هل سيعيد وزير الخارجية الأمريكي الجديد التفاوض على التفاهمات الأخيرة حول منبج؟

حجم الخط
1

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تترقب تركيا بشكل كبير ارتدادات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون على علاقاتها مع واشنطن حيث تزدحم عشرات الأسئلة داخل الأروقة السياسية التركية أبرزها تركز على الآثار المتوقعة للقرار على العلاقات التركية الأمريكية، وما إن كان الوزير الجديد سيعيد التفاوض على التفاهمات الأخيرة التي توصل إليها الجانبان مؤخراً حول منبج وشمالي سوريا بشكل عام.
وبينما كان كبار المسؤولين الأتراك يحبسون أنفاسهم بانتظار اللقاء الذي كان مقرراً بين وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ونظيره الأمريكي ريكس تيلرسون في التاسع عشر من الشهر الحالي في واشنطن للتوقيع على ما أطلق عليه «خريطة الطريق» للتفاهمات التي تم التوصل إليها حول سوريا، جاء خبر إقالة تيلرسون صادماً لتركيا ربما بدرجة أكبر مما كان عليه للوزير نفسه الذي قال مستشاروه إنه علم به من خلال تغريدة ترامب على تويتر.
وعقب سنوات طويلة من الخلافات التي وصلت ذروتها في الأسابيع الأخيرة، تم الاتفاق على تشكيل لجان مختصة لحل الخلافات التركية الأمريكية خلال زيارة تيلرسون لأنقرة الشهر الماضي، وعقب اجتماعات استمرت ليومين في واشنطن، جرى الحديث عن التوصل إلى تفاهمات هامة حول وضع منبج والوضع في شمالي سوريا بشكل عام.
وحسب ما كشف جاويش أوغلو، فإن هذه التفاهمات تنص على طرد مسلحي الوحدات الكردية من منبج ونشر مكانها قوات أمريكية وتركية لتكون نموذجاً يطبق على باقي المناطق في شمالي سوريا في حال نجاحه، بالإضافة إلى تفاهمات حول التعاون على إرساء الأمن والاستقرار في سوريا.
وبعد أن توقع الأربعاء، أن لقاءه الذي كان مقرراً مع تيلرسون قبيل إقالته ربما يتأجل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، الخميس، أن اللقاء تم تأجيله بالفعل وذلك بسبب إقالة تيلرسون، دون تحديد موعد جديد للقاء التي تنتظره تركيا بفارغ الصبر.
الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين، استبعد في تصريحات تلفزيونية الخميس، أن تتراجع الولايات المتحدة عن التفاهمات التي جرى التوصل إليها مع تيلرسون حول منبج، قائلاً: «من غير الممكن أن يكون وارداً تراجع الولايات المتحدة عن التفاهمات الأخيرة مع تركيا».
وقال قالين: «توصلنا إلى خارطة طريق جيدة مع أمريكا، وننتظر الآن خطوات عملية من واشنطن ووضع جدول زمني لتنفيذ كل ما جرى التفاهم عليه»، مضيفاً: «يجب الإدارة الأمريكية أن تختار بشكل نهائي حليفها، إما تكون حليف لتركيا أو المنظمات الإرهابية».
وما زاد من المخاوف التركية من الوزير الجديد، ما نشرته وسائل الإعلام عن مواقفه السابقة تجاه تركيا، حيث أبدى «مايك بومبيو» مواقف عدائية مباشرة تجاه تركيا، وكتب في العديد من تغريداته على تويتر ضد أنقرة والرئيس رجب طيب أردوغان ووصفها بـ«الجمهورية الديكتاتورية المتشددة».
