تركيا تخاطب «الأب الإيراني» بعد شرعنة «الحشد» وتسليمه سلاحا ثقيلا: «حذار من التحريك الديمغرافي»

أنقره ـ «القدس العربي»: يمكن ببساطة رصد التزامن السياسي بين الزيارة المفاجئة لطهران، التي قام بها وزير الخارجية التركي مولود أوغلو برفقة مدير المخابرات هاكان فيدان وبين التشريع الجديد، الذي أقره البرلمان العراقي و«يشرعن» الوجود المسلح لكتائب وميليشيات الحشد الشعبي الشيعي.
أنقرة أبدت أنها طوال الوقت قلقة جدا من تطورات الأحداث في مدينة الموصل في خاصرتها الجنوبية، لكن القلق الأهم له علاقة بتطورات الأحداث في مدينتي تلعفر وجبل سنجار، حيث تحتشد قوات الحشد الشيعي وتحاصر وتقصف المنطقتين، مقدمة أدلة مباشرة على المحظور التركي الأهم وهو العبث بالوضع الديمغرافي في تلك المنطقة.
أنقرة في مخاوفها مما يحصل على حدودها مع العراق لا تقف عند حدود القلق من شرعنة سلاح الحشد الشيعي فقط، بل من أجندة الحشد المتعلقة بتحريك كتل ديموغرافية في تلك المناطق وتحديدا في سنجار وتلعفر الأمر الذي يستهدف أو ينتهي باستهداف العرق التركماني السني في تلك المناطق ويستبدله بمكونات شيعية، والأخطر بالنسبة لتركيا بمكونات كردية معادية، يمكن لوجودها في المنطقة أن يشكل امتدادا جغرافيا على أطراف الحدود للفصائل الكردية التي تنعتها أنقرة بالإرهاب.
على أساس هذه التطورات، خصوصا مع اشتداد القذف بسلاح المدفعية الثقيل لمناطق المكون السني في تلعفر تحركت أنقرة دبلوماسيا وأمنيا في اتجاه طهران في رسالة فسرتها أوساط سياسية عليمة بأنها رسالة تحذير مباشرة للقوة الإقليمية المركزية في المنطقة التي تسيطر على معادلة المؤسسات العراقية والتي تدير عن بعد تمويل وتسليح ودعم ميليشيات الحشد الشيعي.
وعليه يمكن القول إن وجود مدير المخابرات التركي برفقة وزير خارجية بلاده في طهران خطوة تؤشر دبلوماسيا وسياسيا ـ ليس فقط على حجم استشعار الخطر عند الدولة التركية فقط ـ بل أيضا على جديتها في لفت أنظار القوى المركزية في المنطقة والاقليم لأنها لن تقبل بحال من الأحوال لعبة شرعنة سلاح الحشد الشيعي بالتوازي مع إطلاق العنان له لإنتاج حراك ديمغرافي في مناطق النزاع مع تنظيم الدولة الإسلامية.
من هنا تكشف مصادر مطلعة لـ«القدس العربي» النقاب عن ملف أمني مغرق في التفاصيل حمله المبعوثان التركيان إلى طهران مساء السبت ويتعلق باتصالات وعلاقات بين المنظمات الكردية التي تعتبرها أنقرة إرهابية وبين مسؤولين في ميليشيات الحشد.
وتتحدث هذه المعطيات الأمنية عن تنسيق عملياتي بين الطرفين يمكن أن تنتج عنه عملية تطهير عرقي أو حتى تحريك ديمغرافي لكتل ومجاميع كبيرة من المكون السني في مناطق الاحتكاك، الأمر الذي تعتبره أنقرة من خطوطها الحمراء.
المصدر نفسه يكشف أن رسالة تركيا لإيران تطالبها بالتدخل وترفع شعار (نرجو أن لا تجبرونا على التدخل في الميدان).
وتطالب أنقرة بتنحية ميليشيات الحشد الشيعي عن المعارك والمواجهة في تلك المناطق وباقتصار العمل العسكري ضد إرهاب داعش على الجيش العراقي الرسمي وأهل وأبناء المناطق السنية المسلحين.
كما تطالب بالسماح لها بالمساعدة في تشكيل قوى محلية للإدارة في المناطق، التي يطرد منها تنظيم «الدولة الإسلامية» على أن تضمن حكومة بغداد استمرار تزويد هذه المناطق بالخدمات حتى لا يحصل فراغ أو نزوح جماعي وعلى أن لا تبقى ميليشيات الحشد الشيعي لتملأ الفراغ.
وما زالت أنقرة متخوفة من سيناريو التحريك الديموغرافي الجماعي في المدن الحدودية مع العراق بضغط سلاح وإرهاب الميليشيات الشيعية. وعبرت أنقرة في وقفتها الطارئة المفاجئة مع طهران عن مخاوفها من نتائج قرار المجلس الوطني بشرعنة وقوننة الميليشيات الحشدية.
في المقابل لا تبدو رسائل التوضيح الإيرانية قادرة على تبديد القلق التركي فوزير الخارجية محمد ظريف أبلغ نظيره التركي أن بلاده ليست معنية بتوفير غطاء سياسي لحركة ديموغرافية كبيرة في مناطق شمال العراق وليست معنية بتهديد الأمن القومي التركي.
ظريف شرح أيضا وفقا لما تسرب من أنباء ومعلومات أن قرار البرلمان قوننة سلاح الحشد يضمن ادماج هذه القوات بتراتبية الجيش العراقي ومؤسسته، مما يعني تحليها بالانضباط وضبط ايقاعها والتخفيف من اندفاعها لتصفية الحسابات الثأرية والطائفية بدلا من إغراق العراق في السلاح والفوضى.
وتعهدات الجانب الإيراني بأن لا يسمح لمجموعات منفلتة أو متهمة أو لها سجل سابق بالعنف بالتحرك والثأر في المناطق السنية طرحت على المبعوثين التركيين الرفيعين.
رغم ذلك تحتفظ أنقرة بارتيابها وترى أن زيارة أوغلو ومدير مخابراتها المفاجئة والمباغتة لطهران حققت غرضها الأساسي وهو التحذير والإبلاغ والتحدث مباشرة لـ«الأب الإيراني» الراعي لكل ما يحصل في العراق.

