بعد انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، وتحول هواجس كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى أسوأ كابوس يمكن ان يعيشه، بعد المواجهة الأخيرة مع قطاع غزة، فكل فلسطين المحتلة باتت متضامنة في الانتفاض في وجه الاحتلال، تبدو خيارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “آخر ملوك إسرائيل” كما يحلو له أن يصف نفسه، محدودة وقليلة في مواجهة شاملة يرى نفسه فيها محاصراً داخلياً مع ملفات الفساد المتراكمة، وحزبياً مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية، وخارجياً مع اكتشاف المزيد من الأنفاق لحزب الله على الحدود مع لبنان.
رئيس وزراء الاحتلال لمّح منذ انتهاء جولة التصعيد الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وهو التطور الذي أفضى إلى توليه وزارة الحرب بعد استقالة ليبرمان، إلى أنّ “إسرائيل” تتّجه إلى إحداث تحوّل في سياساتها الأمنية في المستقبل القريب، بهدف مواجهة تحديات تؤثّر على واقعها الاستراتيجي.
خلال الفترة الأخيرة، عمد نتنياهو إلى تكرار عبارة “إسرائيل في مواجهة تحديات أمنية واستراتيجية تتطلّب من الشعب أن يكون مستعداً للتضحية” أربع مرات. وبواسطة هذه الحجة، تمكّن نتنياهو من إجبار قادة حزب “البيت اليهودي” على التراجع عن التهديد بالاستقالة من الحكومة، وأقنعت الحجة أيضا قادة المستوطنات في محيط قطاع غزة بتغيير موقفهم من سياسات حكومته، وباتوا يشيدون بالمسؤولية التي يبديها، على الرغم من أنهم كانوا الأكثر صخباً في انتقادهم له بعد جولة التصعيد الأخيرة ضد المقاومة في غزة.
يعي نتنياهو أنّ كل المحاذير الاستراتيجية التي دفعته لتجنّب الانجرار لمواجهة شاملة مع المقاومة في غزة حتى الآن ما تزال قائمة
حديث نتنياهو عن أنّ إسرائيل ستواصل “المعركة” جاء بعد التوصّل لوقف إطلاق النار مع المقاومة، إثر جولة التصعيد الأخيرة، التي أثار أداء جيش الاحتلال خلالها انتقادات واسعة، وتوجيه اتهامات للمستوى السياسي والعسكري، بالمسؤولية عن تهاوي قوة الردع الإسرائيلية، ما قد يدفع للاعتقاد بأنّ نتنياهو يقصد أنّه معني بترميم قوة الردع، من خلال عمل مفاجئ ومباغت ضدّ المقاومة الفلسطينية في غزة، لكن شواهد التحضيرات الإسرائيلية قد تكون مخادعة ومخاتلة. يعي نتنياهو تماماً أنّ كل المحاذير الاستراتيجية التي دفعته إلى تجنّب الانجرار لمواجهة شاملة مع المقاومة في غزة حتى الآن ما تزال قائمة، وعلى رأسها غياب المصالح الإسرائيلية في القطاع، والخوف من التورّط في “المستنقع الغزي” وإدراك نتنياهو بأنّ بقاء مظاهر الأزمة الاقتصادية والإنسانية في القطاع سيقلّص من تأثير أيّ عمل عسكري. فإسرائيل وبعد جولة التصعيد الأخيرة قد تبدي أقلّ قدر من الصبر إزاء أي أنماط سلوك قد تصدر من غزة، وينظر إليها على أنها تهديد لإسرائيل، سواء إطلاق صواريخ وقذائف، أو حتى القيام ببعض نشاطات حراك مسيرات العودة، وقد تستخدم إسرائيل قدراً أكبر من العدوان في حال تفجّر تصعيد مستقبلي مع المقاومة، بهدف ترميم قوة الردع واسترضاء الرأي العام الإسرائيلي.
