أنطاكيا – «القدس العربي»: تشهد مدينة تدمر الأثرية في ريف حمص الشرقي في البادية السورية، حركة هجرة واسعة من العائلات القليلة المتبقية من السكان الأصليين، تحت أسباب عديدة، منها تغول الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، وزيادة نفوذها، وزيادة الفقر وتردي الأوضاع المعيشية، مع تدهور الخدمات.
وذكرت مصادر خاصة لـ«القدس العربي» وتقارير إخبارية محلية، أن أكثر من 300 عائلة غادرت تدمر منذ مطلع شباط/فبراير الجاري. وأوضح الصحافي في شبكة «عين الفرات» يزن توركو، أن تدمر تتحول تدريجياً لمنطقة سكن لعناصر الميليشيات المدعومة من إيران، بموافقة النظام السوري، مبيناً أن «العملية تتم بشكل تدريجي».
وبيّن الصحافي، أن غالبية العائلات تقصد دمشق ومناطق سيطرة «قسد» شرق سوريا، بحثاً عن ظروف اقتصادية أفضل من الظروف السائدة في المدينة، التي يعاني سكانها من نقص الخبز والأدوية وحليب الأطفال والمحروقات، وغيرها من المواد الضرورية.
وحسب توركو فإن الميليشيات تحتكر كل المواد الضرورية التي تدخل المدينة (الدقيق، المحروقات)، للتضييق على الأهالي ودفعهم إما إلى الهجرة، أو تجنيد الأبناء في الميليشيات للحصول على الفُتات.
وتابع الصحافي، أن الميليشيات باتت تسيطر على كل مفاصل الحياة في تدمر، التي تقع على الطريق الذي يربط المحافظات الشرقية السورية في العاصمة دمشق. وتتواجد في تدمر غالبية الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، وعلى رأسها «لواء فاطميون» الأفغاني، و»حركة النجباء «العراقية، ومؤخراً سجل «الحشد الشعبي» تواجداً كثيفاً فيها، بذريعة تأمين طريق قوافل «الحجاج الشيعة» نحو دمشق.
وحول أسباب تركيز الميليشيات على تدمر، يقول الصحافي السوري عمر البنية، وهو من البادية السورية، إن أهمية موقع تدمر الاستراتيجي )عقدة الوصل بين شرق سوريا وغربها) وكذلك وجود الآثار فيها، جعل الميليشيات توليها أهمية خاصة.
ويؤكد البنية لـ«القدس العربي»، أن غالبية سكان تدمر ومحيطها جرى تهجيرهم، وهم الآن يتوزعون بين مخيمات الشمال السوري، ومخيم الركبان، والرقة، ودول اللجوء، مبيناً أنه «لم يبق إلا قلة قليلة في بعض أحياء المدينة التي تحولت إلى ما يشبه المُستعمرة لعناصر الميليشيات وعائلاتهم.
وتحظى آثار تدمر بسمعة وشهرة عالمية، وتعرضت العديد من معالمها إلى الدمار جراء معارك الكر والفر التي أدت إلى سيطرة النظام السوري عليها. وكانت منظمة «اليونسكو» اللجنة، قد أكدت في وقت سابق تعرض الرواق الكبير والأعمدة، وقوس النصر ومعبد بَعل شمين إلى الدمار بنسب متفاوتة، وفشلت حتى الآن محاولات النظام السوري الهادفة إلى إعادة تنشيط الحركة السياحية الداخلية والخارجية إلى مدينة تدمر.
وكانت قوات النظام قد سيطرت على تدمر بدعم جوي روسي في آذار/مارس 2017، وذلك بعد جولات من المعارك بين النظام والميليشيات المدعومة من إيران من جهة، وبين تنظيم «الدولة» من جهة أخرى.
وفي سياق ثان، قالت شبكة «تدمر الإخبارية» إن مئات المقاتلين من قوات «المهام الخاصة» التابعة لقوات النظام وصلت الأحد، إلى مدينة تدمر، في إطار التحضير لعملية تمشيط عسكرية واسعة في بادية تدمر بقيادة قائد «المهام الخاصة» عماد الحومد.
وتشهد البادية السورية هجمات منظمة من قبل خلايا تابعة لتنظيم «الدولة» تستهدف في الغالب قوات النظام السوري، والميليشيات المدعومة من إيران.