أخيراً تقرر لآخر العنقود في القطاع الرقمي في شبكة الجزيرة (منصة 360) أن يرى النور، بعد ولادة متعسرة وطول انتظار، فقد تم الإعلان عن بداية الانطلاق في منتصف هذا الشهر (سبتمبر/أيلول)!
وهو مشروع سمعت عنه منذ فترة طويلة، حتى وصل الاعتقاد أنه لن يتم اطلاقه أبداً، بيد أنه من حيث الاختصاص الموكول اليه يحتاج إلى عمل جاد وطويل، حتى يخرج للناس مكتملاً، لا سيما وأن من ضمن اختصاصه الحفاظ على تراث «الجزيرة» ونقله عبر منصة مملوكة لها ليكون في متناول المشاهد، لا سيما وأن هناك أجيالاً لم تعاصر هذه الفترة، ولم تكن ضمن فيلق القناة في مرحلة النشأة والتكوين!
لقد أعلنوا أن تراث «الجزيرة» من البرامج، كـ»الاتجاه المعاكس» و»بلا حدود» الى جانب نشراتها المهمة، سيكون في متناول المشاهد، وإن توافرت بعضها عبر منصات التواصل، فلم تتوفر جميعها، وإن كانت توزعت هنا وهناك، فإن الأوان لتجمعها منصة واحدة، يمكن من خلالها التوصل بسهولة إلى أي حلقة، وأي نشرة!
قبل سنوات كتبت في هذه الزاوية، ربما أكثر من مرة، عن حاجة «الجزيرة» إلى قناة تلفزيونية تحمل اسم «الجزيرة زمان» على وزن «ماسبيرو زمان» وكثير من برامجها القديمة تمثل مادة مهمة في الوقت الحالي، وليست فقط مجرد مشاهدة لتراث قديم، منقطع الصلة بالواقع، عندما كان التفوق بمجرد منضدة وكرسيين، وأحياناً ثلاثة كراس، فليس بأحدث الأستوديوهات تنجح القنوات، وإلا كانت قناة «سكاي نيوز عربية» هي الأولى على ظهر الكوكب، وقد بدأت بأستوديوهات على أحدث طراز، لكن خفت موازينها في المحتوى، وانضمت إلى «العربية» في محاولة التفوق دون جدوى!
عندما حدث الاهتمام عبر منصات التواصل الاجتماعي باللقطات السريعة، قلت إن كنوز «الجزيرة» يمكن أن تتربع على القمة إن وجدت من يهتم بها، وكثيرا ما نشاهد مقاطع من حلقات يقوم بها بعض النشطاء، فتلقى رواجاً كبيراً، وعند مطالعة حلقات قديمة من برامج القناة، فإن المدهش أن مشاهدة الحلقة الواحدة ودون دعاية تصل إلى مئات الآلاف، مع أنها تكون سلسلة مثل «بلا حدود» وقد أعادت الأحداث الاهتمام بمقابلة أحمد منصور مع الفريق سعد الدين الشاذلي، ومع ضحايا غوانتانامو، فشاهدناها ولم نكن قد شاهدناها في العرض الأول!
ولـ»الجزيرة» نجومها الذين لم يتم استغلالهم الاستغلال الكافي، وقد رأينا كيف أن مقابلة فيصل القاسم على منصة «أثير» تجاوزت على «يوتيوب» أكثر من سبعة ملايين مشاهدة، مع أن مذيع المقابلة بدا كما لو جاء للحلقة بغير إعداد، فظل في الوضع منبهراً، والمشاهدين لن ينقصوا واحداً لو كان فيصل متحدثاً دون محاور!
إن خبراً عن أعمار مذيعات «الجزيرة» مثلاً، أو جنسياتهم، يجد اهتماماً واسعاً من الناس، على نحو كاشف بأن الشبكة، لا سيما في جيلها المؤسس، أو من انتسب اليه بإحسان، صنعت نجوماً، تفوقوا على نجوم السينما في هذا الجانب، وهو أمر لم يحققه سوى التلفزيون المصري قديماً، عندما كان وحده في الملاعب، دون منافس!
ولك أن تقدر أعداد المهتمين لو أعيد بث حلقات «نقطة ساخنة» أو «سري للغاية» ومع خالص احترامي للجميع، فإنهما يظلان على القمة بلا منازع. وسيكون مهماً أن تتعلم الأجيال الجديدة إدارة الحوار من سامي حداد!
«منصة 360» لن تهتم فقط بتراث «الجزيرة» لكننا قرأنا عن أن عدداً من برامج الشاشة ستبث من هناك، والبرامج مظلومة مع الأخبار، ومع كل حدث مهم يتم وقف البرامج، وكان يحدث هذا لفترة قصيرة، لكن مع حدث طوفان الأقصى، الذي اقترب من العام، توقفت البرامج كلية وسيكون مهماً أن تعرض عبر منصة أخرى!
ومع الاحترام البالغ للإعلام الرقمي، وثورة الـ»سوشيال ميديا» فإن لدى الإعلام الجديد تحديات لم تواجه إلى الآن أخصها أن كلفة الإنترنت ليست ميسورة لكثيرين في العالم العربي، وما زلنا في مصر نتحدث عن الباقة التي قد يجهز عليها فيديو من ربع ساعة، ولا توجد وسيلة إعلامية تتفوق على التلفزيون، لذا فلا بد من شاشة خاصة بالمشروع الطموح هذا (360).
