يشار كمال.. عزيز نيسين.. يلماز غوني: الأدب التركي الحديث بين الرواية والمسرحية والسينما

 

لا شك أن النتاجات الإبداعية للمبدعين الكبار في الأدب التركي: يشار كمال وعزيز نيسين ويلماز غوني، كانت وما زالت من عيون الآداب والسينما عالميا، فما الانطباعات والملاحظات التي تم تسجيلها في مراحل سبقت رحيلهم الجسدي، من هذه الدنيا تباعا منذ ثمانينيات القرن الماضي؟
في 28 شباط/فبراير من هذا العام، توفي الكاتب التركي الكبير والشهير يشار كمال، بعد أن عاش نحو 92 عاما (مواليد العام 1923) وكان مرشحا دائما لجائزة نوبل للآداب عن كل ما كتبه وأبدعه من قصص وروايات – خاصة روايته الملحمية (محمد الناحل) والموزعة على أربعة أجزاء . كما أن سجل حياته الحافل احتوى على مواقف شجاعة ضد الظلم والتمييز والاقطاع والاضطهاد القومي والديكتاتورية. ما جعله يتعرض كثيرا للاضطهاد والتهميش والاعتقال من قبل السلطات الحاكمة في بلاده.
ولأن عنوان المقال هو «حكايات من وعن» فإنني أسجل ما عرفت وقرأت وسمعت، وما واجهت وأنا أسعى إلى مقابلة شخصيات مهمة في الأدب والسينما في تركيا في ثمانينيات القرن الماضي؛ إذ أنني تابعت منذ سبعينيات القرن الماضي قراءة أغلب ما كان يقع بين يدي، من كتابات ونتاجات مترجمة إلى اللغة العربية لثلاثي مهم في القصة والرواية والشعر والمسرح والسينما في تركيا. أعني بالثلاثي هنا: يشار كمال وعزيز نيسين ويلماز غوني. وكانت أغلب الترجمات والنشر تتم في سوريا والعراق، بحكم الجوار وبحكم وجود أعداد من المترجمين الذين يجيدون التركية والعربية معا. يليهما الترجمات والنشر في لبنان عن ما ينشر من الأدب التركي في فرنسا، وكذلك ما كان ينشر في القاهرة والكويت.
علي التذكير في هذا المجال، أنني قرأت دراسة مطولة عن الأدب التركي كتبها الدكتور إبراهيم الداقوقي في مجلة (عالم الفكر) الفصلية (1982) التي كانت تصدر عن وزارة الإعلام الكويتية في تلك الفترة، من بين ما لفت انتباهي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، الرواية الملحمية «محمد الناحل» ليشار كمال التي نشرت وترجمت في بلدان عدة عشرات المرات، والتي أعادت دار الهلال في القاهرة نشرها في السنوات الأولى من هذا القرن بترجمة فيها هنات كثيرة، بعد أن كانت ترجمت من الفرنسية ونشرت في بيروت في سبعينيات القرن الماضي، واعتقدت دار الهلال في البداية أنها رواية جديدة، لأنها كانت بعنوان «محمد يا صقري» ليتضح لي انها الرواية نفسها.
كما ولفتت انتباهي رواية «صالبا» أي المهلهل بالعربية ليلماز غوني، الذي كان شاغل السينما التركية ثم العالمية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. كما أن قصص ومسرحيات عزيز نيسين كانت تأخذ حيزها المهم في الأدب الساخر عالميا أيضا. كذلك أشير هنا إلى أنني لم أقرأ مجموعة قصصية مترجمة من التركية إلى العربية، إلا ووجدت للأسماء الثلاثة قصة أو أكثر منشورة فيها.
هكذا وعندما حانت الفرص، وأخذت أوالي زياراتي إلى تركيا، من أجل كتابة استطلاعات معينة عن معالم فيها، بتكليف من مجلة «العربي» الكويتية، فإنني أخذت أسعى إلى مقابلة تلك الأسماء التي قرأت لها وعنها. كان يلماز غوني (1937 – 1984) الأكثر من بينهم ملاحقة واعتقالا من قبل السلطات الرسمية، حيث وصل مجموع السنوات التي أمضاها في السجن نحو 11 عاما في فترات متفرقة من سنين عمره القليلة – نحو 47 سنة – ولم يمنعه السجن من متابعة نشاطه الإبداعي، إن كان في الكتابة القصصية والروائية، أو في النشاط السينمائي الأثير لديه، حيث أخرج من خلال توجيه زملائه وهو في السجن عدة أفلام، نال معها نحو 17 جائزة وتنويهات إيجابية عدة.
من بين المئة وعشرة أفلام التي كتب السيناريو لها وأخرجها ومثل فيها، نال فيلم «الطريق» السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي في العام 1982، بعد أن تسلل من سجنه لاجئا إلى فرنسا في العام 1981، نشر مئات القصص القصيرة ونشرت له أربع روايات، من بينها «الأعناق المنحنية» أو ماتوا ورؤوسهم منحنية، التي حازت على جائزة أورهان كمال في العام 1970، وهي أرفع جائزة أدبية في تركيا. كما ونشرت له رواية «صالبا» أو غرفة سجني، التي أخذت حيزها الواسع بالشهرة والانتشار والترجمة.
