تشديد الإجراءات الاحترازية في الدار البيضاء ووجدة وبرلمانيون يطالبون بانتداب لجنة لاستطلاع الأوضاع الصحية في أغادير

الطاهر الطويل
حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي» : تتوزع طريقة تعامل السلطات المغربية مع الوضع الوبائي المرتبط بجائحة «كورونا» ما بين تشديد الإجراءات الاحترازية وتخفيفها، بناء على ما تكشف عنه الأرقام يومياً وأسبوعياً، وانعكاس ذلك على وتيرة انتشار الوباء أو تقلصه. ومن ثم، فأمام تزايد حالات الإصابة والوفاة بالفيروس في جهة «الدار البيضاء ـ سطات» قررت الحكومة المغربية تمديد العمل بالإجراءات المتشددة التي تطبق منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي إلى أسبوعين إضافيين. والشيء نفسه اعتُمد في مدينتي وجدة وجرسيف (شرق البلاد).
وأفادت المعطيات الرسمية المعلن عنها، عشية أول أمس الإثنين، عن تسجيل 2117 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد و2449 حالة شفاء، و48 حالة وفاة خلال 24 ساعة.
وبذلك ارتفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في المغرب إلى 175 ألفاً و749 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس الماضي، فيما وصل عدد الوفيات إلى 2976 حالة.
ويبلغ مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حالياً 26 ألفاً و352 حالة، في حين يصل مجموع الحالات الخطيرة أو الحرجة الموجودة حالياً بأقسام الإنعاش والعناية المركزة إلى 539 حالة، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الحالات الموجودة تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي إلى 64 حالة.
وبسبب تزايد الإصابات بالفيروس في جهة الدار البيضاء ـ سطات (سجلت 651 حالة في ظرف 24 ساعة أول أمس، وكذا 17 وفاة) قررت الحكومة تمديد العمل بالإجراءات الاحترازية التي جرى إقرارها سابقاً في محافظة الدار البيضاء، لمدة 14 يوماً إضافية، ويتضمن القرار إغلاق جميع منافذ المحافظة وإخضاع التنقل منها وإليها لرخصة استثنائية مسلمة من طرف السلطات المحلية، وتحديد موعد إغلاق المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، علاوة على الصرامة في مراقبة مدى التزام المواطنين بإجراءات الحجر الصحي من تباعد جسدي ووضع الكمامات الواقية وغيرها.

بؤر مفتوحة

في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «المساء» في عدد أمس الثلاثاء، أن مراسلة موجهة إلى وزير الصحة، خالد آيت الطالب، كشفت معطيات عن أسباب تفاقم الوضع الوبائي في مدينة الدار البيضاء، إذ رصدت أن مستشفيات العاصمة الاقتصادية تحولت إلى بؤر مفتوحة بسبب اختلاط الحاملين للفيروس بباقي المرتفقين، في ظل غياب الإجراءات الاحترازية في كثير من المستشفيات، كما وقفت عند لجوء المصابين بفيروس كورونا إلى استعمال وسائل المواصلات العامة، في ظل عدم توفير سيارات إسعاف توازي الأرقام المتصاعدة. ورصدت المراسلة أيضاً عدم احترام الاستراتيجية التي وضعتها وزارة الصحة بخصوص استقبال الحالات في مستشفيات الدار البيضاء، وعدم اتخاذ الاحتياطات الاحترازية، كما استغربت منح البروتوكول الصحي العلاجي للمرضى في منازلهم دون إخضاعهم للفحوص اللازمة، وعدم تتبعهم من طرف الكوادر الصحية. وأضاف المصدر نفسه أن الفاعلين في المجتمع المدني أصحاب المراسلة نبهوا إلى ما تعيشه المنظومة الصحية في الإقليم من سوء توزيع للكوادر الطبية وشبه الطبية، ما تبين تأثيره بشكل واضح إبان الجائحة، ليعيد فتح السؤال عن الموظفين الأشباح داخل الجهة، وكذا غياب الكوادر الطبية داخل مستوصفات القرب والمستعجلات.
وقدمت صحيفة «الاتحاد الاشتراكي» في عدد أمس، أرقاماً حول البنيات التحتية الصحية في جهة «الدار البيضاء ـ سطات» التي تواجه بها جائحة «كورونا» مشيراً إلى قلة عدد أسرة الإنعاش، إذ يصل عددها في المستشفيات العامة إلى 125 سريراً، أما على مستوى القطاع الخاص، فإن عدد أسرة الإنعاش لا يتجاوز 59 سريراً على مستوى خمس مصحات خاصة، إضافة إلى مصحة «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي».
وفي مدينة وجدة، أعلنت السلطات المحلية عن اعتماد إجراءات احترازية جديدة بسبب تضاعف عدد المصابين بوباء «كورونا» وتتضمن هذه الإجراءات إغلاق جميع المحال التجارية والمهنية والخدماتية من الساعة الثامنة مساء إلى الساعة السادسة صباحاً، مع استمرار منع البث التلفزيوني لمقابلات كرة القدم في المقاهي والمطاعم، ومنع التجوال من الساعة التاسعة ليلاً إلى الساعة الخامسة صباحاً، ومنع انعقاد الأسواق الأسبوعية. كما تقرر إغلاق أسواق القرب ومنع البيع بالتجوال في الساعة الثالثة بعد الزوال، واعتماد الرخص الاستثنائية للتنقل من وإلى محافظة وجدة أنجاد، وخفض الطاقة الاستيعابية إلى النصف بالنسبة للحمامات وقاعات الحلاقة والمواصلات العامة. وتقرر أيضاً إغلاق الحدائق العمومية والقاعات الرياضية المغطاة، واعتماد الحجر الصحي التام لأفراد العائلات القاطنين مع شخص مصاب، ومنع التجمعات لأكثر من 10 أشخاص، بما فيها التجمعات العائلية من أعراس وجنائز ومآتم، وحث جميع المؤسسات على اعتماد العمل عن بعد كل ما كان ذلك ممكناً.
وفي مدينة جرسيف، تقرر تطبيق عدد من الإجراءات، ابتداء من عشية اليوم الأربعاء، من بينها إغلاق المحال التجارية وأسواق القرب والمقاهي والمطاعم في الساعة العاشرة ليلاً، ومنع البيع بالتجوال في الساعة الثالثة بعد الزوال، ومنع التجوال ليلاً بدون سبب وجيه.
على صعيد آخر، طالب رشيد العبدي، رئيس فريق حزب «الأصالة والمعاصرة» (المعارض) في مجلس النواب، بتشكيل لجنة للقيام بمهمة استطلاعية من أجل الوقوف على أوضاع القطاع الصحي في جهة أغادير (سوس ماسة). وقال في رسالة موجهة بهذا الخصوص إلى رئيسة لجنة القطاعات الاجتماعية في الغرفة الأولى للبرلمان المغربي إن القطاع الصحي في الإقليم المذكور يتسم بالعديد من المشكلات والاختلالات. وأضاف قائلاً: «إن المستشفى الجهوي الحسن الثاني في أغادير يتكفل بتقديم الخدمات الصحية لساكنة أربع جهات؛ وهي: جهة سوس ماسة، جهة كلميم واد نون، جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة وادي الذهب، وهو اليوم يوجد في وضعية كارثية، بسبب طاقته الاستيعابية المحدودة، وافتقاده حالياً لعدة خدمات أساسية في هذه الظرفية الصعبة (تزايد عدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19) وفقدان مصالح الإنعاش لمادة الأوكسجين…
وأضاف البرلماني المذكور أنه مما يساهم في تأزيم الوضع الصحي، كذلك افتقاد مستشفيات الجهة للموارد البشرية (خاصة الممرضين) ولعدد من التخصصات الطبية الأساسية، إضافة لما عرفته هذه الجهة من إعفاءات متتالية لمندوبي الصحة دون تعويضهم في كل من إقليم اشتوكة آيت باها، إقليم إنزكان آيت ملول وأكادير، علاوة على الوضع الكارثي للقطاع الصحي في كل من تزنيت وتارودانت، حسب ما جاء في الرسالة التي اطلعت عليها «القدس العربي». وألحّ رشيد العبد على تشكيل اللجنة الاستطلاعية وقيامها بمهمتها في أقرب أجل ممكن، مقترحاً أن تستمع إلى كل من وزير الصحة والمندوب الجهوي للوزارة، وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة في المجال الصحي، وكل من ترى اللجنة فائدة في الاستماع إليه.
وتزداد معاناة العاملين في القطاع الصحي الذين يواجهون جائحة «كوفيد 19» لدرجة أنها أزهقت أرواح بعضهم في غياب أية معطيات رسمية لحد الآن حول حجم الإصابات والوفيات. في هذا الصدد، قال البروفيسور شفيق الشرايبي، المتخصص في أمراض النساء والتوليد، إن فيروس «كورونا» سلب في أقل من أسبوع حياة 10 أطباء مغاربة.
وكتب الطبيب المذكور الذي يرأس «الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري» في منشور على صفحته بـ«فيسبوك»: «إن الأطباء المرابطين في الصفوف الأمامية لمحاربة «كوفيد 19» أصبحوا يتساقطون مثل أوراق الأشجار، في الوقت الذي اختاروا فيه التضحية بحياتهم في سبيل الآخرين».
وأضاف أنهم يتلقون راتباً شهرياً هزيلاً بعد سبع سنوات من الدراسة، وبعد ذلك يُعيَّنون في قرى نائية بعيدة عن ظروف العمل المناسبة.

وزارة الصحة

في سياق متصل، وجهت «الجامعة الوطنية للصحة» (نقابة تابعة للاتحاد المغربي للشغل) مراسلة إلى وزارة الصحة، دقت فيها ناقوس الخطر حول تفاقم حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في صفوف الكوادر الصحية، وحثت على اتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية مهنيي القطاع. وأوضحت النقابة أنه في ظل غياب أرقام رسمية، يقدّر عدد الإصابات بالفيروس في صفوف الكوادر الطبية حوالي 1500 حالة، مشيرة إلى كون الإصابات بالفيروس أصبحت تتخذ طابعاً خطيراً جراء تنامي حالات الوفيات المسجلة وسطهم ووسط أفراد عائلاتهم نتيجة لنقل العدوى.
وحسب مراسلة الجامعة الوطنية للصحة، فإن القطاع الصحي قد يكون الوحيد الذي لا يتم التشديد فيه على الإجراءات الاحترازية للولوج إلى خدماته، ولا في توفير وسائل الحماية الكافية، والناجعة للعاملين فيه، وهو ما يهدد سلامة الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية العاملة فيه.
والتمست النقابة من وزير الصحة اتخاذ تدابير مستعجلة للعناية بالمصابين والتصريح بهم كضحايا حوادث شغل، والإسراع بتصنيف الإصابة بـ«كورونا» ضمن لائحة الأمراض المهنية، وتعويضهم وتعويض عائلات المتوفين منهم الذين قضوا نحبهم بسبب إصابتهم بالعدوى خلال أداء واجبهم المهني.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية