بيروت ـ «القدس العربي»: استغل إعلام «8 آذار» وثائق «ويكيليكس» المسربة من وزارة الخارجية السعودية ليهاجم فريق «14» آذار وليتحدث عما أسماه «حجم استجداء بعض الشخصيات السياسية في لبنان التي ترفع شعارات الحرية والسيادة والاستقلال، للمال السعودي»، ما دفع بأعضاء في فريق «14 آذار» إلى الرد والقول إن من يقبض الأموال من إيران وسوريا ويصبح من أصحاب مئات الملايين يعتقد أن الجميع رخيصو النفوس مثلهم يمكن شراؤهم بالمال.
وكانت صحيفة «الأخبار» المقربة من «حزب الله» نشرت عدداً من الوثائق الديبلوماسية السعودية التي لم يتأكد مدى دقتها وتضمنت بحسب الوثائق أحاديث عن طلب أموال من المملكة.
وبحسب برقية أرسلها السفير علي عواض العسيري إلى وزارة خارجية بلاده يوم 23/4/1433 هجري (17/3/2012 ميلادي)، كتب السفير أنه استقبل «السيد إيلي أبو عاصي، موفداً من قبل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وتحدث عن صعوبة الأوضاع المالية التي يعيشها حزبهم ووصلت إلى حد باتوا عاجزين معه عن تأمين رواتب العاملين في الحزب، وتكاد تصل بهم الأمور إلى العجز عن الوفاء بتكاليف حماية رئيس الحزب سمير جعجع، ولاسيما في ظروف المواجهة التي يعيشونها من جراء مواقف بعض الزعامات المسيحية، كالجنرال ميشال عون والبطريريك الماروني، المتعاطفة مع النظام السوري. وأشار إلى انه وصل بهم الامر إلى حد ان السيد سمير جعجع جاهز للسفر إلى المملكة لعرض وضعهم المالي المتدهور على القيادة في المملكة».
وبعد هذا التقديم، يبدأ العسيري في التحدث عن محاسن «القوات اللبنانية» كونها «بقيادة الدكتور سمير جعجع القوة الحقيقية التي يعول عليها لردع «حزب الله» ومَن وراءه في لبنان». ثم يوصي رؤساءه «بتقديم مساعدة مالية» لجعجع، «تفي بمتطلباته، ولاسيما في ضوء مواقف السيد سمير جعجع الموالية للمملكة والمدافعة عن توجهاتها». ويختم العسيري تقريره عن لقاء أبو عاصي بالقول: «إن جعجع هو الاقرب إلى المملكة بين الزعامات المسيحية وله موقف ثابت ضد النظام السوري، وفوق ذلك فهو يبدي استعداده للقيام بما تطلبه منه المملكة».
وتتحدث إحدى الوثائق عن دعم مادي محطة MTV على أن تكون في خدمة المملكة إعلامياً وتقنياً»، وأفادت أن رئيس مجلس إدارة المحطة ميشال غبريال المر وضع محطته «إعلامياً وتقنياً وسياسياً» بين أيدي النظام السعودي لقاء دعم مالي حيث طلب في بداية الأمر ٢٠ مليون دولار من المملكة، لكن السعوديين وافقوا على مليوني دولار مقسطة على سنتين ومرفقة بلائحة شروط ومطالب أهمها: «التزام القناة بتوظيف إمكاناتها الإعلامية والتقنية لخدمة المملكة، وذلك عبر رسائل إعلامية واضحة.
كما لفتت وثيقة أخرى إلى أن الصحافي عوني الكعكي كان خلاقاً وابتكر وسيلة «ذكية» في طلب المال من المملكة حيث اختار الكعكي الذي أصبح نقيباً للصحافة أن يضرب على وتر «إيران ــ حزب الله»، فأرسل إلى خادم الحرمين الشرفين رسالة عبر السفارة السعودية في بيروت ينبهه فيها إلى أن «إيران تمد حزب الله بمليار دولار سنوياً، وأنها صاحبة مشروع خطير يطاول لبنان والمنطقة برمتها مع إسرائيل «. وحرص الكعكي على التأكيد للملك أنه صاحب موقف ثابت وعنفوان، إذ أنه «رفض العروض المغرية المقدمة له من قبل سوريا ـ قطر ـ إيران»، مشيراً إلى «أن صحيفته تعاني من تراكم ديون تجاوزت ثلاثة ملايين دولار».
وفي الوثائق المسربة استياء رئيس الوزراء السابق سعد الحريري مما يكتبه صحافيون ضده في صحف سعودية بارزة، حيث حمل معه نسخاً عن تلك المقالات إلى السفير السعودي في بيروت وأبرزها بقلم داوود الشريان في «الحياة» وعبد الرحمن الراشد في «الشرق الأوسط»، وكما تشير برقيتان حول هذا الموضوع يبدو أن الحريري سمع من خصومه وأتباعه كلاماً يغمز من قناة علاقته بالمملكة، ويثير التساؤلات حولها، وخصوصاً أن المقالات التي تنتقده نشرت في صحف سعودية. أما رد السفارة في بيروت على شكاوى الحريري، فكان أنها ترى أن «من المناسب وقف مثل هذه الكتابات التي لا تخدم الأهداف المنشودة للمملكة».
وتظهر البرقيات أسماء عدد لا بأس به من الصحافيين اللبنانيين الذين دأبوا على الطلب مباشرة من المملكة دعماً مالياً. من بين هؤلاء عبد الناصر شرارة الذي طلب عبر السفارة في بيروت «دعم نشرة أصفار» التي يصدرها. وبعد إرسال نبذة عن الصحافي الذي عمل سابقاً في جريدة «الأخبار» والذي «لا يوالي ولا يعارض حزب الله» كما ورد في البرقية، اقترحت السفارة أن تعتذر المملكة عن دعم نشرة شرارة، لأنه «يتلقى اشتراكات عديدة من ضمنها اشتراك وزارة الثقافة والإعلام بمبلغ مقبول جداً».
وفي احدى برقيات وزارة الخارجية السعودية، أبدى النائب وليد جنبلاط رغبة بزيارة المملكة والتشرف في مقابلة المقام الكريم أو من يراه، وينقل السفير ان جنبلاط لم يعد متفقاً مع توجهات النظام السوري بل له مواقف في صالح المعارضة السورية، وانه من المناسب إشعاره بتقدير المملكة عن توجهاته الحالية التي تصب في مصلحة حلفاء المملكة.
لكن اللافت من ضمن الوثائق المسربة ما أفادت به وثيقة سرية مسربة على موقع «ويكيليكس» إلى ان السفير السعودي في لبنان، أطلع وزير الخارجية السعودية على معلومات من مصدر مقرب من «حزب الله». وتفيد هذه المعلومات ان مجموعة من المجلس السياسي في «حزب الله» تحدثوا عن ان المملكة هي اللاعب الاساسي في سوريا، لكنهم قادرون على الرد عليها. وأضاف المصدر ان المجموعة اتصلت بمجموعات شيعية داخل المملكة ودربوها في إيران وزودوها بالأسلحة ثم عادت إلى السعودية. ويضيف المصدر ان «حزب الله» تسوده توترات إثر اختراقه من قبل المخابرات الأمريكية لهم في الجنوب اللبناني، وان الامريكان استطاعوا اختراقهم تحديداً من خلال النائب في حركة أمل علي بزي.
ولاحقاً أصدرت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» بياناً تعليقاً على ما ورد على «لسان السفير السعودي في لبنان نقلاً عما أسماه مصدر مطلع قريب من «حزب الله» ومنشور في «ويكيليكس» يتعلق باتهامات تجاه النائب علي بزي».
وجاء في البيان: «يهم العلاقات الإعلامية في «حزب الله» أن تؤكد أن ما ورد على لسان المصدر المذكور لا يمت بصلة إلى «حزب الله» بأي شكلٍ من الأشكال، وما ذكر على لسان ذلك المصدر المجهول وغير المعروف لدينا لم يُنقل على لسان أي مسؤول في «حزب الله» كما أن مضمونه لا أساس له من الصحة، ولذلك فإننا ننفيه نفياً قاطعاً».
من جهتها، ردت الإعلامية مي شدياق على ما أوردته «الأخبار» بشأنها عن طلب دعم مالي لمعهدها فوصفت الصحيفة بأنها «تافهة تلهث وراء السكوبات الرخيصة»، وقالت «من يقرأ هذا الخبر المؤلف والملحن يكتشف أن لا ناقة لي ولا جمل في الموضوع… المملكة العربية السعودية بالطبع تكون مشكورة لو دعمت المؤسسة التي أنشأتها قبل سنوات وأنظم سنوياً حفلاً هو بمثابة عملية جمع تبرعات أدعو إليها الأصدقاء والداعمين، لكن هذا لم يحصل ولا علم لي لا بهذه البرقية ولا بسواها… لقد دعوت يوم إطلاق المؤسسة السفيرين الحالي والسابق إلى الحفل فقط لا غير ودعم المملكة العربية السعودية إذا كان من دعم فهو دعم معنوي لا غير وهو مشكور… على أي حال كل ما لاحظته من خلال الخبر المنشور أن سيرتي الذاتية مشرفة وهذا دعم معنوي كبير لي في يوم عيد ميلادي .
المشكلة أن من يقبض الأموال من إيران وسوريا ويصبح من أصحاب مئات الملايين يعتقد أن الجميع رخيصو النفوس مثله يمكن شراؤهم بالمال… المؤسسة التي أرأسها نزيهة وشفافة بشهادة الجميع، حتى المغرضين منهم، تصرف لإعلاء الحق وحرية الكلمة ونشر الوعي والثقافة أكثر مما تلقى من دعم…. لقد حاولوا تشويه صورتي بكافة الأساليب وهذه أتفهها… هذا التوضيح ليس رداً على جريدة «الأخبار» إنه تعبير عن قرف… فالشرفاء لا تعلق على أجسادهم قاذورات السفلة… القافلة تسير وال… تعوي …».
سعد الياس