لم أتوقف عن السؤال الملح المتعلق بإمكانية الالتقاء بالكاتب الكبير يشار كمال، سألت وأنا في اسطنبول وألححت، وكذلك في بورصة وأزمير وديار بكر، وحتى وأنا في جبال سعرت في جنوب شرق تركيا، كنت أسأل وأستفسر عنه وعن أعماله وحياته، وعن إمكانية الوصول إليه، وكان الجواب في أغلب الأحيان يأتي بأنه قلما يأتي إلى اسطنبول والأناضول، وخصوصا مدينة أضنة التي يقيم فيها بعيدة من هنا، ويحتاج الأمر إلى ترتيبات واتصالات، وقد يكون في بيته وقد لا يكون، وربما هو على سفر خارج البلاد، وربما هو مريض. فالمسافات بعيدة من هنا وشاقة، وتحتاج إلى أيام عدة كي تصل، وأنت في زيارة محدودة الأيام، وهدفك الأساس هو زيارة معالم وأماكن محددة في مهمتك الصحافية.
كنت أحاول إقناع نفسي بأن هناك أسبابا موضوعية تحول دون إتمام مهمة مقابلة الكاتب الكبير، لكن الأسئلة التي كنت أسمعها عن سبب اختياري أسماء معينة من الأدباء، خصوصا وأن توجهاتهم كانت تحسب على الاعتراض والمعارضة؟ وكنت أجيب أنني قرأت لهم كل ما وقع بين يدي مترجما إلى العربية من مؤلفات. وكان الجواب يأتي ولماذا لم تقرأ لأسماء أخرى؟ لأكتشف في النهاية أن تعطيل مقابلتي ليشار كمال، تعود إلى أن أصوله القومية تعود إلى الكردية، وأنه محسوب على المعارضة، وله مواقفه المعلنة المطالبة بإحقاق الحقوق الكردية، ومن بينها استعمال اللغة الكردية وإنماء ثقافتها القومية، وأن لدى بعض الجهات حساسيات وتعصبا ضد ما يطرحه الأكراد من مطالب. وقد لمست ذلك من خلال ما كان يحصل لمرافقنا التركي الكردي الشاب الذي كان يعود من بعض الدوائر التي كنا نحتاج إلى مساعدتها غاضبا/محمر الوجه، مستاء، وتكاد الدموع تفر من عينيه، إلا أنه كان يكظم غيظه، ولا يجيب بوضوح وصراحة عما سمعه وما قيل له، وهو بحاجة إلى وظيفته التي قد يفقدها إذا ما أعلن عن استيائه واستنكاره في تأدية وظيفته وواجبه الرسميين.
فماذا ذكر عزيز نيسين الذي صدر له نحو 90 كتابا، مع أنه بدأ النشر عندما بلغ الأربعين من عمره (مواليد 1915) وتوفي في العام 1995؟
عن السخرية التي ميزت أغلب نتاجاته، يقول: «أن تراثنا التركي ملئ بالأدب الساخر، وناصر الدين خوجا الذي يقابل جحا في تراثكم هو شخصية حقيقية عندنا، وهناك تاريخ معلوم لحياته ومماته. كما أن الحياة التي عشتها وعايشتها مليئة بالمفارقات والمضحكات المبكيات. أما في ما يتعلق بالجوائز التي نالها عن بعض نتاجاته، وما يروج في الإعلام عن ترشيحه وترشيح زميله يشار كمال لجائزة نوبل للآداب، فقد كتب: « عندما أكتب، فإنني لا أفعل ذلك من أجل الحصول على جائزة، أية جائزة كانت، أنا أكتب لأن دوري في الحياة هو الكتابة، والكتابة عن حالات إنسانية تقتضي أن يكون موقفي في الحياة متوافقا مع ما أكتب، أي أن يكون ضد الظلم والكبت ومصادرة الحقوق والحريات. إن الكاتب في النهاية لا يكتب ولا يعيش دوره وحياته من أجل الحصول على جائزة».
أما في ما يتعلق بما قرأه من وعن نتاجاتنا الثقافية، فقال: «قرأت للفردوسي ودواوين شعرية عدة لأشهر الشعراء العرب. وقرأت كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة، واستفدت الكثير منها، ومع ذلك هناك مشكلة تتعلق بترجمة الأثر العربي إلى التركية، والمترجم قليل في هذا المجال. وأضاف: هل تصدق أنني لم أصادف في بلادنا إلا رواية واحدة مترجمة لنجيب محفوظ، وبعض الدواوين لمحمود درويش ومعين يسيسو، وبعض القصص المترجمة في الصحف لغسان كنفاني، والقليل القليل غيرها». وكعلاج لهذا الأمر، اقترح إقامة علاقات شخصية بين المبدعين وتخريج مترجمين أكفاء، وتحدث عن مواضيع أخرى عديدة.
الجدير بالذكر أن عزيز نيسين من أصول قومية تركية، ومع ذلك فقد تعرض كزملائه الآخرين من قوميات أخرى للملاحقة والاضطهاد والإبعاد والتهميش والاعتقال، حيث أمضى نحو خمس سنوات متفرقة في السجون. وكان عندما قابلته ممنوع من السفر، مع أنه كان على رأس اتحاد الكتاب الأتراك، وحاصل على عشرات الجوائز العالمية والمحلية بسبب كتاباته الإبداعية.

