الناصرة – «القدس العربي»: في ذكرى مرور عشرة أعوام على فرض الإغلاق الإسرائيلي السياسي على قطاع غزة، وخمسين عامًا على احتلالها، أطلقت الجمعية الحقوقية الإسرائيلية «يشاه – مسلك» موقع إنترنت تفاعليّ بعنوان:50 درجة من السيطرة – يوضح مدى وعمق السيطرة الإسرائيلية على حياة قرابة مليوني إنسان في غزة.
وتؤكد جمعية «مساواة» المختصة بالدفاع عن الحق في الحركة أن تطبيق خطة «فك الارتباط» الإسرائيلية عام 2005 خلق لدى الكثيرين الوهم أن إسرائيل أنهت بذلك علاقاتها مع قطاع غزة، وأنه لم تعد عليها مسؤوليات تجاه سكانه.
وتضيف الجمعية في بيانها بهذه المناسبة «لكن بموجب التقييدات التي تفرضها إسرائيل على سكان القطاع منذ عشرات السنوات، التي ازدادت حدّتها منذ عام 2007، فإنها ما زالت تؤثر بشكل كبير على جوانب كثيرة من حياة السكان في غزة.
ومن خلال 50 بندًا مقتضبًا، يجسّد الموقع كيف تمنع إسرائيل ليس فقط التنقّل بين غزة والضفة الغربية والعالم، بل إنها تقرر أيضًا أي البضائع التي بالإمكان دخولها إلى القطاع، وأي البضائع بالإمكان خروجها منه، متى وبأيّة كميات. كما تقيّد إسرائيل بشكل كبير دخول آلاف المنتجات والمواد الضرورية لصيانة وتطوير البنى التحتية المهترئة في القطاع، وتلك الضرورية لعمل وتطوير مرافق الصحة، التعليم وقطاعات صناعية واقتصادية مختلفة.
كما تؤكد «مسلك» أن إسرائيل تقرر حتى اليوم أيا من المرضى بإمكانهم الخروج للحصول على علاج طبي غير متوفر في القطاع، وتمنع أكاديميين من الدراسة في جامعات الضفة الغربية، وتصعّب على من يرغبون بالخروج للزواج خارج القطاع. وتنبه الجمعية أنه بسبب السياسة الإسرائيلية، لا يمكن في قطاع غزة مشاهدة أفلام يوتيوب على الهاتف النقال، مشيرة الى أن هذا جزء من الأمثلة الواردة في القائمة التي تتشكل من 50 بندًا.
ورغم أن إسرائيل تبرر جميع تقييداتها بذرائع أمنية، لكن من الواضح أنها لا تبذل أي جهد للتمييز بين الاعتبارات الأمنية وبين مسؤوليتها عن إتاحة المجال أمام سكان قطاع غزة لإقامة حياة طبيعية. وتنبع هذه المسؤولية من حقيقة أن إسرائيل تسيطر على جوانب كثيرة في حياة سكان القطاع. وتوضح الجمعية الحقوقية أن الحديث هنا ليس عن حق الدول، ومن ضمنها إسرائيل، بإجراء فحص فردي للأشخاص الوافدين إليها أو عبر أراضيها، بل عن تقييدات مفروضة بدوافع سياسية أو اعتبارات أخرى. وتتابع «بعد مضي عشرة أعوام، واضح للجميع أن الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل على غزة فشل في تحقيق الأهداف السياسية والأمنية التي أرادت تحقيقها. ما ينجح هذا الإغلاق بتحقيقه هو عرقلة الجهود التي يبذلها سكان القطاع لتحسين ظروفهم المعيشية وتطويرها». وتشدد على أن الاستمرار بفرض الإغلاق يخلق معاناة ليس لها أي مبرر، وهو منافٍ للتصريحات الإسرائيلية التي تدّعي بأن ازدهار الاقتصاد في قطاع غزة وفتح أفق سياسي أمام سكانها، ضروري لاستقرار المنطقة وحتى لأمن إسرائيل.
مواجهة أخرى في الصيف
ويكشف معلق عسكري إسرائيلي بارز عن تبعات الأزمة في الخليج العربي على الوضع الراهن بين إسرائيل وغزة، منبها من احتمالات نشوب مواجهة عسكرية جديدة.
ويوضح المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، أن دولة قطر شكلت في السنوات الأخيرة إحدى الدعامات الأخيرة لنظام حماس في القطاع بعد انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي وتصالح تركيا مع إسرائيل وازدياد الهوة مع إيران على خلفية المواقف المتناقضة من سوريا. ويقول إنه إلى جانب الدعم المالي استضافت قطر ليس فقط رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، وإنما أيضا المسؤول الكبير في الجناح العسكري للحركة صلاح عاروري. وبرأيه يرتبط الغضب على قطر بمغازلتها المتواصلة للمعسكرات المعادية للسعودية، ومن بينها حركة الإخوان المسلمين وحماس والى حد ما إيران. ويؤكد هارئيل أن تفاقم ضائقة الماء والكهرباء في قطاع غزة مرشح للتصعيد الآن بعد الضغوط الكبيرة على قطر. ويكشف أن هذا الوضع المتدهور يثير قلق القيادة الأمنية الاسرائيلية، وقادها خلال الأسابيع الأخيرة الى الانشغال بإمكانية اندلاع جولة حرب أخرى في الصيف القريب، بعد ثلاث سنوات من عدوان «الجرف الصامد» صيف 2014، وفي ظروف مشابهة جدا. ويعتقد أنه لا يزال من الممكن منع المواجهة، لكن حماس بدأت باللعب بالنار وفق مزاعمه: خلال الاسبوعين الأخيرين تشجع حماس التظاهرات، وبعضها عنيف، قرب السياج الحدودي مع إسرائيل، بعد أن منعت خلال اشهر طويلة وبقوة كل نشاط كهذا.
وديع عواودة