هناك ما يدلّ على أنّ مواجهة التحديات على الجبهة الشمالية هي “المعركة التي لم تنته”، والتي تعهّد نتنياهو باستكمالها. وتدلّ كثير من المؤشرات على أنّ فرص انفجار الجبهة الشمالية قد تعاظمت في الآونة الأخيرة، فبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنّ إيران، التي استوعبت وامتصت على مدى أكثر من عام الغارات الإسرائيلية في سوريا، يمكن أن تلجأ إلى تفجير الجبهة الشمالية رداً على تعاظم وطأة العقوبات الأمريكية واشتداد حدّة الحصار عليها. الساحة الجغرافية للحدث الأمني الذي يتوقّع نتنياهو أن تضطر “إسرائيل” للتدخّل للردّ عليه، تقع خارج الحدود الإسرائيلية، فمخاوف تل أبيب تستند إلى تأويل الاستخبارات الإسرائيلية لنوايا الأطراف المرتبطة بهذا الهدف، وعلى الرغم من أنّ جميع التقييمات التي قدمتها محافل التقدير الاستراتيجية في كيان الاحتلال قد أجمعت خلال العامين الماضيين على أنّ كلاً من إيران و”حزب الله” غير معنيين بتفجير الأوضاع في سوريا ولبنان، إلا أنّ تحولاً طرأ على هذه التقديرات بعد بدء تنفيذ الموجة الجديدة من العقوبات الأمريكية على طهران. ادعاء قادة الاحتلال بأنهم يمتلكون معلومات تفيد بأنّ “حزب الله” يقيم مصانع لإنتاج صواريخ ذات قدرات إصابة دقيقة، يفاقم خطورة تبعات أي مواجهة على الجبهة الشمالية، فهل تمثّل دعوة نتنياهو لـ”الشعب بالاستعداد للتضحية” مؤشراً على أنّ لديه نيّة المبادرة بشنّ هجوم لضرب مصانع هذه الصواريخ والأنفاق التي تم الكشف عنها مؤخراً بشكل مفاجئ، والتي استغلّ كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحذير منها؟ وهل يقدم نتنياهو على تنفيذ حملة واسعة ومكثّفة لضرب الوجود الإيراني في سوريا ولبنان معاً؟
تتعاظم المؤشرات على قرب إقدام كيان الاحتلال على الخطوة الأخيرة التي قد تتوج عملاً دعائياً كبيراً عمل عليه كيان الاحتلال خلال الفترة الماضية، من خلال وسائل الإعلام، ففكرة ضرب الوجود الإيراني في كل من سوريا ولبنان لم يعد أمراً مستهجناً أو مستغرباً بالنسبة للمتابع لشؤون المنطقة، وتزايد المآزق والمخاطر التي تحيط بنتنياهو تحديداً وكيانه الذي يمثله ثانياً، وحكومته المفككة ثالثاً، يشي باقتراب إقدامه على عمل عسكري نوعي وخطير، قد يتم وصفه لاحقاً بالحرب الإقليمية الواسعة، التي لن يقتصر نطاقها الجغرافي، كما جرت عادة الاحتلال على قطاع غزة، بل سيشمل سوريا ولبنان، لتسديد الضربة الأخيرة، بحسب زعمه للحصار الغربي لإيران في المنطقة، مستفيداً من تكامل حلقات الحصار على طهران، وحاجة المنطقة إلى حرب تمثل بداية مسار الطريق السياسي للعديد من الملفات في المنطقة وفي مقدمتها سوريا وفلسطين وحتى لبنان!
كاتب فلسطيني وباحث في العلاقات الدولية
الصهاينة اعداءنا واعداء البشرية قطعا
ايران اشد عداوة للعرب والمسلمين فكل حراءق المنطقة قد اشعلتها ايران
الهاينة اعداء الصفاينة
وعدو عدوي (صديقى) مؤقتا