43 عاما من «السلام» العربي مع إسرائيل!

حجم الخط
25

في هذا الشهر نفسه قبل 43 عاما هبطت طائرة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في مطار بن غوريون بتل أبيب.
ألقى السادات في اليوم التالي خطابا داخل الكنيست بحضور قادة السياسة والجيش الإسرائيلي، لتبدأ بعد ذلك مفاوضات بين الجانبين المصري والإسرائيلي تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية اختتمت بإعلان اتفاقية سلام في 17 أيلول/سبتمبر 1979، والتوقيع عليها من قبل السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن، وبحضور الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في منتجع كامب ديفيد في أمريكا.
رغم تعليق الجامعة العربية عضوية مصر فإن المعاهدة ساهمت عمليا في تصديع الفكرة العربية الرافضة لإسرائيل باعتبارها احتلالا خارجيا لأرض عربية وطردا لشعبها. عبّدت اتفاقيات كامب ديفيد، كما صارت تسمى، الطريق لاجتياح إسرائيل، بعد ذلك بثلاث سنوات، للبنان، فأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية منه، وشارك في هذا الضغط العسكري والسياسي الهائل على الفلسطينيين، نظام «الممانعة» السوريّ الذي حاصر ياسر عرفات مرة أخرى بعد عودته إلى طرابلس، وشقّ حركة فتح إلى شقين متحاربين، ومع خروج عرفات الثاني تشتتت القيادة الفلسطينية والمقاتلون، وهو ما أدى عمليا إلى تهيئة الظروف لتوقيع معاهدة أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 1993، ثم اتفاقية وادي عربة، بين الأردن وإسرائيل عام 1994 خاتمة لمرحلة سياسية وعسكرية عربية وفلسطينية كبرى.
تضمنّت الاتفاقيات الثلاث بنودا كثيرة سياسية وعسكرية، وأقامت علاقات سياسية مع إسرائيل تتضمن، في حالتي مصر والأردن، سفارات وقنصليات وتبادلات تجارية وسياحية وأمنية، لكنّ الرفض ظل قويّا على المستويات الشعبية، كما استمرّ الصراع متأججا، في الحالة الفلسطينية، وكانت انتفاضة الأقصى عام 2000 وحصار الإسرائيليين لرام الله ومركز القيادة الفلسطينية ووفاة عرفات عام 2004 مؤشرين كبيرين على استمرار الصراع، ليس على بنود أوسلو فحسب، بل على مجمل القضية الفلسطينية.
يصعب، على المستوى السياسي، الفصل التاريخي لعمليات التطبيع العربية مع إسرائيل، والتي شهدناها مؤخرا، بين الإمارات والبحرين والسودان، عن الهبوط المفاجئ للسادات في الكنيست قبل 43 عاما، وما يحق، للمصريين والأردنيين، وكذلك للفلسطينيين أنفسهم (وهم أصحاب القضية حسب ما يبرر مروجو موجة التطبيع العربية الأخيرة) يحق لغيرهم، فلماذا ما زال الفلسطينيون، والعرب المعادون للتطبيع، يرفضون ما يجري حاليّا في الإمارات والبحرين، وما الفرق بين أسباب اضطرار الفلسطينيين للتفاوض مع إسرائيل، ورغبة الإماراتيين والبحرينيين (والجالسين غيرهم في طابور الانتظار) في «السلام» و«التسامح» و«الازدهار» الاقتصادي المتولد عن هذا التطبيع؟
تعطي تصريحات لصحافي بحريني يرأس «المركز البريطاني لدراسات الشرق الأوسط» لموقع i24 العبري، صورة فجة عن الفارق بين الحالتين، فحسب قوله إنه «إذا كان البناء والتطوير وجلب الفرح للبشرية صهيونية فكلنا صهاينة» وأن بلاده وإسرائيل «تقاتلان العدو نفسه»!
رغم مرور عقود كثيرة على اتفاقيات الفلسطينيين والأردنيين والمصريين، ورغم الانحطاط الكبير الذي حاق بالوضع العربي عموما، فلا أحد يجهل أن الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل لم تنجح في إنجاز تطبيع شعبيّ مع الدولة العبرية، ولم تغيّر النظرة إليها باعتبارها استيطانا احتلاليا خارجيا لبلد عربي واضطهادا متواصلا لشعبه، وأن تلك الاتفاقات كانت تحولا من الحروب العسكرية إلى أشكال أخرى من الحرب، وأنها لم تحوّل أصحاب الاتفاقيات إلى صهاينة، كما أنها لم تجعل تلك البلدان تقاتل عدو إسرائيل نفسه، الذي يجسده الفلسطينيون والشعوب العربية المقهورة التي ابتليت بأنظمة قرّرت، لتأبيد استبدادها لشعوبها، أن تصبح صهيونية!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول S.S.Abdullah:

