الناصرة ـ “القدس العربي”: قدم مركز “عدالة” الحقوقي داخل أراضي 48 استئنافا للنيابة الإسرائيلية العامة ضد قرار وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة داخل وزارة القضاء (وحدة”ماحا”) إغلاق ملف التحقيق بانتهاكات عناصرها خلال قمع مظاهرة أم الفحم في العام المنصرم ( 26/2/2021)التي أصيب فيها عشرات المتظاهرين، ومن ضمنهم رئيس بلدية أم الفحم، سمير محاميد، والنائب السابق الدكتور يوسف جبارين.
وقُدّم الاستئناف بواسطة المحامي عدي منصور من مركز “عدالة” باسم رئيس بلدية أم الفحم والنائب السابق يوسف جبارين وثلاثة متظاهرين آخرين أصيبوا خلال قمع المظاهرة، وطالب الاستئناف النيابة الإسرائيلية العامة بأمر وحدة التحقيق بفتح تحقيق جنائي ومحاسبة جميع الضالعين في الاعتداء على المتظاهرين، إضافة الى نشر التعليمات الشُرطية المحدثة حول استخدام وحدات المستعربين في المظاهرات.
يُذكر أن الشرطة الإسرائيلية استخدمت خلال قمع المظاهرة الرصاص المطاطي والمياه العادمة وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع، كما واعتدت بالضرب بالهراوات على المتظاهرين بعد خطوات قليلة خطاها المتظاهرون بعد انطلاق المسيرة حاملين على أكتافهم توابيت مرقّمة بعدد ضحايا الجريمة المتفشية في الشارع العربي احتجاجا على تواطؤ السلطات الإسرائيلية مع الجريمة والمجرمين وفق تأكيدات قادة فلسطينيي الداخل لها.
على أثرها قدم مركز عدالة شكوى في 30\3\2022 إلى وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحاش” في وزارة القضاء الإسرائيلية تشمل توثيق مقاطع مصورة من اعتداءات الشرطة غير الشرعية تجاه المتظاهرين.
كما تبين المقاطع أنّ الشرطة الإسرائيلية انتظرت نزول المتظاهرين إلى الدوار الرئيسي في مدخل مدينة أم الفحم واستعدت لقمعهم والاعتداء عليهم مما أدى إلى إصابة العشرات، منها إصابة مباشرة وخطيرة في الرأس تمت إحالتها إلى عمليات جراحيّة.
وقد تم تصوير جميع الاعتداءات وانتهاكات القوات الإسرائيلية بواسطة بعض المتظاهرين وتظهر هذه المقاطع أن الشرطة كما يبدو خطّطت مسبقا لقمع المظاهرة وقامت بانتهاكات وممارسات غير قانونية أدت إلى إصابات جسدية وجسيمة.
ويوضح مركز “عدالة” أنه بالرغم من الأدلة الواضحة لانتهاكات الشرطة الإسرائيلية واعتدائها غير القانوني ضد المتظاهرين استلم مركز عدالة رسالة من وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحاش”، يوم الثلاثاء الموافق 23\11\2021، مفادها إغلاق ملف الاعتداء على المتظاهرين ورفض التحقيق بالقمع الوحشي لمظاهرة الغضب في الأسبوع السابع للحراك الفحماوي، ويأتي هذا القرار بعد مرور ما يقارب تسعة شهور على المظاهرة.
استخفاف بالمشتكي عندما يكون عربيا
وتؤكد مواد التحقيق التي تمت دراستها من قبل المحامي عدي منصور والطاقم القانوني في مركز “عدالة” انتهاكات قانونية عديدة من قبل الشرطة الإسرائيلية، وأن “ماحاش” وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة لم تقم بالتحقيق بهذه الانتهاكات أو حتى فحص أولي بخصوصها، وعليه قدم مركز عدالة استئنافا للنيابة العمل. وأهم ما جاء في الاستئناف الإشارة إلى التناقضات في الرسالة الجوابية.
كما يقول “عدالة” إنه لا يوجد أساس للادعاء بعدم قانونية المظاهرة، كونه لا يوجد مبرر لطلب المتظاهرين الإذن بتنظيم التظاهرة وفق القانون، وحتى وإن وجب استصدار ترخيص للمظاهرة فإن هذا لا يبرر الاعتداء على المتظاهرين بهذه الوحشية وقمع التظاهرة الشرعية باستخدام القوة المفرطة، منوها إلى أن استخدام العنف المفرط من قبل الشرطة الاسرائيلية، والذي شكل خطرا على المتظاهرين كالرصاص المطاطي، والمياه العادمة، وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع، الصاعق الكهربائي والهراوات، كان غير قانوني وبتناقض تام مع التعليمات القانونيّة التي تحدد استعمال هذه الأدوات.
