومة نيل المطالب، وسيستغل العونيون هذا التحرك لتشكيل حالة ضاغطة في موضوع المراسيم والتعيينات الأمنية. وبحسب مصادر التيار الوطني الحر فإن الشارع سبق كل المبادرات، ولذلك قرر تكتل التغيير والاصلاح العودة إلى التظاهر سواء الخاص أو المشترك، معوّلين على ما سمّوه صدمة انسحاب الوزراء التي فعلت فعلها لدى أهل السرايا فتمّ التراجع عن المناقصات الفضيحة للنفايات وتراجع الرئيس سلام عن إصدار مراسيم جمهورية في غياب الرئيس وأوعز بعد نشر المراسيم السبعين غير الميثاقية وغير الدستورية.
وأمام مخاطر العودة إلى الشارع تتضافر الجهود داخلياً واقليمياً ودولياً لمنع سقوط الدولة من خلال سقوط حكومة الرئيس تمام سلام، وبرز مسعى الرئيس نبيه بري إلى حل وسطي للمراسيم التي وقّعها وزراء من دون وزراء التيار العوني وحزب الله.
واعتبرت أوساط قريبة من 14 آذار أن ورقة استخدام الشارع عادت لتبرز بعدما كانت محظورة حتى الأمس القريب مع التظاهرات المحدودة المفاعيل للتيار الوطني الحر، وقالت إن حزب الله رفع الغطاء عن هذه الورقة متلطياً خلف ملف النفايات، مشيرة إلى أن الحزب يريد توجيه رسالة لمن يهمه الأمر بأن منطق فائض القوة ما زال سارياً ومتحكماً بالاستقرار على الساحة الداخلية، وعلى سائر الفرقاء الانصياع إلى رغباته، وان من يقف خلفه من قوى اقليمية، أي إيران وسوريا، ما زالت ممسكة بزمام الأمور في ساحات المنطقة لا سيما الساحة اللبنانية ومستعدة لتفجيرها إذا ما اقتضت الظروف.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي إشتعلت بالتعليقات حول أبعاد التحركات الشعبية فوضعها بعضهم في خانة القرف من السلطة وتجاهل مطالب الناس وغياب الخدمات من كهرباء ومياه إضافة إلى انتشار الزبالة في الطرقات .إلا أن تعليقات أخرى أسفت لمشهد الشغب والاعتداء على القوى الأمنية وانتقدت نظريات المجتمع المدني والشعارات الرنانة التي ستودي بالبلد إلى الانهيار والمجهول، وكتب أحدهم «فلت الشارع وإن شاء الله ما تتكرّر قصة معروف سعد بصيدا…المطلوب حسم سريع وعدم التوقف عند نظريات وتنظيرات ما يًسمى المجتمع المدني لأنو ما حدن رح يخرب البلد إلا المزايدات والشعارات الرنانة …وبعدين لن ينفع الندم».
وجاء في أحد التعليقات «بدنا نروق بيكفينا مغامرات غير محسوبة…ولا ينفع بعدين القول لو كنا نعلم…وكل هالنقل المباشر وفتح الهواء بيضرّ أكثر ما بينفع …واذا متكلين على هالشتلات حتى يحاسبوا ويعملوا ثورة فمش هيك بتصير الثورات لأنو هودي اصلاً سياسيين معقّدين مجرّبين وفاشلين والمردود عم بيكون عكسي، إحترموا حرية الآخرين برفض الانزلاق إلى المتاهات وإلى الشارع وإلى الفتنة».
إلى ذلك، استمرت التحقيقات لكشف هوية المشاغبين الذين عاثوا في العاصمة خراباً وفساداً والجهات التي تقف خلفهم، كشفت مصادر أمنية مطلعة لـ «المركزية» ان القوى الأمنية عطلت يوم الاحد الماضي خطة مجموعة من الفلسطينيين الذين كانوا يستعدون للانتقال من شمال لبنان في اتجاه وسط بيروت للمشاركة في الاعتصام المقرر في المنطقة على خلفية التشويش على الدعوة التي اطلقت من أجل اعتصام سلمي رفضا لما آل إليه وضع النفايات في لبنان.
مشاركون في التظاهرة وضعوا
وشوم «الإمام علي» والرقم « 313 »
وفي إطار المتابعة لمشاهد الاعتصام والتظاهر في ساحة رياض الصلح، أثارت صور لوشوم على أجسام بعض المتظاهرين العراة في بيروت ترمز إلى الطائفة الشيعية وما فعلوه خلال احتجاجات حملة «طلعت ريحتكم» تساؤلات حول مغزى مشاركة هؤلاء في أعمال الشغب التي شهدت إشعال الحرائق وتكسير الممتلكات وإلقاء الزجاجات الحارقة على قوى الأمن.
وتداولت وسائل الإعلام ومواقع إخبارية صور شاب على ظهره «صورة منسوبة للإمام علي»، والآخر يلبس قلادة على شاكلة «سيف ذو الفقار» للإمام علي، والثالث كتب على ذراعه الأيمن شعار «يا علي مدد»، ولكن بين هذه الرموز ثمة رقم له دلالات في المذهب الشيعي وهو الرقم «313» حيث كان موشوماً بين كتفي أحد المتظاهرين .ولاحظ بعضهم أن هذا الرقم يمكن مشاهدته في تسمية الصاروخ الإيراني من طراز «فاتح 313» والذي أزاحت طهران الستار عنه تزامناً مع اليوم الوطني الإيراني للصناعات الدفاعية، وأعلنت أن مداه يبلغ 500 كيلومتر. ولفت بعضهم إلى أن هذا الرقم يظهر أيضاً على طائرة مقاتلة حملت اسم «قاهر 313» في نهايات حكم محمود أحمدي نجاد، وقيل إن باستطاعتها أن تضاهي مقاتلة «الشبح» الأمريكية، ليتبين لاحقاً أن الطائرة مجرد مجسم تم تصويره في صالة عرض فقط.
وقام موقع «العربية.نت» ببحث الكتروني باللغة الفارسية لمعرفة دلالات هذا الرقم، وأظهر محرّك البحث أسلحة إيرانية وموقع قرصنة إلكترونية ومجلة إلكترونية تابعة لقوات الباسيج التابعة للحرس الثوري ومدونات خاصة باللغة الفارسية تحمل رقم «313» وعادت «العربية.نت» إلى موقع «الحوزة»، (أي الحوزة الدينية بمدينة قم الناطق بالفارسية)، ووقعت على دراسة تتحدث عن «أصحاب الإمام المهدي» أي الإمام الغائب في المذهب الاثني عشري، تؤكد «أن أصحاب الإمام المهدي الخواص الذين سيشكلون أركان القيادة التابعة له عددهم 313 شخصاً».
ويضيف الموقع «أن عدد أصحاب الإمام المهدي المنتظر يماثل عدد الصحابة الذين حضروا معركة بدر وأيضاً أصحاب النبي طالوت أي 313».
سعد الياس
هل يعود مشروع الراحل كمال بك جنبلاط ليوضع على طاولة البحث والمتضمن انتخابات نيابية لا طائفية وعلى اساس النسبية .الى جانبه مجلس شيوخ يحفظ التوازنات وحقوق الطوائف وله الحق بابداء الراي حول قرارات وتشريعات المجلس النيابي ؟
تعليق عميق وممتاز أستاذ حريري ولكن هل فعلا لن يتم التلاعب بانتخابات نيابية ليست على اساس طاءفي بل على اساس النسبية ألن يتم تغيير بنية مناطق بكاملها وما هي ضمانات انتخابات لا طاءفية في مجتمع لا زالت الطائفة هي الحامية الأساس وليست الدولة أنها قبل كل شيء مشكلة وجدان قومي عويصة فمن أين ينبع الحل يا ترى هل ستنجح هذه الصيغة في ولادة لبنان الوطن وليس المقاطعات الطائفية وبالتالي تعلي ثقافة الوطن على ثقافة الانتماء الطائفي والتقوقع على مصالح الطاءفة مع مظلة إقليمية او دولية لكل فريق على طريقة الدول الحاضنة والرائعة للأقليات ام لن تنجح أصلا في مجتمع يمكن للغراءز الطاءفية اذا تم استعمالها ان تجهض اي تحرك او تغيير على هذا الأساس في بلد الأحزاب لها أجهزة أمنية خاصة لها حضور وحصص في الأجهزة الامنية ما يعطي غطاء أمنيا لأكثر من طرف لبنان سينزلق حتما وقريبا إلى الفوضى الخطرة انه لعب على شفير الهاوية والمصيبة أن المجتمع لم يتعافى بعد من امراضه وخاصة الطاءفية فهو ك مريض ضعيف بلا مناعة يريد أن يخوض سباقا لا يتقنه إلا الأقوياء ومن يملكون حصانة ضد الاختراق أين الطريق أرى ظل اما قادما له رعاة كبار واسرار وربما أكبر من حجم لبنان وطواءفه والمنطقة برمتها ولن تجدي معه هذه القناديل الصغيرة البريئة في ساحة الصلح