    ولتوضيح وجهة نظري لاحظ الفرق بين أخطاء تدوين لغة أهل ما بين دجلة والنيل في الرابط التالي

    https://youtu.be/ghqsTgG3Ra8

    وبين كلام لغة أهل الإعلام في تشاد، على الفضائية التشادية مثلاً، بحجة أنها تمثل اللسان العربي، أو كما في الحوار في الرابط التالي

    https://youtu.be/6Az0tlIFQL8

    ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلسطين قضية أوقاف إسلامية، مثلها مثل مشكلة الأوقاف الإسلامية في العراق بعد 2003،

    والحل هو في تعريب الأرشيف العثماني لدى (رجب طيب أردوغان) أولاً في تركيا،

    ومن ثم نشره في سوق العولمة وأدوات التواصل والاتصال والتشغيل والتعامل عن بُعد،

    حتى يكون مرجعية قانونية، لكل من تم ظلمه أو تهجيره من أجل السيطرة بقوانين التأميم/السرقة الاشتراكية لإقامة المستعمرات/الكيبوتسات عليها، بعد الدولة العثمانية.??
    ??????

  2. يقول ندى الفراتي:

    ليس 43 عاما من «السلام» العربي مع إسرائيل! 43 عاما من ( السلام المصري ) مع إسرائيل!؟

  3. يقول سامح //الأردن:

    *هذه اتفاقيات (استسلام) بين بعض حكام
    العرب والصهاينة المجرمين والشعوب العربية
    منها براء.
    *الكيان الصهيوني المجرم سيبقى العدو رقم واحد
    للعرب والمسلمين شاء من شاء وأبى من أبى..
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  4. يقول ابن الاردن:

    الوقائع والحقائق على الارض هي التي تتكلم وتفرض وجودها ، اما الفزعات والعواطف لا تفيد وماهي الا افراغ شحنات ،، الحديد حلا يفله الا الحديد ، نحن امة من محيطها الى خليجها لا تصنع سلاحها وانما تستجدي شراءه ممن يدعم اسرائيل ولا يسمح لها بالتصنيع ،
    لماذا يغيب عن بال المعلقين ان كافة الحروب قد هزمنا فيها
    لا نريد ان تبحث اسباب الهزائم ، لكن الظروف الدولية لا تسمح ولن تسمح باي نصر عسكري على اسرائيل ،وقد عبر عن ذلك مسؤول كبير. سابقا بالبرافدا. السوفيتيه في محاورة معه انه في اوج الصداقات العربية مع الاتحاد السوفييتي سابقا انه لو تعرض الوجود الاسرائيلي للخطر ،،، لرأيت المظليين السوفييت مع ذوي القبعات الخضر. النخبة بالحيش الامريكي يقاتلون جنبا الى جنب ضد القوات العربية دعمًا الى اسرائيل ، اتظزو التنسيق والتعاون بين اسرائيل وروسيا في سوريا ،
    عبد الناصر ادرك ذلك وقبل مشروع روجرز الامريكي ،، والسادات بعد ان كاد حصار الجيش الثالث يتحول الى كارثة عسكرية. قال لا نستطيع محاربة امريكا ، لقد فقدنا اكثر من ماية الف شهيد. ومئات الالوف من الجرحى والمعوقين وتدمير اقتصادنا ،،. ومن يطالبنا بالحزب فانه يطلب ان تحارب مصر حتى اخر جندي ،،،. وكلمة اخيرة. ،، من لم يذق من ويلات الحروب يسهل عليه ان يطلب غيره بالحروب

  5. يقول طاهر ابراهميه:

    لايوجد سلام حقيقي بين دول الشرق الاوسط ما لم يكون حق الشعب الفلسطيني حق يضمن قيام دولة فلسطينية على حدود ما قبل 1967 مع اسرائيل ونفس التفكير لم يكون في شمال افريقيا اتحاد مغربي دون استقلال الشعب الصحراوي – والمملكه لها دور في حق الشعوب والتعاون من اجل اقرار هذا الحق اولا واخيرا -نحن مع اسرة السلام العالمية لا الاستسلام

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية