القاهرة – «القدس العربي»: دخل 3 سجناء سياسيين مصريين في إضراب مفتوح عن الطعام في سجن طرة في القاهرة، احتجاجاً على سوء المعاملة والانتهاكات التي يتعرضون لها.
وكشف محامون حقوقيون عن أن كل من الناشط السياسي أحمد دومة والباحث أحمد سمير سنطاوي والصحافي هشام فؤاد، بدأوا إضراباً عن الطعام قبل أيام بعد تعرضهم للاعتداء على يد إدارة سجن طرة.
وأعلنت أسرة الناشط السياسي المصري أحمد دومة، أنه دخل في إضراب مفتوح عن الطعام والماء والمحاليل الطبية، وأن وضعه الصحي في خطر.
وأعربت الأسرة في بيان عن قلقها إزاء ما يمر به دومة منذ نقله من سجن طرة تحقيق إلى سجن المزرعة في منطقة سجون طرة في القاهرة. وقالت الأسرة: “حاولنا أن ننتظر حتى تتحسن الأوضاع ولو قليلا، دون جدوى”، حيث طالب دومة بالحد الأدنى من حقوقه داخل محبسه، لكن كل محاولاته باءت بالفشل، بين تجاهل ووعود واهية بتحسين الوضع. وفي ظل هذا الانتظار ازداد الأمر سوءاً، ما دفعه إلى إعلانه إضراباً مفتوحاً عن الطعام والشراب وحتى المحلول الطبي بعد حرمانه من حقوقه الأساسية وزيادة التضييقات، وصولاً إلى تكرار التعدي عليه وعلى زملائه.
8 سنوات من الحبس الانفرادي
وأضافت الأسرة في بيانها: “منذ وقت طويل يعاني ابننا من ظروف صحية شديدة الصعوبة دون أن يتحرك أحد لإنقاذه، فعلى مدار ثماني سنوات ونصف السنة من الحبس، قضى معظمهم في الحبس الانفرادي الذي أثر سلباً على صحته النفسية والجسدية”.
وعن حالة دومة النفسية، قالت العائلة إنه يعاني من اكتئاب حاد ونوبات هلع منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفقا لتشخيص طبيب السجن.
ولفت البيان إلى تقدم العائلة بعدة طلبات للنيابة العامة حتى تتمكن من استقدام طبيب متخصص في مثل تلك الحالات؛ ليقدم الدعم الطبي الملائم، بعد أن اشتكى أحمد من أسلوب الطبيب الذي استقدمته إدارة السجن.
وحسب البيان: “جاءت جلسات العلاج هزلية في غضون خمس دقائق وسط عشرات المرضى المحتشدين في صفوف أمام الطبيب”.
وعلى مستوى الصحة الجسدية، حسب البيان، يعاني دومة منذ عدة سنوات من خشونة شديدة في المفاصل ارتقت لحد التآكل في الشهور الماضية، ما يهدد قدرته على السير، إلى ذلك انزلاق غضروفي يسبب له آلاماً دائمة، ما دفع العائلة لمناشدة المسؤولين لعرضه على متخصصين.
وزاد: “لا تتوقف معاناة أحمد عند هذا الحد، بل يعاني أيضاً من مشكلة في أنفه نتيجة كسر نجم عن محاولة بعض السجناء المتشددين قتله في جلسة محاكمة سابقة، وتسببت تلك المشكلة في ضيق وصعوبة شديدة في التنفس خاصة في الأماكن الضيقة وحالات الطقس المحمل بالأتربة، ما يفاقم من معاناته على جميع المستويات”.
ولفت البيان إلى أن دومة طالب مراراً بحقوقه الأساسية كسجين وفقاً للقانون، ومنها تغيير زنزانته حيث يقبع الآن في زنزانة شديدة الضيق والقذارة، كما طالب بزيادة ساعات التريض المسموح له بها بما يتفق مع لائحة السجون، إلا أن إدارة السجن تجاهلت كل طلباته بل واتخذت أسلوباً عدائياً، حين أعرب أحمد عن عدم قدرته على تحمل تلك الظروف ورغبته في الإضراب عن الطعام، فقام أحد مخبري السجن بافتعال مشكلة مع أحمد والتعدي عليه، ما دفعه بتعجيل قرار إضرابه عن الطعام.
واختصم دومة في محضر إثبات إضرابه عن الطعام مفتش مباحث منطقة سجون طرة ويدعى العميد أحمد الوكيل، بصفته المسؤول المباشر عن إدارة السجن التي تقوم بكل تلك الانتهاكات، بالإضافة إلى تكرار الاعتداء عليه وعلى زملائه في محبسهم، ونجم عن هذا المحضر أن حضر العميد أحمد الوكيل بصحبة قوة أمنية إلى زنزانة أحمد، واعتدى عليه ونقله من زنزانته إلى زنزانة انفرادية عنوة، ما دفع أحمد للإضراب حتى عن الماء والمحاليل الطبية، ودفع عدداً من زملائه للإضراب عن الطعام اعتراضاً على ما حدث.
انتهاكات غير مسبوقة
وقالت العائلة: “نحن نتحدث عن انتهاكات جسيمة وغير مسبوقة للقانون وحقوق الإنسان وحقوق السجناء في عهدة وزارة الداخلية، وتحت رقابة النيابة العامة وبسلطة مطلقة لجهاز من الوطني في إدارة السجون وتسيير أوضاع المحبوسين.
وحملت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والنائب العام المسؤولية في الحفاظ على حياة دومة وسلامته الصحية والنفسية.
كما طالبت العائلة أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، مروجي الاستراتيجية القومية لحقوق الانسان، بزيارة عاجلة لسجن مزرعة طرة للاستماع لأحمد وزملائه والوقوف على حقيقة أوضاعهم وما يعانوه وملابسات واقعة الاعتداء عليه، والقيام بدورهم في مصارحة الرأي العام وسؤال المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
واختتمت بيانها: “يحدث هذا كله بعد أن منينا أنفسنا بأن نجد أحمد أخيراً وسطنا في شهر رمضان ليشاركنا أيامه لأول مرة منذ ما يزيد عن ثماني سنوات ونصف، لنجد أنفسنا نطالب فقط بتحسين أوضاعه داخل محبسه وحمايته من الاعتداءات كحد أقصى لسقف طموحنا الضئيل”.
ويقضي دومة حالياً عقوبة السجن المؤبد بعد إدانته وآخرين في القضية المعروفة إعلامياً بأحداث مجلس الوزراء.
وتعود أحداث مجلس الوزراء إلى أواخر عام 2011، بعد أشهر من إطاحة ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وكان دومة من أبرز الناشطين في الاحتجاجات على النظام .
وفي فبراير/ شباط من العام الماضي، قُبض على سنطاوي، طالب الماجستير بالـ”سي إي يو”، بعد عودته إلى القاهرة في إجازة، ثم حبسته نيابة أمن الدولة احتياطياً على ذمة القضية رقم 65 لعام 2021، قبل أن تضيفه لاحقاً إلى قضية أخرى هي “744 لسنة 2021″، في 22 مايو/ أيار الماضي، بتهمتي الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة التي أُحيل بسببها إلى محكمة أمن الدولة طوارئ التي أصدرت حكماً في 22 يونيو/ حزيران الماضي بحبسه أربع سنوات في تهمة نشر أخبار كاذبة من خارج البلاد حول الأوضاع الداخلية”، وهو ما تبعه سنطاوي بالدخول في إضراب عن الطعام وقتها لمدة تزيد عن شهر.
وسبق أن أضرب الصحافي هشام فؤاد عن الطعام مدة 12 يوماً أيضاً في يوليو/تموز الماضي اعتراضاً على استمرار حبسه احتياطياً لأكثر من عامين دون محاكمة، وهي أقصى مدة يقرها القانون للحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 930 لعام 2019 والمعروفة إعلامياً بـ”خلية الأمل”، قبل أن تصدر محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حكماً بحبس فؤاد أربع سنوات في قضية مستنسخة من “الأمل” بعد اتهامه بنشر أخبار كاذبة أوحت للرأي العام بالإساءة إلى مؤسسات الدولة.