سليمان الشّيخ

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    تحية اجلال واكبار للسيد الوزير المحترم نحل شاعر الثورة المجيدة إنّه لمن دواعي الفخر أن أرفع قلمي لأخط لك هذه الكلمات التي ليس لها صلة بالموضوع ولكن أردت أن أغتنم الفرصة لتصلك هذه الرسالة لأنني لم أجد سبيلا لمراسلتك …والموضوع المراد التنبيه له هو:((شهيد العلم مالك بن نبي))
    سيدي الوزير المحترم كما تعرف ونعرف أنّ العلامة((مالك بن نبي)) قد همّش اعلاميا حتى نجد من طلابنا من لايسمع بذكره ناهيك غن جنسيته وذلك بفعل فاعل ربما مرده لحقبة سابقة ومواقفه الجريئة والعلمية التي كان يتمبز بها في وقت كان مسار التفكير أحادي ومنذ ذلك الوقت علا اسمه مسحة من غبار النسيان فنسي ولم يعد أحد يفكر فيه ولو بمقال أو تحقيق صحفي لا من قبل الاعلاميين ولا من قبل أهل الاختصاص من أهل العلم والادب ..
    سيدي الوزير نداء اريده أن يصل مسمعك ويعيه فكرك ويرق له قلبك أن تنورنا بما وهبك الله من علم وافر وقلم نير بموضوع حول حياة((شهيد العلم مالك بن نبي))
    في الاخيرة معذرة إن أثقلك عليك فإقتراحي مجرد صرخة من أجل اعادة الاعتبار لرجل يستحق هذه الاهمية ….
    عذرا سيدي الوزير
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله
    عن/بولنوار قويدر-تخمارت-تيارت-الجزائر

    1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

      السلام عليكم
      معذرة سيدي بقد تشابهت عليّ الاسماء وحسبتك السيد سليمان الشيخ وزير التربية الجزائري السابق فرفعت لك هذا الانشغال فمعذرة …وتقبل عذري ..ولك اسما الاحترام والتقدير سيدي

إشترك في قائمتنا البريدية