ويؤكد “عدالة” على أن ما حصل اعتداء مع سبق الإصرار والترصد، تشير المواد التي حصلنا عليها من وحدة التحقيق في الشرطة أن قرار قمع المظاهرة تم اتخاذه مسبقا وقبل بدء المظاهرة.
ويتابع”إن استخدام وحدة المستعربين من خلال الاطلاع على مواد التحقيق يبين أن قرار استخدام وحدة المستعربين كان قبيل بدء المظاهرة بهدف اعتقال “متظاهرين مركزيين” ودون وجود أي تهمة جنائية ضدهم”.
كما يؤكد مركز عدالة في الاستئناف أن استخدام وحدات المستعربين بهدف ردع المواطنين من حقهم الشرعي بالتظاهر والاحتجاج يتناقض كليًا مع القوانين والحقوق. ويضيف “يتبين من مواد الملف أن وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحاش” لم تقم بعمل، خطوات تحقيق أساسية في الملف بما يتعلق بالانتهاكات التي تظهر من المواد، واكتفت بفحص سطحي غير مهني للمواد وسط تجاهل للانتهاكات الصارخة للقانون. كما لم تقم بفحص ظروف إعطاء الأوامر لاستخدام وسائل القمع بشكل عنيف كالمياه العادمة وقنابل الصوت والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع دون مبرر، وقررت طي الملف في تجاهل متعمد لكافة الانتهاكات بالرغم من خطورتها.
وأخيرًا، يطالب مركز عدالة فتح ملف تحقيق جنائي على الفور ومحاسبة جميع ضباط الشرطة والمسؤولين المتورطين كما ويطالب مكتب المدعي العام بنشر جميع الإجراءات التي اتخذت قبيل اغلاق الملف رغم جميع الانتهاكات والأدلة المذكورة أعلاه.
سنتابع نضالنا ضد الجريمة
وفي هذا المضمار يضيف رئيس بلدية أم الفحم سمير محاميد: “أن عدم فتح تحقيق من قبل “ماحاش” وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة الإسرائيلية رغم جميع البراهين التي قُدمت مريب ومحير، ونطالب بتحقيق العدل وعرضه على الملأ.
ويضيف المحامي عدي منصور من مركز عدالة:” أن عدوان الشرطة في هذه الحادثة لا يشير فقط إلى موقفها تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين كعدو، بل يشكل أيضًا تعبيرًا عن التفوق العرقي وإنشاء أنظمة قانونية منفصلة على أساس الهوية العرقية والقومية، منوها أنه قد بات إغلاق شكوى في وحدة “ماحاش” ضد القمع العنيف لاحتجاج مشروع دون محاكمة ودون تحقيق فعلي ، هو القاعدة التي تسير على خطاها السياسة الإسرائيلية.
ويقول أيضا إنها ثقافة الاستسلام والحصانة نفسها التي انتقدت في استنتاجات لجنة أور التي لم يتم تنفيذها أبدًا، والتي لا تفسر إلا على أن عشرات المدنيين الفلسطينيين يمكن أن يقتلوا على أيدي الشرطة دون محاكمة أي من المجرمين.
أما النائب السابق، الدكتور يوسف جبارين فقال في هذا السياق” تؤكد تقارير الشرطة التي تم الكشف عنها أمامنا على ما قلناه في الشكوى وهو أن الشرطة خططت مسبقًا لتفريق المظاهرة بواسطة القوة والعنف وخططت مسبقا أيضا لإجراء اعتقالات من خلال وحدة المستعربين، دون أي استناد شرعي أو قانوني”. كما ينبه الى ان الشرطة الاسرائيلية قد خططت للانتقام من المتظاهرين الذين تظاهروا ضدها طوال أسابيع بسبب مسؤوليتها وتواطئها مع الجريمة في المجتمع العربي.
ويتابع” سنواصل نضالنا ضد تفشي الجريمة في المجتمع العربي وضد العنف الشُرطي والقوة المفرطة التي تنتهجها الشرطة تجاه المتظاهرين الشرعيين بينما تضعف وتتراجع أمام المجرمين”.