ايتان افريئيل
كم هي كمية الأموال التي فقدها مواطنو الدولة منذ 4 كانون الثاني 2023، اليوم الذي عرض فيه وزير العدل ياريف لفين خطته لـ “الإصلاح القضائي”، الخطة التي اعترف هو نفسه بعد أربعة أشهر في مقابلة مع القناة 14 بأنها وصفة لتصفية الديمقراطية في إسرائيل.
الائتلاف مصمم في هذه الأثناء على استكمال أجزاء مهمة في خطة لفين بالصيغة الأصلية، وهذه المرة على طريقة “السلامي” [بالتدريج] وليس بضربة واحدة. على فرض أنه سيتم تنفيذ الخطة، كم هي الأموال التي سيخسرها مواطنو إسرائيل في نصف السنة المقبل؟
حساب ذلك غير بسيط؛ لأنه بحاجة إلى عزل تأثير الانقلاب النظامي عن التوجهات المحلية والدولية التي لا ترتبط به. ولكن يمكن التقدير بأرقام جافة؛ ففي البورصة مثلاً، أنهت البورصة في إسرائيل النصف الأول من السنة الحالية بدون أي تغيير، مقابل ارتفاع بنسبة 15 في المئة في بورصة نيويورك و30 في المئة في “ناسداك”.
في السابق، سارت البورصة في إسرائيل بقدر ما وراء البورصة الأمريكية، لذلك خسر الإسرائيليون منذ بداية السنة ارتفاعاً بديلاً بنسبة 15 في المئة عن كل أسهم إسرائيل بسبب الانقلاب النظامي. قيمة السوق لجميع الأسهم في بورصة تل أبيب، بما في ذلك أصحاب السيطرة، هي الآن 9 مليارات شيكل؛ أي أن خسارة إجمالي الجمهور تبلغ 135 مليار شيكل. وهذه ليست سوى البداية.
كل العالم يعاني من التضخم. حتى هذا التضخم هو في دول كثيرة أكثر شدة مما في إسرائيل. ولكن ضعف الشيكل أمام الدولار واليورو بسبب الانقلاب النظامي فاقم ارتفاع أسعار السلع المستوردة في إسرائيل وأثقل على جيوب الجمهور.
حسب حسابات بنك إسرائيل، فإن أي إضعاف يبلغ 1 في المئة في سعر الشيكل يعني ارتفاعاً يبلغ 0.1 – 0.2 في المئة في التضخم. بالتالي، انخفاض في مستوى المعيشة للعائلات، مروراً بزيادة أسعار المواد الاستهلاكية وارتفاع دفعات قروض السكن وارتفاع الفائدة على الديون والقروض الأخرى، بما في ذلك استخدام بطاقات الاعتماد.
هناك طريقة أخرى لتوفير تقدير أولي لحجم خسارة الاقتصاد حتى الآن. لأن زيادة 1 في المئة في إنتاج دولة إسرائيل يساوي للاقتصاد أقل بقليل من 20 مليار شيكل، فإنه إذا جرى نمو في إسرائيل بنسبة 1 في المئة هذه السنة بسبب الأحداث السياسية، مقابل توقع نمو 3.5 في المئة في بداية السنة قبل أن يعرض لفين خطته، فالمعنى هو خسارة تبلغ 50 مليار شيكل في السنة الحالية، وخسارة في السنوات القادمة، حيث إن أي ارتفاع سيكون من أساس منخفض أكثر. وفقاً لهذه الحسابات، باتت الخسارة تقترب من 150 مليار شيكل، أي أكثر من 50 ألف شيكل خسارة لكل عائلة في المتوسط. القصة مقلقة أكثر في “الهايتيك”، وهو الفرع الذي يوفر نحو ربع مداخيل الدولة من الضرائب ونحو نصف تصدير إسرائيل. استثمارات إسرائيل في “الهايتيك” انخفضت مقارنة مع دول أخرى. وحسب حساب سلطة الابتكار في النصف الأول من هذه السنة.
“وول ستريت” ارتفعت وتل أبيب عالقة
كأن هذا غير سيئ بما فيه الكفاية. فإسرائيل لا تشارك في نمو “الهايتيك” العالمي في الأشهر الأخيرة، الذي يرتكز على الحماسة من الفرص الجديدة التي يخلقها اختراق الذكاء الاصطناعي.
حسب مركز الابتكار وحسب شهادات مديري صناديق أموال المخاطرة، فإن 80 في المئة تقريباً من الشركات تم تسجيلها في الخارج منذ بداية السنة. وانخفض الاستثمار في مشاريع جديدة بنسبة 90 في المئة مقارنة مع السنتين الأخيرتين. عملياً، لا يوجد الآن في إسرائيل أي إنتاج لمشاريع جديدة رائدة، والمشاريع التي تنطلق رغم ذلك تسجل وراء البحار، وإداراتها تكون هناك أيضاً.
كم هي كمية الأموال التي يفقدها الاقتصاد من ذلك؟ يصعب الفصل بين الانخفاض في “الهايتيك” بسبب خروج الهواء من فقاعة التكنولوجيا العالمية وبين الانخفاض بسبب الانقلاب النظامي. يجب الحذر من عد مزدوج بالنسبة لانخفاض الإنتاج العام والجمود في سوق الأسهم، لكن الحديث يدور عن مليارات أخرى من الشواكل.
ما الذي سيحدث في نصف السنة الثاني الذي بدأ قبل أسبوعين تقريباً؟ الجواب يتعلق بوتيرة تشريع الانقلاب النظامي. إذا توقف ذلك، وشعر المستثمرون في إسرائيل والعالم بأن تم تعليقه إلى الأبد، سيعود الاقتصاد بالتدريج على وتيرة نموه السابقة.
إذا لم يتوقف التشريع، كما يظهر الآن، فكل التوجهات التي وجدت في نصف السنة الأول ستزداد. المزيد من المستثمرين والمبادرين والشركاء الدوليين سيرفعون اليد وسيقررون تقليص مشاريعهم في دولة إسرائيل، التي ستظهر بالنسبة لهم غير ديمقراطية، بل دينية متعصبة، وعنيفة، وبالأساس غير مستقرة.
المستثمرون الأجانب مستعدون للاستثمار حتى في دول غير ديمقراطية إذا كانت قواعد اللعب فيها مستقرة. ولكنهم يخافون من استثمار الأموال والوقت والجهود في مكان يكون المستقبل فيه غير واضح، حتى للسكان المحليين.
نتيجة لكل ذلك، ستستمر علاوة المخاطرة في ارتفاعها على الاستثمار في إسرائيل، وستتسع الفجوة بين سوق الأوراق المالية في إسرائيل، والأسواق الأخرى، وسيستمر الشيكل في الانخفاض مقابل العملات الأخرى. وسيرتفع سعر الفائدة أو سيبقى مرتفعاً لفترة أطول. وستتقلص نشاطات الاقتصاد أو ستراوح في المكان، بقيادة قاطرة النمو المتعثرة، وصناعة “الهايتيك” التي ستجف أجزاء كثيرة منها أو تنقل إلى الخارج.
هآرتس/ ذي ماركر 9/7/2023