 تركيا تخاطب «الأب الإيراني» بعد شرعنة «الحشد» وتسليمه سلاحا ثقيلا: «حذار من التحريك الديمغرافي»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سليم من الجزائر:

    تركيا كانت قصيرة النظر عندما سمحت لكل من هب ودب بالدخول الى سورياودخول الاسلحة ايضا سوريا كانت امنة مطمئنة وكان الاكراد تحت سيطرة الاسد ولم تتعظ بانفصال اكراد العراق بعد ذهاب صدام زهاهي الان تجني مازرعته في سوريا ولن تستطيع ان تفعل شيئا لانها وقفت ضد نظام لم يؤذها يوما

  2. يقول الصوفي الجزائر:

    الى سليم من الجزائر هذه المعلومات ارجوا تركها لموضوع يتناسب ورؤيتك اما هنا فاننا نتكلم عن منظومة طائفية تحتكم لاوامر ايران لديها اهداف انتقامية وتوسعية وضرب المكون السني وان لم نقف لها بالمرصاد فسياتي يوما وتطرق بابك في الجزائر ما احترامي وتقديري لك

  3. يقول بهرام:

    أكبر مصدر للانخداع بإيران صانعة جيش الحشد الشيعي ( ج . ح . ش ) هو التقية التي تعتبر عندها تسعة أعشار الدين ، وبابا من أبواب التقرب إلى الله ، ( فمن لا تقية له لا دين له ) . وجوهر التقية هو أن تسمع الآخرين ما يحبون سماعه ، وأن تكذب عليهم ، وتنافقهم ، وتخدعم ، وأن تخفي غير ما تظهر. فمثلا تؤسس فيلق القدس فيظن السذج أنه لتحرير القدس وليس لتدمير حلب وصنعاء والموصل وغيرها، وتقول إن السنة هم (أنفسنا ) ، وتعمل على ابادتهم ، وتهاجم (الشيطان الأكبر) وتقول الموت له ، ولكنها تتحالف وتنسق وتحيك المؤامرات معه ، وتحرم مقاومته ، وتتكلم عن تحرير الأقصى وتقول إن الأقصى ليس في فلسطين بل في السماء ، وتدعي المقاومة دون أن يسقط لها (شهيد) واحد في فلسطين ، وتحرم سب الصحابة وإهانة رموز الإسلام علنا ، وتحرك أدواتها سرا لتكفيرهم ، وتصدع رؤوسنا بخطاب الأخوة الإسلامية ، ولكنها تفتت سوريا والعراق واليمن ولبنان ودول الخليج العربي ، وتجيش الجماعات وترصد الأموال لنشر الصفوية . ولذلك تجد المخدوعين بها كثر لأنهم يصدقون ما يقول لسانها وأبواقها ، ويجهلون او يتجاهلون ما تفعله !!