بالتوفيق!
قنوات السلفيين وقناة الأزهر
مدهش الشيخ أحمد كريمة، أحد شيوخ الانقلاب العسكري، والذي نذكر له ظنه بأنه صاحب فضل على الانقلاب، فعلم حدوده عندما قدم لنجله للالتحاق بالكلية الحربية في العام الأول لهذا الانقلاب، فرفضوه، فصاح في البرية: كيف يرفضون ابنه؟! وكأنه نجل الفريق أول أحمد كريمة!
والشيخ كريمة له مشكلة مع السلفيين، والأصل أنهم في مجملهم وقفوا موقفه نفسه، لكن من الواضح أن مشكلته معهم سببها أنه كان «زبوناً» دائماً على قنوات الشيعة، منذ سنوات طويلة، ليس فقط بعد الانقلاب، لكن قبل الثورة أيضاً، ولا نعرف كيف يتسق هذا مع كونه واعظاً في الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة، ويطلق على رئيسها إمام أهل السنة والجماعة؟!
في قناة «تفاصيل مصرية» على «اليوتيوب» ذكر كريمة أن السلفيين ولاؤهم لمن يدفع لهم (يجوز) وأن لهم اثنتي عشرة قناة تلفزيونية (قل ربي أعلم بعدتهم) وأن الأزهر ممنوع من امتلاك قناة تلفزيونية!
وهو هنا يذكرنا بقول سابق للإمام الأكبر شيخ الأزهر أنه ممنوع من إعلان موقف الأزهر من خلال البرامج التلفزيونية، التي تستضيف من هب ودب، والنطيحة والموقوذة والمتردية وما أكل السبع، ليتحدثوا في شؤون الدين!
الشيخ كريمة أحد نجوم المرحلة، والسبب في هذا أنه يتحدث في كل ما هو مثير، وما ينتجه يصلح «ترافيك» لذا فإنه يظهر في القنوات التلفزيونية أكثر من المذيعين، ومن قناة لقناة، ومن أستوديو لأستوديو، فلا يعاني الاضطهاد!
لكنه يتحدث عن ملكية السلفيين لاثنتي عشرة قناة، الأمر الذي يحرم منه الأزهر نفسه، ليكون الشيخ مطالباً بإعلان من منح السلفيين كل هذه القنوات، ومن يحرم الأزهر من ملكية قناة واحدة، في الوقت الذي سمح فيه لقناة لقيطة أن تحمل اسمه، رغم اعتراض شيخ الأزهر عليها!
هل يستطيع الإفصاح؟!
كريشان ومنصات التواصل
كنت أغبط مذيع قناة الجزيرة محمد كريشان، على قدرته الابتعاد عن منصات التواصل الاجتماعي، في وقت اندفع كثيرون اليها، مع أن التواصل الاجتماعي هو عوض لمن لا شاشة له، مع أنها أهدرت قيمة البعض ممن نافسوا العامة في التغريد وركوب الترند، وإن كان كريشان يختلف مع هؤلاء من حيث كونه مثقفا، وهو بجانب هذا ابن الصحافة المكتوبة في الأصل!
بيد أن الحالة التونسية الراهنة لم تترك لكريشان أن يستمر بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي، فاندفع يدافع عن بلاده، وضد تغول الاستبداد فيه، ممثلاً في الرئيس قيس سعيد، الرجل غريب الأطوار، الذي يعد الامتداد الطبيعي للبذرة القذافية، نسبة للزعيم الليبي معمر القذافي، وإن كان يمثل السلالة المتأخرة منها، نظراً لسمات هذا الزمان، ألم تر كيف أن الشعبوية بدأت مع الفنان عدوية، لتصل إلى مطربي المهرجانات؟ وكان عدوية صوتاً وأداء، فحدثت تشوهات للسلالة ليكون الوارث منها هو «حموبيكا» وإخوانه!
إنه ظرف استثنائي يقدر بقدره!
مات وعاشت السيدة حرمه
مات الدكتور محمود علم الدين، الأستاذ المعروف في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، وبقيت زوجته العميدة السابقة للكلية ذاتها الدكتورة ليلى عبد المجيد، مع أنهما في العمر نفسه، وتخرجا من كلية الإعلام في السنة نفسها، فالرجال أقصر عمراً من النساء، لأسباب غير معروفة!
ومع أن عبد المجيد على المعاش، إلا أنها أثبتت بالفعل أن الدنيا حلوة خضرة، فقد اندفعت في الأسبوع الماضي لتقول إن قناتي «اكستر نيوز» و»القاهرة الإخبارية» من أهم أدوات القوة الناعمة لمصر!
الدكتورة تجامل، وأعظم المجاملات ما قام به موقع «اليوم السابع» من نشر هذه التصريحات، فأثبت بذلك روحاً رياضية اندثرت من الملاعب، حيث نشر التصريح مع أنه لم يتلق من أستاذة كلية الإعلام مجاملة رقيقة كهذه المجاملة!
وإذا استبعدنا أن تنافق الأستاذة الجليلة في هذا السن، فقطعاً هي لا تعرف معنى ما تقول، لذا أرى من الواجب امتحانها في معنى القوى الناعمة ومفهوم تأثيرها؟!
فكيف لقنوات تلفزيونية طاردة للمشاهدين أن تكون من أهم أدوات قوة مصر الناعمة؟!
«كلميني عن مفهوم القوة الناعمة لو سمحتي»؟!
صحافي من مصر