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الذي شدد، الأربعاء، على أن العلاقات التركية الأمريكية غير مرتبطة بالأشخاص، أكد لاحقاً على أن «كيفية تطور العلاقات بعد إقالة تيلرسون من منصبه، مرتبطة بالجانب الأمريكي»، مضيفاً: «الخطوط الحمراء بالنسبة لتركيا واضحة، ونحن نقوم بما يلزم في مسألة مكافحة الإرهاب حتى لو كانت أمريكا وراء ذلك.. ينبغي على أمريكا ألا تحمي زعيم منظمة غولن، الذي حاول تغيير النظام الديمقراطي في تركيا بقوة السلاح، كما ينبغي عليها أن تظهر موقفًا واضحًا تجاه الإرهاب الذي يشكل تهديدا ضدنا، وتتخلى عن التعاون مع الإرهابيين».
ومساء الأربعاء، جدد الرئيس التركي هجومه على الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنها «أرسلت قرابة خمسة آلاف شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر إلى «ب ي د» في سوريا، وأنشأت 20 قاعدة عسكرية لها هناك»، متسائلاً: «لماذا توجد كل تلك القواعد؟ يتبادر إلى الذهن أنها إما ضد تركيا أو إيران».
وفي حين أشارت المصادر الأمريكية إلى أن إقالة تيلرسون مرتبطة برغبة ترامب في إتباع سياسية متشددة أكثر اتجاه إيران، تخشى تركيا بقوة أن يتحول الملف الإيراني إلى معيار لتحسين العلاقات أو تراجعها مع أمريكا، فعلى الرغم من الخلافات الجوهرية بين أنقرة وطهران، إلا أن تركيا لا ترغب في دعم جهود أمريكية لضرب إيران أو زعزعة استقرارها خشية مزيد من الفوضى في المنطقة وتعزيز نفوذ الوحدات الكردية في إيران كما حصل عقب الفوضى في سوريا والعراق.
كما يتخذ الوزير الأمريكي الجديد موقفاً متشدداً اتجاه روسيا التي تتعاون معها أنقرة بشكل فاعل في السنوات الأخيرة لا سيما في الملف السوري وشراء منظومة إس 400 الدفاعية من موسكو، وهو ما قد ينعكس على علاقات الوزير الجديد بأنقرة التي تخشى أن يربط تطوير التعاون معها بوضع حد لتعزيز العلاقات مع موسكو.
يقول الكاتب التركي «روفيز حافظ أوغلو» في مقال له حول طبيعة العلاقات التركية الأمريكية في المرحلة المقبلة: «لن يكون لتعيين بومبيو وزيرا للخارجية الأمريكية تأثير إيجابي في الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك الصراع العسكري في سوريا. ومن المرجح أن يترافق تعيينه مع بدء الولايات المتحدة في إتباع سياسة أكثر صرامة في المنطقة»، مضيفاً: «أما بالنسبة للعلاقات المستقبلية بين تركيا والولايات المتحدة، فمن المرجح أن تطغى عليها أزمات جديدة».
وكتب مليح ألتنوك في صحيفة «صباح» عن الوزير الجديد، وقال: «أنقرة كانت حتى الأمس تواجه سياسة خارجية أمريكية بقيادة تيلرسون أكثر انسجامًا وأقل عدوانية نسبيًّا، أما الآن فهي ستتعامل مع فاشي اعتبر انقلابيي تنظيم غولن «دعاة حداثة» وقدم الدعم لهم خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016».
وأضاف: «ما ينمي الأمل في نفوسنا هو أن تركيا أصبحت قادرة على اللعب وفق سياسة خارجية عالمية متغيرة بسرعة نشر تغريدة على تويتر.. وأنها لم تعد تصيغ علاقات التحالف أو التضاد وفق أهواء من يطالبون باستراتيجيات خمسية أو عشرية أصبحت من مخلفات الحرب الباردة».

 هل سيعيد وزير الخارجية الأمريكي الجديد التفاوض على التفاهمات الأخيرة حول منبج؟
مستقبل العلاقات التركية الأمريكية عقب الإطاحة بتيلرسون
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول زاكروس عثمان:

    عادة ما تكون تصريحات السياسيين ومواقفهم نارية وحين يستلمون المنصب يتحولون إلى حمائم فهل سكرتير الخارجية الامريكية الجديدة سوف يكسر القاعدة ويضع حدا لغطرسة تركيا

إشترك في قائمتنا البريدية