  4. يقول سمير عادل المانيا:

    تركيا لعبت بالنار بسماحها لمن هب ودب بدخول سوريا لمحاربة النظام السوري واسقاطه لكي يتسلم الاخوان المسلمون بعد ذلك الحكم في سوريا ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن اردوغان فالقوة الكردية باتت على وشك السيطرة على كل مناطقها واقامة منطقة حكم اداري كردية ولاحقا دولة وهذا ما يقلق تركيا لانه بالنتيجة سيقوم اكراد تركيا بنفس الامر وسيكون لهم سند قوي من العراق وسوريا اما خوف تركيا على تركمان تلعفر او اهل السنه في تلك المناطق فهو امر لا يعنيها فتركمان تلعفر الشيعة تعرضوا لالابادة والتهجير ولم تحررك ساكنا.كل ما في الامر أن زيارة وزير الخارجية الايراني هو لعدم تعرض معسكر بعشيقة التي يتواجد فيه الجيش التركي لهجوم من حزب العمال او ميليشيا الحشد الشعبي بسبب رفض تركيا مرارا بالانسحاب منه وهي تخشى أن يتعرض جنودها لالابادة هناك ولا تريد ان تظهر بمظهر الذي لا حول له وقوة.فهي منعت من المشاركة بحرب الموصل والرقة رغم طلباتها المستمرة

  5. يقول سامي حداد . العراق:

    حقيقة واضحة هي تسمية العراقراصبحت من الماضي وهو اليوم مجزأ بين نفوذ ايران وامريكا وتركيا وتبادل الزيارات هذه يجري لتثبيت الحدود بين الدويلات التي ستتم ولادتها بديلا للعراق القديم وايران وتركيا شركاء امريكا بمشروع الشرق الاوسط الجديد لاعادة تقسيم الوطنوالعربي طائفيا وعرقيا خدمة لمصالح امريكا ولتخقيق سلامة وامن اسرائيل

  6. يقول عدنان عزيز:

    تتهمون الحشد الشعبي بالشيعي صحيح ولكنكم نسيتم ان جميع الارهابيين من السنه الذين سلموا مدنهم الى داعش ماهو الحل ينتظر الشيعة ان يقتلون ويعدمون ويبادون ولايهبون بالدفاع عن انفسهم انتم من قتل وفجر وهجر اي ان جميع السنه بالعراق متعاونون مع اعش بل هم قتلة ومجرمون واقسم لو عرف سنة العراق ان الله شيعيا لاصبحوا جميعهم في ظرف خمسة دقائق كفره .
    نقدم الشهداء تلو الشهداء وانتم تقدمون التسهيلات للشيشاني والقوقازي والمغربي والصيني وكل مجرم وتزوجونهم النساء وتهتك الاعراض وانتم تتفرجون .

  7. يقول مراقب.المانيا:

    المثل القديم يقول ( من يضحك اخيرا يضحك كثيرا. ) . على السيد اردوغان أن يشتري قيثارة ويقوم بالعزف. ليس على حرق روما .كما فعل يوليوس قيصر ولا على حرق تركيا لا سمح الله . عليه العزف ويعيد قراءة التاريخ .العرب لن يكون
    خاضعين للعثمانية الجديدة ولا لغيرهم ..أبواب النار الزعيم التركي فتحها. لكن السؤال من يقفلها.حتما ليست قيثارة يوليوس قيصر مهما عزف.

  8. يقول Passerby:

    كان على تركيا أن تضع كل ثقلها و منذ بداية الثورة للإطاحة بالنظام فهي تعلم أنه نظام طائفي دموي فاجر لا يتورع عن شيء ولم يكن هذا يكلًفها الكثير أما الأن فقد تأخر الأتراك كثيراً جداً والذي يصل متأخراً غالباً لا يحصل إلا على الفتات. الدليل على ذلك أنه في عام 1998 عندما هدد رئيس الوزراء التركي مسعود يلماظ المقبور حافظ الأسد تهديداً حاسماً بتسليم الإرهابي عبد الله أوجلان وإن لم يفعل فسوف يغزو الجيش التركي دمشق, فهم المقبور الرسالة الحازمة الحاسمة وخر من الخوف وفعلاً طرد أوجلان من سوريا والذي جلبه الأتراك لاحقاً بالتعاون مع الصهاينة. مع أنه في عام 1998 كان النظام الأسدي في أوج علاقته مع الفرس الذين خنسوا ولم يحركوا ساكناً لمساعدة صديقهم!

  9. يقول عادل:

    تركيا وضعت خطوط حمراء كثيرة وتم تجاوزها، ولذا فان ايران تعلم انها لن تتدخل حتى وان احتل الحشد الشيعي سوريا باكملها. اخطأت تركيا عندما لم تتدخل قبل الروس. وعندما لم تزود المعارضة باسلحة مضادة للطيران. وهاهي تحصد النتائج. اما بخصوص الارهابيين الذين دخلوا الى تركيا. فهؤلاء اتوا من اوروبا وقد كانوا تحت المراقبة. اي ان الغرب ارادوا جمعهم في سويا. وبالتالي لاتتحمل تركيا وحدها مسؤولية دخولهم. وبخصوص العراق فلا سيادة ولا يحزنون فقد اصبح ولاية ايرانية بامتياز. لذا اكملوا مشروع ايران ولا تحدثوا الناس بما لايعقل.

  10. يقول zaki:

    تركيا العثمانية زرعت الطائفية و المذهبية في سوريا والعراق وهي الآن تحصد ما زرعته هناك
    فالكل اصبح يتحدث بالطائفية والمذهبية حتي أمريكا

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية