الرباط ـ «القدس العربي»: جمَع بين المدرستين المغربية الأندلسية والمشرقية في أدائه لفني المديح والسماع الصوفي، يمزج بين جمالية الأشعار الصوفية في أغراضها المتعددة من أغراض السادة العارفين وأشعار العشق الإلهي وبين قوالب اللحن العربي التراثي الأصيل.
هو جواد الشاري، منشد صوفي مغربي من مواليد مدينة قلعة السراغنة سنة 1983 ولَج عالم الإنشاد من بوابة الزوايا الصوفية التي كانت مرتَعا لتعلم السماع الصوفي على النغمات الأندلسية والمغربية، وقد صقل موهبته الفنية بين الجمعيات الثقافية والفرق الفنية في مدينته حيث سطع نجمه وانطلق صيته نحو باقي المدن المغربية.
أسس أول فرقة للإنشاد الصوفي سنة 1988 وهو ابن 15 سنة وما زالت الفرقة مستمرة إلى الآن، واستطاع رغم حداثة سنه أن يقدم الكثير للإنشاد الصوفي في المغرب، فهو رئيس رابطة المديح والسماع في المغرب بالنيابة، وأحدد مؤسسي الرابطة التي تضم أغلب ممارسي هذا الفن في المغرب، إلى جانب كونه منشدا معتمدا في دار الأوبرا المصرية، وعضو النخبة الوطنية للسماع، وهي مجموعة فنية تضم نخبة من شيوخ وأساتذة المديح والسماح في المغرب.
«القدس العربي» التقته، وأجرت معه الحوار التالي:
■ حدثنا عن كواليس رحلتك في عالم الإنشاد؟
□ مساري الإنشادي بدأ من خلال تردُّدي على الزوايا والساحات الصوفية في مدينتي التي تعرف إحياء ليالي الذكر والإنشاد بشكل شبه يومي، هذا الوسط الروحي كان له كبير الأثر علي وحبَبني في استكشاف هذا العالم الروحي البديع.
■ من وضعك على طريق الإبداع؟
□إذا أردتُ أن أعزو الفضل لأحد في وضعي على طريق الإبداع بعد فضل الله تعالى وتوفيقه لي، لن أحيد عن شكر السيدة الوالدة المرأة المناضلة والمتفانية التي شجعتني وآمنت بموهبتي.
■ لماذا الإنشاد بالضبط وليس الغناء؟
□ اخترت الإنشاد دوناً عن الألوان الموسيقية الأخرى بحكم نشأتي في وسط قُرآني وكذلك لقربه الروحي من شخصيتي التي تميل إلى الروحانية.
■ ما تقديرك للمدرسة الإنشادية في المغرب؟
□ المدرسة الإنشادية المغربية جذورها ضاربة في التاريخ ولها أبعاد وامتداد في مدارس المغرب الكبير عمومًا، وهي تنهل من المدرسة الأندلسية التي أغنتها وازداد هذا الغنى إبان نزوح الموريسكيين إلى المغرب بعد سقوط الأندلس.
تبقى مدرسة فريدة وقائمة الأركان ومستقلة عن باقي مدارس المشرق في الإنشاد.
■ من هم المنشدون، مغاربة ومشارقة، ممن تأثرت بهم ووضعوا لمسات على مسارك؟
□ تأثرت بالعديد من الأعلام والمشايخ لعل أبرزهم في المغرب الشيخ عبد اللطيف بنمنصور الذي يعتبر الأب الروحي للمدرسة المغربية، وهو وإن لم يكتب لي لقاؤه، فإني تأثرت بمدرسته وأخذت منها وأنشدت، وأعدتُ توزيع كثير من أعماله الخالدة ويأتي بعده شيخي وأستاذي علي الرباحي الذي أدين له بتطور مستواي الفني بحكم توجيهه الدائم.
أما مشايخ المشرق فقد استفدت منهم الكثير، ولعل أبرز من تأثرت بمدرسته الشيخ عبد الرحيم دويدار شيخ المداحين الذي جاور عمالقة الإنشاد في العالم، وقد كان لي شرف استضافته في ملتقى تساوت الدولي الذي أنظمه.
■ وقفت على أكبر المسارح ومن بينها دار الأوبرا المصرية، ماذا أضافت هذه الخطوة لمسارك؟
□ بطبيعة الحال أن تقف على خشبات مسارح كبرى وعالمية لهو أكبر إضافة إلى مسار كل فنان. فهي فرصة للقاء أبرز الفنانين والموسيقيين والاستفادة من خبراتهم التي راكموها.
كذلك لا ننسى أن الوقوف على هذه المسارح والغناء بها لا يكون إلا بعد قطع أي فنان لمراحل طويلة من التعلم والعمل الجاد.
■جمعت بين المدرستين الأندلسية والمشرقية، عرفنا بالفرق بين المدرستين؟
□أحمد الله أن وفقني للجمع بين مدرستين مختلفتين من حيث القوالب الموسيقية والأداء النغمي والمقامات التي تتقاطع في بعضها وتختلف في أغلبها.
□ والمدرستان كلاهما لها خصوصية وتتفرد عن الأخرى، لكنهما يجتمعان في مدح الجناب المحمدي الشريف واستعمال أشعار وقصائد السادة العارفين وأهل الذوق الرفيع.
■ أيمكنك أن تحدثنا عن خصوصية هذا المزيج؟
□ يمكن أن ألخص خصوصية هذا المزيج في كونه يتيح لأي فنان يتقن المدرستين الغناء بأريحية وتلبية الأذواق الفنية، كما أن المزيج بينهما يتيح للفنان ثقافة موسيقية كونية متنوعة وغنية ويمكنه من آليات الفن الموسيقي بكل تلاوينه.
رجل كرس حياته لخدمة الإنشاد الديني. و صوت طروب يصل أعماق الأعماق. حياك الله و مزيدا من النجاح